بعد تصريحات القحطاني.. أنصار القاعدة يخفقون مجدداً في التصدي لعلاقة سيف العدل مع إيران
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ١٥ إلى ٢١ مايو ٢٠٢٣. إلى العناوين:
- أنصار القاعدة يخفقون مجدداً في مواجهة علاقة سيف العدل مع إيران
- القحطاني القيادي في هتش يُذكّر بأن قرار القاعدة بات في يد ”الحرس الإيراني“
- كيف أصبح الجولاني ”عبئاً“ على هيئة تحرير الشام نفسها؟
- ومنشقون: بوادر تفرقة في حلف داعش إفريقيا
من شقّ صف القاعدة في الشام؟
بعد الجدل الذي أثاره تصريح أبي ماريا القحطاني القيادي الرفيع في هيئة تحرير الشام حول ”انتهاء الجهاد“ وارتباط هذا ”الجهاد“ بالقاعدة، أعاد الرجل نشر تعليقه من شهر فبراير الماضي بعد أنباء ”تعيين سيف العدل زعيماً للتنظيم“ الذي قال فيه إن ” تنظيم القاعدة انتهى ”ونصح“ منتسبي القاعدة بترك التنظيم الذي أصبح فيه ”الحرس الثوري الإيراني هو صاحب القرار كون سيف العدل مقيم (في طهران).“
زاد أبو ماريا على ذلك مقالاً طويلاً يتحدث فيه عما قال إنها ”أسبابُ“ تركه تنظيم القاعدة منذ العام ٢٠١٣. والحقيقة، ثمة علامات استفهام حول التواريخ التي يذكرها الرجل هنا. فهو في ٢٠١٣ و٢٠١٤ كان مع جبهة النصرة التي ظلت بهذا الاسم تنظيماً تابعاً للقاعدة سواء فرع العراق المعروف آنذاك بالدولة الإسلامية في العراق؛ أو القاعدة المركزية بعد القطيعة مع ما صار يُعرف بـ ”داعش.“ جبهة النصرة خلعت القاعدة بعد تحولها إلى جبهة فتح الشام وفك الارتباط في يوليو ٢٠١٦.
المهم فيما يقوله أبو ماريا والذي لا يخضع لجدل هو تذكيره بالعلاقة بين القاعدة وإيران من خلال سيف العدل؛ وهي العلاقة التي يتعين على أنصار القاعدة التعامل معها كأمر واقع. يقول أبو ماريا: ”بدل حرب الاستنزاف التي يفتحها التنظيم ضد أمريكا، لماذا لا تدعو القاعدة الأمة لمواجهة إيران وفتح جبهة عالمية ضدها وضد أذرعها بدل تحميل الأمة ما لا تطيق؟“ وربما هنا يشير القحطاني إلى مسألة الجهاد ”العالمي“ الذي بشر به أسامة بن لادن الذي يقوم على مكافحة أمريكا والغرب والجهاد ”المحلي“ الذي يقوم على مقاومة المحتل مباشرة. وفي الحالة السورية، تعتبر إيران جزءاً من حلف ”الاحتلال.“
أنصار القاعدة ردوا على هذا الكلام بوصف القحطاني بأنه”خائن … ناكث للعهود والمواثيق“ وانه ”يدعو لشق صفوف المجاهدين.“ أحدهم قال إن سبب ”انزعاج“ القحطاني من سيف العدل هو ”لأنه يعلم علم اليقين إذا تولى سيف العدل سوف يعطي أوامر بقتله.“ والحقيقة الكل يعلم أن سيف العدل هو المكلف بملف الشام؛ وبالتالي إذا كان لسيف العدل موقف من القحطاني وأراد أن يتخذ أمراً بخصوصه، فمسألة تولي الرجل زعامة القاعدة خلفاً للدكتور أيمن الظواهري ليس لها مكان هنا.
معارضو هيئة تحرير الشام أشاروا إلى تبدل مواقف القحطاني وكيف أنه في وقت من الأوقات مثلاً كان مختلفاً مع الجولاني نفسه.
هذا الأخذ والرد حول القحطاني وتحولاته، مع تحولات أبي محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام وبعده عن القاعدة و “الجهاد العالمي“ يرجعنا إلى المربع الأول. من مكّن الجولاني في الشام؟ من تسبب حقاً في ”شق صف“ القاعدة؟ لنتذكر أنه من ثبت الجولاني في خلافه مع أبي بكر البغدادي زعيم فرع القاعدة في العراق، في ٢٠١٣ كان رأس القاعدة نفسُه الدكتور أيمن الظواهري. هو من شجّع الجولاني على التمرد. الجولاني كان دائماً ”منتدباً“ من البغدادي الذي أمده بالمال والعتاد؛ أو كما قال البغدادي نفسه، الجولاني كان ”جندياً“ من جنوده.
هذا الخلل ومن قبله الخلل في تثبيت البغدادي على فرع العراق موثق في البحث الشهير للكاتب المقرب من القاعدة عدنان حديد والذي عنوانه ”بين الشيشان والشام .. دروس وعبر“ المنشور في ٢٠٢٠.
وبالتالي، علينا أن نسأل: أي مشروع تحمله القاعدة في الشام أو في أي مكان؟ أي مشروع تحمله الجماعات الجهادية؟
لنفترض أن الخلاف بين الجولاني والبغدادي لم يكن؛ وأن البغدادي ثبت ”داعش“ كما أراد وظلت علاقته طيبة مع مركز القاعدة كما كانت العلاقة بين الطرفين في عهد أبي مصعب الزرقاوي. هل كانت إدلب ستخضع إلى سيطرة داعش كما الرقة والموصل؟ إذاً، وهل كانت ستعود إلى طرف ثالث غير الجهاديين وغير ”الثوار“ بعد الباغوز مثلاً؟
المشاريع الجهادية تقوم على حروب داخلية
عبّر عن جزء كبير من فشل هذه التجارب الجهادية القيادي في الجيش الوطني السوري المعارض علاء فحام. كتب فحام في تويتر تحت عنوان ”الجولاني أو نحرق الثورة“ أن ”المشاريع التي انبثقت من مدرسة القاعدة – داعش والنصرة – (دأبت) على سياسة إدخال المناطق والعشائر في حروب داخلية، يتم فيها زرع الثأر وإدامته؛ لضمان إبقاء قدم التواجد ضمن هذا الصراع الثأري! أما الدماء والأضرار الإجتماعية فهي آخر ما يهتمون به.“ وأضاف أن هذا ما يفعله الجولاني ”فالمشهد والمشروع الذي يريده الجولاني هو (الجولاني أو نحرق الثورة)؛ فإما أن يستمر بصدارة الثورة مع تصنيفه أو يحرق الثورة معه، كذلك كان شعار البغدادي قبله (إما قبول خلافته أو مواجهة مفخخاته).“
وبالتالي، إلى أي درجة أصبح الجولاني عبئاً ليس فقط على إدلب وإنما على هيئة تحرير الشام نفسها؟
في هذا الملف لفت ما نشره أبو شعيب طلحة المسير، الشرعي المصري المطرود من الهيئة في ٢٠١٩. المنشور معاد من مقال طويل نُشر أول مرة في أغسطس ٢٠١٩ أي بعد فصله بشهر تقريباً.
تحت عنوان ”حقيقة أبي محمد الجولاني،“ قال أبو شعيب إن بقاء الجولاني كان ”منذر“ بسقوط بقية مناطق إدلب في يد النظام ”فالبدايات تدل على النهايات“ وبالتالي ”الحل أن يتنحى أبو محمد الجولاني حقيقة عن الكرسي، فكراهية الأكثرين له ليست من فراغ.“
”الرجل البخاخ“ من جديد
في الأثناء، تواصلت التظاهرات ضد هيئة تحرير الشام في إدلب للأسبوع الثاني على التوالي حتى إن معارضي الهيئة وصفوها بـ ”الطوفان“ مستذكرين ما كان من الحراك ضد النظام السوري في ٢٠١١؛ فظهرت مفردات مثل: التنسيقيات، والرجل البخاخ.
هذه التظاهرات بدأت على خلفية اعتقال الهيئة أفراداً من قرية دير حسان لما قالت الهيئة إنه انتماؤهم إلى حزب التحرير.
الهيئة واصلت اعتقالاتها على ما يبدو. في الأيام الماضية، قال معارضون إن الهيئة اعتقلت قادة عسكريين في ”المحاور الحساسة“ من مناطق التماس ”لا علاقة لهم بأي حزب“ وإنما لأنهم ”كانوا يخططون لعمل عسكري حقيقي ضد النظام،“
في الأثناء، نشرت معرفات موالية للهيئة مقابلة مع ضياء العمر، المتحدث باسم الأمن العام التابع للهيئةر حيث سُئل عن
سبب استهدافهم حزب التحرير. العمر قال إن الحزب يمثل خطراً إذ ”يخوّن الثورة“ و“يُسخّف عمليات المجاهدين.“
نفاق داعش
لا يُنظر إلى جدوى المشاريع الجهادية على المدى البعيد فحسب؛ بل ثبت بالتجربة أنه متى استحكم جهاديون في جغرافيا، أوقعوا ظلماً لا يختلف عن ظلم ”الطاغوت“ الذي يدّعون أنهم يقاتلون.
في هذا الملف، ذكّر حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي بالنفاق الذي مارسته ولا تزال قيادة داعش مع الأنصار والعناصر؛ فنشروا رسالة تعود إلى تاريخ ٢٨ مايو ٢٠١٨ منسوبة إلى والي العراق آنذاك حجي تيسير الجبوري معتز نعمان الجبوري الذي قتل في قصف للتحالف بريف دير الزور الشرقي في أيار ٢٠٢٠. في الرسالة يعترف الجبوري بأن التنظيم أبرم ”هدنة“ مع الأكراد إبان حصار هجين شرق الدير.
المهم أو ”الفاضح“ على حد تعبير الحساب هو أن أبا بكر البغدادي زعيم التنظيم آنذاك خرج في كلمة صوتية بعد ثلاثة أشهر من تاريخ الرسالة يدعي فيها أن التنظيم لم يُحاصر في هجين وأنه ”لا ينام على ضيم.“ يختم الحساب أنه في وقت نشر تلك الكلمة كان البغدادي قد التجأ إلى مناطق الجولاني التي هي في عُرف داعش ”دار كفر.“
المسمار الأخير في داعش شمال إفريقيا
في ملف آخر معقد يتعلق بسلوك أفرع داعش في إفريقيا مع المركز في العراق والشام، يحاول القائمون على حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي تفكيك شيفرة تلك العلاقة منطلقين من قتل أبي بلال السوداني الذي كان مسؤول التمويل في فرع التنظيم في الصومال والذي قُتل في غارة أمريكية في يناير الماضي.
بحسب القناة، السوداني كان أحد أمراء ما يُعرف باسم ”مكتب الكرار“ الذي يُشرف على ولاية الصومال ووسط إفريقيا والذي له ”الفضل الكبير“ في تمويل العديد من الولايات وكذلك القيادة المركزية.“
وعليه، فإن غياب الرجل ”خلق ثغرة عميقة“ في هذا المكتب.
وبالنظر إلى استنزاف القيادات داعش في العراق والشام، يرى الحساب أن التنظيم قد يستعجل ويخاطر بأن يضع مكتب الكرار تحت إشراف أبي مصعب البرناوي القيادي في داعش غرب إفريقيا الذي يُشرف على مكتبي الأنفال – ويضم ليبيا ومالي والنيجير وبوركينافاسو؛ والفرقان الذي يضم تشاد ونيجيريا. وبالتالي، سيصبح البرناوي ”الأمير الأكثر نفوذاً في القارة السمراء.“
وهكذا يرى الحساب أنه ”إن تحقق هذا التنصيب، فسيكون ذلك مسماراً آخراً في نعش التنظيم وبداية لتفككه في القارة الإفريقية، فالعديد من الولايات الإفريقية كانت تتواصل بشكل مباشر مع المركز، وتتلقى التعليمات والإرشادات العسكرية والمنهجية مباشرة من الإدارة العامة، وإن تم تنصيب البرناوي فهذا يعني أنه سيحول دون ذلك وسيصبح الحاجز الذي يستوجب على الجميع المرور عبره للوصول الى القيادة العامة.“ هذا الحساب يشير أيضاً إلى ”تباين عرقي وقبائلي ومنهجي“ في إفريقيا ”سيجعل مهمة السيطرة على كل الأفرع مهمة شبه مستحيلة.“