اختطاف عصام خطيب وأبي شعيب من أعزاز يحرج المعارضة السورية
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من 17 إلى 23 يوليو 2023. إلى العناوين:
وضيف الأسبوع، الأستاذ سعيد الجِمحي، رئيس مركز الجمحي للدراسات والبحوث في عدن؛ صاحب كتاب تنظيم القاعدة النشأة الخلفية الفكرية والامتداد اليمن نموذجاً.
سؤال القاعدة والعلاقة الإيرانية
مجدداً، يثير أبو ماريا القحطاني، القيادي في هيئة تحرير الشام، حفيظة أنصار القاعدة عندما يتحدث عن علاقة التنظيم بإيران.
ماذا قال القحطاني؟
كرر القحطاني ما جاء في تقرير الأمم المتحدة في فبراير الماضي عن أن سيف العدل ”على الأرجح“ تسلم قيادة القاعدة بعد إعلان أمريكا قتل زعيم التنظيم الدكتور أيمن الظواهري في يوليو العام الماضي. ويجدد دعوة قاعدة اليمن إلى اعتزال التنظيم الذي بحسبه أصبح ”مطية للحرس الثوري الإيراني“؛ بالنظر إلى وجود سيف العدل في إيران.
وعلى غير العادة، ذكّر القحطاني بأبي عمر النهدي القيادي الذي هجر تنظيم القاعدة في اليمن احتجاجاً على ما اعتبر مخالفات شرعية ارتكبها التنظيم في حق أفراد اتُهموا بالجاسوسية”جزافاً“.
كلام القحطاني استدعى ردوداً غاضبة من أنصار القاعدة، كان من أبرزهم الحساب المخضرم ”جلاد المرجئة“ العائد من صمت طويل. جلاد المرجئة من حسابات أنصار القاعدة الوازنين. اختفى منذ مطلع العام على الأقل كما اختفت حسابات أخرى مثل ”رد عدوان البغاة“، ”ووريث القسام“.
إجمالاً، أبرز ما جاء في الردود هو التالي:
– القحطاني يتدخل فيما لا يعنيه
– الأولى أن يلتفت القحطاني إلى هيئته وعمالتها للتحالف قبل أن يتحدث عن القاعدة وعمالتها لإيران
– في العامين الأخيرين، لم تشنّ القاعدة هجوماً عسكرياً ضد الهيئة
– القاعدة لم تعلن ”رسمياً“ عن قتل الظواهري
– القاعدة لم تعلن تعيين سيف العدل خلفاً له
وهذا هو المهم ومربط الفرس. ثمة سؤالان يتعين على أنصار القاعدة الإجابة عنهما بغض النظر عن هوية السائل. فالسؤالان مشروعان؛ فحقيقة أن هيئة تحرير الشام مخترقة لا تنفي أن القاعدة في اليمن مخترقة. هاتان حقيقتان لا تنفي إحداهما الأخرى.
نعم، ثمة أمور تحتاج إلى توضيح، مثلاً، ماذا يقصد القحطاني ”باجتماعات في بيروت وطهران؟“ ونعم، القاعدة لم تحسم مصير الظواهري إن كان حياً أو ميتاً. وبالتالي، لم تعلن رسمياً تعيين سيف العدل زعيماً. وما جاء في تقرير الأمم المتحدة في فبراير الماضي كان ”ترجيحاً“ وتحصيل حاصل بالنظر إلى أن سيف العدل هو ”الحاكم الفعلي“ للتنظيم حيث أنه يشرف على مكتب حطين المعني بتنظيم القاعدة في الشام ومشرف على القاعدة في اليمن. وعلاقة سيف العدل بتنظيم القاعدة في الصومال تاريخية ومعروفة. وسيف العدل هو الاسم الأبرز بين من تبقى من الجيل القديم الذي لازم أسامة بن لادن في فترتي إقامته في أفغانستان الأولى والثانية مروراً بالسودان.
كل ما تقدم لا يلغي حقيقة أن أمام أنصار القاعدة وأمراء فروعها سؤالين:
أولاً، من يبايعون اليوم على السمع والطاعة؟ هل يبايعون حيّاً أم ميتاً؟
وثانياً، هل يقبلون سيف العدل خلفاً للظواهري في حال تقرر أن الظواهري مات فعلاً؟
واضح أن أنصار القاعدة يفضلون تأجيل البحث في هذا السؤال؛ بل يستبقونه بمحاولة نفي أن يكون سيف العدل في إيران أصلاً. هم يدركون إشكالية هذه الجغرافيا.
وهنا، نرجع إلى شهادة القيادي في قاعدة الشام أبي القسام الأردني خالد العاروري. في أكتوبر 2017، قال العاروري إن سيف العدل يعيش ”حراً“ في إيران حياة ”طبيعية“ وإن كان ”ممنوعاً من السفر“ خارج البلاد. فهل خرج سيف العدل من إيران بعد ذلك التاريخ؟ وماذا يعني أن يكون المرشح لزعامة القاعدة يعيش ”حياة طبيعية“ في إيران؟
جانب آخر مهم في ردود القاعدة على القحطاني هو التذكير بأصل هيئة تحرير الشام وكيف أنها قامت على ”ظهر“ القاعدة. لا شك يصدق أنصار القاعدة هنا. فمن سمح لهيئة تحرير الشام بأن تكون هو الظواهري نفسُه عندما سمح ”للانقلاب“ الأول أن يحدث وآزر الجولاني ضد البغدادي عالماً يقيناً بأن الجولاني كان مُرسلاً من البغدادي. هذا الخلل موثق في بحث ”بين الشيشان والشام: دروس وعبر“ المنشور في موقع بيان القاعدي في 2020 بقلم الكاتب المعروف بولائه للقاعدة والذي يتخذ اسم عدنان حديد.
أسئلة إلى أبي عمر النهدي
نأتي إلى قصة أبي عمر النهدي، القيادي في قاعدة اليمن الذي ”اعتزل“ التنظيم في العام 2020 احتجاجاً على مخالفات شرعية ارتكبتها قيادة التنظيم.
تذكير القحطاني بأبي عمر النهدي استدعى ردود فعل غاضبة من أنصار القاعدة متحاملين ليس فقط على القحطاني وإنما على النهدي حتى قللوا من شأنه وأثره.
النهدي كان قيادياً في قاعدة اليمن؛ فكان من أمراء التنظيم في المكلا بحضرموت. ومعروف بدفاعه عن التنظيم هناك. نُقل عنه في مثل هذه الأيام من 2015، أنه خاطب أهل المكلا قائلاً: ”إن التنظيم لم يأتِ بموافقتكم، ولن يستطيع أحد أن يخرجنا من حضرموت… لأني أنا من أبناء حضرموت، ونحن من هنا ومن أبناء حضرموت … أن نقاتل الحوثي في الجبهات، ونخسر الدماء، ثم نرحل، فهذا غير منصف.“
خلافه مع قيادة التنظيم ظل محصوراً في الغرف المغلقة وللمعنيين فقط. بدأ في الربع الأخير من العام 2019، باتفاق أُبرم بين طرفين: النهدي ومنصور الحضرمي في طرف ممثلين عن المتظلمين وخالد باطرفي (ولما يكن أميراً) وسعد العولقي في طرف آخر ممثلين قيادة التنظيم.
في أبريل 2020، وبعد ما يبدو أنه إخفاق في تنفيذ بنود الاتفاق، خاطب النهدي ”المشايخ“ ومنهم زعيم القاعدة أيمن الظواهري في كلمة فصّل فيها المظلمة بعنوان ” معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون.“ حتى ذلك الوقت، ظل النهدي وفياً للتنظيم. كل شيئ كان متوقفاً على كلمة من الظواهري.
في الشهر التالي، أصدر تنظيم القاعدة في اليمن بيان ”ولا تكن للخائنين خصيما،“ ردّاً على بيان النهدي وتقليلاً من شأنه.
بعد شهرين، في يوليو 2020، ردّ النهدي مختتماً بأن أعلن اعتزال التنظيم. وهكذا اختفى النهدي. لم يشكل وجماعته فصيلاً مستقلاً؛ ولم ينضمَّ إلى داعش، أو أي جهة أخرى.
أنصار القاعدة في معرض ردهم على القحطاني وصفوا النهدي ومن معه بـ ”الشلة.“ وقالوا عنه إنه ”قاد فتنة“ وإن التنظيم لو أراد قتله لقتله.
اختطاف معارضين من مناطق المعارضة
بعد صلاة الجمعة يوم 21 يوليو، وردت أنباء عن اختطاف معارضيَن بارزين لهيئة تحرير الشام من مدينة اعزاز الخاضعة لسلطة الجيش الوطني السوري المدعوم تركياً فيما يُعرف بمناطق درع الفرات وغصن الزيتون.
المعارضان هما عصام خطيب وهو محامي معارض بارز. كان قاضياً في الهيئة حتى استقال منها في 2016. طلحة المسير أبو شعيب المصري كان شرعياً بارزاً في الهيئة حتى استقال منها في 2019.
معرفات الهيئة قالت إن المسؤول عن الاختطاف هو الاستخبارات التركية.
حساب إدلب بوست وصف ما حدث بـ ”الاعتقال“ ونقل عمّن قال إنه مصدر خاص من الجيش الوطني أنه جاء ”بعد اعترافات ضدهم من قبل أبي العبد أشداء.“ أشداء منشق ومعارض اعتُقل في تركيا أثناء توجهه إلى الحج في منتصف يونيو الماضي.
لكن المعارضين أصرّوا أن المسؤول هو الهيئة وأن الرجلين وصلا إلى سرمدا شمال إدلب الخاضعة لسيطرة الهيئة.
واعتبروا أن كلام أنصار الهيئة عن الضلوع التركي هو ”تضليل.“
في المحصلة، انتقد المعارضون الجيش الوطني الذي يُفترض أنه صاحب الولاية في المنطقة ووصفوا ما حدث بأنه ”ضربة“ للجيش الوطني و“تخاذل“ من الأجهزة الأمنية“ هناك متهمين فصائل ”بالمشاركة“ في ”الجريمة.“
منذ العام الماضي، كثفت هيئة تحرير الشام تحركاتها باتجاه الشمال من خلال موالين لها ضمن الجيش الوطني، فسيطرت على عفرين في أكتوبر الماضي ووصلت إلى أطراف اعزاز.
سرايا درع الثورة
صدر عن سرايا درع الثورة السورية كلمة مرئية للناطق باسمها وقد اتخذ اسم ”ضياء الثورة“ سخرية من ضياء العمر المتحدث باسم جهاز الأمن العام التابع لهيئة تحرير الشام.
أهم ما جاء في الكلمة هو التذكير بجذور هيئة تحرير الشام المُبتعثين من فرع تنظيم القاعدة في العراق والذي أصبح لاحقاً داعش. ضياء الثورة لم يذكر لفظ القاعدة، لكن قال عن الجولاني ومن أرسله بأنهم ”سرقوا الثورة.“
حتى يوم 24 يوليو، شن هذا التشكيل أربع هجمات موجعة ضد الهيئة في مناطق مختلفة من سيطرتها.