أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ١٣ إلى ١٩ يونيو ٢٠٢٢. إلى العناوين:
- هل يتمدد الجولاني إلى شمال حلب؟ مواجهة مسلحة في درع الفرات تُحسم للهيئة وحلفائها
- الظواهري مُثقلاً بالأزمات يطلب النصح والمكاشفة من المجتمع الجهادي
- فيما قادة داعش في الشرق يتساقطون، التنظيم يتوجه رسمياً إلى غرب إفريقيا
وضيف الأسبوع، الأستاذ الدكتور إدريس عطية، أستاذ محاضر في العلوم السياسية بجامعة الجزائر ٣، وباحث متخصص في الشؤون الإفريقية والدراسات الاستراتيجية والأمنية
هيئة تحرير الشام … إلى الشمال
شمال سوريا قبل السبت ١٨ يونيو ٢٠٢٢ لن يكون ذاته بعد هذا التاريخ. هيئة تحرير الشام وحلفاؤها خاضوا معارك حقيقية ضد مكونات الجيش الوطني السوري وربحوا الجولة ما أدى إلى حالة من اليأس في أوساط معارضي الهيئة. هذا باختصار ما حدث. وهذه هي التفاصيل.
صباح السبت تحركت قوات الجيش الوطني السوري في اتجاه ”بعض مكونات الفرقة ٣٢“ الذين انشقوا عن الفيلق الثالث أحد مكونات الجيش، إنفاذاً لقرار اللجنة الوطنية للإصلاح التي بتت في النزاع الدائر بين الطرفين في ٢٥ مايو ٢٠٢٢.
الفرقة ٣٢ هو الاسم الذي اتخذه القطاع الشرقي من حركة أحرار الشام الإسلامية عندما انضمّ إلى الجبهة الشامية في ٢٧ نوفمبر ٢٠١٧. الجبهة الشامية هي إحدى مكونات الفيلق الثالث التابع للجيش الوطني والذي تأسس في ٢٤ أكتوبر ٢٠١٧.
في أواخر مارس ومطلع أبريل، توترت العلاقة بين الفرقة والفيلق إلى درجة الاقتتال ووقوع قتلى.
الفيلق/ الجبهة الشامية تقول إن الفرقة ٣٢ رفعت مطالب إلى القيادة، وقبل البت فيها، علقت مهامها وتمردت.
أحرار الشام متحدثة بلسان قطاعها الشرقي قالت إن القطاع قرر الخروج من الفيلق وطلبوا تشكيل لجنة لتسهيل الأمر ليفاجأوا بهجوم الجبهة الشامية عليهم.
احتكم الطرفان إلى اللجنة الوطنية للإصلاح التي كان من قراراتها أن يسيطر الفيلق على مقرات الجماعة المنشقة باستثناء بعضها؛ وأن تسلم المجموعة المنشقة سلاحها لقيادة الفيلق. أحرار الشام اعتبروا هذه القرارات مسيسة ومنحازة وقرروا إعادة القطاع إليهم. فيما الفيلق يصر على أن المنشقين يجب أن يسلموا السلاح والمقرات.
الآن، في صلب هذا التوتر والخلاف كان حسن صوفان الزعيم الأسبق لأحرار الشام. وهو شخصية إشكالية إذ أنه مقرب من الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام. كما أنه قاد تمرداً داخل الحركة في أواخر ٢٠٢٠ أدى إلى تغيير قيادتها. وقيل إن ذلك كان تمهيداً لسيطرة صوفان على الحركة وبالتالي سيطرة الجولاني على المكونات القتالية في إدلب ومحيطها بهدف تأسيس مجلس عسكري جامع تكون فيه الغلبة للهيئة تتمدد من خلاله إلى درع الفرات وغصن الزيتون: مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا.
ولهذا، اتهم الفيلق صوفان بالتنسيق مع قيادة الفرقة ٣٢ للانشقاق وبالتالي تنفيذ مشروع الجولاني. في نهاية مايو الماضي، شهدت تخوم درع الفرات استنفاراً من جانب أحرار الشام/ الهيئة ومن جانب الجيش الوطني من دون أن يتطور إلى مواجهة مسلحة.
ظل المنشقون رافضين قرارات لجنة الإصلاح. فتحرك الفيلق هذا الأسبوع لتنفيذ هذه القرارات.
دارت اشتباكات بين الطرفين وصُفت بالعنيفة ما أوقع قتلى وجرحى بالإضافة إلى أسر عناصر من هؤلاء وأولاء. وكانت الغلبة للجيش الوطني ومكوناته في الجزء الأكبر من أحداث السبت.
حوالي الساعة ٤ بعد الظهر، أصدرت حركة أحرار الشام بياناً حول ”تكرار الاعتداء على القطاع الشرقي للحركة“ وقالت إنها ”تدعو قيادة الجبهة الشامية إلى التوقف الفوري عن هذه الممارسات اللامسؤولة … وتدعو جنود الجبهة الشامية إلى اعتزال هذا القتال والتزام الحياد خلال التطورات المقبلة.“
قبل هذا بنصف ساعة تقريباً، نقلت حسابات معارضة لهيئة تحرير الشام أن ”حشداً عسكرياً“ من الهيئة مجهزاً بالسلاح الثقيل يستعد لدخول درع الفرات ”بحجة مؤازرة المنشقين“ تحت راية أحرار الشام.
حساب أس الصراع في الشام قال إن الهيئة ”استخدمت طائرات انتحارية مسيرة و١٠٠ مصفحة و ٦ مدرعات بهجومها ليلاً حتى سيطرت على قرية قرزحيل وترندة.“
لكن معرفات موالية للهيئة قالت إن حركة أحرار الشام هي من أعلن ”استنفاراً عسكرياً عاماً“ وأن أرتالها توجهت ”لمؤازرة عناصرهم“ في درع الفرات.
أغلقت المعابر الواصلة بين درع الفرات وإدلب وازدحم فيها الناس الهاربون من هذه الحرب.
في الأثناء، اعتبر المعارضون هذه فرصة للجيش الوطني كي ينقض على الجولاني ويكسر شوكته. حساب السوري المهاجر قال إنها ”الفرصة الأخيرة للوحدة والاعتصام.“ وإن ما يجري اليوم هو: ”معركة .. بين الجيش الوطني بمكوناته الثورية وهيئة تحرير الشام بذراعها … حسن صوفان.“
وفيما خرجت مظاهرة شعبية في عفرين ترفض الجولاني، نشرت معرفات الهيئة بياناً من ”مجلس القبائل والعشائر“ يدين ما وصفه بـ ”بغي الجبهة الشامية“ على أحرار الشام. قبل هذا بيوم، كان أبو ماريا القحطاني،. القيادي في الهيئة، يجلس مع شيوخ العشائر في إدلب.
أهم رد فعل على مواجهة السبت جاء من المجلس الإسلامي، الجهة العليا للإفتاء لدى فصائل المعارضة كافة. فجر الأحد، قال بيان المجلس إن ”التحرك العسكري لهيئة تحرير الشام … نحو مناطق الجيش الوطني .. يُعد بغياً محرماً شرعاً بشكل قطعي“ وإن ”صد هذا العدوان واجب شرعاً.“ مؤكداً ضرورة العودة إلى قرارات لجنة الإصلاح.
معارضو الهيئة اعتبروا البيان فتوى لازمة لكل ”من أراد الحق“ وأن ”لا مزاودة على المجلس.“
لكن الاشتباكات استمرت حتى صباح الأحد ١٩ يونيو، أي بعد مرور ٢٤ ساعة تقريباً على أول اشتباك. فأعلن عن ”توقف كامل لإطلاق النار“ وقيل إن اجتماعاً عُقد بين هيئة تحرير الشام والجبهة الشامية بحيث تم الاتفاق على إطلاق سراح الأسرى من الطرفين وعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل يوم السبت.
وهكذا بدأت الهيئة/ أو أحرار الشام بسحب القوات من المناطق التي دخلتها في غصن الزيتون ودرع الفرات.
في نهاية يوم الأحد، أصدرت هيئة تحرير الشام لأول مرة بياناً حول مجريات الأربع وعشرين ساعة الماضية بعنوان: ”رسالة إلى أهلنا وشعبنا في المناطق المحررة.“ البيان يقدم الهيئة على أنها حامية المناطق المحررة. فالهيئة غير راضية عن مستوى الحياة في منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون. وتحذر من انتشار الفساد في المجتمع هناك وانحدار العمل المؤسسي والخدماتي.
والأهم أن بيان الهيئة أشار إلى ”غياب المشروع الناظم“ في تلك المنطقتين. بمعنى أنها تعرض ذاتها كصاحبة مشروع يضمن ”رفاه“ المناطق المحررة.
وحيث أن الهيئة، بحسب البيان، لديها ”مسؤولية“ و“واجب“ تجاه ”حماية“ أهل المحرر، فقد ”دفعت“ بكل قوة ”لإيقاف ما يجري من اقتتال والضغط على الأطراف لضرورة التفاهم وتحكيم العقل.“
وهنا، الهيئة لا تقر بتدخلها العسكري، فقد يُفهم الضغط بأنه معنوي أو سياسي. وعليه، انتقد البيان فتوى المجلس العسكري وموقفه من الهيئة.
وهكذا انتهى هذا الاستعراض العسكري. على الأقل حتى ساعة تسجيل هذه الحلقة صباح الإثنين ٢٠ يونيو ٢٠٢٢.
ما حدث شكل صدمة لدى معارضي هيئة تحرير الشام. كانوا يأملون أن تقضي مغامرةُ الجولاني-صوفان على وجود الهيئة في إدلب.
مزمجر الشام قال: ”أحداث الأمس أثبتت نجاح الجولاني في اختراق صفوف معظم الفصائل أو تحييدها… فقد دخلت أرتال الهيئة لوسط مناطق غصن الزيتون دون أن تواجه بطلقة واحدة.“ وأضاف: ”الجيش الوطني مجرد اسم فضفاض يفتقر لأدنى مقومات العمل المؤسساتي … وبوضعه الحالي لا يمكن التعويل عليه في حمل مشروع الثورة.“ في المقابل الجولاني هو ”الوحيد الذي يمتلك مشروعاً ويسعى بجد لتحقيقه – وإن (كان) مشروعاً شخصياً لا يخدم الثورة.“
ماجد الراشد، المنشق عن الهيئة، أعاد نشر فتوى قال فيها إن ”الجولاني متغلب وحكم المتغلب في الشريعة هو القتل.“
الظواهري الحائر
بثت السحاب الذراع الإعلامية للقاعدة المركزية كلمة لزعيم التنظيم أيمن الظواهري هي الحلقة الخامسة من سلسلة ”صفقة القرن أم حملات القرون.“ الحلقات السابقة من السلسلة كانت مرئية أما هذه فصوتية.
في هذه الحلقة، يلمح الظواهري إلى خلل داخل التنظيم خاصة والساحة الجهادية عامة. ويبدو الرجل مثقلاً بهذه الأحمال.
فمثلاً، يتحدث عن ”الاستخفاف بالبيعات“ وكيف أن أحدهم قد يقول: ”بيعتي معك انتهت من زمن وبيعتي لك كانت زمانية ومكانية وظرفية وتفاعلية.“ هل يقصد الظواهري بهذا طالبان الذين أحلّوا أنفسهم من بيعة القاعدة؟ أم يقصد جماعات أخرى تنتمي للتنظيم؟ ربما الاثنين معاً.
يشكو الظواهري أيضاً مما يبدو أنه غياب ”الإيثار“ عن عصر الجهادية هذا الذي يعيشه. فيذكر نماذج من تاريخه الشخصي. نماذج غريبة حقيقة، مثل ذلك الموقف مع عصام القمري الذي اتُهم هو نفسه بالإرشاد إلى مكانه والتسبب في قتله.
إلى إفريقيا
احتفى أنصار داعش بنشر إصدار مرئي لما تُسمى ولاية غرب إفريقيا بعنوان ”كتاب يهدي وسيف ينصر“ فيه رصد لما يعتبره التنظيم تمكيناً في تلك الجغرافيا. ينتهي الإصدار بدعوة إلى ”الهجرة“ إلى غرب إفريقيا. بعد هذا انطلقت حملة ”هلموا إلى أرض إفريقيا“ عبر صحيفة النبأ الأسبوعية ومعرفات أنصار داعش. يأتي الإصدار فيما ترددت أنباء عن اعتقال أمير داعش في الصحراء الكبرى.
وتأتي دعوة الهجرة هذا فيما أعلنت قوات التحالف الدولي عن اعتقال قيادي في داعش في إنزال تمّ في منطقة جرابلس شمال سوريا.
التحالف قال إن المعتقل هو هاني الكردي وهو صانع قنابل في التنظيم وتدرج ليصبح قياديا.
لكن علمنا من مصادر خاصة أن المستهدف في الإنزال كان على الأرجح “ماهر العكال أو ماهر الشمالي أو أبو ايمن الشمالي” وهو قيادي أمني بارز. وهو من أبناء عمومة فايز العكال والي الرقة سابقاً المعروف باسم أبو سعد الشمالي الذي قتل في يونيو ٢٠٢٠ في مدينة الباب شمال شرق حلب.
المستهدف الآخر هو أبو إبراهيم السفراني وكان يشغل منصب مسؤول الاغتيالات في المنطقة. الاثنان فرّا من الإنزال وغادرا جرابلس.
طالبان والمقدسي
أعلن داعش مسؤوليته عن الهجوم الذي استهدف بيتاً للعبادة (غودوارا) خاصاً بالسيخ في العاصمة الأفغانية كابول.
حكومة طالبان استنكرت الهجوم واعتبرت منفذيه ”أعداء الشعب الأفغاني.“ وهنا يعود السؤال عن قدرة طالبان على مواجهة هجمات داعش.
على كل حال، لفت في هذا الملف ما قاله أبو محمد المقدسي منظر الجهادية. الرجل اعتبر أن ”منع“ استهداف طائفة تحت حكم ”الإمارة“ أي طالبان ليس أمراً ”مكفراً.“ وبالتالي استنكر فعلة داعش. لكنه بعد ذلك، يرد على تغريدة يشير صاحبها إلى أن داعش بفعله هذا يؤذي علاقة طالبان مع الهند. فيقول المقدسي: ”من سمى دولته إمارة إسلامية فقد وجب عليه أن يراعي حرمات المسلمين.“
ويذكر هنا بما قاله سابقاً عن ضرورة ألا تصرح طالبان بتعاطفها أو مجاملتها دولاً أخرى يعتبرها الرجل كفرية.
على تغريدة مماثلة، علّق خصمه أبو محمود الفلسطيني وقال: ”جاء الوقت لينزل عن موجة طالبان، ويعود لمنهج الغلو… بدأ التمهيد للانقلاب على طالبان.“