على غرار طالبان في أفغانستان.. ملامح الحياة في الصومال إذا سيطرت عليها جماعة الشباب
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من 5 إلى 11 يونيو 2023. في عناوين الأسبوع:
- هل ينفصل داعش إفريقيا عن المركز؟.. بوادر خلافات
- تنافس في إدلب ومحيطها حول من أحق بالجهاد.. الهيئة أم معارضوها؟
ضيف الأسبوع، الأستاذ حسن محمود قُرَني، الكاتب الصومالي. هو جيولوجي من حيث التعليم والمهنة إذ يعمل ضمن الفريق الرئاسي للشؤون الإنسانية والجفاف. وهو قاص ومؤرخ ”يداوي جروح الحروب بالكتابة.“ له كتابان: ”جنوبا ما وراء السافانا.“ و ”الصومال.. زوايا غير محكية“ صدر في 2021 عن دار الفكر العربي في القاهرة. وله مدونة ”للأمة وللوطن“ ما يكتبه يقدم مقطعاً من حياة الصوماليين اليوم وأمس وحتى غداً.
يحدثنا عن “الوجه الجميل للصومال” وكيف يجب تغيير الصورة النمطية عن هذا البلد في الإعلام العربي. كما يحدثنا عمّا يقوله الصوماليون رداً على الأصوات الخارجية التي تنادي بتسليم البلد إلى جماعة شباب الموالية للقاعدة. كما يحدثنا عن اللغة العربية في الصومال.
“الصومال: زوايا غير محكية”
غضب في الصومال بعد أن تمكن مقاتلو الشباب من اقتحام فندق Pearl Beach في العاصمة مقديشو. كما هي عادة التنظيم، استحكم ”انغماسيون“ في الفندق ساعات قتلوا خلالها تسعة أشخاص منهم ثلاثة من حرس الفندق. صوماليون، على الأقل على تويتر، انتقدوا ضعف الإجراءات الأمنية الحكومية التي فشلت حتى الآن في إحباط هجمات مشابهة لجماعة شباب. ”فهم لا يزالون قادرين على التسلل عبر الحواجز الأمنية.“
في نوفمبر الماضي، هاجمت الجماعة فندق حياة في العاصمة وقتلوا تسعة أشخاص في حصار استمر ثلاثين ساعة.
لكن هذا الغضب لا يبدو متوازياً مع الأصوات من خارج الصومال التي تنادي بتسوية في البلد على نمط التسوية في أفغانستان مع طالبان.
هل ينفصل داعش غرب إفريقيا عن المركز؟
كشف حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي عن أن ثمة ”مفاوضات صلح“ بين داعش غرب إفريقيا وبقايا بوكو حرام في نيجيريا.
الحساب الذي يُعتقد أنه يعود إلى منشقين عن التنظيم وهم بالتالي عارفون بخباياه، قال إن المفاوضات مدفوعة بضعف ”غير مسبوق“ في القدرة المالية لداعش غرب إفريقيا بسبب ”الحرب الداخلية“ التي اندلعت بين التنظيم وبوكو حرام بعد قتل أبي بكر شيكاو في مايو 2021.
يقول الحساب إن هذا التدهور ”أجبر أمراء (داعش) المحليين على الرضوخ لمطالب بوكو حرام.“ لم تتضح هذه المطالب بعد، لكن المهم هو دلالات علاقة غرب إفريقيا بمركز داعش في العراق والشام. يسأل الحساب: ”إذا صح خبر المفاوضات، فهل تم ذلك بعلم من امراء التنظيم في الشام؟ أم أنه قرار اتخذه أبو مصعب البرناوي ونائبه الأول أبو بلال المينوكي دون الرجوع الى مشايخهم الذين يصفون بوكو حرام في اعلامهم الرسمي بـ الخوارج؟“
دلالة أخرى مهمة في هذا المنشور تتمثل في الإشارة إلى البرناوي والمينوكي الذي أدرج هذا الأسبوع على قوائم الإرهاب الأمريكية باعتباره مسؤولاً فيما يُسمى مكتب الفرقان.
فما قصة هذه المكاتب؟ بحسب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي، بتنا نعلم أن التنظيم يُدار اليوم من خلال ”مكاتب“ تسيطر على الولايات خاصة ما يتعلق بمواردها المالية. هذه المكاتب تتبع إدارة الولايات البعيدة التي حلّت عملياً محل اللجنة المفوضة التالية في الهرم القيادي بعد ”الخليفة.“ هذا الهيكل الجديد كان يرأسه أبو سارة العراقي الذي قُتل في فبراير الماضي.
بالعودة إلى المكاتب، نعلم من حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي أن في غرب إفريقيا ثلاثةَ مكاتب، هي: الفرقان ويشمل تشاد ونيجيريا؛ والأنفال ويشمل ليبيا ومالي والنيجر وبوركينافاسو؛ والكرار ويشمل الصومال والكونغو والموزمبيق.
بعد مارس 2021، دُمج مكتب الأنفال الذي كان بإدارة أبي الوليد الصحراوي مع مكتب الفرقان بإدارة أبي مصعب البرناوي. وظل أبو الوليد نائباً أولاً له في الفرقان حتى قُتل في أغسطس ٢٠٢١. أبو بلال المينوكي كان النائب الثاني.
أما بالنسبة إلى مكتب الكرار، فكان من أبرز مسؤوليه أبو بلال السوداني الذي قُتل في الصومال في يناير الماضي. وبقتله، حدثت ”فجوة“ في نشاط المكتب حسب وصف قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي الذين توقعوا أن ينضوي تحت ولاية البرناوي الأمر الذي سيجعله ”الأمير الأكثر نفوذاً في القارة السمراء.“
لكن يحذر الحساب من أن هذا سيعني أن ”التباين العرقي والقبائلي والمنهجي (بين تلك المكاتب) سيطفو على السطح أكثر من أي وقت مضى وسيجعل مهمة السيطرة على كل الأفرع مهمة شبه مستحيلة.“
من ناحية أخرى، التآكل في من بقي من قيادة التنظيم جعل نشاطه مكشوفاً ومهدداً. في ٨ يونيو، أدرجت الخارجية الأمريكية اثنين من قادة داعش على قوائم الإرهاب؛ هما: عبدالله مكي مصلح الرفيعي أمير مكتب بلاد الرفدين الذي يضم العراق – وربما إيران؛ وأبو بلال المينوكي القيادي في مكتب الفرقان.
أول من كشف عن هوية الرفيعي كان حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي الذي أشار إلى أنه يُعرف تنظيمياً بأبي خديجة وكان والياً على العراق، وأن ثمة شائعات تتردد منذ فبراير الماضي بأنه قُتل.
أبو بلال المينوكي هو نيجيري وكان نائباً ثانياً للبرناوي بحسب رسالة نشرها حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي تعود إلى يوليو ٢٠٢٠ صدرت عن أمير إدارة الولايات البعيدة أبو سارة العراقي.
داعش المركز يشتري ولاءات الأفرع
وبالحديث عن داعش إفريقيا، نُشرت في الأسبوع الأخير من مايو دراسة مفصلة عن نمو داعش وسط إفريقيا الذي يضم أوغندا، الكونغو، رواندا وكينيا.
الدراسة صدرت عن برنامج التطرف Nexus في جامعة جورج واشنطن وقام عليها الباحثون: كيليب وايس، رايان أوفاريل وتارا كندلاند.
يتعقب الباحثون تطور ”ولاية وسط إفريقيا“ من خلال تتبع وفحص طرق تمويلها. واللافت في هذه الدراسة أن الباحثين أجروا مقابلات وجاهية مع منشقين وسجناء عارفين بالتنظيم في المناطق التي ينشط فيها.
تشير الدراسة بداية إلى أن داعش وسط إفريقيا يُعرف محلياً بـ ”القوات الديمقراطية المتحدة ADF. وأن زعيمها المدرج على قوائم الإرهاب موسى بالوكو بايع داعش في ٢٠١٧ رغم معارضة سلفه، جميل موكولو الذي كان معتقلاً في ذلك الوقت. في ذلك العام، تسلمت الجماعة أولى دفعات التمويل من المركز في العراق والشام؛ ولولا هذا التمويل لكانت في طريقها إلى الزوال.
تفصل الدراسة المبالغ التي تمّ تحويلها من المركز إلى الأفرع وطرق التمويل وكيف أن ذلك كان متسقاً مع تطور التنظيم وانحداره. فمثلاً، في فترة قوة التنظيم بين العامين ٢٠١٤ و٢٠١٦، كانت المبالغ تُحول مباشرة من المركز. أما في فترة بداية السقوط في ٢٠١٧، وبالرغم من أن المركز ظلّ يموّل الأطراف إلا أن طرق التمويل أصبحت غير مباشرة وتحديداً من خلال شبكة الراوي في العراق. وعند انهيار التنظيم نهائياً، انقطع التمويل من المركز وصار كل فرع يمول نفسه ”ذاتياً.“
داعش خراسان و “حرب المدن”
لا يزال داعش في أفغانستان يتفاخر بقدرته على اجتياز ”كافة التعقيدات الأمنية“ التي يفرضها طالبان أو يحاول أن يفرضها هناك.
هذا الأسبوع تبنى فرع التنظيم في خراسان تفجير سيارة مفخخة في إقليم بدخشان شمالاً أسفر عن قتل نائب حاكم إقليم الولاية. وبعد يومين، قام انتحاري داعشي بتفجير نفسه في قاعة العزاء التي أقيمت للرجل ما تسبب في قتل مزيد من المسؤولين المحليين الذين جاؤوا للعزاء.
في الأثناء، وردت أنباء لا تزال غير مؤكدة عن أن طالبان تمكنوا من قتل زعيم داعش خراسان شهاب المهاجر في عملية خاصة في كُنر شرق البلاد.
أحدٌ في طالبان لم يؤكد الخبر أو ينفيه؛ لكن وسائل إعلامية مثل صوت أمريكا VOA أشارت إلى أن مصادرها في كنر أكدوا قتل الرجل.
في فبراير 2022، رصدت أمريكا 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن المهاجر واسمه الحقيقي ثناء الله الغَفاري.
يُعتقد أن المهاجر مسؤول اليوم عن تنامي إرهاب داعش في أفغانستان. فهو ”الخبير في حرب المدن“ – الاستراتيجية التي بات ينتهجها التنظيم – بنجاح للأسف- بعد سقوط خلافتهم المزعومة في العراق والشام.
تقرير خاص للباحثين عبد السيد و توره هيمنغ يبحث في تحول استراتيجية التنظيم من الحوكمة و“التمكين“ بالسيطرة على الأرض إلى اللامركزية وحرب المدن.
في التقرير المنشور هذا الأسبوع في معهد الولايات المتحدة للسلام تحت عنوان ”الخطر المتنامي للدولة الإسلامية في أفغانستان وجنوب آسيا،“ يرصد الباحثان أن التحول في استراتيجية التنظيم بدءاً من صيف العام ٢٠٢٠ تزامناً مع سقوط آخر معاقل التنظيم في الباغوز في سوريا. يقول الباحثان: ”المنطق وراء الحملة الجديدة كان رغبة التنظيم في استهداف أعدائه خاصة طالبان في مناطق أفغانستان الحضرية بإظهار مواطن ضعفهم وتعرية مشروعيتهم بين السكان المحليين.“
وكما كان ”التمكين“ في العراق والشام مختلاً وغير حقيقي، كذلك كان في أفغانستان. يقول الباحثان إن توجه التنظيم إلى إعلان حوكمة في أفغانستان كان ”باهظ الثمن“ لافتقاره إلى المصادر الاقتصادية والقوة البشرية لبسط السيطرة على السكان وفرض الحكم عليهم.
تنافس على استحقاق “الجهاد” في الشام
في إدلب ومحيطها، ثمة تنافس بين هيئة تحرير الشام ومعارضيها على أحقية كل طرف بمفهوم ”الجهاد؛“ وذلك بعد أن نُقل عن أبي ماريا القحطاني القيادي في الهيئة قولُه إن ”الجهاد انتهى.“ المعارضون اعتبروا ذلك تأكيداً لإسقاط الهيئة القتال ضد النظام وحلفائه في سوريا. لكن آخرين فسروا الكلام على أنه إشارة إلى الانسلاخ عن القاعدة و”الجهاد العالمي“ الذي بشّر به أسامة بن لادن؛ وبالتالي فإن القتال ضد النظام وحلفائه داخل سوريا لا يزال قائماً.
القيادي في هيئة تحرير الشام، عبدالرحيم عطون، حاول أن يسبغ مسوغاً دينياً لوجود الهيئة بما يوحي بأنهم هم ”أهل الجهاد.“ في ذكرى وفاة الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، كتب عطون أن أهم ”أسباب ثورة السوريين“ ضد النظام منذ أيام الأب واليوم الابن كان سبباً دينياً.
المعارضون تناولوا الموضوع من ناحية أخرى، فسألوا عن مصير ”المجاهدين المهاجرين،“ إن ”انتهى“ الجهاد بحسب الهيئة.
أبو يحيى الشامي كتب مقالاً طويلاً محاولاً مخاطبة ”المهاجرين“ المنضوين تحت راية الهيئة باعتبار أن لا خيار أمامهم غير ذلك خاصة بعد أن ضيقت الهيئة على أمثالهم. من زاوية أخرى، يلفت أبو يحيى إلى علاقات اجتماعية شائكة تربط ”المهاجرين“ بالمكون المحلي الأمر الذي يجعل البعد ”العالمي“ أو ”الخارجي“ للجهاد معقداً أكثر. يقول: ”إن عدداً كبيراً من المهاجرين هم صِهرٌ لأهل الشام، لا يمكن التفريق بينهم وبين أزواجهم.“