أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٢٣ إلى ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٢. إلى العناوين:
- القاعدة تقتل ١٠٠ شخص في تفجير انتحاري مزدوج في مقديشو؛ فمن هم الضحايا؟
- الأمن الصومالي يتمكن من لمّ شمل طفلة بوالدها بعد أن قُتلت والدتها في التفجير
- شاؤوا أم أبوا، داعش في خدمة ملالي إيران
- الثلاثي الإشكالي: طالبان، حماس، وإيران. أنصار القاعدة حائرون.
وضيف الأسبوع، فراس دالاتي، مدير التحرير في موقع إكسفار المتخصص في التكنولوجيا. يحدثنا عن الحراك الإيراني على الإنترنت لدعم الحراك على الأرض الذي يدخل شهره الثاني؛ ويحدثنا عن سياسة تزييف الأخبار عبر الماكينة الروسية.
القاعدة ترتكب مجزرة مقديشو
في العدد السابع من ”مجلة أمة واحدة“ التي تصدرها السحاب الذراع الإعلامية لقيادة القاعدة المركزية، احتفت افتتاحية العدد في أغسطس الماضي بفرع القاعدة في الصومال – جماعة شباب – واعتبرتهم قصة نجاح، وتوقعت أن يحقق شباب في الصومال ما حققه طالبان في أفغانستان.
فأي قصة نجاح هذه الملطخة بالدم؟
بعد ظهر يوم السبت الموافق ٢٩ أكتوبر، فجّر انتحاريان سيارتين مفخختين في ناحية حيوية مزدحمة بالمارة قرب وزارة التعليم في العاصمة مقديشو ما تسبب في قتل أكثر من ١٠٠ شخص معظمهم مدنيون.
جماعة شباب تبنوا التفجير في بيان صدر باللغة الصومالية. في ترجمة البيان المنقولة عبر وكالة شهادة التي تنشر كل أخبار شباب، نقرأ محاولة لتبرير قتل الأبرياء على هذا النحو. فقالوا إن وزارة التعليم ”تجند الطلاب،“ وإن ”من بين القتلى والجرحى ضباط مهمون للعدو.“ وكرر البيان دعوة الصوماليين إلى الابتعاد عن ” قواعد ومقرات ومكاتب العدو!“
وإن أردنا أن نفند هذا البيان، سنقف حائرين في مسألة تجنيد الطلاب. لماذا تجند وزارة التعليم طلاباً وثمة مؤسسات للجيش والأمن معنية بالأمر من دون مواربة؟ وفي المسألة الأخرى، نسأل: من هم هؤلاء الضباط؟ سمّوا واحداً. كم عددهم؟ هل يبرر وجودهم قتل ١٠٠ إنسان؟! وفي المسألة الثالثة، ماذا يعني الابتعاد عن القواعد والمقرات والمكاتب؟ سيارة الإسعاف والمستشفى والمدرسة هي مؤسسات دولة. ثم إن التفجير هذا بالذات وقع في سوق حيوية فيها مطاعم ومحالّ تجارية.
التفجير المزدوج كان مصمماً لإيقاع أكبر عدد من الضحايا المدنيين. فبعد التفجير الأول، جاءت سيارات الإسعاف وتجمع الناس لإنقاذ من يمكن إنقاذه، ففجر الانتحاري الثاني نفسه وسط الجموع.
فمن الذين قضوا في تفجير تنظيم القاعدة؟
نقرأ عن طفلة ضاعت بين الجثث بعد أن قُتلت أمها. تمكن الأمن الصومالي من لمّ شملها مع والدها. ونقرأ عن أم أخرى لستة أطفال هرعت لنجدة المصابين بعد التفجير الأول فقُتلت في التفجير الثاني. ونقرأ عن حفصة ووالدها. قبل ثلاث سنوات تبرعت حفصة لوالدها بكُلية. نجا الاثنان من العملية؛ ليقضي الأب في تفجير السبت.
يأتي هذا التفجير الانتحاري بعد خمسة أعوام بالضبط على تفجير مشابه وفي نفس المكان راح ضحيته ٥٠٠ شخص.
مرة أخرى، عندما ينكر أنصار القاعدة فعل داعش البشع، أو فعل ”الطاغوت“، عليهم أن يتذكروا أنهم يأتون بأبشع منه.
داعش في خدمة ملالي إيران
بعد سبات دام أربعة أعوام، قرر داعش أن يضرب في إيران.
يوم الأربعاء ٢٦ أكتوبر، اقتحم مسلح مرقد شاه جراغ في مدينة شيراز جنوب إيران وفتح النار على المصلين قاتلاً أكثر من ١٥ مصلياً من بينهم أطفال.
كاميرات المراقبة أظهرت رجلاً يلاحق النساء والأطفال والشيوخ العزل. في زاوية، اختبأت نساء وأطفال. أطلق النار عليهم. ذهب، وعاد ليجهز على المزيد. في زاوية أخرى، أدار مسن ظهره كي يصلي مستسلماً، فلم يغفر له دعاؤه.
أعماق بثت تسجيلاً مرئياً ظهر فيه رجل يحمل اسماً له رمزية بين السنة والشيعة – أبو عائشة العمري وهو يعلن البيعة لزعيم التنظيم المزعوم أبي الحسن الهاشمي القرشي.
بعربية ثقيلة يردد الرجل الملثم نص البيعة الذي يلقنه إياه آخر لم يظهر في التسجيل. لكن سرعان ما نشرت أعماق صورة ثابتة للرجل بلا لثام.
وسائل إعلام إيرانية معارضة قالت إن الصورة تطابق أخرى لرجل قيل إنها لمنفذ الهجوم.
فور وقوع الهجوم، اعتبر معارضو النظام الإيراني أنه جاء بتدبير من النظام نفسه لضرب الاحتجاجات.
المعارض الأحوازي عادل السويدي قال في رسالة على الواتساب إنه ”ليس مستبعداً“ أن يكون الحرس الثوري الإيراني وراء الهجوم ”لتغيير مسار الأحداث بعد تصاعد ثورة الشعوب الإيرانية ولخلق خطر مشترك يلهي شعوب إيران.“
لم تلق هذه النظرية ترحيباً عند كثير من الباحثين العرب والغربيين خاصة بعد فيديو أعماق.
لكن المهم هنا هو أن ثمة حقائق وثوابت تدين داعش لا أقلها أن توقيت الهجوم يأتي في مصلحة النظام الإيراني.
من ناحية، وقع الهجوم في ذكرى مرور أربعين يوماً على قتل مهسا أميني الذي كان شرارة احتجاجات عارمة لم تشهدها إيران منذ احتجاجات الحركة الخضراء في ٢٠٠٩. وإذ يحاول النظام الإيراني جاهداً خلع الشرعية عن هذه الاحتجاجات بتجييرها إلى جهات خارجية، لم يكن ليتمنى أكثر من هذا الهجوم حتى يستثمره في إخماد المظاهرات.
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي اعتبر أن الاحتجاجات ”مهدت“ لهذه الهجمات الإرهابية. المرشد الأعلى علي خامنئي قال إن الهجوم كان نتيجة ”مؤامرة من الأعداء،“ داعياً الجميع ”أجهزة أمنية وقضائية وناشطين“ إلى الاتحاد ”في وجه موجة تتجاهل حياة الناس وأمنهم وما يقدسون ولا تكن لها احتراماً؛“ على حد تعبيره.
ومن ناحية أخرى، آخر هجوم لداعش في إيران كان في سبتمبر ٢٠١٨ عندما استهدفوا عرضاً عسكرياً في الأحواز. صحيح أن هجمات داعش عشوائية وبشعة؛ فليس ثمة جدوى من السؤال عن ”هدف استراتيجي.“ لكن مسألة التوقيت لا يمكن تجاهلها. فيحق السؤال إذاً: لماذا الآن؟
هل كان داعش ينتظر الاحتجاجات حتى يهاجم؟ هل انتظروا أربعة أعوام حتى يمولوا السلاح الذي حمله القاتل؟ أو يؤمنوا دخوله إلى مرقد غير محروس؟ فإن كان داعش يدرك أهمية الرمز في اسم الرجل – أبي عائشة العمري -؛ ألم يخطر في بال المخطط والمنفذ أهمية الرمز في التوقيت؟
هذه أسئلة مشروعة. وإلى أن يجيب داعش نفسه عنها، تظل الحقيقة التي لا غبار عليها هي أن الهجوم خدم النظام الإيراني أولاً وأخيراً.
وفي المحصلة، ليس غريباً على إيران توظيف الجماعات ”الجهادية“ لخدمة أهدافها. في سلسلة ”متلازمة طهران“ على أخبار الآن دلائل على هذا التوظيف باستخدام القاعدة نموذجاً.
في ردود أنصار القاعدة وغيرهم على التلغرام، قال أبو ماريا القحطاني القيادي في هيئة تحرير الشام: ”الدواعش … أداة يتم استثمارهم سياسيًا … خرافة للإيجار.“
بنفس المنطق رد ماجد الراشد الشرعي المنشق عن الهيئة. قال: ”أياً كان الفاعل … فالمستفيد منه النظام.“
آخرون في مجموعات المناصرين تساءلوا: ”وين الضرر اللي بيلحق الحكومة … في إيران من ضرب المعابد! والا عشان انها اهداف سهلة فجروها؟!“
الثلاثي الإيراني: طالبان، حماس، الأسد
في إسطنبول، التقى ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم طالبان مع إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس وذلك على هامش مؤتمر للعلماء المسلمين في المدينة التركية.
هذا اللقاء إشكالي. كيف؟
مطلع الشهر، أعلنت حماس استئناف العلاقات مع النظام السوري وذلك بعد عشرة أعوام على خروج الجماعة من دمشق في ٢٠١٢ بعد اندلاع الحراك السوري.
قرار حماس استقطب ردود فعل غاضبة من المعارضة السورية وجمهور الجهاديين. يُضاف إلى هذا العلاقة الوطيدة التي تجمع الجماعة بالنظام الإيراني.
تعليقاً على خبر اللقاء بين مجاهد وهنية، كتب أحدهم: ”حماس تقبل يد من ذبح أهل الشام وأنتم (أي طالبان) تكرمون من فعل ذلك. كيف لنا أن نصدقكم بعد اليوم ونقف معكم؟“
طارق عبدالحليم، منظر الجهادية من مقره في كندا، خاطب طالبان وسأل: ”هذا نفسه إسماعيل هنية ولي الروافض وصديق بشار السفاح؟! إلى أين تتجهون؟!“
آخر قال: ”الظاهر جمعكم حب إيران.“
أنصار طالبان المعهودون والذين لم يعجبهم توجه حماس الأخير سكتوا عن التعليق.
طالبان لا تنفك تشكل حرجاً لجمهور الجهاديين الذين يرون فيما حدث في أفغانستان انتصاراً لنهجهم.
الجولاني ومشروع الوحدة
في أحداث ما بعد عفرين شمال سوريا، يبدو أن هيئة تحرير الشام لا تزال في المدينة بشكل أو بآخر.
حساب أبو هادي على التلغرام قال: ”لم يخرج (الجولاني من عفرين) ضارباً بعرض الحائط جميع المناشدات الثورية والمنظمات المدنية والحراك الشعبي … بما سيخلق ذلك من ذرائع عند أعداء ثورتنا من دخول الارهاب للمنطقة.“
في الأثناء، لا يزال أنصار الهيئة يروجون لفكرة ”الوحدة“ بين الفصائل في إدلب وحلب وما أبعد من حلب ويحاولون إثبات ”صواب“ نهج الهيئة وأنهم الأجدر بالراية.
شرّ البليّة!
بعد إغلاق مدارس في إدلب لعدم توفر رواتب المعلمين، أعلن الجولاني تحويل جزء من موارد الهيئة إلى حساب المؤسسة التعليمية. الجولاني حضر اجتماعاً لمجلس الشورى هذا الأسبوع.
وفيما نشرت ما يُسمى بوزارة الداخلية التابعة لهتش إلقاء القبض على عصابة سرقة سيارات؛
نشر حساب مزمجر الثورة السورية على التلغرام ما قال إنه إحصائية لبعض المسروقات اليومية في إدلب وريفها. وعلّق: ”حسب الأرقام التي تم إحصاؤها فإن حالات السرقة انخفضت بنسبة ٦١٪ بعد اقتحام هيئة الجولاني إلى عفرين وانشغالهم بنهب المنطقة هناك.“