نهاد جريري
هيئة تحرير الشام: القحطاني مذنب بسوء الإدارة لا سوء النية
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من 14 إلى 20 أغسطس 2023 في عناوين هذه الحلقة:
- هل تقفز هيئة تحرير الشام عن مطب القحطاني؟
- ماذا يعني هذا المأزق في تصارع القوى داخل الهيئة؟
- داعش يفتي بقتل “السبايا” المصابات بالإيدز أو “تمليكها” لمقاتل مصاب
- إعلام القاعدة الرديف يحذر من حسابات قاعدية مزورة على أنها جاسوسية
ضيف حلقة هذا الأسبوع، عروة عجوب كبير الباحثين في مؤسسة (كورغلوبال): مؤسسة بحثية في خدمة التنمية. عجوب طالب دكتوراة متخصص في القضايا الجهادية والشأن السوري يكتب في معهد الشرق الأوسط، Atlantic Council و جهاديكا.
القحطاني “غيت”
لم تكن هيئة تحرير الشام في أسوأ حالاتها قبل اليوم بعد ثبوت “ضلوع” القيادي فيها وربما الرجل الثاني، أبي ماريا القحطاني، في قضية “العمالة” فهذه مسألة لا شك سيكون لها أثرٌ غير مسبوق في علاقة الهيئة مع ذاتها ومع الآخرين، ولا أدل على ذلك من استماتة الهيئة في محاولة التقليل من وقع الخبر حتى كادت تبرئ الرجل من كل ما نُسب إليه.
بيان “الأخ”
مساء الخميس 17 أغسطس، نشرت القيادة العامة للهيئة بياناً أوضحت فيه أن اسم القحطاني ورد في بعض التحقيقات المتعلقة بخلية التجسس الأخيرة وعليه تشكلت لجنة “خاصة” للتحقيق مع الرجل، خلصت إلى أن القحطاني “أخطأ في إدارة تواصلاته دون اعتبار لحساسية موقعه أو ضرورة الاستئذان وإيضاح المقصود من التواصل”. وعليه أوصت اللجنة “بتجميد مهامه وصلاحياته.”
إذاً، بحسب اللجنة، القحطاني مذنب بسوء الإدارة لا سوء النية، وعلى هذا الشكل جاءت ردود الفعل لدى أصحاب العلاقة.
الموالون: القحطاني “أخطأ”
إعلام الهيئة تحدث بصوت واحد مدافعاً عن القحطاني، أما أصدقاؤه التقليديون فمنهم من دافع ومنهم من سكت وإن لم ينتقد فمثلاً، حساب أحمد زيدان اكتفى بإعادة توجيه البيان في حسابه على التلغرام؛ وللمفارقة، هو ذات الفعل الذي نراه في حساب عبدالرحيم عطون الذي يُقال إنه يقف في الصف المناهض للقحطاني.
أما من بين الأصدقاء الصادحين، فقد برز أبو أحمد زكور، جهاد عيسى الشيخ، أحدُ أقطاب الهيئة الذي قال في منصة إكس (تويتر سابقاً)، إن بيان الهيئة “يسكت .. خفافيش الظلام،” مؤكداً أن القحطاني “أبعد ما يكون عن العمالة” وأنه إنما أتى خطأ وعثرة.
أما في الإعلام، فلفت تعليق من طاهر العمر الصحفي الموالي للهيئة والذي قيل إنه اختلف مع القحطاني فحذف كل المنشورات المتعلقة به. يوم 17 أغسطس كتب العمر على التلغرام “الشيخ القحطاني بعيد كل البعد عن ماينسب إليه؛” مكرراً أن ما حدث كان “خطأ إداري خلال العمل الذي كان مكلف به.”
وفيما غاب حساب الشمالي الحر الموالي للقحطاني، عاد حساب عبدالرحمن الإدريسي بعد أن قال في 12 أغسطس، أي بعد ورود خبر القحطاني بيوم، إنه سيعتزل السوشيال ميديا. بعد يومين، قال الإدريسي إنه يريد أن يدافع عن “جهاد الشام ومشروع الهيئة؛” داعياً لـ “قادة” هذا المشروع جامعاً أبا أحمد حدود وأبا ماريا القحطاني في سطر واحد وهما اللذان ينتميان إلى تيارين متصارعين داخل الهيئة.
المعارضون: القحطاني “عميل”
حساب أبو هادي على التلغرام الذي كان أول من نقل خبر “اعتقال” القحطاني نقل أن زعيم الهيئة أبا محمد الجولاني اعترف أمام “قادات المفاصل” في الهيئة بأنه أمرَ بنشر بيان “خفيف للعوام” على اعتبار أنه “من غير المناسب أن (يُقال لهم) … إن شخصية قيادية بحجمه (القحطاني) عميل.”
واعتبر أبو هادي أن الجولاني اتخذ قرارات لصالح القحطاني “قد تؤدي لمنحنى خطير” داخل الجماعة؛ فعامله معاملة تفضيلية من دون أن يوقع عليه عقوبات ما أثار حفيظة معارضي القحطاني داخل الهيئة فيما يُعرف بـ “تيار بنش.” أبو هادي نقل أن الجولاني أفرج عن القحطاني ووضعه “تحت الإقامة الجبرية في مزرعة مجهزة بكل شيئ مع عائلته؛” وخفف الاتهامات الموجهة ضده، مكتفياً بتجميد صلاحياته “وإبعاده عن المشهد.”
حساب أبو يحيى الشامي علق على جملة في البيان جاء فيها أن الهيئة ستعالج قضية القحطاني “في سياق اللوائح التنظيمية؛” وقال إن هذا “حجة” كي ينجو من السجن.
حساب أبو العلاء الشامي وكان مسؤولاً أمنياً في الهيئة قبل استقالته أو الانشقاق عنها، علق: “حينما يكون مسؤول مكتب الشكاوي العام أبو ماريا العراقي الذي فرض قانون الطوارئ على وزارة العدل في إدلب عميلاً للتحالف الدولي، فلكم أن تتخيلوا حجم الاختراق في صفوف المجرم الجولاني.”
القاعدة والقحطاني
من تعليقات حسابات محسوبة على إعلام القاعدة الرديف، برز ما جاء في حساب جلاد المرجئة، الحساب الوازن الذي يعود بعد غياب أيام ليعلق على القضية تحت عنوان “القحطاني عميل مخطئ برتبة أخ.”
يعتبر جلاد المرجئة بيانَ الهيئة “استغفالاً” للناس ويقول: “من تتحدثون عن عمالته هو قيادي من الصف الأول داخل الجماعة … يدير عشرات الخلايا التابعة للتحالف ومسؤول عن قتل واستهداف الكثير من قادة الجهاد في الشام على مر السنين عن طريق طيران التحالف.”
وعليه، يعتبر جلاد المرجئة أن الجولاني مسؤول عمّا حدث داعياً إياه إلى إعلان استقالته “لأنه مشى لسنوات مع عميل للتحالف ينفذ خططه ويؤيد جرائمه وكان رفيق دربه.”
ويكرر جلاد المرجئة في غير موقع الدعوة إلى فتح ملف “قتل قادة الجهاد الأوائل في الشام؛” مذكراً بأسماء جهاديين قتلوا بعد خلاف مع القحطاني.
والحقيقة، اقتراح جلاد المرجئة على هذا النحو يجعلنا نتساءل إن كان فتح ملف قتل قادة الجهاد الأوائل في الشام يشمل غارة التحالف على مقر حراس الدين شمال إدلب في ٣٠ يونيو ٢٠١٩، عندما قُتل قياديون في الصف الأول مثل أبي عمر التونسي قاضي الحدود والتعزيرات ممن عارضوا أبا همام الشامي وسامي العريدي حول تعاون الأخيرين مع هيئة الجولاني.
عقوبات على حلفاء الجولاني
فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على فرقة “السلطان سليمان شاه” (العمشات) وفرقة “الحمزة” (الحمزات).
موقع عنب بلدي أوضح أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابعَ للخزانة أدرج الفصيلين وثلاثَ شخصيات قيادية في قائمة العقوبات: وهم قائد العمشات محمد الجاسم أبو عمشة وشقيقُه وليد الجاسم، وقائد الحمزة سيف بولاد أبو بكر. يأتي القرار لارتكاب هؤلاء ” انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان … في منطقة عفرين شمالي حلب.”
الفصيلان يتبعان الجيش الوطني السوري (الجيش الحر سابقاً) الذي بدوره يعمل ضمن وزارة الدفاع في حكومة المعارضة السورية. القيادي في الجيش، المهندس علاء فحام أبو العز أريحا، اعتبر أن السبب في التصنيف هو “تقارب” الفصيلين مع هيئة تحرير الشام. وقال إن أمريكا باتت تستهدف الهيئة وحلفاءها في غصن الزيتون مذكراً بقرار مماثل طال القيادي في الهيئة أبا أحمد زكور، المسؤول عن ملف الشمال.
تحذير من حساب قاعدي مزور
حسابات وازنة في إعلام القاعدة الرديف تحذر من حساب مزور يدّعي معرفة زعماء القاعدة في القيادة العامة والأفرع: في اليمن والشام وحتى شمال وغرب إفريقيا.
حسابا “بدون عنوان” و “وريث الريمي” حذرا منذ 18 مارس الماضي من حساب باسم عبدالله عبد الرحمن ووصفاه بأنه “جاسوس.”
في 18 مارس، قال حساب وريث الريمي إن هذا الشخص فتح قنوات نسبها زوراً إلى “تنظيم القاعدة في الشام؛” محذراً من قناته “مؤسسة المرسلات لمجاهدي القاعدة في الشام.” كما أنه استهدف على ما يبدو حسابات تعود لأنصار القاعدة في اليمن، فاتهمهم بالكذب.
في 20 مارس، تكرر التحذير بمزيد من التفاصيل من قبيل أن هذا الشخص “يدعي أنه من حراس الدين وأن لديه طريقَ هجرة.”
حساب بدون عنوان قال إن هذ الشخص ادعى معرفة زعيم القاعدة في اليمن خالد باطرفي وزعيم نصرة الإسلام والمسلمين إياد أغ غالي وكذلك مختار بلمختار زعيمَ جماعة المرابطون؛ ناهيك عن منظرين جهاديين مثل أبي محمد المقدسي. كل هذا في سبيل حصوله على “تزكيه” لإطلاق مشروع جديد للقاعدة في الشام.
في 12 أغسطس عاد بدون عنوان للتحذير من هذا الحساب بعد أن نشر على ما يبدو رسالة نسبها إلى محمد الظواهري شقيق زعيم القاعدة أيمن الظواهري من خلال ما ادعى أنه مؤسسة شام الرباط – الجناح الإعلامية لحراس الدين.
مرة ثالثة، في 16 أغسطس، عاد الحسابان وريث الريمي وبدون عنوان إلى التحذير من عبدالله عبدالرحمن بتفصيل الاتصالات معه. يلفت في التفاصيل ثقة الرجل على ما يبدو بقدرته على التواصل مع زعماء القاعدة وثقته بمشروعه إحياء القاعدة في الشام.
وداعش ومتلازمة آيدز
نشر حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي فتوى رسمية أرسلها أمير مكتب الكرار، عبدالقادر مؤمن، إلى ولاية داعش في موزمبيق بتاريخ ١ سبتمبر ٢٠٢٢ بخصوص “إصابة بعض الجنود والسبايا بمرض الإيدز.” يُسأل داعش الرسمي عن فتوى عدم “تقسيم” سبايا بانتظار نتيجة الفحص الإيدز. يأتي في هذه الفتوى ما يؤشر على بشاعة هذا التنظيم التي لا تزال تُذهل. فنقرأ فيها أن من تُعلن إسلامها من السبايا ويثبت خلوها من المرض تُمَلَك أو تُفدى بالمال. وأما من لا تُسلم ويثبت عليها المرض ولم تفدّ بالمال فتُقتل. ومن تُسلم ويثبت عليها المرض ولم تُفد تملك “لأخ” مصاب مثلها.
وفي حال لم يتوفر الفحص، فمن تُسلم من السبايا تُفدى بالمال أو تبقى في “الولاية” دون زواج؛ أما من لا تُسلم فيتم قتلها.
يعلّق الحساب أن الغرض من نشر الفتوى كان “تبيان الكوارث المنهجية التي يعاني منها الأمراء والولاة الذين سلطوا أنفسهم على هذه الأمة باسم الدين وبعنوان الخلافة.”