أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من 11 إلى 17 سبتمبر 2023. في عناوين هذه الحلقة:

  • الذكرى الأولى لاحتجاجات أشعلها حجاب مهسا أميني ووصلت نيرانها إلى كرسي “ولي الفقيه”
  • ما الأثر الإيراني في كتاب عابر سبيل – سيف العدل ”قراءة حرة“
  • بضيق أفق ونقص علم وحكمة، الجهاديون يتعاطون مع مأساتي المغرب وليبيا

ضيف الأسبوع، صلاح أبو شريف الأحوازي،  الأمين العام للجبهة الديمقراطية الشعبية الأحوازية. وعضو مجلس قيادة جبهة الشعوب غير الفارسية.

جينا أميني

تصادف هذه الأيام الذكرى الأولى للحراك الشعبي في إيران الذي كانت شرارتَه قتلُ الشابة الكردية جينا أميني التي يعرفها العالم باسمها الفارسي مهسا.

جينا هو اسمها الكردي. السلطات الإيرانية تحظر الأسماء غير الفارسية أو غير المشفوعة بما يربطها بآل البيت. لهذا كثير من أبناء العرقيات غير الفارسية في إيران يحملون اسمين: اسماً للحياة وآخر للسلطات.

في 13 سبتمبر، زارت جينا وأهلَها طهران. اعتقلتها شرطة ”الأخلاق“ Gasht-e Ershad بحجة أن حجابها غير مناسب. تعرضت للضرب ونقلت إلى المستشفى وأعلنت وفاتها في ١٦ سبتمبر. اندلعت التظاهرات في مدن إقليم كردستان شمالاً، وسرعان ما انتقلت إلى بقية مدن إيران والعالم.

تميزت هذه الاحتجاجات بجرأة في شعارات وسلوك المحتجين الذين طالبوا بإسقاط النظام وولاية الفقيه.

هذا العام، لم تتراجع هذه الجرأة.

قبل الذكرى بيوم، حلقت طائرات عسكرية في سماء مدينة سقز الكردية – مدينة جينا.

المرصد 210 | كيف يشكل الحراك الشعبي لدى إيران حرجاً للجهاديين؟

وفي الليل أطلق الإيرانيون شعارات ”الموت للديكتاتور“ في أحياء مختلفة من طهران ومدن أخرى.

صباح الذكرى، 16 سبتمبر، تجمع المحتجون والمشيعون عند قبر جينا. وفي مكان قريب اعتُقل والدها أمجد أميني. بعد ساعات أُطلق سراحه.

وهكذا تجددت التظاهرات من كردستان شمالاً إلى بلوشستان جنوباً.

أحرق المتظاهرون صور قاسم سليماني، الذي كان ولا يزال يرمز إلى سلطة عسكرية ترتبط بمنصب كبير النظام: علي خامنئي.

في المقابل، أطلق الأمن الغاز المسيل للدموع؛ ونفذ الاعتقالات جملة وفرادى.

النظام الإيراني وظّف رواية عقدية لمواجهة الاحتجاجات شبيهة برواية الجهاديين. فاعتبر أنه يقف في صف”الطائفة المنصورة“ وأن المحتجين يقفون في صف الهالكين.

في التعليق على يومين من التظاهرات، أحصت الدكتورة نينا أنصاري على إكس حصيلة عام: ”550 امرأة ورجل وطفل قتلوا بلا حق؛ 22 ألف اعتقلوا وعذبوا؛ أكثر من 7 إعدامات اعتباطية بمحاكمات صورية .. 89 مليون نسمة رهائن نظام مستبد”.

في المنصات الجهادية التي نرصدها عادة لم نجد تعليقاً. وهو متوقع. فمن ناحية، إيران تشكل حرجاً للقاعدة مثلاً من حيث أن سيف العدل، الاسم الأبرز اليوم في القاعدة، يعيش في إيران منذ أكثر من عقدين وهو من تبقى من جيل ”الحرس القديم“ والمرشح لقيادة التنظيم. كيف سيبرر إعلام القاعدة الرسمي والرديف هذه الإشكالية؟ هذا في حد ذاته معضلة.

ومن ناحية أخرى، العام الماضي أظهر الجهاديون ضيق الأفق عندما تبنوا الرواية الإيرانية؛ وهي أن الاحتجاجات مدفوعة من الخارج وأن الإيرانيات إنما يردن خلع الحجاب. ما يحدث في إيران يتعدى الحجاب إلى مطالب شعبية مزمنة معني بها الرجال والنساء، العرب والفرس، الشيعة والسنة في الجغرافيا الإيرانية.

كشف المستور: الأثر الإيراني ”من طرف“ سيف العدل

استمراراً لملف القاعدة وسيف العدل وإيران، واضح أن القيادة العامة لتنظيم القاعدة اتخذت قراراً بأن تُظهر هذه العلاقة إلى العلن. في أسبوع ذكرى هجمات سبتمبر، اعترفت القاعدة أخيراً بتبعية الاسم المستعار الأبرز في تاريخ القاعدة ”عابر سبيل“ ونسبته إلى محمد صلاح الدين زيدان، سيف العدل.

في تاريخ 11 سبتمبر 2023، نشرت السحاب، الذراع الإعلامية للقيادة العامة لتنظيم القاعدة، كتاب ”قراءة حرة في كتاب [33] استراتيجية للحرب“ الذي وضعه سيف العدل تحت اسمه الصريح والمستعار. الكتاب الذي يقع في 381 صفحة، وُضع في الفترة من  2017 إلى 2022.

جزء من هذا الكتاب كان منشوراً على الإنترنت قبل هذا التاريخ. لكن المنشور، بحسب ما توصل إليه هذا البرنامج، يقع في 150 صفحة فقط. المهم أن هذا الكتاب اشتُهر من خلال سلسلة مقالات منفردة نشرها موقع مافا الإيراني الذي يديره مصطفى حامد أبو الوليد المصري صهر سيف العدل.

في قراءة سريعة مؤقتة لهذا الكتاب، نجد أن سيف العدل يشير بكثير من الاحترام إلى أسامة بن لادن ومصطفى حامد – الذي يقدّم له غالباً بـ ”المهندس”. لكن لم نجد أنه ذكر أيمن الظواهري في أي مفصل.

المرصد 210 | كيف يشكل الحراك الشعبي لدى إيران حرجاً للجهاديين؟

ولا يخفي سيف العدل إعجابه بنظام الحكم في إيران ومن والاها. فمثلاً، يدعو تنظيم قاعدة اليمن إلى أن يحذو حذو الحوثيين، ذراع إيران هناك، فيما يتعلق بـ ”احتراف صناعة الصواريخ. في الصفحة 184، يقول إن هذا الاجتهاد ”بدل المعادلة ما بين الحوثيين وحكام الجزيرة”.

ومن نافلة القول أنه في موازاة هذا الإعجاب بالنموذج الإيراني، لا يتوانى عن تأكيد تحامله على دول الخليج العربي.

كذلك، في الصفحة 212، يشيد سيف العدل بقدرة إيران على التفاوض من خلال ”الأبواب الخلفية.“ يُعلق باقتضاب كيف تمكنت إيران من الحصول على السلاح من خلال مفاوضات سرية للإفراج عن رهائن أمريكيين إبان ثورة الخوميني.

يشيد سيف العدل أيضاً بنموذج الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني الذي أشرف على ”خطة الخداع الإستراتيجي“ ضد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب.

وفي ملف آخر، يكرر سيف العدل رواية القاعدة التي تساوي نفسها بطالبان ويقول إن ”أمريكا وخلفاءها“ تكالبوا على ”الإمارة“ وعلى القاعدة وإن الاثنتين نجيتا من هذا الانقضاض. وهنا يكرر ما يقوله مصطفى حامد عن أن ”جهاد الإمارة الإسلامية“ يتميز بـ ”الوحدة”.

يضم الكتاب فقرات وهوامش من إنتاج لسيف العدل غير منشور بعد ومنه ”سلسلة مقالات عن الثورة المصرية، وسلسلة بعنوان ”ألف تغريدة وتغريدة”.

وعلى الهامش، لفت استخدام سيف العدل عبارة ”من طرفي“ في بداية جمل تفيد معنى ”من ناحيتي“ واللافت أن هذا تعبير يستخدم في الفارسية (آز طرف ما). فقلما تُستخدم عبارة ”من طرفي“ في العربية في بداية الكلام بهذا المعنى.

مأساة المغرب وليبيا

بفارق يومين فقط، أصابت كارثتان شمال إفريقيا ما تسبب في قتل 16 ألف شخص على الأقل وتشريد مئات الآلاف.

يوم 8 سبتمبر، ضرب زلزال قوي منطقة مراكش صافي في المغرب أودى بحياة حوالي أربعة آلاف شخص.

ويوم 11 سبتمبر، ضربت عاصفة دانيال مدينة درنا الساحلية في ليبيا أودى بحياة اثني عشر ألفاً.

الجهاديون تفاعلوا مع هذين الحدثين ولكن بينما قدموا التعازي بيد، ضربوا بيد أخرى قائلين إن العاصفة والزلزال غضب ونذير معصية.

تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين أصدرتا بياناً مشتركاً لتقديم التعازي. بدأ البيان بلغة مختلفة عمّا هو معهود في بيانات القاعدة والجهاديين إجمالاً عندما يتحدثون عن المناطقية. صحيح أن الحدث مختلف، ولكن يظل هذا التفصيل لافتاً. توجه البيان إلى الجزائر بشكل خاص ”أن يقفوا وقفة إخاء ومودة وتكافل وتضامن … مع إخوانهم في المغرب؛“ على اعتبار أن الجزائر والمغرب ”بلد واحد والشعب شعب واحد والأرض أرض واحدة.“

لكن يعود الجهاديون سيرتهم الأولى فيعتبرون الزلزال ”نذر“ من السماء ذلك أن ”الواقع“ في المغرب وليبيا ”نذير شؤوم وخطر عظيم”.

تنظيم القاعدة في اليمن نشر بياناً اعتبر فيه أنه ”لا ينزل بلاء إلا بذنب.“

مؤسسة كتائب الإيمان للإنتاج الإعلامي، من إعلام القاعدة الرديف في اليمن، اعتبرت هذه الزلازل والأعاصير ”مجرد إنذار“ لساكني المغرب وليبيا وغيرهما من البلدان ” التي انتشر فيها الفسوق والفجور والعصيان والكفر”.

ومثل القاعدة داعش. افتتاحية صحيفة النبأ في عددها الصادر الخميس 14 سبتمبر 2023، قالت إن أسباب وقوع هذه النوازل هو ”ترك تغيير المنكر”.

أما حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي، فاكتفوا بالترحم على الموتى والدعاء لمن نجا؛ وقالوا خيراً: “حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ إنا لله وإنا اليه راجعون”.

فهم الجهاديين لهذه الكوارث هو المتوقع منهم. فهم لا يقيمون وزناً للحياة أو العلم؛ وفي هذه الحالة، حتى الموت لا حرمة له عندهم.

ونقول: عاصفة دانييل تشكلت يوم 4 سبتمبر وضربت اليونان وتركيا وبلغاريا قبل أن تضرب ليبيا. في تلك الدول قتلت 28 شخصاً فقط. وصلت العاصفة إلى ليبيا في 11 سبتمبر. وللأسف، كانت المشكلة في درنة هي انهيار السدين.

ونزيد أن عاصفة دانييل تحركت من درنة شرقاً ووصلت إلى سواحل ”إسرائيل“ من دون أن تتسبب في وقوع إصابات.

أما عن الزلزال، يلفت ما كتبه موقع مركز المسح الجيولوجي الأمريكي في توثيق زلزال مراكش. الأمريكيون لم يقذفوا أهل ليبيا والمغرب بالكفر والمعصية؛ وكتبوا بالإنجليزية والعربية: ”دعماً لأهل المغرب، سنواصل استخدام العلم لمساعدة الناس خلال هذا الوقت لاتخاذ أفضل القرارات لأنفسهم وعائلاتهم ومجتمعاتهم”.

استئناف مجلة صدى الملاحم

استأنف إعلام القاعدة في اليمن إصدار مجلة صدى الملاحم في عددها السابع عشر. المجلة أصدرت الأعداد الستة عشر الأولى في الأعوام من 2008 إلى 2011، وهي موثقة في موقع جهادولوجي للباحث الدكتور آرون زيلين. بدأ المجلة اثنان من قاعدة اليمن هما أبو همام القحطاني وسالم النجدي.

المرصد 210 | كيف يشكل الحراك الشعبي لدى إيران حرجاً للجهاديين؟

غلاف العدد الجديد من صدى الملاحم.

في هذا العدد المستأنف، كتب خالد باطرفي زعيم القاعدة في اليمن افتتاحية العدد مشيداً باستئناف النشر.

لكن اللافت هو اعتراف التنظيم لأول مرة بأن قاضيه الشهير محمد درامة أبا بشر مسجون. أبو بشر كان له دور كبير في قضية الجواسيس وكان حاضراً بقوة في توثيقها عبر الفيديو.

في أبريل 2021، ذكرت وكالة سبأ اليمنية نقلاً عن تقرير حكومي أنه ألقي القبض على أبي بشر في 13 يناير ذلك العام.

بالرغم من هذا، في أبريل ذلك العام، نشر التنظيم إصداراً لأبي بشر؛ كان أول ظهور إعلامي للرجل في ذلك الوقت منذ عام بحسب ما لاحظت الدكتورة إليزابيث كيندال الخبيرة في الشأن اليمني.