هل يتحرر أنصار القاعدة من العقدة الإيرانية التي عقدها سيف العدل؟
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من 12 إلى 18 لايونيو 2023. في عناوين هذا الأسبوع:
- تقرير أممي يقول إن سيف العدل يتنقل بحرية بين إيران وأفغانستان
- تشكيل عسكري جديد في إدلب ومحيطها يتوعد الجولاني ويخلق جدلاً بين معارضي هتش
ضيف الأسبوع، ريكاردو فالليه، كبير الباحثين في موقع ”مذكرات خراسانية“ Khorasan Diary المتخصص في رصد وتحليل نشاط الجماعات الإرهابية في أفغانستان وباكستان وجوارهما.
داعش خراسان: الأخطر في آسيا
صدر التقرير الرابع عشر لفريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات التابع لمجلس الأمن الدولي المتعلق بجماعة طالبان وما يرتبط بها من أفراد وكيانات ”يشكلون تهديداً للسلام والاستقرار والأمن في أفغانستان.“
ومن هذه الكيانات تنظيم داعش في باكستان وأفغانستان – المنطقة الجغرافية التي تُعرف في أدبيات الجهاديين بـ خراسان. يقول التقرير المؤرخ في 1 يونيو 2023 إن داعش خراسان يمثل ”أخطر تهديد إرهابي حالي في أفغانستان والبلدان المجاورة وآسيا الوسطى؛“ بالنظر إلى عدد الهجمات التي يشنها في أفغانستان ودول الجوار ونوعيتها. يشير التقرير أيضاً إلى أن هذا التطور على الأرض يقابله ماكينة إعلامية هناك يشرف عليها سلطان عزيز عزام، وهو اسم يبرز هذه الأيام خاصة ما يتعلق بمجلة صوت خراسان الصادرة عن مؤسسة العزائم النشطة جداً.
في المقابل، حققت حكومة طالبان في أفغانستان اختراقات فيما يتعلق باستهداف قياديي التنظيم. لكن هل تنجح الجماعة في هذا الجهد على المدى البعيد؟
ريكاردو فالليه، كبير الباحثين في موقع ”مذكرات خراسانية“ Khorasan Diary يقول: “لا شك في أن جهود طالبان لمكافحة الإرهاب، بإشراف دائرة الاستخبارات في طالبان، حققت بعض النجاح في اجتثاث قيادات (داعش) خراسان؛ لكن ثمة أمران هنا. يتعلق الأول بمصداقية مصادر المعلومات؛ لأن طالبان أخفقت كثيراً في إثبات قتل قياديين عسكريين من داعش. الأمر الثاني يتعلق بأن تنظيم (داعش) خراسان فقد في الماضي قياديين كبار
وفقدوا معاقل لهم على الأرض؛ لكنهم كانوا دائماً يعودون. واليوم، باعتبار أن الوضع الأمني في أفغانستان أسوأ مما كان عليه سابقاً، فإنني شخصياً أرى أن جهود طالبان لمكافحة الإرهاب على المدى البعيد لن تنجح في مكافحة (داعش) في أفغانستان والتصدي لخطره على دول الجوار والمنطقة.”
القاعدة والعقدة الإيرانية
بالعودة إلى تقرير مجلس الأمن الدولي المتعلق بطالبان وما يرتبط بها من أفراد وكيانات، يلفت ما جاء فيه عن علاقة الحركة بالقاعدة وأفرعها.
يخلص التقرير إلى أن هذه العلاقة لا تزال ”قوية … وثيقة وتكافلية؛“ فثمة مؤشرات على أن تنظيم القاعدة يعيد بناء قدراته العملياتية داخل أفغانستان. فمن ناحية، أنشأ التنظيم ”معسكرات تدريب جديدة“ في أكثر من منطقة في أفغانستان. ومن ناحية ثانية، أسندت طالبان أدواراً ”استشارية“ لعدد من أعضاء تنظيم القاعدة في مفاصل ”أمنية وإدارية؛“ في الدولة في مخالفة واضحة لاتفاق الدوحة.
ومن ناحية ثالثة، يذكر التقرير أن شخصيات وازنة في القاعدة حضروا إلى أفغانستان منذ سيطرة طالبان على البلد. من أبرزهم سيف العدل الذي جاء إلى أفغانستان من إيران بعد تاريخ أغسطس 2021 من دون أن يتضح إن كان عاد إلى إيران أم لا.
لم نرصد ردود فعل على هذا التقرير في مجموعات أنصار القاعدة التي نعرفها. لكن لفت ما قاله حساب أنباء جاسم على تويتر والتلغرام. أنباء جاسم كان الحساب الذي كشف في 2020 عن اغتيال أبي محمد المصري الذي كان في ذلك الوقت نائب زعيم القاعدة أيمن الظواهري.
أنباء جاسم يعتقد أن سيف العدل ”لن ولم يغادر إيران.“ يقول: ”من يروج لأكذوبة خروجه من إيران يقدم له خدمة تاريخية في ظل أن الحكومة الإيرانية تنفي من الأساس وجوده في أراضيها.“
ويضيف: ”مشكلة التنظيم لا تتعلق بمكان (وجود) سيف العدل ولكن بمدى اعتمادهم على إيران في الصغيرة والكبيرة … إشكالية فك الإرتباط الآن ليست بين القيادة العامة والأفرع ولكن بين القيادة العامة ونظام الملالي.“
وهنا مربط الفرس. أن يغادر سيف العدل إيران مغادرة دائمة أو مؤقتة هو مسألة تكتيكية ترتبط بترتيب الوضع النهائي للتنظيم شكلياً. الجوهر يكمن في سؤال: حتى لو غادر سيف العدل إيران، هل يكون حراً أبداً من عشرين عاماً وأزيد عاشها هناك؟
يدرك سيف العدل كما يدرك قادة القاعدة وعناصرها وأنصارها أن وجوده في إيران طوال عقدين من الزمان هو عقبة في الطريق إن أراد أن يُثبَّت زعيماً للتنظيم خلفاً للظواهري.
ويعلم سيف العدل أن أحداً لا يعطي من دون مقابل. في كتابه ”الصراع ورياح التغيير“ وفي الصفحة ٩٧، يكتب: ” قادة المجاهدين يجب أن يكونوا على درجة من الوعي لإدراك حيل ومتقلبات السياسة .. إن بعض الدول تتحالف مع العصابات وتتحالف عليهم في نفس الوقت .. فالحليف لن يمنح دون مقابل.“ فما الثمن الذي دفعه سيف العدل ولا يزال إلى إيران؟
هتش والثورة المضادة
ظهر في إدلب تشكيل عسكري جديد يعارض هيئة تحرير الشام. لكنه رغم ذلك أثار جدلاً بين معارضي الهيئة أنفسهم.
بحسب فيديو انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي، يحمل التشكيل الجديد اسم ”سرايا درع الثورة“ وينتمي أعضاؤه إلى ”الجيش السوري الحر.“
المتحدث في الفيديو قال إن الهيئة ”سرقت الثورة … ووصمتها بالإرهاب.“ وتعهد باستهدافها مصالحَ وأفراداً ما لم تطلق سراح المعتقلين لديها خلال ثلاثة أيام.
معارضو الهيئة انقسموا بين مؤيد ومعارض.
المحامي عصام خطيب رفض هذا التشكيل وكتب: ”لا نتعامل ولا نشجع التعامل مع مجهولين؛“ مؤكداً ”سلمية“ الحراك ضد الهيئة.
لكن حساب أبي هادي، ”الإعلامي العسكري في الثورة السورية“ علّق: ”أدعوا كل حر وصادق غيور على نسائه بالانضمام لهؤلاء او العمل بشكل فردي او جماعي .“
معارضون آخرون تخوفوا من أن يكون هذا التشكيل ”حيلة“ أو ”لعبة“ صنعتها الهيئة.
حساب أبو محمد نصر قال: ”تحاول هيئة الجولاني حرف الحراك الشعبي عن مساره الصحيح …هذه المجموعة مجهولة لا يعرفها أحد من الثوار.“
لكن حساب أبي يحيى الشامي، المنشق عن الهيئة، لفت إلى أنه إن كانت ”لعبة“ فسوف ”تنقلب“ على الهيئة؛ مؤكداً في نفس الوقت أنه: ”عندما يتقاعس المعلومون ويتأخرون عن واجباتهم يتقدم الملثمون.“
اعتقال أبو العبد أشداء
في يوم 13 يونيو 2023، اعتقلت السلطات التركية أبا العبد أشداء القيادي السابق في هيئة تحرير الشام. أشداء استقل عن الهيئة في 2020 بعد خلافات أدت إلى سجنه. عُرف أشداء بخطاب ”حتى لا تغرق السفينة“ الذي كشف فيه عن تجاوزات مالية وإدارية في الهيئة. وفي يونيو ٢٠٢٠، أسس أشداء غرفة عمليات فاثبتوا مع تنظيم القاعدة ممثلاً بحراس الدين وآخرين. كان هذا التشكيل محط غضب الهيئة التي خاضت حرباً من طرف واحد في صيف ذلك العام، 2020، أفضت إلى تحييد معارضيها وحتى المستقلين.
في ردود الفعل، استهجن معارضو الهيئة أن تقوم تركيا بهذا العمل مذكّرين بقتال الرجل ضد النظام السوري.
أما معرفات مقربة من الهيئة، فقد لفتت إلى أن أشداء خرج إلى تركيا أكثر من مرة ”للسياحة أو التجارة؛“ متهمة عناصر في الجيش الوطني السوري بالوشاية به. الهيئة تعادي الوطني السوري الذي يسيطر على شمال غرب سوريا.
حكومة طالبان باكستان TTP
في باكستان، وردت أنباء عن أن وجهاء قبليين اتخذوا خطوات أولى لإعادة مسار المفاوضات بين طالبان باكستان والحكومة في إسلام أباد. الباحث الأفغاني عبد السيد نقل عن مصادر أن ”وفداً قبلياً التقى في اجتماعين منفصلين مع أمير TTP مفتي نور والي محسود ومسؤولين حكوميين.“ إلا أن أحد الطرفين لم يؤكد ذلك.
في الأثناء، وسّعت TTP نفوذها إلى مقاطعة البنجاب في وسط شرق باكستان وأعلنت هناك ولايتين: شمال البنجاب وجنوبه ضمن هيكلة ”حكومة الظل“ التي أقامها التنظيم.