أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٢٣ إلى ٢٩ مايو ٢٠٢٢. إلى العناوين:
- اختراقات أمنية في الصف الأول من داعش: تركيا تقول إنها اعتقلت ”الخليفة“ وقواتها الموالية في سوريا تعتقل قيادييَن آخريَن
- مصادر مستقلة تؤكد تحقيقاً لأخبار الآن: المتحدث السابق باسم داعش أبو حمزة لم يُقتل في أطمة
- معارضو الهيئة في إدلب يتهمون الجولاني وحليفه صوفان بمحاولة إشعال حرب مع ”درع الفرات“
وضيف الأسبوع، الدكتور كول بنزل، الباحث في معهد هوفر التابع لجامعة ستانفورد الأمريكية. ومحرر موقع جهاديكا الشهير. الدكتور بنزل مؤرخ متخصص في الشرق الأوسط الإسلامي.
ويعمل حالياً على إصدار كتاب عن تاريخ الوهابية يتضمن مخطوطات عربية نادرة. وله بودكاست مهم عن الجهادية والتطرف باسم ”القافلة“ The Caravan.
الدكتور بنزل يحدثنا عن داعش في خراسان، حظوظ هيئة تحرير الشام في الحصول على منزلة مثل طالبان، وعن معضلة خلافة الظواهري.
هل خليفة داعش الثالث معتقل؟
هل خليفة داعش الثالث معتقل؟ حتى ساعة تسجيل هذه الحلقة صباح الاثنين ٣٠ مايو ٢٠٢٢ لا تأكيداً رسمياً من تركيا أو غيرها لما حدث – وإن ظهرت دلائل على وجود ارتباك حول هوية رجل اعتقلته القوات التركية أخيراً. إليكم ما نعرف؟
ظهر الخميس ٢٦ مايو، وردت أنباء لبرنامج المرصد أن تركيا اعتقلت رجلاً يعتقدون أنه جمعة عواد البدري الذي يعتقد البعض أنه خليفة داعش الثالث.
مساء ذلك اليوم، أكدت وسائل إعلام تركية الخبر. وقالت إن الرئيس التركي سيعلن التفاصيل في وقت لاحق.
وعلمنا من مصادر لنا أن الأجهزة التركية اعتقلت الرجل بلا جهد بفضل وشاية ممّن يُدعى ”والي الشام“ الذي اعتُقل على ما يبدو في وقت سابق في المنطقة الخاضعة للنفوذ التركي شمال سوريا.
لاحقاً، تناقلت حسابات تركية صورة للرجل الذي يُعتقد أنه المعتقل. المشكلة أن الصورة تشبه إلى حد كبير بشار خطاب غزال الصميدعي (حجي زيد) عضو اللجنة المفوضة وهو الأكثر حظاً بأن يكون الخليفة. ثم ظهرت صورة أخرى عززت الشكوك في أن الصميدعي هو المعتقل وليس جمعة. لم يتأكد أي من هذا. ما المهم في كل هذا؟
لا شك في أن تركيا اعتقلت قيادياً مهماً في داعش. قد يكون خليفة داعش. لكن من هو الخليفة؟ لنتذكر أن داعش يعلن عن اسم ”الخليفة“ من دون الإفصاح عن هويته لما يقولون إنه دواعٍ أمنية. فهل كان أبو إبراهيم الهاشمي القرشي هو حقاً حجي عبدالله قرداش الذي قُتل في أطمة في فبراير الماضي؟ ربما.
وعندما أعلن داعش في ١٠ مارس عن اسم الخليفة الجديد أبي الحسن الهاشمي القرشي، هل كان المعني هو الصميدعي أم جمعة؟ ربما كان أحدَهما أو شخصاً ثالثاً.
لا أحد يملك الحقيقة سوى تلك الثلة من داعش الذين سمّوا أبا الحسن وقبله أبا إبراهيم وربما سمّوا أبا بكر.
الآن، إن كان المعتقل هو فعلاً جمعة شقيق الخليفة الأسبق أبي بكر البغدادي، فأهمية ذلك تتجاوز صفته الجدلية خليفةً داعش. جمعة كان المؤتمن على ملايين داعش المغتصبة من الرقة والموصل في أوج ”الدولة“ المزعومة.
الدكتور كولين كلارك، مدير البحث في مجموعة صوفان، وفي كتابه ”بعد الخلافة“، ينقل أن داعش في ٢٠١٥ كان يتحكم بستة بلايين دولار أمريكي. وأن قادة التنظيم أثناء معركة الباغوز القاضية هرّبوا ما يقارب ٤٠٠ مليون دولار للاستثمار في التجارة والعقار خاصة في تركيا.ويُعتقد أن من يدير هذه الملايين هو جمعة.
ومن يملك هذه الملايين هو من يتحكم في التنظيم. إذاً، اعتقال جمعة هو الطريق لاعتقال آخرين متنفذين. وعلى أنصار التنظيم أن يسألوا أنفسهم: كم من هذه الملايين الأربعمئة وأرباحها يُعطى لهم؟ فدية لنساء الهول مثلاً؟
بعد الباغوز، تحوّل حال أنصار التنظيم. وهنا لا بد من الإشارة إلى أننا حصلنا على وثائق تحكي قصة التخطيط لاقتحام سجن غويران مطلع العام سننشرها قريباً، فيها وثيقة تطلب بموجبها ولاية الشام معونة مالية من ولاية العراق فيَُردّون خائبين.
في إفريقيا، يقيم التنظيم أوده بنشاطات إجرامية كالخطف والابتزاز والتهديد وفرض الأتاوات تحت مسمى الزكاة ولا تمكين لهم. وكذلك الحال في العراق وسوريا.
عقدة أبو حمزة
يأتي هذا في الوقت الذي أكد فيه أكثر من مصدر مستقل ما أثارته غرفة أخبار الآن حول قتل أبي حمزة الهاشمي القرشي المتحدث السابق باسم داعش.
داعش نعوا أبا حمزة في ذات بيان نعي أبي إبراهيم الذي قُتل في أطمة مطلع فبراير، ما أوحى بأن الرجلين قُتلا معاً خاصة أن رجلاً ثانياً قُتل فعلاً في أطمة.
لكن أخبار الآن شككوا في الأمر وأثاروا جدلاً حول هجوم بطائرة مسيرة قتل دواعش في جرابلس في نوفمبر ٢٠٢١ – أي قبل أطمة بثلاثة أشهر.
يوم ٢٣ مايو، قالت ”قناة فضح عبّاد البغدادي والهاشمي“ – التي نعتقد أنها تتألف من عناصر سابقين في داعش – إن الرجل الذي ظهرت صورته في قصف جرابلس كان فعلاً أبا حمزة؛ وإنه كان يُعرف باسم أبي عبدو الحموي واسمه الحقيقي حسام السيد. الحساب أكد أن الرجل عراقي الجنسية.
حساب على تويتر يعود إلى من نعتقد أنه عارف بشؤون التنظيم الداخلية، قال إن لقب ”المهاجر“ ألحق باسم الرجل لأنه ”هاجر“ من العراق إلى سوريا واستقر في جرابلس.
حساب مزمجر الثورة السورية أكد هو الآخر هوية الرجل وقال كان يُعرف في العراق باسم ”أبي إبراهيم البغدادي.“
إعلام داعش
صدر العدد ٣٤٠ من صحيفة النبأ كالمعتاد ليل الخميس على الجمعة من دون الإشارة إلى أي من هذه التطورات. وهذا متوقع طبعاً لضيق الوقت. فننتظر نسخة الخميس ٣ يونيو. لكن الأنصار بدا عليهم الإحباط تارة وعدم التصديق والمكابرة تارة أخرى.
حساب ”مجريات الأحداث“ وغيره حذروا من تداول أي أخبار من دون أن يكون الإعلام الرسمي للتنظيم مصدَرها؛ وذلك ”لتجنب المساهمة في نشر الشائعات.“ ودعوا الأنصار إلى ترك التحليلات كلاً لنفسه.
كما نقل الحساب: ”أتعجب ممن يزعم مقتل فلان من الناس! دون تثبُّت أو برهان … فإن صحَّ الخبر، لنا اعلام رسمي! سيذكر ذلك! وإن لم يُذكر الخبر فما تلك المزاعم إلَّا من مخيِّلة ذلك المدَّعي!“
حساب باسم ”تفكر“ نشر صوتيات وفيديوهات أرشيفية لقادة التنظيم القتلى واعتبر أنهم ”ضحوا بأنفسهم وأموالهم وأطفالهم ونسائهم“ وأضاف في موقع آخر: ”فما ارتفع شأن شخص (في التنظيم) … ثم قُتل أو مات لا تتأثر ولا تتراجع.“
داعش المكشوف
في الأثناء، نقل حساب ”مزمجر الشام“ على تويتر والتلغرام أن الفيلق الثالث التابع للجيش السوري الوطني الموالي لتركيا اعتقل ”قيادياً بارزاً“ في داعش في عملية أمنية في الباب شمال سوريا. وأضاف أن القيادي سوريُّ الجنسية من الحسكة وأنه من قادة الصف الثاني في التنظيم مسؤولاً عن المِلف الأمني والعلاقات في منطقة الشمال.
وبعد يوم أضاف أن الرجل يُعرف باسم ”أبو تراب السبعاوي“ وكان قيادياً في “لواء التوحيد والجهاد” ثم بايع داعش وعمل مسؤولاً أمنياً فيه؛ أقام في الموصل مدة ثم عاد إلى سوريا، قبل أن ينتقل للشمال بعد معارك ”الباغوز“.
حرب الفرات!
مع أنباء أن تركيا تحضر لتأخذ الثلاثين كيلومتراً باتجاه عمق الشمال السوري، كادت مواجهات تنشب بين هيئة تحرير الشام وفصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا، فيما وصفه البعض بـ ”إعلان حرب مفتوحة في درع الفرات.“
بدأت القصة في أبريل الماضي عندما وقعت مناوشات بين كتلة من أحرار الشام يُعرفون بالقاطع الشرقي أو الفرقة ٣٢ مع الجبهة الشامية أكبر مكونات الفيلق الثالث.
هذه الكتلة من أحرار الشام انشقت عن الحركة الأم في ٢٠١٧ /٢٠١٨ برضى من أمير الحركة آنئذ حسن صوفان؛ فظلوا موالين له. ونعلم أن صوفان الموالي للجوالي زعيمة هيئة تحرير الشام قاد تمرداً داخل الحركة أواخر ٢٠٢٠ أفضى إلى عزل الزعيم السابق جابر علي باشا وتعيين عامر الشيخ بدلاً منه. كان ذلك مقدمة لتأسيس مجلس عسكري موحد تقوده الهيئة بدعم من صوفان ويسيطر على كل المكونات العسكرية في إدلب ومحيطها.
بالعودة إلى مناوشات أبريل فقد أسفرت عن وقوع قتلى. فحوّل الأمر إلى اللجنة الوطنية للإصلاح التي قالت في ٢٥ بتسليم بعض مقرات الكتلة وسلاحها إلى الفيلق.
في ذات التاريخ، قرر عناصر من الكتلة الانضمام إلى هيئة ثائرون للتحرير التي تشكلت في يناير الماضي، على أساس أن الفيلق والجبهة لم يعارضوا ذلك.
لكن في اليوم التالي، نشرت ثائرون أن عناصر أحرار الشام ”التفوا“ على قرار لجنة الإصلاح، ورفضوا الدمج.
عندها تحركت مجموعة من هيئة تحرير الشام فيما وُصف بأنه تشكيل ”تحت اسم أحرار الشام فرع صوفان المبايع للجولاني“ إلى جندريس لمؤازرة المنشقين. فتشكلت ”غرفة عمليات مشتركة“ من فصائل درع الفرات لمواجهة الهيئة.
فكّت الهيئة ”الاستنفار“ فيما أعلن فجر ٣٠ مايو عن أن القاطع الشرقي من أحرار الشام سيعود إلى الحركة الأم.