أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٧ إلى ١٤ أغسطس ٢٠٢٣. في عناوين هذا الأسبوع:
- عامان على تفرد طالبان بالحكم في أفغانستان؛ هل تخلى العالم عن كابول؟
- نرجس نيهان، وزيرة أفغانية سابقة تفند تقريراً يشير إلى نمو اقتصادي في ظل طالبان
- أنباء متضاربة عن اعتقال القحطاني القيادي في هتش بتهمة العمالة
- ومنشقون عن داعش يكشفون وثائق تثبت اختراق التنظيم أمنياً
ضيفة الأسبوع، السيدة نيلوفر أيوبي، صحفية وناشطة حقوقية ورائدة أعمال أفغانية.
أغسطس الثالث
تصادف في ١٥ أغسطس، الذكرى الثانية لسيطرة طالبان على مقاليد الحكم في أفغانستان في تفسير ملتوٍ لاتفاق الدوحة ٢٠٢٠.
بموجب الاتفاق، انسحب الأمريكيون من ذلك البلد؛ ولكن خلافاً للاتفاق، لم تتمم طالبان مفاوضات تشارك السلطة مع الأطراف الأفغانية الأخرى.
وفي الجانب الآخر، فشلت الحكومة الأفغانية السابقة في إدارة الجيش للدفاع عن كابول والولايات الأخرى ما أشعر الأفغان بالخيانة والقهر.
فهل كان العام الثاني أفضل لطالبان من أوله؟ وهل تجاوز الأفغان خيانة أغسطس الأسود؟
عزلة في الفضاء
للعام الثاني على التوالي، فشل طالبان في الحصول على اعتراف دولي بالرغم من محاولاتهم المتكررة شغل مقعد أفغانستان في الأمم المتحدة. لكنهم في نفس الوقت حققوا حضوراً دبلوماسياً خارج أفغانستان فكثيراً ما يسافر مسؤولو طالبان إلى دول الجوار وأوروبا. وفي الداخل، ما انفكوا يستقبلون الوفود الرسمية وبضع بعثات دبلوماسية.
هذا التذبذب الدولي مرده إلى توجس من علاقة طالبان مع القاعدة من ناحية ومن علاقة طالبان مع الداخل من ناحية أخرى.
القاعدة قاعدة
التقارير الصادرة عن مجلس الأمن الدولي لا تزال تشير إلى علاقة قوية بين تنظيم القاعدة وطالبان في مخالفة صريحة لاتفاق الدوحة الذي ينص على ألا تسمح طالبان لأي من القاعدة بالبقاء في افغانستان أو ممارسة أي نشاط في ذلك البلد.
في المقابل لا يزال مسؤولو طالبان ينفون هذه العلاقة المعضلة بما في ذلك وجود زعيم القاعدة أيمن الظواهري في الحي الدبلوماسي من العاصمة كابول عندما اقتنصه الأمريكيون في يوليو ٢٠٢٢.
الداخل مفقود
وخلافاً لمقررات الدوحة، ينفرد طالبان في حكم أفغانستان بعد أن قادوا فشل مفاوضات تشارك السلطة مع الحكومة السابقة من جهة وقوى معارضة تقليدية من جهة أخرى ناهيك عن الأقليات والمرأة من جهة ثالثة.
تعامل طالبان مع المرأة هو الدليل الأكثر وضوحاً على تخبط أولويات الجماعة وانسلاخهم عن واقع اجتماعي كان مبشراً قبل أغسطس ٢٠٢١.
فلا يزال يفرض طالبان حظراً على تعليم البنات الثانوي والجامعي؛ ولا يزالون يفرضون قيوداً على عمل المرأة فلا يُسمح لها بالعمل إلا في وظائف محددة. ويفرضون قيوداً على حركتها فلا تتنقل إلا بوجود محرم.
الداخل المعتمل
خلال العام الماضي ظهرت الخلافات داخل الحركة إلى السطح في موقف نادر. هذه الخلافات معهودة ولكن الطريقة التي ظهرت بها كانت غير عادية. في فبراير الماضي، ألقى وزير الداخلية بالإنابة سراج الدين حقاني، زعيم شبكة حقاني سيئة الصيت، كلمة في أنصاره في خوست انتقد فيها ضمناً تفرد زعيم الجماعة هبة الله أخندزادة بالحكم. مراقبون اعتبروا ذلك مؤشر انقسام خطير قد يؤدي إلى حرب أهلية.
داعش بالمرصاد
حققت طالبان تقدماً في استهداف قياديي الصف الأول من داعش خراسان؛ فقضت على زعيم التنظيم شهاب المهاجر في عملية أمنية في كنر بتاريخ يونيو 2023. كما قضت على مولوي ضياء الدين أبو سعد محمد مفتي التنظيم في عملية أخرى في مزار الشريف بتاريخ أبريل 2023.
في المقابل، يستمر داعش في استهداف المصالح الأفغانية استهدافاً نوعياً على نحو قتل حكام إقليميين في بلخ وبدخشان في مارس ويونيو على التوالي؛ واستهداف وزارة الخارجية ومطار كابول في يناير. وفي تطور ملحوظ، هاجم داعش مصالح دبلوماسية مثل استهداف السفير الباكستاني في كابول في ديسمبر؛ واستهداف فندق صيني شهير في كابول أيضاً في نفس الشهر.
اقتصاد جيد
بالرغم من كل تلك النكسات، يبدو أن مؤشرات الاقتصاد تحسنت عمّا كانت عليه العام الماضي. في تاريخ 28 يونيو 2023، أصدر البنك الدولي تقرير “مرصد أفغانستان الاقتصادي” جاء فيه أن مؤشر التضخم يتناقص وأن السلع متوفرة – وإن كانت معظم العائلات الأفغانية تعاني في تأمين معيشتها. التقرير أضاف أن مقابلات هاتفية مع 1300 أفغاني و350 أفغانية بينت أن رواتب موظفي الحكومة لا تزال سارية لافتاً إلى تحسن فرص العمالة الماهرة وغير الماهرة.
التقرير بين كذلك أن اقتصاد العام الماضي حقق ارتفاعاً في الموارد والصادرات.
ماذا تعني هذه الأرقام بالنسبة للأفغان؟
السيدة نرجس نيهان، وزيرة التعدين والبترول في حكومة أفغانية سابقة، تقول إن التقرير “فيه مغالطات وغير مكتمل.” وتشير إلى وجوب التمعن في تفاصيل الأرقام. فعلى سبيل المثال تشير إلى أن وفرة السلع مردها إلى إحجام الشعب عن الشراء لعدم امتلاكهم مالاً كافياً. تشير نيهان أيضاً إلى مشاريع مولها البنك الدولي ومؤسسات دولية أخرى بهدف دعم القطاع الخاص وتشجيعه على النهوض مجدداً الأمر الذي انعكس في التقرير.
تلفت السيدة نيهان أيضاً إلى أن طالبان لم ينشروا الميزانية مؤكدة أنهم خصصوا من 60-80٪ للقوات المسلحة على حساب الخدمات الصحية والتعليمية المقدمة للشعب.
وعن مستقبل اللجوء الأفغاني، لا تخفي السيدة نيلوفر أيوبي، الصحفية والناشطة ورائدة الأعمال، إحباطها من المجتمع الدولي الذي تعتبر أنه تخلى عن أفغانستان. ومن هذا المنطلق تصف لجوءها بالرحلة التي يعتريها كثير من الألم لأنها لم تكن تتخيل أن تترك أفغانستان حتى بوجود طالبان. تقول إنها وزوجها قررا التواري عن الأنظار حيث أنهما تعرضا لمحاولتي اغتيال في السابق ويعلمان أنهما على قائمة المطلوبين لدى طالبان. تقول: “عندها نظرت إلى أطفالي وشعرت بالذنب أن يمر أطفالي بهذه التجربة بسبب قرارات اتخذتها أنا. قررت أنني لن أتركهم يتعرضون للتعذيب أو القتل بسبب بلد وحكومة خانتنا. كان قراراً صعباً ولكنه من أجل أطفالي. زوجي رفض أن يأخذ أطفالي ويترك البلد من دوني. كنتُ أظن أنني سأعود بمجرد أن أؤمّن أطفالي. الوضع صعب. ولا زلتُ أشعر بالذنب لأنني غادرت البلد ولم أوفِ بوعدي لمن بقي هناك.” لكن مع كل هذا ترى نيلوفر أن طالبان قد يستحكموا بكابول بضع سنين ولكنهم سيذهبون؛ “وأنا أحضر نفسي لتلك اللحظة.”
عمالة ”تعتمل“ داخل هتش
في تاريخ 11 أغسطس، نقل حساب أبو هادي على التلغرام أن “مصادر خاصة” داخل هيئة تحرير الشام أبلغته باعتقال أبي ماريا القحطاني القيادي في الهيئة.
الحساب الذي يُعرّف عن نفسه بأنه “إعلامي عسكري في الثورة السورية” قال إن المسؤول الأمني في الهيئة أبا أحمد حدود أمر باعتقال أبي يزن الديري، مرافق القحطاني، الذي اعترف بأن القحطاني يترأس خلية تتعامل مع التحالف.
يضيف الحساب أن زعيم الهيئة أبا محمد الجولاني تدخل وأفرج عن القحطاني تجنباً للإحراج.
في 16 يوليو الماضي، أكدت الهيئة وجود اختراق أمني من خلال “عملاء” يعملون لصالح جهات خارجية. ضياء العمر، المتحدث باسم الأمن العام التابع للهيئة، قلل من الأنباء المتداولة حول عدد هؤلاء العملاء ومواقعهم القيادية وقال إنهم “خلية” وإنهم من “قليلي الخبرة” الذين يسهل التغرير بهم.
معارضو الهيئة لفتوا إلى ما يعزز رواية الاعتقال. حساب أبو يحيى الشامي، القاضي المنشق عن الهيئة، لفت إلى أن حساب الصحفي الموالي للهيئة طاهر العمر حذف المنشورات المتعلقة بالقحطاني. وبالفعل، هذا ما وجدناه أيضاً عندما بحثنا عن منشورات نعلم يقيناً أن العمر مدح فيها القحطاني. أبو يحيى أشار أيضاً إلى غياب القحطاني عن التلغرام.
لكن بعد ظهر اليوم التالي 12 أغسطس، كتب القحطاني في منشور مقتضب أنه كان في وعكة صحية وأنه يشكر من سأل عنه مرضه.
وفيما أعلن الموالي للهيئة عبدالرحمن الإدريسي إغلاق حسابه لسبب لم يوضحه، واصل معارضون تأكيد تفاصيل اعتقال القحطاني.
إلا أن الحساب المعارض المخضرم، مزمجر الشام، نفى اعتقال القحطاني وقال: “مع تأكيد وجود خلافات وصراع بين قيادات الصف الأول في الهيئة، إلا أن الأنباء التي تتحدث عن اعتقال الجناح الأمني في هيئة تحرير الشام لأبي ماريا القحطاني، ومغادرته إلى تركيا على خلفية قضية ’جواسيس التحالف’، غير صحيحة.”
”الولاية المخترقة“
خسر داعش أربعة زعماء، أو “خلفاء” في أربعة أعوام. وفيما زادت الفترة الزمنية بين قتل واحد وتولي آخر، تقلصت فترة حكم أحدهم. هؤلاء الأربعة استُهدفوا في مناطق تعتبر تقليدياً وأيديولوجياً “ديار كفر” إذ تتبع الجيش الحر أو هيئة تحرير الشام. ولم يقتصر الاستهداف على رأس التنظيم بل امتد إلى قادة الصف الأول ما عزز الشكوك بأن ثمة اختراقاً أمنياً عالي المستوى.
تحت هاشتاغ “#الولاية_المخترقة” نشر الحساب المتميز قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي وثائقَ تضيئ على “تدهور الحالة الأمنية في (ولاية) الشام بشكل عام.”
منها توجيه من نائب والي الشام، أبي ناصر العراقي، إلى المسؤول الإعلامي الأول في الولاية، صقر أبو تيم، بتاريخ ٢٠ مايو ٢٠٢٠ يخبره فيه بأن “أخوة” من التنظيم “اعترفوا عليه بعد اعتقالهم وأن الاستخبارات بحث عنه … ويطلب منه الخروج بعجالة من مناطق درع الفرات وغصن الزيتون.”
في توجيه آخر بتاريخ ١٣ يونيو ٢٠٢٠، منع أبو ناصر الزيارات واللقاءات المنزلية في مناطق شمال سوريا “لأنها تسبب كوارث أمنية وحالات من الأَسر المتسلسل والمكثف.”
وفي تاريخ ٨ أكتوبر ٢٠٢٠، صدر قرار طرد أبي رباح الشمالي الذي كان يعمل “جندياً” في ولاية إدلب لأنه “تسبب في اختراق أخوة وأخوات.”
ويعلق الحساب “هذا نموذج واحد من عشرات بيانات الطرد التي أصدرها قادة الشام لكبح الاختراقات الأمنية ولكن بدون جدوى.”
حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي له دور كبير في فضح خبايا تنظيم داعش وتناقض فعلهم وقولهم.
في الفترة الأخيرة، نشر الحساب كثيراً عن ديوان الإعلام في التنظيم ما أثار حفيظة بعض الأنصار. ومن الواضح أنهم لم يجدوا أمراً وازناً يكذبون فيه المعلومات التي ينشرها الحساب. فاستند أحد حساباتهم إلى استخدام قناة فضح عباد البغدادي لفظ “المحرر” في أحد منشوراتهم وعلقوا بأن هذا إثبات على عمالة الحساب لهيئة تحرير الشام.
رد حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي، تحت عنوان “شر البلية ما يضحك”، لافتاً إلى أن أبا محمد العدناني المتحدث باسم التنظيم استخدم اللفظ سابقاً عندما قال “سنحرر المحرر” في كلمته الشهيرة “قل للذين كفروا ستغلبون.” الأهم أنه لفت إلى أن “أمراء التنظيم عوض ’تحرير المحرر’ اتخذوه ملاذاً وموطنا آمناً وفي جيوبهم بطاقات تعريفية من ’المحرر’.”
السحاب في السحاب
في الوقت الذي ننتظر فيه بياناً من القيادة العامة لتنظيم القاعدة يشي بمصير أيمن الظواهري حياً كان أم ميتاً، وبعد أسبوعين من الذكرى الأولى لإعلان أمريكا قتله في كابول في ٣١ يوليو ٢٠٢٢، أصدرت السحاب بياناً “بشأن الاعتداءت على القرآن” الكريم.
الحدث جلل لا شك. لكن إصدارات السحاب لا تنفك متأخرة عن الحدث.
أسماء الأسد
في الملف السوري، نشر موقع أخبار الآن بحثاً بعنوان “أسماء الأسد.. الملكة غير المتوجة للاقتصاد السوري.” يتوقع الباحث إسلام المنسي أن ثمة مشروعاً لـ “أسماء” يتمثل في “إبقاء النفوذ والسلطة وحصرهما في أسرتها تحديداً دون باقي فروع عائلة الأسد أو أقربائهم من العلويين.”
يتحدث البحث كثيراً عن “العلاقة السنية” التي تمثلها أسماء وعائلتها التي باتت تستحوذ أيضاً على اقتصاد سوريا خلفاً لآل مخلوف العلوية.
المهم في هذا البحث هو أن أيام بشار الأسد ربما باتت معدودة في الحياة أو في الحكم وعليه فإن البديل قد يكون أسماء. الأمر الآخر اللافت هو احتمال أن تكون أسماء حلاً سنياً مقبولاً لتركيا مثلاً في مقدمة تفاهمات تحسم الصراع الدائر منذ ٢٠١١.