أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ١٩ إلى ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٢. إلى العناوين:
- لماذا يسكت الجهاديون عن احتجاجات إيران ضد نظام الملالي؟
- ما قصة خبر ”انقلاب“ إدلب؟
- وكيف ”يجاهد“ قادة الجماعات الإسلامية ”عن بعد“؟
ضيفا الأسبوع، عروة عجوب، كبير المحللين في مركز CoarGlobal المتخصص في البحث وتحليل الأزمات؛ يحدثنا عن ”انقلاب إدلب“ المزعوم.
والدكتور أرون زيلين، الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى؛ يحدثنا عن سيناريوهات اعتراف أمريكا بهيئة الجولاني.
عقدة إيران
احتجاجات واسعة غير مسبوقة في إيران ضد مؤسسة ولاية الفقيه والنظام الإيراني. أشعلها قتل الشابة الإيرانية مهسا أميني على أيدي ما يُسمى ”الشرطة الأخلاقية“ لأن حجابها لم يكن مطابقاً لمواصفات الملالي. كان واضحاً سكوت الجهاديين عمّا يجري؛ فلم يعلقوا كما عادتهم في هكذا مواقف. هدى الصالح، الصحفية المتخصصة في شؤون الإرهاب، علّقت في حسابها على تويتر وقالت: ”كثيراً ما تردد السؤال ما علاقة القاعدة والجماعات السنية الراديكالية المسلحة بالنظام الخميني منذ عقود : تابع حسابات منظري القاعدة وفروعها وراقب إن دعموا بكلمة الاحتجاجات في ايران أم أنهم تجاهلوها خوفا وجزعا من مستقبل مظلم في حال وقع ما يطالب به الثائرون الايرانيون.“
في سلسلة ”متلازمة طهران“ التي يعرضها تلفزيون الآن حول العلاقة بين إيران والقاعدة تحديداً، إشارة إلى أثر ”ثورة الخميني“ على الإسلام السياسي في الشرق الأوسط وتوجه جماعات هذا التيار نحو العنف، وتحالفهم مع النظام الإيراني أو على الأقل مهادنتهم لذلك النظام.
لفت في هذا الموضوع ما نشره حساب قاعدي نشط هذه الأيام. يسأل: ”لماذا داعش لا تقاتل ولا تنفذ عمليات في إيران؟“
والحقيقة وبالنظر إلى سلوك الجهاديين مقاتلين ومنظرين تجاه إيران، يجوز أن نسأل السؤال نفسه ولكن عن القاعدة. لماذا القاعدة تسكت على إيران؟
وهنا نلاحظ أنه فيما اختفت القاعدة من سوريا والعراق، لا تزال تنشط في اليمن حيث إيران تدعم الحوثيين ضد السنة في كل جزيرة العرب. فماذا يفعل عناصر القاعدة تجاه ذلك؟
خلال الأسبوعين الماضين، نشط إعلام القاعدة في اليمن بضخ منشورات مناهضة للقوات اليمنية المدعومة عربياً من جانب دول الخليج. الحملة الإعلامية جاءت بعنوان ”سهام الحق“ وصفتها الخبيرة الدكتور إليزابيث كندال بأنها ”تمثل ذروة نشاط القاعدة الإعلامي في اليمن منذ ٢٠١٧.“
وهكذا انشغل أنصار القاعدة بمهاجمة العرب السنة يمنيين وخليجيين، بينما احتفى الحوثيون في استعراض عسكري في صنعاء بمناسبة ”ثورة ٢١ سبتمبر.“
وفي نفس الوقت، بثت الملاحم الذراع الإعلامية لقاعدة اليمن النسخة الثالثة من سلسلة ”شاهد“ بعنوان ”اليمن المحتل،“ يتحدثون فيه عن الوجود الأمريكي والفرنسي وحتى ما يزعمون أنه إسرائيلي بالإضافة طبعاً إلى الوجود الخليجي في اليمن من دون أن يتطرقوا إلى الوجود الإيراني هناك. ورد ذكر إيران بشكل عابر في ما يشبه الكاريكاتور في مقدمة الفيديو. فلماذا لا تتحدث القاعدة عن ”احتلال“ إيران لليمن؟ مجرد حديث رفعاً للعتب؟!
أنصار القاعدة يضعون أنفسهم في موضع المثالية والدفاع عن السنة. فماذا فعلتم؟ قبل أن تسألوا داعش عن موقفهم من إيران؛ ”أقربوكم“ أولى بالمعروف. اسألوا أنفسكم عن موقفكم من إيران.
في ”شاهد ٢،“ تطرق إعلام القاعدة في اليمن إلى ”مأرب: معركة الصمود.“ ومرة أخرى، هاجموا العرب السنة. بطريقة ملتوية، زعموا أن التحالف أعطى فرصة للحوثيين للتمدد في اليمن. ”إلا أن“ السنة في اليمن ”ومعهم المجاهدون“ واجهوا هذا التمدد.
هذا غير صحيح. القاعدة لم تشارك في معركة مأرب ضد الحوثيين. خالد باطرفي، زعيم تنظيم القاعدة في اليمن، وفي مقابلته الشهيرة في نوفمبر العام الماضي ٢٠٢١، قال صراحة إن القاعدة انحازت من مأرب بعد أن اتهم جهات لم يُسمها بأنها ”طعنتهم من الخلف،“ وفي هذا تلميح لأهل مأرب السنة. فأي دور لعبته القاعدة في دفع الحوثيين عن مأرب؟ لا شيئ. ومرة أخرى، من دفع التمدد الحوثي باتجاه شبوة؟ ألم يكن سنة الجنوب؟ أين القاعدة من شبوة والبيضاء؟ ألم ينحازوا عنهما؟ سنة اليمن لا يثقون بالقاعدة وهذا بشهادة قادة القاعدة أنفسهم وحسبما ورد في شاهد ٢.
إذاً، أين قاعدة اليمن من سنتها؟ وأين هم من حوثييها؟
موقف القاعدة في اليمن لا يختلف عن توجه التنظيم برمته. القاعدة، منذ أيام أسامة بن لادن، تتجنب ضرب المصالح الإيرانية، بل يتشددون في التأكيد على ضرورة عدم التعرض للمصالح الإيرانية بسبب وجود سيف العدل وصحبه في طهران منذ العام ٢٠٠٢.
الخلاصة، قبل أن ينتقد أنصار القاعدة داعش ويدعوا الفضيلة، حري بهم أن يسائلوا أنفسهم وقاداتهم؛ خاصة هذه الأيام وسيف العدل مرشح لخلافة الظواهري.
انقلاب الهيئة
في يوم ٢١ سبتمبر، تناقل معارضو الهيئة نبأ يقول إن ”انقلاباً“ وقع في صفوف هيئة تحرير الشام التي تسيطر على إدلب ومحيطها. قالو إن ”جناح الصقور (في الهيئة) بقيادة مظهر الويس وأبي ماريا القحطاني قاموا بانقلاب على أبي محمد الجولاني وفشلوا به وحاليا تتم ملاحقتهم باتجاه الحدود السورية التركية.“
ترافق هذا مع ”انقطاع“ الإنترنت عن بعض مناطق إدلب؛ و ”استنفار ضخم جداً وسط إدلب“ لأمني الهيئة و ”إغلاق مداخل المدينة.“
المنشورات جاءت نقلاً عن مصادر في الهيئة ووردت في حسابات وازنة مثل حساب ”أبو هادي“ الذي نقل تحت عنوان ”خاص“ أنه تواصل مع مقربين من الهيئة وأخبروه ”بوجود مشاكل داخلية لأسباب مجهولة“ وحملة اعتقالات ” بحق بعض القيادات والجنود.“
طبعاً من نافلة القول أن الخبر لم يكن صحيحاً، لكن تداوله على نطاق واسع وفي حسابات وازنة كان هو الخبر.
معركة المعابر
ترددت أنباء في إدلب أن الهيئة تنوي فتح معبر جديد مع النظام في المنطقة بين سرمين وسراقب. وعزز ذلك ما نُقل عن مصادر موالية للنظام السوري بقرب فتح ”منفذ ترنبة“ شرق إدلب والذي بحسبهم سيساعد ”عبور الراغبين بتسوية أوضاعهم العسكرية من أبناء إدلب إلى مركز المصالحة في مدينة خان شيخون … كبادرة حسن نية سورية تركية مشتركة للدفع بترتيبات المصالحة قدماً.“
طالبان تطالب بتاجر مخدرات
احتفى أنصار طالبان بإطلاق سراح القيادي الأفغاني بشير نورزاي في صفقة تبادل مع أمريكا.
نورزاي معتقل في أمريكا منذ ٢٠٠٥ بتهمة تهريب المخدرات. وبالنظر إلى تاريخ الرجل، ليس واضحاً لماذا يحتفي به طالبان وأنصارهم أو حتى لماذا يطالبون به. ماذا نعرف عن نورزاي؟
طالب به طالبان في يونيو ٢٠٢٠. كان مقرباً من الملا عمر خاصة بعد أن موّل عسكر طالبان، بالنظر إلى ثروته الضخمة التي جمعها من تجارة المخدرات. فيعد من أهم تجار المخدرات في أفغانستان. تعاون مع أمريكا أكثر من مرة بعد سقوط طالبان في ٢٠٠١. ساعد الأمريكيين في استرجاع صواريخ Stinger التي أعطتها أمريكا لـ ”المجهادين“ والتي بها كسبوا الحرب على السوفييت.
استمر التعاون إلى أن ”احتيل“ عليه للسفر إلى أمريكا في ٢٠٠٥ للقاء عملاء الـ FBI وتقديم معلومات عن تمويل الإرهاب والقاعدة. قُدمت له وعود بأنه لن تتم ملاحقته؛ ولكن بعد ١٠ أيام من التحقيق، اعتقل وقدم للمحاكمة بتهمة تهريب المخدرات إلى أمريكا.
قال لمجلة TIME في لقاء حصري معه من زنزانته قبل محاكمته في ٢٠٠٥ إنه ”أراد أن يساعد الأمريكيين والحكومة الأفغانية الجديدة.“
الجهاد عن بعد
نشر حساب موالي للقاعدة اسمه ”بدون عنوان“ منشوراً عن اسماعيل هنية بعنوان: ”ترفيهي: اسماعيل هنية يشتاق إلى حضن الوطن.“ يقول فيه إن هنية وأهله ”ما زالوا يناضلون الكيان الصهيوني من فنادق اسطنبول.“
ونفس الشيئ يُقال عن هاني السباعي في لندن؛ وطارق عبدالحليم في كندا. لماذا لا يتحدث أنصار القاعدة عن هذين وغيرهما؟
هذا الأسبوع، لفت منشور لشرعي هيئة تحرير الشام سابقاً علي أبي الحسن معلقاً على احتجاجات إيران. أبو الحسن كان شرعياً في النسخ الأولى من الهيئة وانشق عنهم بعد تحولاتهم السياسية والأيديولوجية حتى أصبح مطارداً. مطلع العام، عاد إلى بلده الكويت.
يقول أبو الحسن في حسابه على التلغرام: ”الشعب الايراني ينتفض بوجه نظام القتل والارهاب في ايران … متى ينتفض الناس على ملالي إدلب ،و نظام الطغيان ، وسياسة الصبيان، و إرهاب الجهاز الأمني؟“
هذا يذكر بما يفعله السباعي في لندن. بينما هو في لندن، يبشر الشباب في المنطقة العربية بالموت.
الهجرة إلى الثروة
في مسألة ”المهاجرين“ في إدلب التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام، من نافلة القول أن ثمة ثلاث وجهات نظر حول المهاجرين هناك.
الأولى يمثلها معارضو الهيئة الذين يرون في المهاجرين امتداداً لـ ”الجهاد“ إذ جاؤوا ”لنصرة“ أهل الشام.
والثانية يمثلها مؤيدو الهيئة الذين يضعون المهاجرين في مراكز صنع القرار باعتبارهم جاؤوا أيضاً ”لنصرة“ أهل الشام.
والثالثة تتناول موضوع المهاجرين بما يفضح ممارسات الهيئة. ولا نجانب الصواب إن قلنا إن من هؤلاء حساب ”مزمجر الثورة السورية.“
في الوقت الذي يتعرض فيه معارض الهيئة لأبي ماريا القحطاني القيادي فيها؛ وفي الوقت الذي يطالب فيه أمنيو الهيئة بإخلاء منازل يحتلها المهاجرون، يشير مزمجر إلى مهاجرين ”اغتنوا“ على حساب الثورة السورية. ينشر مزمجر صورة لـ ”الأمير الأمني أبو أسامة المغربي“ التابع للهيئة. يقول: ”جاء إلى سوريا لنصرتنا فأصبح لديه رصيد مالي ضخم في بنك شام … اشتروا منازل فخمة … ولهم باع طويل في تكفير الفصائل الثورية وزرع الفتن ورصد المهاجرين.“
الهيئة والفيلق والحراس وداعش
نشرت قناة حقائق من الواقع المؤيدة للهيئة ما قلاقالت إنه تسريب صوتي يتحدث فيه حسام سلامة من الفيلق الثالث التابع للجيش الوطني السوري. وقالوا إنه كان ينسق مع مسؤول عن مجموعات تتبع لفلول “حراس الدين” وتنظيم “داعش” بموجب فتاوى “لقتل فصيل فرقة سليمان شاه” الصادرة من المجلس الإسلامي السوري.
في ردود الفعل، معارضو الهيئة دعوا إلى الدفاع عن الحملة وتفنيد ما جاء في منشورات قناة حقائق متهمين الرجل المذكور بأنه ”عميل للمخابرات التركية.“
كما أشاروا إلى الاختلاف العقدي بين داعش والقاعدة وكيف أن الاثنين لا يجتمعان.
القاعدة وقتل المدنيين
نشرت معرفات موالية للقاعدة تصريحاً لـ علي راجي المتحدث باسم جماعة شباب الصومالية؛ يكرر فيه تحذير المدنيين الصوماليين من الاقتراب من القوات والمباني الحكومية والأهداف التي وصفها بـ”المشروعة.“
ماذا يعني هذا؟ أليست المشافي الحكومية أو حتى المنشآت التابعة لوزارة الخارجية حيث معاملات الجوازات مثلاً والهويات هي “مباني حكومية”؟ وكيف يبتعد المدنيون عن “أهدف” متحركة في الشارع مثلاً؟ كل هذا ذر الرماد في العيون وتبرير مسبق لما قد يتعرض له المدنيون الأبرياء من مغامرات القاعدة وغيرها.
نفاق داعش
نشرت قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي سلسلة منشورات تفند ما يقوله داعش اليوم عن ”تحريم“ التعاطي مع المحامين.
تقول القناة إن التنظيم لا ينفك يرسل إلى عناصره في الهول محذراً من التعامل مع المحامين باعتبار أنهم “يمثلون قوانين وضعية.”
يقول الحساب: ”اشتعلت هذه الأيام حرب ساخنة بين أنصار الدولة حول مسألة توكيل المحامي. فالبعض يميل لجوازها من باب الإكراه والبعض الآخر يحرمها بل ويكفر من يجيزها بحجة أن توكيل المحامي هو جعله يتحاكم إلى الطاغوت نيابة عن المسجون.”
وهنا يعرض الحساب ما قال إنه وثائق رسمية من الموصل في أوج سيطرة داعش على المدينة فيها تأكيد “أن بيت مال المسلمين كان يجيز صرف آلاف الدولارات لتوكيل المحامين بل وكان بيت مال المسلمين يدفع آلاف الدولارات رشاوٍ لمكاتب وزارة العدل “الطاغوتية” للإفراج عن سجناء التنظيم.“