في هذا الأسبوع، عنوانان رئيسان:
– داعش يعلن عن قتل ثمانية جنود جزائريين في تمنراست قرب الحدود مع نيجيريا ومالي. ويقول إن هذا جاء بعد عملية إنزال قام بها الجيش لاعتقال مقاتلين من التنظيم.
– القاعدة تُبشر “بإنتعاش” الجهاد في كشمير الهندية.
معضلة الخليفة المجهول
في الأثناء، واصلت قنوات داعش التقليدية: أعماق، ناشر الدولة ومن خلال حسابات التمكين وناشر نيوز، نشر صور بيعات جديدة للخليفة الجديد أبي إبراهيم الهاشمي من ولاية العراق ولكن بشيئ من التفصيل: من ديالى، دجلة، كركوك وصلاح الدين. كما نشرت صور بيعات من برقة في ولاية ليبيا.
وتعيد هذه الأذرع نشر كلمات لأبو مصعب الزرقاوي والعدناني. وواضح ضخ المواد الحماسية والتحريضية هذا الأسبوع. العنوان العريض لها: “سوف نمضي”
كما أُطلقت قناة (ناشر قريباً) لنشر أخبار التنظيم بالإنجليزية.
بين خراسان وإفريقيا: مستقبل داعش
صحيفة النبأ التابعة للتنظيم في عددها رقم ٢٠٩ الصادر يوم الخميس ٢١ نوفمبر ، وفي الزاوية الأسبوعية حصاد الأجناد أحصت: ٥٢ عملية أسفرت عن ١٨٠ قتيل وجريح أكثرها في ولاية الشام . وهذا أقل عدد عمليات خلال الأسابيع الأربعة الماضية. في الأسبوع الذي سبق قتل البغدادي وصل عدد العمليات إلى ٧١.
ولفت هذا الأسبوع نشر تفاصيل هجمة قام بها أنصار التنظيم في تمنراست جنوب الجزائر القريبة من مالي ونيجيريا. يقول التنظيم إن هذا الهجوم أسفر عن قتل ٨ جنود جزائريين. بعد عملية إنزال قام بها الجيش لاعتقال مقاتلين من التنظيم.
الكاتب والباحث مصطفى صلاح يعتقد أن مثل هذه الهجمات “النوعية” هي محاولة من التنظيم لـ “إعادة تصدير مشهد جهادي يحافظ على حجم البيعات للتنظيم … ويحافظ على وجود التنظيمات الصغيرة وعدم انسحابها إلى تنظيمات أخرى مثل القاعدة المنافس القوي لداعش.”
ويرى صلاح أن السرعة في إعلان اسم الخليفة الجديد من دون أن يكون معلوماً لدى الجماعات الجهادية الأخرى أو لدى الأجهزة الاستخباراتية يشير إلى أن قيادات داعش حالياً تحاول “تدارك الآثار السلبية” بعد مقتل البغدادي ومنحها الوقت لترتيب بيتها الداخلي. وبالتالي هي بحاجة إلى مثل هذه العمليات التي لسان حالها أن “مقتل القائد لا يعني انتهاء عمليات التنظيم.”
ويتوقع صلاح أن يشهد التنظيم انشقاقات فإما أن تنفصل “ولايات” قوية مثل خراسان وتعلن “خلافتها” الخاصة بها في حال لم يظهر “أبو إبراهيم الهاشمي”، أو أن تنجح القاعدة في استقطاب مجموعات صغيرة موالية لداعش.
القاعدة في شبه القارة الهندية
الحساب النشط للقاعدة (النشط نسبياً) هذه الأيام هو حساب القاعدة في شبه القارة الهندية. من خلال مؤسسة السحاب، نشر هذا الأسبوع تأبيناً لـ عبدالحميد ليلهاري المعروف في الأوساط الجهادية باسم هارون عباس، زعيم ما يسمى بأنصار غزوة الهند التابعة للقاعدة والتي تتمركز في إقليم جامو وكشمير. قتلته القوات الهندية في عملية عسكرية في أكتوبر الماضي. التأبين قال إن هذا الحدث “سينعش” حركة الجهاد في كشمير.
مرة أخرى، يعتقد الكاتب والباحث مصطفى صلاح أن “القاعدة تتحرك بصورة أكثر رشداً من داعش. تهتم بحشد النفوذ والسيطرة الميدانية وإن كانت ضعيفة مع بزوغ نجم التنظيم الجديد خاصة وأن داعش كان أصلاً امتداداً للقاعدة في العراق.” ويعتبر أن القاعدة “ستنتظر” ما ستؤول إليه الأمور في سوريا بعد انحسار داعش من جهة وفي ظل تحركات هيئة تحرير الشام وحراس الدين وما ستفضي إليه العلاقة بينهما.
هيئة تحرير الشام: استنساخ تجربة حزب الله
في ظل امتعاض شعبي واسع من ممارسات هيئة تحرير الشام أمنياً في منطقة إدلب شمال غرب سوريا وفشلها في إدارة المنطقة اقتصادياً، صوّت ما يسمى بمجلس الشورى العام على حكومة جديدة برئاسة علي كدة بعد استقالة الحكومة السابقة .
تعليقاً على الاستقالة والتعيين: تداول سكان إدلب فيديو يظهر فيه فتيان يلعبون لعبة تشبه “تلبيس الطواقي”
الدكتورة علا الشريف من سكان إدلب و من أبرز المعارضين للهيئة، علقت في حسابها على التيليغرام:
“لن نستبشر خيرًا بتعيين رئيس حكومة جديد، فالحكومة يسيطر عليها مافيات الهيئة والائتلاف، ولم يكن للرئيس السابق إلا الدوام في مكتبه وذرف العبرات على الواقع المخزي للمحرر.”
يعتبر صلاح أن هيئة تحرير الشام بقيادة الجولاني تبحث عن شكل من التنظيم يشبه حزب الله في لبنان. يقول: “مستقبل الحركة أنها تنتهج سياسة محلية وليس جهاداً عالمياً مثل داعش أو القاعدة. تحاول أن تجد نموذجاً مثل حزب الله في لبنان، فرغم أنها منظمات إرهابية، لكنها تؤثر في الداخل والإقليم.”
ويعتقد أن الجولاني قد يلجأ إلى إيجاد صيغة من التعاطي مع حراس الدين أو الفصائل الجهادية الأخرى في إدلب، ويعتبر أن مستقبل هيئة تحرير الشام مرتبط بمستقبل إدلب وليس العكس. ويقول: “ستبدي الهيئة هامش التفاهمات بين الفصائل الجهادية خاصة أنها أكبر المكونات الجهادية التي تستحوذ على أراضي في سوريا وتحديداً في إدلب وبالتالي مستقبل الهيئة مرهون بما تفرزه مجريات الأمور في الداخل السوري أو التفاهمات الإقليمية والدولية خاصة روسيا وتركيا. ”
شهادة أمني منشق عن داعش
حساب ناشر المؤسسات الذي يمثل مؤسسات انشقت عن داعش، والذي نهتم كثيراً بإصداراتهم لأنهم الأعلم بداعش استكمل هذا الأسبوع نشر سلسلة “لن ننسى لابن عواد” .. أي أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش المقتول.
في المنشور الجديد: “لن ننسى إذلال أهالي ذوي العلماء وعامة المسلمين المعتقلين عند مجرمي الداخلية وعوانية وعرفاء ابن عواد من سفاحي الأمن.” وفي هذا إشارة إلى قضية المستتابين عندما قتل أمنيو داعش عراقيين وسوريين كانوا يعملون ضد التنظيم وتابوا بعد أن سيطر التنظيم على الرقة والموصل، وأعطاهم التنظيم الأمان. هذه القضية كشفت عن عمق الخلاف بين ما يُعرف بالتيار الإصلاحي في داعش والمغالين.
وأعادت مؤسسة الوفاء ( إحدى هذه المؤسسات المنشقة) نشر الجزء الثاني من شهادة أمني تائب هو أبو مسلم العراقي، وعمل في ديوان الجند. المادة مؤرخة بتاريخ يوليو ٢٠١٩.
يقول: “شاهدتُ اموراً عدة ومصائب قد خفيت والصحيح أن أقول: أخفيناها عمداً عن المسلمين حفاظاً على الصف وابتعاداً عن إثارة الفتنة، أو هكذا كنا نخدع أنفسنا بأعذارنا الواهية.”
يأتي الجزء الثاني في خمسين صفحة وينقسم إلى محاور متعددة، نتوقف عند محورين منها. الأول بعنوان: الكذب الإعلامي، يقول هذا الأمني التائب عن إعلام داعش إنه ارتكز على أمرين:
الأول: تحسين الصورة للتنظيم. والثاني: إظهار قوة وبأس التنظيم “من خلال إصدارات الذبح والعمليات ’الإعلامية’ التي تكون وهمية في كثير من الأحيان’”
ومثالاً على ذلك، يستذكر أبو مسلم العراقي كيف تعامل إعلام داعش مع الهزيمة في شمال غرب العراق في أكتوبر ٢٠١٤، فبالرغم من تقهقر التنظيم أمام القوات الكردية، نشر إصداره الشهير “صمود الأسود”؛ وفيه أن التنظيم قاتل الأكراد بشراسة، بينما في الحقيقة سيطر الأكراد على ربيعة القريبة من سنجار من دون قتال، وتوقفوا عند أطراف سنجار. ويرى أبو مسلم العراقي أن توقف الأكراد عند سنجار جاء “للحفاظ على مكتسبات انسحاب التنظيم” بينما صوّر إعلام التنظيم “الغشاش” كما وصفه أبو مسلم العراقي بأنه “نصر عظيم”.
ويتابع أبو مسلم: ظهر في الإصدار أخ استشهادي ذكروا أن اسمه ’أبو معتصم الشامي’؛ ولا أحد يعلم من هو ومتى وأين نفّذ؟!”
“كما إن سنجار تقع في جنوب جبل سنجار والإصدار أظهر استهداف معبد شرف الدين الإيزيدي وهو في شمال جبل سنجار؛ فالعملية قديمة وليست في مدينة سنجار أصلاً، كما تناول الإصدار مشهداً آخر لصف من الإخوة تكلم فيه الشيخ أبو عائشة البدراني على أنهم من المقاتلين في المعركة! ولي معرفة بهم شخصية؛ فهم مجموعة الشرطة الإسلامية في قاطع البعاج (القريبة من الحدود العراقية السورية) جُلبوا لمنطقة سنجار وصُوّروا على أنهم من المشاركين في رد الهجوم المزعوم!”
ويقول إنه ظهر في الإصدار ذبح ثلاثة أسرى قيل إنهم من البيشمركة الكردية، لكنهم كانوا من الصحوات العربية. وقد حقق هو نفسه مع واحد منهم.
والمحور الثاني الذي نحب أن نتوقف عنده هذا الأسبوع من شهادة الأمني التائب، يتعلق بمحاباة الأمراء المقربين من (السلطان)، فبالرغم من انتهاكاتهم لم يكن أحد يجرؤ على انتقادهم ولا حتى بتوجيه نصيحة.
وهنا يجب أن نتذكر أن هؤلاء المنشقين الذين ينشرون هذه الشهادات هم داعش لا يختلفون عنهم كثيراً. ومرة أخرى، من هنا تأتي أهمية شهاداتهم.
في هذه الشهادة وفي الصفحة ٢٤، يذكر أبو مسلم العراقي المغتصبات الإيزيديات وكيف تمّ “توزيعن” بشكل غير عادل. يقول:
بعد اقتحام سنجار وأخذ السبايا وقبل تقسيمهن على الإخوة، دخل الأميران (أبي غفران العبيدي، وأبي موسى العبيدي) على السبايا واختارا اثنتين منهن لقضاء ليلة كاملة معهن ثم قاما بإرجاعهما صباحاً! … ” ولم يحاسب الرجلان “والسبب أن فعلتهما لا تمس قيادة تنظيم الدولة … ولو كان في الأمر نصيحة للسلطان لحوسب فاعلها واتهم بشق الصف.”