النقاط الرئيسة:
- خلافات حراس الدين وهيئة تحرير الشام تتعلق بالنفوذ والغنائم لا أكثر ولهذا احتمال التحالف بينهما وارد كما هو احتمال الحرب
- لم يعد أمام المقاتلين الأجانب في سوريا خيار إلا التمسك بحالة “الجهاد العالمي” ممثلة بالقاعدة بعض رفض دولهم عودتهم ورفض المجتمعات المحلية احتواءهم
- أنصار داعش على التليغرام سألوا عن هوية الخليفة الجديد ولكنهم تجاوزوا غموض الهوية إلى تقديم المبايعات العمياء
أحداث الجمعة
الخبر الأهم على الساحة الجهادية هذا الأسبوع كان تطور الخلاف بين هيئة تحرير الشام وحراس الدين في إدلب شمال سوريا. خلاصة الموضوع أن هيئة تحرير الشام اعتقلت سبعة عناصر من حراس الدين على حاجز في منطقة جبل الزاوية في إدلب. ويقال إنهم كانوا ينقلون خردة لبيعها. فاعتبرت الهيئة أن الخردة من ممتلكاتها ولا حق للحراس ببيعها.
رد الحراس باعتقال قيادي في الهيئة هو آمر المنطقة التي وقع فيها الاعتقال.
ردت الهيئة باعتقال أبو عبدالرحمن الليبي أحد قيادي الحراس في منطقة الساحل بعد توجهه إلى الهيئة للواسطة وتحرير المعتقلين.
عند غروب يوم الجمعة تقريباً، أصدر تنظيم الحراس بيان نقله حسابهم الرسمي (مؤسسة شام الرباط) يدعو فيه الهيئة إلى الصلح و التحاكم للقضاء.
ووردت أنباء أن المسألة حُلّت صباح السبت. وتجنب الطرفان مواجهة عسكرية.
أصل الخلاف
الخلاف بين هيئة تحرير الشام وحراس الدين ليس جديدا؛ بدأ منذ انشقاق الحراس عن الهيئة بعد إعلانها الانفصال عن القاعدة.
تأسس تنظيم حراس الدين في أوائل ٢٠١٨. ومنذ ذلك الوقت قامت الهيئة باعتقالات في صفوف الحراس. واتُهمت بتصفية قياداتهم في غارات ومفخخات.
في يوليو ٢٠١٩ قتل ثلاثة قياديين في الحراس من بينهم قاضي الحدود والتعزيرات “أبو عمر التونسي”، في غارة لقوات التحالف الدولي على مقر اجتماع قياديين للتباحث في خلافات داخلية. أنصار الحراس اتهموا الهيئة بأنها أعطت الإحداثيات للتحالف.
في آب ٢٠١٩، قتل القيادي أبو خلاد المهندس وهو الأردني صهيب في تفجير مفخخة.
الحرب أو الحلف حتميان
الباحث السوري في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، ساشا العلو، يقول إن الكتلة الأكبر التي انشقت وشكلت حراس الدين هي كتلة الأجانب (العرب من غير السوريين) الذين كانوا جزءا من جبهة النصرة سابقاً، وأنهم استشعروا الخطر عندما اتجه الجولاني إلى فك الارتباط بالقاعدة أو (الجهاد العالمي) وألبس تنظيمه ثوباً محلياً ولو من باب المراءاة فحسب. وعليه، يتوقع العلو أن: “يبقى تنظيم حراس الدين (كرت) في يد الهيئة لتسويق نفسها للمجتمع الدولي بأن تقاتلهم لاحقاً (من باب الحرب على الإرهاب( .. كي تثبت أنها جهة محلية قادرة على قتال الجماعات العابرة للحدود .. تحاول الهيئة أن تسوق نفسها على حساب الحراس.”
من ناحية ثانية، يعتبر العلو أن الهيئة استفادت من مغادرة الأجانب الذين كانوا “الأصعب” في التعامل.
لكن في كل الأحوال، ظلت العلاقة بين الطرفين حذرة. فبالرغم من أن حراس الدين لا يتجاوز عددهم ١٠٠٠ رجل، إلا أن الدخول معهم في مواجهة مفتوحة سوف “يستنزف” الهيئة. ويقول: “فالاشتباك الشامل سيقضي على حراس الدين وسيُنهك الهيئة. لهذا الطرفان لا يفكران في الدخول في اشتباك .. هي مواجهة مؤجلة .. الحراس ينظرون بعين الريبة للهيئة وعلاقاتها الدولية وأنها قد تحقق أي إنجاز على حسابهم؛ والهيئة تنظر للحراس على أنهم ورقة تساوم عليها وتضحي بهم لتقيم صفقات على حسابهم. ”
في نفس الوقت، قد يُصار إلى “تحالف” بين هذين التنظيمات ومجموعات أخرى.
” في سيناريو آخر وفي حال الضغط على جماعات جهادية معينة ومنها هيئة تحرير الشام وحراس الدين، قد تتحالف فيما بينها لأنهم أخوة منهج والخلافات تنظيمية أو على النفوذ. ولهذا طريقة التعاطي مع هيئة تحرير الشام سوف تحدد السيناريوهات لأنها الأكبر في المنطقة وهي ستحدد مستقبل الجماعات الأصغر.”
المكوّن الأردني في تنظيم حراس الدين
يشرح العلو أنه بالرغم من تعدد جنسيات المقاتلين الأجانب في التنظيم وبالرغم من المكون المحلي الذي يشكل ٦٠٪، إلا أن العناصر الأبرز هم من الأردنيين من أمثال أبو الوليد الأردني، أحد أعضاء المجلس القيادي أو مجلس الشورى الذي يحكم فعلاً في حراس الدين، ومن أمثال سامي العريدي الذي كان شرعي هيئة تحرير الشام قبل الانفصال عن القاعدة. ويضيف العلو بعداً “أردنياً آخر يتمثل في أبو محمد المقدسي، منظر السلفية الجهادية، والذي يتمتع بنفوذ وحظوة بين عناصر التنظيم.
الخلافات الداخلية داخل حراس الدين
وفي موازاة هذا الخلاف بين حراس الدين وهيئة تحرير الشام، ثمة خلافات داخلية في الحراس تتعلق بالعلاقة مع الهيئة.
حساب على التيلغرام باسم الفجر القادم، ويبدو لي أنه من أنصار الحراس، ينشر مقالات يتهم فيها قيادات الحراس وتحديدا أبو همام السوري وسامي العريدي الأردني، يتهمهم بالتبعية للجولاني وبالتالي خيانة التنظيم ومبادئه. والجدير ذكره إن حوالي ٣٠٠ عنصر من الحراس طلبوا مقاضاة أبو همام والعريدي بعد أن فصلا شرعيين اثنين رفضا المشاركة في معارك حماة مطلع العام. الرفض جاء من باب رفض التعاون مع هيئة تحرير الشام التي يعتبرونها خارجة عن الصف الجهادي (بين قوسين). الرجلان رفضا الاحتكام إلى القضاء. أبو عمر التونسي الذي قلنا قبل قليل أنه قتل في غارة شهر ٧، اعتبر أن عدم امتثالهما للقضاء هو “عين الظلم والمحاباة”.
تعليقاً على أحداث الجمعة، جاء في مقالات مطولة نشرها حساب (الفجر القادم) أنه:
“بالأمس ترفضون التحاكم لشرع الله والنزول لقضاءه مع قضاة تنظيمكم.. وتدّعون أنها مسألة تنظيمية واليوم الجولاني يرفض التحاكم ويدعوكم للتنازل أكثر وأكثر ويدّعي أنها مسألة سلطانية لا قرار لكم فيها ولا رأي .. ولا تحسبن أنكم بمفازة من غدر الجولاني وإن تغاضى عنكم اليوم بعد مداعبة المجتمع الدولي بتحجيم تنظيمكم مسلوبِ القرار.. أسدٌ عليّ…ومع الجولاني نعجةٌ.”
أبو إبراهيم مرة أخرى
هذا الأسبوع، واصلت قنوات داعش بث أخبارها كالمعتاد متجاوزة وبشكل مريح جداً حملة التيليغرام. وكان من أبرز ما نقلته هذه القنوات، إصداراً مرئياً جديداً على شاكلة صليل الصوارم من ولاية دجلة في العراق بعنوان “لن يضروكم إلا أذى” . طول الفيديو ١١ دقيقة. فيه متحدث رئيسي مقنّع ويتوعد بالثأر من عملية “التراب الأسود” التي أطلقتها القوات العراقية ضد داعش في سبتمبر الماضي. وفي آخر الإصدار، مقاتلون ملثمون يبايعون الخليفة الجديد أبو إبراهيم.
لم تذكر القنوات بيعات جديدة بعد مرور شهر ونصف تقريباً على إعلان “اسم” الخليفة الجديد الذي لا يبدو أن أحداً يعلم عنه شيئاً.
وفي الواقع أن حالة “الغموض” هذه شعر بها أنصار داعش أنفسهم بشكل أو بآخر.
الباحث في إعلام داعش، مايكل كرونا، الأستاذ المساعد في جامعة مالمو في السويد وصاحب كتاب “عالم داعش الإعلامي” كان قد راقب حسابات لأنصار داعش ولاحظ أنهم كانوا يسألون عن هوية الخليفة الجديد. يقول: ”
“مثير للاهتمام أن عدم معرفتنا بهوية الخليفة الجديد لا تختلف عما يعرفه أنصار التنظيم. فكانوا يسألون من يكون الخليفة الجديد ولكن المهم هو أنهم يقدمون طاعة وبيعة عمياء لهذا الخليفة. مهم جداً لهذا التنظيم أن يعلن عن اسم القائد وأن يعين الخليفة تحقيقاً لشروط فقهية تتعلق بهوية التنظيم. نعم، كان أنصار التنظيم يتحدثون بالأمر ويتكهنون حول هوية الخليفة الجديد؛ ولكن يبدو أن هويته الحقيقة بالنسبة لهم ليست بذات الأهمية بالنسبة لنا. لأن ما يهمهم هو وجود الخليفة على هرم التنظيم ضمن إطار ديني وإرث إسلامي. هذا أهم بكثير من هوية الرجل. في الأيام التي تلت إعلان تعيين الخليفة، بدأت مجموعات خاصة على التليغرام، مجموعات محادثة خاصة وصغيرة، بدأوا يسألون بعضهم البعض عن هوية الرجل من خلال الرسائل التي استطعت أن أقرأها وبدأوا يتكهنون ويقترحون أسماء لا تختلف عن الأسماء التي وضعها محللون غربيون كمرشحين للخلافة بعد مقتل البغدادي. كنت أشعر أن لديهم حالة من عدم الاستقرار. لكن بعد أيام عندما طُلب منهم مبايعة الخليفة الجديد، قلت هذه التساؤلات. ولهذا استنتجت أن هوية الرجل غير مهمة لهم، بل المهم هو أنه خليفة وأنه يحتاج إلى دعمهم. ”
نيجيريا
في هذا الأسبوع، نقلت وكالة أعماق، الذراع الإعلامية لـ داعش خبر قتل ١٠٠ جندي نيجيري في هجوم وصفته بـ “الكبير” على قاعدة عسكرية قرب الحدود مع مالي وذلك يوم الثلاثاء ١٠ ديسمبر.
وفي نيجيريا أيضاً، كشف الصحفي المتخصص في الإرهاب أحمد سالكيدا في حسابه على تويتر أن داعش في (ولاية غرب إفريقية) أعدم ٤ عاملين في منظمة إغاثة فرنسية كان اختطفهم قبل أشهر. كان من المختطفين امرأة حُكم عليها بالعبودية المؤبدة. أحمد نقل عن مصادر أن الإعدام جاء بعد تعثر المفاوضات مع الحكومة.
مينا العلمي، الصحفية المتخصصة في رصد الجماعات الإرهابية ضمن مشروع ألـ BBC Monitoring علّقت بأن:
“داعش منذ ٢٠١٨، توقفت عن تداول صور المختطفين أو إعدامهم … خاصة في فترة المفاوضات.”