أهلاً بكم إلى المرصد في أولى حلقاته لهذا العام ٢٠٢٢. اليوم نستعرض أهم الأحداث التي غطيناها في العام الماضي. إلى العناوين:
- في ٢٠٢١ وصلت القاعدة إلى الحضيض. زعامة غائبة، فروع متهالكة،
- في ٢٠٢١، صعود طالبان في أفغانستان، هل أثبت فشل إرث القاعدة؟
- في ٢٠٢١، الجولاني يحيد منافسيه في إدلب ولكن هل يصمد؟
في هذه الحلقة نسمع من:
الدكتور مروان شحادة عن الظواهري والقاعدة
الدكتورة إليزابيث كيندال عن باطرفي وقاعدة اليمن
الدكتور هاني نسيرة عن الجهاديين وأحلام طالبان
الدكتور مادي إبراهيم كانتي عن أغ غالي وأحلام السلطة
والأستاذ حسام جزماتي عن الجولاني الجهادي المتمرد
ضمور القاعدة
لم يكن تنظيم القاعدة ضعيفاً كما كان في ٢٠٢١. أصل غائب وفروع مرهقة ووحيدة. دخلنا العام ونحن نبحث في شائعات بأن أيمن الظواهري زعيم التنظيم مات منذ أكتوبر ٢٠٢٠. مؤسسة السحاب الذراع الإعلامية للتنظيم لم تساعد بالنفي أو التأكيد فكانت تنشر بيانات ومرئيات منسلخة عن الواقع: متأخرة في مواكبتها للأحداث تثير أسئلة أكثر مما تجيب عنها. لكن منشورين للسحاب في سبتمبر ٢٠٢١ أظهرا الرجل وهو يسرد أحداثاً تجعلنا نتيقن أنه على قيد الحياة على الأقل حتى أبريل ٢٠٢١.
والحقيقة، هذا البحث عن حقيقة موت أو حياة الظواهري لم يعد مهماً. المهم هو ما الذي يفعله للتنظيم وفروعه وأنصاره.
مع بداية ٢٠٢١، تآكلت قيادة القاعدة بقتل أبي محمد المصري وحسام عبدالرؤوف وعبدالملك دروكدال؛ وإعلان عقوبات على شخصيات قاعدية تسكن إيران منهم محمد أباتي عبدالرحمن المغربي صهر الظواهري المعروف بالثعلب.
وفي الربع الأخير من العام، وفي سبتمبر تحديداً، تأكد على ما يبدو قتل حمزة بن أسامة بن لادن في كتاب ”شذرات من تاريخ القاعدة“ للقيادي في قاعدة اليمن خبيب السوداني.
مع نهاية العام، قُضي على فرع القاعدة في الشام: تنظيم حراس الدين. أما في اليمن، فوتهالك التنظيم الطموح قرة عين الظواهري: تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
مع نهاية ٢٠٢١، صعد تنظيم طالبان في أفغانستان وظهر الشرخ واسعاً بينهم والقاعدة التي كانت سبباً في غزو أفغانستان في ٢٠٠١.
القاعدة في اليمن: هوية ضائعة
إذاً، ضعف القاعدة المركزية نراه في ضعف فرعها في اليمن ولا ريب فهذا الفرع كان الأقوى بين فروع القاعدة وزعيمُه كان عملياً نائب زعيم التنظيم الكبير، يستمد قوته من الأصل والعكس صحيح.
وكما اختفى الظواهري، اختفى خالد باطرفي زعيم قاعدة اليمن. دخلنا العام ٢٠٢١ بأنباء عن اعتقال الرجل في وقت ما من أكتوبر ٢٠٢٠؛ لكنه ظهر في مطلع العام عندما أشار إلى حدث وقع في يناير ٢٠٢١ ما يوحي بأنه عند تسجيل ذلك الفيديو كان طليقاً بشكل أو بآخر. المهم، ما الذي فعله باطرفي للقاعدة وبالقاعدة في اليمن؟
في سبتمبر ٢٠٢١، أعلن عن أن التنظيم هُزم في الصومعة آخر معاقلهم في محافظة البيضاء وأن الحوثيين تولوا المنطقة حتى بلا قتال. وبدا انحسار القتال واضحاً في الهجمات التي تبناها التنظيم فكانت تمضي أشهر ولا يتبنى التنظيم سوى هجمتين أو ثلاث.
رافق هذا تعدد الولاءات داخل التنظيم فهم تارة يعملون مع القوات الحكومية وأخرى مع الحوثين، بحسب شهادات من الأرض. هذا الانقسام توج في سبتمبر أيضاً بأن أصدر التنظيم كتيباً يعيد فيه تعريف ذاته وأهدافَه.
وبعد شهرين، وفي نوفمبر، نشر التنظيم لقاءً خاصاً مع باطرفي على جزئين يبرر فيه انحسار هجمات التنظيم وتراجعَه. في جواب على سؤال، أوحى باتهام القبائل السنية في محافظة البيضاء ومأرب شرق صنعاء بالتحالف ضدهم الأمر الذي بحسبه قلّص دورهم في قتال الحوثيين.
وفي موقع آخر، قال صراحة إن التنظيم يتبنى سياسة ”تحييد“ جبهات وجهات لما قال إنه مصلحة شرعية.
فهل يتحالف مثلاً مع الحوثي ضد الحكومة اليمنية؟ أو مع الحكومة ضد الحوثي؟
في الحالين، الخيانة واضحة. وبتتبع المناطق التي قال التنظيم إنه انحاز منها، يبدو واضحاً تحالفه مع الحوثي على حساب القبائل السنية في اليمن. ولا أدل على ذلك من انحساره في الصومعة التي كانت معبراً للحوثي تجاه شبوة وهي الخبر الأبرز هذه الأيام. باطرفي لن يتوانى عن فعل أي شيئ لإرضاء سيف العدل كبير القاعدة الذي يعيش في ضيافة إيران.
القاعدة انتهت من الشام
إذاً، القاعدة عاجزة عن حماية أنصارها. في إدلب، أحكم الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام القضاء على تنظيم حراس الدين ممثل الظواهري هناك. في سبتمبر انتشر على التلغرام بيان نُسب إلى أبي همام الشامي، زعيم حراس الدين المختفي، يجدد فيه دعوة الهيئة إلى الاحتكام الشرعي عند أبي قتادة الفلسطيني تحديداً بهدف تحرير المعتقلين من الحراس وفضّ هذا النزاع. الهيئة رفضت الاحتكام، وجددت اتهامها الحراس بمظاهرة العداء؛ فيما واصلت سجن كبار مسؤولي الحراس وأهمهم أبو عبدالرحمن المكي السعودي عضو مجلس شورى الحراس الذي حكم بالسجن ٥ أعوام في مارس ٢٠٢١.
طالبان تضرب بالقاعدة عرض الحائط
إذاً، صعد تنظيم طالبان في أفغانستان وعاد إلى الحكم. في ١٥ أغسطس دخل مقاتلو التنظيم العاصمة كابول دون قتال. الجهاديون لا يزالون يبتهجون بما حققه طالبان ويعتبرونه نصراً لهم؛ خاصة أولئك من أتباع القاعدة. ولكن هل هو كذلك فعلاً؟
سرعان ما برز الخلاف بين طالبان والقاعدة. فمن بنود الاتفاق مع أمريكا المبرم في فبراير ٢٠٢٠، والذي أفضى إلى صعود طالبان هذا هو أن تقطع طالبان علاقتها مع القاعدة وألا تسمح لهم بالعمل من أو في أفغانستان.
بل إن طالبان تنفي أنها معقودة ببيعة من القاعدة كما أخبرنا الناطق باسم التنظيم محمد نعيم في هه المقابلة التي سجلتها معه في يوليو الماضي عندما كنتُ في كابول.
الأهم من هذا هو سلوك طالبان تجاه الأمم المتحدة ومطالبتُها بمقعد أفغانستان في المنظمة الدولية. فالظواهري وكبار منظري القاعدة مثل المقدسي يُكفّرون الانضمام إلى الأمم المتحدة. وطالبان يصرون على مخاطبة العالم من خلال المنظمة الدولية.
ثم تأتي مسألة علاقة طالبان بالعالم ودول إشكالية بالنسبة للجهاديين مثل روسيا التي تساند النظام السوري في الشام، والصين التي تقمع الإيغور المسلمين في شنجان. طالبان ماضية غير آبهة بترهات القاعدة.فهل صعود طالبان في أفغانستان هو حقيقة انتصار للتيار الجهادي؟
أغ غالي وأحلام السلطة
بعد قتل أبي مصعب دروكدال زعيم تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، استحكم إياد أغ غالي زعيم تحالف نصرة الإسلام والمسلمين، الموالي نظرياً للقاعدة، استحكم بالجماعات الجهادية الخارجة عن إطار داعش في غرب إفريقيا والساحل.
وصل إياد أغ غالي إلى نفوذ صارت معه الحكومة المالية ميّالة إلى إجراء مفاوضات ”سلام“ معه.
هذه المفاوضات ليست جديدة. الحكومة المالية بعثت إشارات مماثلة مطلع ٢٠٢٠ تزامناً مع اتفاق الدوحة بين أمريكا وطالبان؛ وقَبِل إياد أغ غالي تلك التلميحات. وفي أكتوبر ٢٠٢١، تضاربت الأنباء حول نية الحكومة المالية فتح حوار جدي مع إياد أغ غالي. المهم في هذا كله، هو أن الحكومة إن قررت المضي قدماً في هذه المفاوضات فسيكون حصراً مع الجهاديين الماليين. ماذا يعني هذا بالنسبة للارتباط بالقاعدة وإرث أسامة بن لادن المتعلق ”بالجهاد العالمي“؟
الجولاني أمير إدلب
في إدلب، تمكن الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام من تحييد المستقلين ومعارضيه. بعد الانقضاض على حراس الدين بدءاً من يونيو ٢٠٢٠، توجه إلى كبرى كتل المقاتلين الأجانب المستقلين: جند الشام، بزعامة مسلم الشيشاني الذي يحظى باحترام بين ”المهاجرين.“
في أكتوبر ٢٠٢١، تمكنت الهيئة من طرد مجاميع المهاجرين من جبل التركمان بين إدلب واللاذقية، وهو منطقة استراتيجية كانت مقراً للشيشاني وغيره من الجماعات المستقلة.
لتجنب الصدام مع الشيشاني، قالت الهيئة إن هدفها كان جماعة ”جند الله“ التي يقودها أبو فاطمة التركي.
وبالفعل، بعد قتال وجيز، اتفقت الهيئة مع الشيشاني على أن يغادر الجبل إلى مكان ما في إدلب. وبعد قتال عنيف، تمكنت الهيئة من تحييد جماعة أبي فاطمة وحلّتها فلم يعد لها وجود.
أما جماعة الشيشاني فلم يرد خبر عن الرجل الذي يبدو أن لا حلّ أمامه سوى الانضمام إلى الجولاني أو الخروج من إدلب.
الجولاني افتتح العام بمقابلة جدلية مع الصحفي الأمريكي مارتن سميث عرض فيها مرة أخرى ”السلام“ على العالم والرغبة في أن يُرفع من قوائم الإرهاب.
لكن لا يبدو أن أحداً في الغرب معنيٌّ بهذا. فهل بات الجولاني عبئاً على إدلب؟
اصطياد قيادات داعش
في ٢٠٢١، أعلنت القوات العراقية والأمريكية والكردية عن تحييد قياديي داعش منهم: أبو ياسر واليَ العراق، و أبو ياسين العراقي أمير ديوان الركاز؛ وحجي حامد مسوؤل بيت المال في داعش.
وخارج سوريا والعراق، أكدت فرنسا أنها قتلت أبا الوليد الصحراوي زعيم تنظيم داعش في الصحراء الكبرى في أغسطس ٢٠٢١.
قتل الجهادي المخضرم شيكاو
قُتل الجهادي المخضرم الغليظ أبو بكر شيكاو في ١٨ مايو ٢٠٢١ بعد مواجهة مع داعش غرب إفريقيا Iswap بزعامة أبي مصعب البرناوي.
في الأشهر التالية، استمر القتال بين بقايا بوكو حرام الذين رفضوا الانصياع إلى داعش حتى إن آلافاً منهم فضلوا الاستسلام إلى القوات النيجيرية الحكومية.