الصين تستغل مأساة الإيغور للهيمنة على تدفق المعلومات والأخبار في العالم
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من 25 سبتمبر إلى 2 أكتوبر 2023. في العناوين:
- كيف ستهيمن الصين على تدفق المعلومات والأخبار في العالم؟ مأساة الإيغور نموذجاً
- فرع القاعدة في شبه القارة الهندية يعترف بأن الموساد قتل أبا محمد المصري
- وبعد موجة تخوين، إعلام القاعدة المناصر يشكل هيئة رقابية
ضيف الأسبوع، الأستاذ محمد أمين منسق العلاقات العامة للاتحاد العالمي لمنظمات تركستان الشرقية والباحث في السياسة الشرعية والعلوم السياسية والمهتم بالعلاقات الصينية العربية
العالم سيفكر بالصينية!
بتنا نعلم أن الصين وروسيا طورتا أدوات للتلاعب بالأخبار وتعظيم روايتيهما في قضايا مثل مأساة الإيغور في شينجيانغ والحرب على أوكرانيا.
المشكلة أن الأمر يتجاوز ”الدبلوماسية العامة“ وتقديم رواية للمتلقي تختلف عن روايات أخرى تمثل أطرافاً أخرى في قضية ما.
ما يحدث هنا هو أن الصين -في هذه الحالة- تستخدم وسائل تطمس الروايات الأخرى بحيث لا يبقى أمام المتلقي سوى الأخذ بروايتها وحدها دون غيرها.
ومرة أخرى الخطر ليس فقط في المتلقي الفرد وإنما أيضاً في الدول التي قد تتخذ قرارات بناء على تلك الرواية المنفردة يجعلها تخضع للصين اقتصادياً وأمنياً.
تقرير نشرته وزارة الخارجية الأمريكية في 28 سبتمبر 2023، يستعرض الأساليب التي باتت تستخدمها الصين منذ سنوات للهيمنة على تدفق المعلومات في العالم.
يقول التقرير إن الصين تُنفق مليارات الدولارات سنوياً في سبيل تحقيق هذا المخطط.
فمثلاً، لا تتوانى الصين عن الاستحواذ على حصص في وسائل إعلامية أجنبية بطرق معلنة أو غير معلنة كما يحدث في إفريقيا مثلاً إذ تستثمر الصين في منصات مرئية رقمية وشبكات أقمار صناعية.
الصين تجتهد كذلك في دعم مؤثرين على السوشيال ميديا يبثون رسائل موجهة ليست بالضرورة أن تكون سياسية.
وأكثر من هذا، تدعم الصين مؤثرين ينتمون إلى عرقيات أو أقليات محلية مقهورة لإنتاج محتوى يدعم رواية الحزب الشيوعي الحاكم؛ كأن تدعم صناع محتوى من الإيغور أو التبتيين بهدف ضرب مصداقية الشعبين.
من ناحية أخرى، تبتكر الماكينة الصينية حسابات وهمية تستهدف هاشتاغات مناهضة للصين فتحول اتجاه الخطاب إلى النقيض الذي لا يقوم على حقائق.
وهنا تستغل الصين هذه الحسابات الوهمية لضخ كم هائل من المحتوى المؤيد بحيث تعجز الخوارزميات على تمييز غثه من سمينه.
وهكذا يصل المحتوى الصيني إلى منصاتنا المعتادة شئنا أم أبينا – سواء بحثنا عن موضوع ما أم لم نبحث. الخوارزميات تحمل المحتوى الصيني إلينا لأنه ببساطة هو المسيطر على الفضاء والأكثر حضوراً فيه. الروايات الأخرى تُطمس فلا تراها الخوارزميات.
أسلوب أخر تنتهجه الماكينة الصينية يتمثل في تصدير تكنولوجيا ”المدن الذكية“ من قبيل إنترنت الأشياء. فهذه تقنية تهدف نظرياً إلى أتمتة الخدمات. لكن الحقيقة هي أن هذه التقنية تتحول إلى نظام رقابة صارم يتجاوز ضبط الأمن مثلاً إلى القمع؛ والخدمة إلى جمع المعلومات التي تُستغل لاحقاً بما يخدم اقتصاد الصين وأمنها.
العنب المر
كل هذه أساليب تستخدمها الصين في قمع الإيغور في إقليم شنجان أقصى غرب البلاد.
والإيغور عرقية تركية مسلمة، انضمّ الإقليم رسمياً إلى الصين في منتصف القرن الماضي. لكن بكين تتهم الإيغور بالسعي إلى الانفصال وتعاملهم مواطنين من الدرجة الثانية.
ولا يبدو أن شيئاً يغفر للإيغوري؛ مهما قدّم للحزب الحاكم، يظل مستهدفاً.
وقد وثقنا جزءاً من هذه المظالم في فيلم وثائقي بعنوان ”العنب المر“ – نهج الصين في قمع الإيغور.
آخر هذه الإجراءات أن قضت محكمة صينية الشهر الماضي، بالحكم المؤبد على عالمة الإنسانيات الدكتورة راحلة داوود فقط لأنها وثّقت الموروث الإيغوري.
عن اغتيال أبي محمد المصري في طهران
إعلام رسمي تابع للقاعدة يعترف بقتل أبي محمد المصري الذي كان نائباً لزعيم التنظيم أيمن الظواهري.
في منصة إكس، كتب الباحث الأفغاني عبد السيد أن مجلة بالأوردو يصدرها فرع القاعدة في شبه القارة الهندية ذكرت أن الموساد الإسرائيلي اغتال المصري في شهر أغسطس 2020. المجلة لم تذكر أن المصري قُتل في طهران.
وهذا مهم. وجود قيادات التنظيم في إيران وتحديداً سيف العدل وأبو محمد المصري، يشكل حرجاً للتنظيم. فليس ثمة ما يبرر أو يفسر وجود الرجلين هناك على الأقل منذ العام 2015 عندما أطلق سراحهما في صفقة تبادل أسرى شهيرة.
الظواهري: حي؟ ميت؟
في المقابل، لا يزال أنصار القاعدة يترنحون بخصوص مصير زعيم التنظيم أيمن الظواهري. هل مات أم لا يزال حياً؟
لفتت هذا الأسبوع منشورات متتابعة، أحدها يشير إلى الظواهري بـ ”حفظه الله،“ فيما يدعو له آخر بالرحمة؛ وثالث يكتب الاسم مجرداً.
قد يقول الأنصار إن الرحمة تجوز للحي والميت.
وقد يقولون إن إعلام القاعدة الرسمي أشار غير مرة إلى بن لادن بعد موته من دون عبارة الترحم.
ونقول، إن مسألة الظواهري مختلفة. فالتنظيم مطالب بحسم مصير الرجل حياً كان أم ميتاً لمسائل عقدية تتعلق بالبيعة مثلاً. فبينما يأخذ القاعديون على الدواعش مبايعتهم مجهولاً، يقع القاعديون في مأزق مبايعتهم ميتاً.
المسألة الأخرى المهمة هي الخلافة: من يتولى الزعامة بعد الظواهري؟ سيف العدل من طهران مثلاً؟
وهنا، يرى هذا البرنامج أن إعلام القاعدة يبدو أكثر تقبلاً للعلاقة الإيرانية.
ويظهر هذا من حجم التذكير بسيف العدل وتأكيد دوره في الإعلام. فبعد أن كانت السحاب تنشر مقالاته بأسماء مستعارة؛ نشرت أخيراً مؤلفاً كاملاً باسمه الحركي الأشهر ”عابر سبيل،“ الذي عرفناه من خلال موقع مافا الإيراني.
تجمع إعلام القاعدة الرديف
بعد الخلافات العلنية المتكررة والحادة داخل جماعات إعلام القاعدة المناصر أو الرديف، أعلن في يوم 28 سبتمبر 2023 عن تشكيل ”مجلس التعاون الإعلامي الإسلامي“.
القائمون على هذا المجلس أكدوا في بيانهم الأول أنه جهة ”غير رسمية“ تشكلت من ”عدد من القنوات والمجموعات والمنتديات الناشطة في الساحة الإعلامية الجهادية“.
وأضافوا أن عمل المجلس ينحصر في الرقابة والإرشاد من دون التدخل في شؤون الجماعات أو الحسابات المناصرة. وحددوا الأهداف بتنظيم العمل المشترك بين جميع المؤسسات والقنوات الرديفة، وتقديم النصائح والتوجيهات لها ودعمها بالكوادر اللازمة.
المساجد الجريحة
حتى الآن، لم تعلن جهة مسؤوليتها عن تفجير المسجدين في باكستان.
يوم الجمعة 29 سبتمبر، استهدف انتحاريان مسجدين في موقعين مختلفين: في بلوشستان وخيبر بختونخوا؛ ما أسفر عن قتل ما لا يقل عن 57 شخصاً من بينهم سبعة أطفال.
طالبان باكستان (تي تي بي) TTP سارعت لنفي مسؤوليتها عن الهجومين؛ وقالت إن استهداف المساجد والمدارس والتجمعات العامة ”ليست من بين أهداف“ الجماعة.
طالبان باكستان حوّلت قائمة أهدافها لتنحصر في المواقع العسكرية الباكستانية ضمن خطة تأمل أن تؤهلها للحصول على موقع شبيه بموقع طالبان في أفغانستان.
ولهذا، كان مهماً هذا الأسبوع أن أعلنت TTP عن ضمّ جماعة مسلحة تنشط في ولاية دير إسماعيل خان التابعة لإقليم خيبربختنخوا غرب باكستان.
هذا الاندماج هو الحادي والأربعون منذ يوليو ٢٠٢٠؛ والتاسع عشر منذ مطلع العام.
بحسب دراسة للباحثين عبد السيد وتوره همينغ منشورة في موقع مركز مكافحة الإرهاب CTC، من شأن هذه البيعات أن تعزز قوة TTP القتالية في المنطقة القبلية؛ بالإضافة إلى قدرتها التنظيمية بحيث تجد لها موطئ قدم في مناطق استراتيجية مهمة.
ومن هنا أقامت TTP ”حكومة ظل“ في المناطق التي تنشط فيها ضمن استراتيجية عامة تحذو فيها حذو طالبان أفغانستان باعتماد أجندة محلية الأهداف والجغرافيا بعيداً عن الجهاد العالمي الذي بشر به أسامة بن لادن.
القحطاني – غيت
في آخر تطورات قضية أبو ماريا القحطاني، القيادي في هيئة تحرير الشام، والموقوف على ذمة التحقيق في قضية عمالة وتخابر مع جهات أجنبية، نشر أبو العلاء الشامي في حسابه ”وحي وخواطر“ تحت عنوان ”التحالف يوزِّع الرَّواتب و الهدايا على أمراء الجولانيِّ الأمنيِّين“ قائمة من قال إنهم متعاونون مع القحطاني.
وتضم القائمة مهام هؤلاء والمبالغ المرصودة لهم. آخرون نقلوا أن الجولاني زعيم الهيئة يفكر في إطلاق سراح القحطاني.