تبعية حماس لإيران تلقي ظلالها على مناصرة الجهاديين
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر 2023. إلى العناوين:
- داعش الرسمي صامت، والقاعدة تركب موجة ”طوفان الأقصى“
- المقدسي ينشر في عجالة منتقداً إثارة موافقه السابقة المناوئة لحماس
- مع تواصل الحرب في غزة، تداول غير مسبوق للأخبار الزائفة
هل تنجح المشاريع الجهادية على الأرض؟
ضيف الأسبوع، الأستاذ عبدالمنعم منيب صاحب مدونة ”الأمة اليوم.” وله مؤلفات منها: ”التنظيم والتنظير … تنظيم الجهاد وشبكة القاعدة بين الماضي والحاضر والمستقبل“ وكتاب ”مراجعات الجهاديين – القصة الخافية“
القاعدة والطوفان
لم يصدر عن داعش حتى اليوم أي بيان أو خبر يتعلق بحرب ”طوفان الأقصى“. أما تنظيم القاعدة، فقد ركب الموجة؛ فهل يخدم هذا القضية الفلسطينية في شيئ؟
بعد مرور سبعة أيام على بدء الحرب في قطاع غزة، نشرت القيادة العامة لتنظيم القاعدة بيان تأييد للفلسطينيين؛ وبهذا تكون القاعدة المركزية وفروعُها جميعاً نشرت بيانات التأييد.
ملاحظتان مهمتان هنا:
ثمة تفاوت في هيئات القاعدة حول ذكر اسم حماس أو كتائب القسام. ومرد هذا إلى الجدل العقدي داخل أوساط الجهاديين بالنظر إلى تبعية حماس المعلنة لنظام الحكم في إيران. وتناولنا هذا الإشكال في الحلقة الماضية؛ فكان مخرج جهاديي القاعدة من المأزق هو التفريق خطأ بين جناحي حماس السياسي والعسكري.
الملاحظة الثانية هي أن القاعدة تتعهد بالمشاركة في الحرب. فأي خدمة يسديها هذا إلى الشعب الفلسطيني؟
في التفصيل، بيان القيادة العامة لتنظيم القاعدة المنشور مساء الجمعة ١٣ أكتوبر، لم يذكر حماس أو كتائب القسام؛ وإنما أشار إلى ”مجاميع المجاهدين في فلسطين“ متعهداً بالوقوف معهم ”صفاً واحداً في نفس خندق القتال.“ البيان حرض كذلك على استهداف ”الصهاينة“ في الدول التي تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
في نفس اليوم، نشر تنظيما القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ونصرة الإسلام والمسلمين، بياناً مشتركاً بعنوان ”وارتاعت يهود لقرب وعود.“ تعهد البيان بأن مقاتلي التنظيم ”(يسابقون) الزمن ليتحصل لنا من المكنة ما يوصلنا إليكم لنحرر بيت المقدس.“ لكن بخلاف بيان القيادة العامة، ذكر البيان كتائب القسام من دون أن يذكر تبعيتها لحركة حماس. بل حذّر من أن يُترك ”المجاهدون في فلسطين وحدهم“ ليظلوا تحت سيطرة ”الرافضة.“
تنظيم جماعة الشباب التابعة للقاعدة في الصومال، أصدر بيان تأييد بتاريخ ١١ أكتوبر، بعنوان ”تهنئة ومباركة.“ البيان لم يذكر لا حماس ولا كتائب القسام. وتعذر بأن بعد المسافة منعهم من الانضمام إلى القتال.
مؤسسة شام الرباط الجناح الإعلامية لتنظيم حراس الدين، الممثل الغائب للقاعدة في الشام، نشرت في تاريخ 9 أكتوبر بياناً بعنوان ” القدس لن تهود.“ البيان لم يذكر حماس أو القسام. واعتبر أن ما يجري هو ”فرصة ثمينة،“ يجب استغلالها لاستعادة ”زِمام المبادرة“ في الساحة الشامية.
المقدسي يعود
يغيب منظر الجهادية أبو محمد المقدسي عن السوشيال ميديا وتحديداً عن منصة إكس. لكن هذا الأسبوع، تناقل أنصار القاعدة رسالة منه رداً فيما يبدو على سؤال حول فتوى تأييد حماس أو كتائب القسام.
ما يقوله المقدسي اليوم يؤكد ما قاله سابقاً وإن حاول التراجع عنه. يقول اليوم: ”انزعجت من تكرار سؤال الإخوة عن أقوالنا المعروفة والقديمة في حماس …. وفيها تفصيل معروف بين الحكومة التي لا تحكم بالشرع ومن يناصرها على قوانينها، وبين عموم شباب حماس أو القساميين.“ في المطلق، شدد المقدسي في رسالته الجديدة هذه على أن ”التوقيت“ اليوم لا يسمح بإثارة هذه المسائل التي بحسبه تأتي من باب ”التخذيل عن نصرة أهل غزة.“
والحقيقة يهمنا في هذا البرنامج الإضاءة على المفارقات في مواقف الجهاديين لأنها تُظهر الفجوة بين العمل والتنظير؛ وبالتالي فشل المشاريع الجهادية على الأرض.
وهنا نوضح أن ”التفصيل“ الذي تحدث عنه المقدسي لم يحمل قيمة عندما كتب في تاريخ ٢٣/ ٩/ ٢٠٠٩ قولَه: ”فمن كان من كتائب القسام لا ينصر الحكومة التي تعطل شرع الله وتحكم بالقوانين الوضعية وتتخذ الديمقراطية التشريعية منهجاً ولا يعين أنصار القوانين على قتال إخواننا الموحدين؛ أقول مثل هذا إن وُجد فلا نكفره؛ لكن معظم إخواننا في غزة يقولون أن مثل هذا لا يمكن أن يوجد إلا باعتزاله العمل وبقائه تحت كتائب القسام بالاسم فقط وأن القساميين قد شاركوا جنباً إلى جنب في قتال إخواننا الموحدين (ويقصد هنا داعش) ويعملون ليل نهار في نصرة الحكومة المعطلة لشرع الله والحاكمة بغير ما أنزل.“ انتهى كلام المقدسي.
الخرق يتسع
كثير من أنصار القاعدة لم يعد يلتفت لهذا التفصيل بين حماس العسكري والسياسي؛ حتى إن بعضهم اعتبر بيانات القاعدة مشاركة حقيقة في الحرب بالرجال والعتاد!
جهاديون آخرون ممن لا يؤيدون القاعدة بالضرورة استغلوا البيانات لضرب منهج منظرين مثل أبي محمد المقدسي. يلفت هنا ما قاله نائل بن غازي الغزي، المعروف بتأييده لهيئة تحرير الشام المناوئة للقاعدة؛ إذ اعتبر بيانات القاعدة ”توجيهاً مهماً في لحظة فارقة ليدرك الشباب أن هناك من أراد أن يقدم خربشاته على أساس من الألمعية غير المسبوقة.“
عدم اعتبار هذا التفصيل بدا لافتاً أيضاً فيما كتبه مؤيدو هيئة تحرير الشام. عبدالرحيم عطون، القيادي في الهيئة، كتب في هذا الموضوع تحت عنوان ”لكل مقام مقال؛“ معتبراً أن الأولوية اليوم هي تأييد غزة.
لكن من جهاديي الهوى من لا يزال يؤكد على إشكالية حماس من حيث علاقتها مع نظام الحكم في إيران. الزبير بن معاذ الفلسطيني كتب عن المصلحة الإيرانية في توريط حماس في معركة ”بهذا الحجم المهول.“ يقول: ”تحرير فلسطين ليس من أولوياتهم (أي إيران)، بل من مصلحتهم بقاء احتلالِها، لأن هذا الاحتلال هو الوسيلة التي يخدعون بها مغفلي المسلمين لتجميل وجه مشروع إيران الدميم في بلاد المسلمين.“
إعلام القاعدة الرديف وإعادة التدوير
اجتهد إعلام القاعدة الرديف في دعم ”طوفان الأقصى“ ضمن حملة على الإنترنت. أبرز الإصدارات في الحملة جاءت من جيش الملاحم الإلكتروني ومؤسسة كتائب الإيمان، ومؤسسة الواثبون الإعلامية، وناشر، ومجلس التعاون الإعلامي الإسلامي.
اللافت في الإعلام الرديف ليس فقط نشر بيانات التأييد غير الرسمية، ولكن إعادة تدوير إنتاج الإعلام الرسمي وإعادة النشر تحت عنوان ”طوفان الأقصى.“
لهذا ازدحمت مجموعات المناصرين بمقتطفات من كلمات سابقة لزعيم تنظيم القاعدة الغائب أيمن الظواهري. راجت كذلك مقتطفات من إنتاج القاعدة في اليمن وتحديداً إصدار ”من هنا نبدأ وفي الأقصى نلتقي“ الذي نُشر أول مرة في يناير 2009.
إدلب وغزة: ”الجرح ذاته“
في ظل انشغال العالم بالحرب في غزة، لفت باحثون إلى ما يجري في سوريا. في الأسبوع الأول من أكتوبر، كثف النظام السوري وحليفه الروسي الغارات على إدلب ما أسفر عن قتل ٤٦ مدنياً بينهم ١٣ طفلاً.
الباحث آرون زيلين من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى كتب على منصة إكس ”إدلب وغزة: الجرح ذاته. الأرواح السورية مهمة أيضاً. كما المدنيون الفلسطينيون والإسرائيليون مهمون.“ تشارلز ليستر من معهد الشرق الأوسط أشار إلى مفارقة وصفها بـ ”المثيرة للغضب“ عندما قال إن صوراً قديمة من معاناة المدنيين السوريين تملأ السوشيال ميديا على أنها صور من غزة تطالب المجتمع الدولي بموقف. المفارقة هي أن هذه الدعوات تأتي من حسابات تؤيد نظام الأسد.
حرب الأخبار الزائفة
تداول الأخبار الزائفة أو المعلومات المغلوطة وصل حداً غير مسبوق خلال الحرب في غزة خاصة الأخبار المصورة. ثمة حسابات تعمل باجتهاد واقتدار على فرز الغث من السمين. على إكس، نجد حسابات مثل @CommunityNotes و @propandco وموقع مسبار بالعربية؛ وكذلك خدمة التحقق من BBC وصحفييها مثل شايان سرداري زاده @Shayan86.
من الفيديوهات التي تحققت منها هذه الحسابات فيديو جثث أطفال قيل إنها لأطفال فلسطينيين في هذه الحرب، اتضح أنها صور لأطفال سوريين من الهجوم الكيماوي على الغوطة في ٢٠١٣.
فيديو آخر شوهد ربع مليون مرة تقريباً قيل إنه لمقاتل من حماس يُسقط مروحية إسرائيلية. الحقيقة هي أن المشهد من لعبة Arma3 .
فيديو آخر شوهد ملايين المرات قيل إنه لقوات حماس أثناء اقتحامهم بلدة إسرائيلية. والحقيقة أن الفيديو لجنود إسرائيليين في القدس الشرقية.
وانتشر فيديو قيل إنه أول توثيق لتشغيل نظام الشعاع الحديدي – النسخة المحدثة من القبة الحديدية. الفيديو مأخوذ أيضاً من لعبة Arma3
القاعدة.. وزلزال أفغانستان
نشر تنظيم القاعدة في اليمن بيان ”تعزية ومواساة بشأن زلزال أفغانستان.“ الذي قضى فيه حوالي ألفا شخص.
وكما كان متوقعاً، جاء البيان على النقيض من بيان الجماعة في زلزال المغرب الذي قتل حوالي ثلاثة آلاف شخص.
في دلالة أخرى على جهل الجهاديين ونفاقهم، خلا بيان زلزال أفغانستان من عبارات قذف أهل الأرض بالمعصية كما جاء في بيان زلزال المغرب.