أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٧ إلى ١٣ نوفمبر ٢٠٢٢. في العناوين:
- قاعدة اليمن تتوعد سُنّته: إما معنا أو ضدنا!
- ومثلهم قاعدة الصومال: المحتكمون ”للدساتير“ هم مرتدون دمهم مباح
- انشقاقات داخل أحرار الشام في شمال سوريا
وضيف الأسبوع، السيد نورالدين الحاتمي من المغرب. معتقل سابق على ذمة قضايا تتعلق بانضمامه إلى جماعات جهادية. هو الآن باحث يكتب في مواضيع تتعلق بالسلفية الجهادية والإصلاح. يحدثنا عن تجربة ”هجرته“ إلى سوريا. وعن مواصفات خطاب مناهض للتطرف.
قاعدة اليمن: الوجهة طهران!
خلال أيام، وفي أكثر من موقع وبأكثر من طريقة، كال تنظيم القاعدة في اليمن التهديد والوعيد للقبائل السنية هناك فيما يبدو أنه محاولة يائسة متكررة للتقرب منهم وتبرير قتله أبناءهم.
في ١٠ نوفمبر، نشرت مؤسسة الملاحم الذراع الإعلامية للتنظيم بياناً ”توضيحياً“ للقبائل ولكنه في الحقيقة تهديد – فإما ينضمّوا إلى التنظيم أو يصبحوا ”أهدافاً مشروعة“ له. في الخاتمة: ”حررنا هذا البيان تبياناً لقبائلنا الكريمة وإعذاراً لأنفسنا.“
واضح أن ثمة أزمة بين التنظيم والقبائل السنية في اليمن. إذ يدّعي التنظيم أنه يحمي السنة هناك؛ سلوكه على الأرض يأتي خلاف ذلك.
يقول التنظيم إنه يقاتل القوات اليمنية في الجنوب على أساس أنها مدعومة من التحالف. وقد يسأل سائل: وماذا عن الحوثيين المدعومين من إيران؟ لماذا يقاتل التنظيمُ جنوباً ويهادن شمالاً؟ في المحصلة، سواء متعمداً أم غافلاً، ما يفعله التنظيم في اليمن يخدم الحوثيين أولاً.
وفي هذا الملف، لفت مقال في موقع أخبار الآن بعنوان: ” كيف تحولت محافظة شبوة إلى نقطة ضعف تنظيم القاعدة في اليمن؟“
الصحفي عاصم طه الصبري يستند إلى معلومات استقاها من مصادر داخل التنظيم يبدو أنهم ضاقوا ذرعاً بما يجري. يقولون إن نضوباً في الموارد المالية تسبب في صراعات على مستوى القمة بين خالد باطرفي وسعد العولقي الذي يتخذ من شبوة معقلاً.
ينقل المقال: ”مع بداية العام الجاري بدأ خالد باطرفي يستشعر تأزم الوضع في شبوة وقد وجه العولقي بالتحرك هناك لامتصاص حالة الغضب، لكن باطرفي لم يقدم للعولقي أي شيء فعلي … وبينما كان سعد عاطف يتهم باطرفي بأنه يتنصل من كافة وعوده لتسوية وضع الجهاديين في شبوة، رد باطرفي عليه قائلا بأن التنظيم غير قادر على تلبية أي مطالب بسبب العجز المالي الشديد الذي يعانيه.“ ويضيف المقال: ”هدف باطرفي الأساسي لم يكن حلحلة الوضع بل على الأغلب أنه يسعى إلى حرق شخصية العولقي داخل حاضنته الاجتماعية وذلك استباقا لأي دعوات داخلية تدعو الى انتخاب زعيم جديد للتنظيم نتيجة فشل باطرفي الذريع في قيادة القاعدة.“ نقرأ في المقال أيضاً أن مقاتلي القاعدة في اليمن بدأوا يتحدثون عن ”علاقة مشبوهة“ تربط باطرفي مع قيادي القاعدة الأشهر – سيف العدل الموجود في إيران.
سيف العدل: هل سيكون حرّاً أبداً؟
وفي هذا الموضوع، لفت منشور للشرعي السابق في هيئة تحرير الشام، طلحة المُسيّر، أبي شعيب المصري وهو الآن مستقل بل معارض للهيئة.
سُئل المسير عن سيف العدل تعليقاً على منشور سابق للقيادي في الهيئة أبي ماريا القحطاني تحدث فيه عن حلّ تنظيم القاعدة في اليمن تحديداً والاتجاه إلى المحلية كما فعل طالبان وكما تفعل الهيئة.
ثمة علامات استفهام على ما قاله أبو شعيب بخصوص القاعدة؛ وكل هذا يقع في خانة التبرير الذي يسوقه هؤلاء الشرعيون والجهاديون بما يُظهر قِصر نظر وتناقضاً يجب أن يُسألوا عنه.
أبو شعيب كان مع أحرار الشام، انشق عنهم في سبتمبر ٢٠١٦ وانضم إلى هيئة تحرير الشام / جبهة النصرة سابقاً وظل معهم حتى فُصل في ٢٠١٩.
يشكك أبو شعيب في أن سيف العدل موجود في إيران. يقول: ”دعوى أن سيف العدل في إيران دعوى قديمة لا دليل عليها الآن. إلا لو كان القحطاني يتواصل حالياً مع سيف العدل وأخبره سيف العدل أنه لا يزال في إيران.“
ونقول، المؤكد هو أن سيف العدل في إيران على الأقل حتى أكتوبر ٢٠١٧ بشهادة خالد العاروري أبي القسام الأردني الذي ذكره أبو شعيب نفسه في هذا المنشور. يعني أنه منذ إطلاق سراحه في صفقة تبادل الأسرى في ٢٠١٥ وحتى ٢٠١٧ ظل سيف العدل في إيران.
ونسأل: لماذا بقي هناك؟ ولنفترض أن سيف العدل اليوم ليس في إيران، هل ينفي هذا أن الرجل دارياً أم غافلاً يعمل ما فيه مصلحة إيران؟ هل ينفي هذا أن تنظيم القاعدة لا يزال يهادن إيران منذ ٢٠٠١ بذريعة حفظ حياة من لجأ إلى طهران بعد سقوط حكومة طالبان الأولى؟ في النهاية، لم تعد المسألة تتعلق فيما سيف موجود اليوم في طهران. هذا أمر محسوم. على أنصار القاعدة والمتعاطفين معها أن يتجاوزوا هذه المسألة إلى ما بعدها. السؤال اليوم هو: ماذا كان يفعل سيف طوال تلك السنوات في طهران؟ وإن غادر طهران، هل سيكون حرّاً حقاً من سيطرة الملالي؟ ولماذا التنظيم يخدم مصالح إيران؟
الجهاديون للأبرياء: آسفون!
في بيان لافت، نشرت الزلاقة الذراع الإعلامية لجماعة ”نصرة الإسلام والمسلمين“ ما قالت إنه ”تعزية“ بثلاث ”أرواح بريئة“ قضت في قصف كان يُفترض أنه يستهدف الجيش البوركيني.
اللافت هنا هو أن الجماعات المتناحرة في مالي ومحيطها: تلك الموالية للقاعدة والموالية لداعش والموالية للروس الفاغنر – كلهم يفتكون بالأبرياء.
يذكر هذا بما حصل في الصومال وتفجير وزارة التعليم نهاية أكتوبر. جماعة شباب لم يعتذروا بل اجتهدوا في محاولة التبرير. ومن ذلك إصدار جديد عن مؤسسة الكتائب عن التعليم في الصومال.
في الإصدار، يحاولون أن يبرهنوا على صواب قرارهم باستهداف الوزارة مخلّفين أكثر من ١٠٠ ضحية.
فيتعرضون للمناهج التي يتمّ تدريسها. ولنذكر أنهم في إصدارات وبيانات أخرى، لاموا الحكومة الصومالية على قتل أولئك الأكثر من مئة ضحية.
في لقاء إذاعي نشرت ترجمته وكالة شهادة الإخبارية، سُئل المتحدث الرسمي باسم الجماعة، علي محمود راجي، عن ”حرمة دم المسلم.“ خلاصة كلام الرجل الذي يقول إن الجماعة جاءت ”لإنقاذ العالم“، هي أن كل من لا يحتكم إلى جماعة شباب هم بالضرورة مرتدون ”وقعوا في نواقض كثيرة“ للدين من قبيل ”تحاكمهم إلى الدساتير“ وهم بذلك ”ليسوا مسلمين“ ودمهم مباح.
ما بعد عفرين
بعد شهر تقريباً من مغامرة الجولاني في عفرين شمال سوريا، وبعد تدخل تركي معلن وغير معلن لإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل ١٣ أكتوبر، لا يبدو أن شيئاً تغير حقيقة باستثناء انسحاب هيئة تحرير الشام شكلياً على الأقل. ما الذي يحدث اليوم؟
تتواصل الاحتجاجات في عفرين ضد أي وجود لهيئة تحرير الشام. معارضو الهيئة وصفوا التظاهرات بأنها ”كسر حاجز الخوف … ورسالة من الحاضن الشعبي لجميع المؤسسات التركية والسورية السياسية والعسكرية في الشمال السوري.“
فأي رسالة تلك؟ رسالة كان من المفترض أن تكون في قلب مقررات الاجتماع التركي مع الجيش الوطني في غازي عينتاب مطلع نوفمبر وفيها ”توحيد“ هيئات إدارية واقتصادية وعسكرية وقضائية في الشمال السوري الذي يخضع لوصاية تركية وتَعهد بقطع الطريق على المكونات العسكرية التي تحيد عن الصف وتفتح الباب للهيئة كما حدث في أكتوبر عندما مهدت أحرار الشام وربما فيلق الشام وهيئة ثائرون لعبور الهيئة إلى عفرين وما بعد عفرين.
أنصار الهيئة لا يزالون يعيشون نشوة ”انتصار“ أكتوبر. حساب الشمالي الحر الموالي علّق على صورة لعفرين وقال: ”ازدادت جمالاً بعد طرد عصابات … (جيش الإسلام) وفلول الجبهة الشامية.“
في الأثناء، الهيئة تتحرش بمعسكر ترندة شرق عفرين الخاضع للجيش الوطني. ومع الهيئة جزء موالٍ من حركة أحرار الشام. القيادي السابق في الحركة، علاء فحام أبو العز أريحا والذي هو الآن قيادي في الفيلق الثالث بعد انشقاقه في أغسطس ٢٠٢١، غرّد: ”ما تم التعهد به لإخراج الهيئة من عفرين لم يتم إلى الآن.“ وقدّم لذلك بقوله: ” هيئة تحرير الشام تفاوض القيادة الشرعية الجديدة لأحرار الشام من أجل تسليمها معسكر ترندة في عفرين.“
وهنا نأتي إلى فصل آخر من فصول تبدل الولاءات في حركة أحرار الشام.
لنتذكر أنه في أكتوبر ٢٠٢٠، قاد حسن صوفان القيادي في الحركة والموالي للجولاني ما وُصف بأنه انقلاب انتهى بإزاحة جابر علي باشا عن القيادة وتعيين أبي عبيدة عامر الشيخ.
في أغسطس ٢٠٢١، انشق أبو العز أريحا الذي كان نائباً لـ علي باشا وانضمّ إلى الجيش الوطني.
في أبريل الماضي، وقعت اشتباكات بين القطاع الشرقي لأحرار الشام وقيادة الفيلق الثالث. القطاع الشرقي كان انفصل إدارياً عن الحركة وانضم إلى الجيش الوطني في ٢٠١٧. لكن على ما يبدو، ظلت العلاقات قائمة مع الحركة الأم خاصة مع حسن صوفان.
في تمدد الهيئة شمالاً ودخولها عفرين، كانت الحركة من أبرز الداعمين للهيئة.
حركة أحرار الشام 2.0
في ٨ نوفمبر، أصدرت ما وصفت نفسها بأنها ”الكتل المؤسسة“ لحركة أحرار الشام بياناً تعلن فيه عزل القيادة الحالية للحركة ممثلة بأبي عبيدة عامر الشيخ وتعيين يوسف الحموي أبي سليمان قائداً عاماً لما وصفته بالقيادة ”الشرعية.“
وقدّمت لذلك بأن قيادة الشيخ التي وصفتها بـ ”الانقلابية“ مسّت ”ثوابت الحركة ومنهجها الشرعي.“
نُشر البيان على الموقع الرسمي للحركة. وأجرى الحموي لقاء مصوراً مع الصحفي الأمريكي بلال عبدالكريم. الحموي لم يظهر وجهه كاملاً لأن له أهلاً يعيشون في مناطق النظام.
شخصيات معارضة وازنة نقلت البيان وباركته. أس الصراع في الشام وتحت عنوان ”استعادة الشرعية“ قال: ”هناك آلاف العناصر من الأحرار تركوا الحركة بعد الانقلاب وبغي هتش والآن تواقون للعودة لحضن الحركة“
في المقابل، نشرت معرفات رسمية أخرى لحركة أحرار الشام أن بيان العزل مزور وأن موقع الحركة مسروق منذ مدة؛ وأن القطاع الشرقي عاد للعمل ضمن أحرار الشام الأم.
كما نشرت هذه المعرفات صوراً لزيارات قام بها عامر الشيخ إلى ثكنات مختلفة.
فأصبح لدينا الآن نسختان من أحرار الشام: واحدة موالية للهيئة بقيادة عامر الشيخ؛ وأخرى معارضة بقيادة يوسف الحموي.
قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي
نشرت قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي مراسلات وصفتها بـ ”الفاضحة“ تظهر كيف أن قيادة داعش فاوضت الأكراد في شمال سوريا من أجل فك الحصار عن الباغوز في ٢٠١٩ فيما كانت تَفتي للأفرع بتحريم المفاوضات والهدنة و“الموادعة العسكرية.“ في هذا، كانت القيادة ترد تحديداً على سؤال يتعلق بشرعية مفاوضات طالبان مع أمريكا في ذلك الوقت.
القناة تذكر كيف استغلت القيادة حوارها مع الأكراد من أجل تهريب عائلات المتنفذين تاركين عموم المسلمين يلاقون حتفهم.