أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٨ إلى ١٤ أغسطس ٢٠٢٢. إلى العناوين:
- عام على سقوط كابول: سياسات طالبان مضطربة وأولوياتهم مشوهة
- أفغانيات فقدن العمل والتعليم: لم نعد نحتمل!
- حراس الدين وهيئة تحرير الشام يردان بغضب على تصريحات تركية بشأن “مصالحة” مقترحة مع نظام الأسد
- الشرعي الفرغلي يقول إنه استقال من هيئة تحرير الشام ومعارضوه يقولون إنه فُصل
ضيفات الأسبوع، من ننغرهار وكابول في أفغانستان، ثلاث شابات أفغانيات فقدن وظائفهن بسبب إجراءات طالبان. يتحدثن عن ذكريات السقوط، وآلام الواقع.
عام على السقوط
إذاً، في مساء يوم الأحد ١٥ أغسطس ٢٠٢١، دخل طالبان كابول بلا قتال عائدين إلى حكم أفغانستان بعد أن فروا منها في ٢٠٠١. وأيّ عَود هذا؟! حالة مزمنة من الانحدار والتخبط إلى حد الانفصال عن الواقع.
عشية الذكرى الأولى لسقوط كابول، غرّد عبدالقهار بلخي المتحدث باسم خارجية طالبان وقال إن ”الحكومة الناشئة“ تمكنت ”بسرعة“ من ”إعادة الأمن إلى أفغانستان“ و“وضعه على طريق السلام والاستقرار والازدهار.“ فعن أيّ أفغانستان يتحدث بلخي؟
الاقتصاد … إلى الوراء
فشِل طالبان في الحصول على اعتراف دولي، بالرغم من محاولاتهم المتكررة شغل مقعد أفغانستان في الأمم المتحدة، وبالرغم من حضورهم الدبلوماسي خارج أفغانستان واستقبالهم وفوداً رسمية داخل أفغانستان. المجتمع الدولي لا يزال متوجساً من طالبان الحاضرين في الأذهان حماةً للقاعدة وأسامة بن لادن. وهم لا يساعدون أنفسهم في إثبات خلاف ذلك. اتُهموا أمس بحماية بن لادن، واليوم هم فعلاً يحمون أيمن الظواهري خليفة بن لادن! بعد أيام من سقوط كابول، جمّدت واشنطن أرصدة البنك المركزي الأفغاني المقدرة بتسعة مليارات دولار حتى لا تستغلها حكومة طالبان التي تنفرد بالحكم في أفغانستان خلافاً لاتفاق الدوحة. هذا الإجراء وتوقف المنح الدولية، وانعدام الثقة بالاستثمار، بالإضافة إلى الجفاف، عمّق جراح الأفغان. الصحفي الأفغاني محسن أمين يعلّق: ”جزء كبير من الأزمة الاقتصادية تسبب فيه المجتمع الدولي، لكن طالبان ساروا في حملة لإرضاء جماعتهم وفوتوا فرصة المصالحة الوطنية لمعالجة حالة عدم اليقين الدستورية والسياسية.“
بحسب البنك الدولي، أكثر من نصف سكان أفغانستان الاثنين وأربعين مليوناً يواجهون مستويات حرجة من نقص الغذاء، بارتفاع مقداره ٣٥٪ عن نفس الفترة من العام ٢٠٢٠.
كما أن دخل الفرد في الأشهر الأخيرة من ٢٠٢١ انخفض بمقدار الثلث مهدداً بحالة ”تلغي التقدم الاقتصادي الذي تحقق منذ ٢٠٠٧“ وتجبر العائلات على اتخاذ قرارات صعبة.
لكن تقرير البنك الدولي المنشور في أبريل الماضي يترك فسحة من الأمل. فالبديل موجود. تتمتع أفغانستان بمقومات تمكنها من تجاوز المحنة: لديها الزراعة والموارد المعدنية وشعب شاب مجتهد. المطلوب هو أن يقدم طالبان الحد الأدنى مما يُتوقع منهم بخصوص الإدارة الاقتصادية وسجل حقوق الإنسان والمرأة.
التعليم … ممنوع
وبدلاً من أن يلتفت طالبان إلى الادارة الاقتصادية وتعزيز المصالحة الوطنية، أغلقوا مدارس البنات المتوسطة والثانوية بحجج ترواح بين تأمين مواصلات إلى تغيير المناهج.
بعد شهر من سقوط كابول، وعد طالبان بإعادة فتح مدارس الإناث الثانوية أسوة بمدارس الذكور. ومرة أخرى في مارس ٢٠٢٢. ولكن حتى الآن لا يزال مستقبل البنات من الصف السابع إلى الثاني عشر غير معلوم.
لماذا هذا الأمر مهم؟ مهم لأنه مؤشر على تخبط أولويات طالبان من ناحية وعلى خلافات داخلية بين فريق يريد أن ينفتح على العالم وآخر أكثر تنفذاً يريد أن يأخذ دون أن يعطي.
والأهم هو أن أفغانستان التي كانت قبل ١٥ أغسطس ٢٠٢١ كانت فيها أفغانيات عاملات ومتعلمات هنّ نتاج نظام تعليمي بسيط ولكن حرّ مدعوم بمبادرات فردية مثل أي شيئ في ذلك البلد. أفغانستان التي استولى عليها طالبان لم يكن للحكومة السابقة أو حتى الأمريكيين فضل فيها. عندما يمشي المرء في كابول، لا يرى خدمات حكومية إلا بالحد الأدنى الذي يختفي في الزحام. ما يراه المرء هو جهود فردية لأفغان وأفغانيات. هذه هي الثروة التي اختطفها طالبان.
ولهذا عادت الأفغانيات إلى شوارع كابول عشية ذكرى السقوط في مشهد عجيب كأنه اليوم الأول. انتشر فيديو ظهر فيه عنصر من طالبان يوجه بندقيته نحو المتظاهرات ويطلق الرصاص فينهره آخر.
المتحمسون لطالبان من الجهاديين في المنطقة العربية يرون هذه التظاهرة ”شغباً“ يجب على طالبان أن يتعامل معه ”بالسر“ و ”دون إعلان.“
المقاومة … إلى الأمام
عشية الذكرى، أعلنت جبهة المقاومة الوطنية الأفغانية برنامج عملها. هذه الجبهة تشكلت في بانجشير شمال شرق كابول في أعقاب سيطرة طالبان على الحكم وأسسها أحمد مسعود نجل أحمد شاه مسعود ومعه النائب الأول للرئيس الأفغاني السابق آمر الله صالح.
كانت الجبهة مؤثرة في الأسابيع الأولى من سقوط كابول لكن سرعان ما خبت جذوتها. برنامج العمل المنشور هذا قد يعني بداية عدم استقرار يُضاف إلى تحدي داعش.
داعش … في كل اتجاه
في ٢٢ مايو ٢٠٢٢، نقل بلخي المتحدث باسم خارجية طالبان كلاماً على لسان الوزير يفيد أن ”داعش اندحر“ في أفغانستان. بعد ساعات من التصريح، نفذ داعش هجوماً قرب فندق في كابول.
هجمات داعش لم تتوقف. بالنسبة لهم، طالبان كما عناصر الحكومة السابقة ”مرتدون“ قتلُهم مباح. كما أن الجهاديين يعتبرون طالبان ”جهادية“ وبالتالي حكمهم في أفغانستان يشكل تحدياً وجودياً لداعش الذين فشلوا في العراق والشام.
طالبان لم ينجحوا في تأمين كابول على الأقل. ولا ينفكون يقللون من خطر داعش بما لا يخدم الأفغان ولا العالم. فيبدو أن فرع داعش خراسان يتقوى كل يوم.
هجمات داعش في أفغانستان حافظت على وتيرتها منذ سيطر طالبان؛ إلا أن خطرها تعاظم. بحسبة بسيطة للهجمات وبمقياس ما أعلن عنه داعش في صحيفته الأسبوعية النبأ، منذ ١ يناير ٢٠٢١ حتى سقوط كابول في ١٥ أغسطس، أوقعت هجماتُ داعش ٧٩١ ضحية بين قتيل وجريح؛ أما في الأشهر الثمانية التالية – أي حتى نهاية آذار ٢٠٢٢- فقد أوقعت الهجمات أكثر من ضعف ذلك الرقم بواقع ١٨٣٠ ضحية.
كما أن هجماتهم صارت أكثر جرأة: فهاجموا مستشفى عسكرياً قتلوا فيه مولوي حمدالله مخلص قائد فيلق كابول ومن أوائل من دخل كابول والقصر الرئاسي. وقبل ذكرى السقوط بأيام قتلوا رحيم حقاني أحد أهم مُنظّري طالبان.
المصالحة التركية
يوم الخميس ١١ أغسطس، صرح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بدعوة إلى المصالحة ”بشكل ما“ بين النظام السوري والمعارضة وكشف أنه التقى نظيره السوري فيصل مقداد في أكتوبر الماضي. أثار هذا احتجاجات واسعة في مناطق المعارضة.
المجلس الإسلامي السوري اعتبر أن المصالحة تعني “المصالحة مع أكبر إرهاب في المنطقة مما يهدد أمن دول الجوار وشعوبها، وتعني مكافأة للمجرم وشرعنته ليستمر في إجرامه.”
هيئة تحرير الشام ردت في بيان باسم إدارة الشؤون السياسية للمناطق المحررة وقالت إن هذه التصريحات جاءت “في سياق مصلحي لا يليق بمبادئ السياسة التركية المنحازة للقضايا العادلة للشعوب المظلومة،ط كما وصفها. ودج بحزب العمال الكردستاني واعتبر أن الاثنين سواء، وبالتالي فإنه “من البساطة السياسية المفاضلة بين الطرفين أو استبدال أحدهما بالآخر أو الاستعانة به.”
معارضو الهيئة اعتبروا بيان الهيئة ”فضفاضاً“ فيه ”نفاق لحكومة تركيا أكثر منه اعتراض“ واعتبروا أن الجولاني ”بتجميده الجبهات وقتاله المجاهدين“ هو عملياً ينفذ هذا التوجه.
تنظيم حراس الدين، ممثل القاعدة في الشام، وبشكل مفاجئ يصدر بياناً موقعاً باسم الدكتور سامي بن محمود العريدي، شرعي التنظيم. العريدي دعا إلى “فتح الجبهات الراكدة” و”رفض الوصاية الدولية على … الجهاد” متخذاً من طالبان “أسوة حسنة.”
الفرغلي
في حسابه على التلغرام، أعلن أبو الفتح يحيى الفرغلي، الشرعي في هيئة تحرير الشام، أنه استقال من المجلس الشرعي للهيئة. لم يضف ما يفسر الاستقالة، لكن معارضيه نقلوا أنه كتب في غرفة مغلقة أسباب استقالته ومنها ظهور خلافات بينه والمجلس الشرعي بخصوص إجراءات داخلية بدأت بقرار نقله من المجلس بتاريخ ٦ يونيو ٢٠٢٢ لكنه اعترض على القرار.
قبل أكثر من شهر ترددت شائعات أنه عُزل من منصبه. فيما حساب وُصف بأنه موال للهيئة قال إن الرجل لم يستقل وإنما فُصل.
حساب مزمجر الثورة السورية علق: ”خدعة جديدة بإعلان اعتزال الفرغلي المصري من هيئة الجولاني وهو الشرعي الأول فيها وعضو مجلس شورى وذلك بعد اقتحام عفرين كما خدعوا الجموع باستبعاد أبو اليقظان المصري عن الواجهة. بعد تكفير جميع الفصائل والجيش التركي بصوتيات موثقة وقتل خيرة شباب الثورة بحكم الردة يريدون الآن تغيير الجلود لمسرحيات مقبلة جديدة. ترقبوا.“
داعش موزمبيق
بث داعش تسجيل فيديو قصير للتنظيم في موزمبيق لمرة الأولى منذ ٢٠٢٠ وباللغة العربية. وهذا كان لافت لمتابعي التنظيم هناك واعتبروا أنه رسالة موجهة إلى الدواعش العرب وليس موزمبيق.