مصطفى حامد ينتقد منتقدي سلوك إيران في التعامل مع ما يحدث في غزة
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من 23 إلى 29 أكتوبر 2023. إلى العناوين:
- جهاديون يردون: ”فيلق القدس“ الإيراني قاتل في كل مكانٍ من بلاد المسلمين عدا القدس!
- ”الدعاية الإيرانية“ أفقدت الفصائل الفلسطينية ”كثيراً“ من عمقها العربي والإسلامي
- كما إيرانُ، القاعدة …. باطرفي يستميت في استثمار حرب غزة لمصلحة التنظيم
ضيف الأسبوع، صلاح أبو شريف الأحوازي، الأمين العام للجبهة الديمقراطية الشعبية الأحوازية، يحدثنا عن إيران ”وجهاد طروادة“: كيف تستغل إيران الجماعات السنية لبث الدمار في العالم العربي والإسلامي.
غزة … اليوم 23
مع تراكم الأيام في الحرب على غزة، تتسع رقعة الدمار، وتضيق فسحة الأمل.
في الساحة الجهادية، تبرز هذا الأسبوع مسألتان. الأولى محاولة القاعدة اليائسة، الاستثمار في الدم الفلسطيني مع ظهور رموز من التنظيم لأول مرة منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر.
والثانية استمرار الحديث عن العامل الإيراني ولكن ليس من حيث جدليةُ ولايتهم على حماس التي بدأت طوفان الأقصى، وإنما من حيث تكشفُ أبعاد مصلحة الملالي وانحرافُ ما يُسمى بمحور الممانعة والمقاومة. إلى التفاصيل.
جهاد طروادة
في 18 أكتوبر، كتب الدكتور علي فريد الهاشمي، في حسابه على التليغرام وإكس ”الحُسين يُقتل من جديد“ في أقوى توصيف لموقف إيران من الحرب في غزة بعد أن تشدق نظام الملالي طوال عقود بمسؤوليته تجاه القدس والفلسطينيين حتى نصّب ذاته عرّاباً للممانعة والمقاومة في الشرق الأوسط.
ننطلق من هذا التوصيف – ”الحسين يُقتل من جديد“- لنعرج على مقال لافت في موقع مافا السياسي الإيراني التابع لمصطفى حامد أبي الوليد المصري.
مصطفى حامد هو من الرعيل الأول من المجاهدين العرب في أفغانستان وهو والد زوجة سيف العدل، الزعيم الفعلي لتنظيم القاعدة. حامد وسيف العدل يعيشان في طهران منذ غزو أمريكا أفغانستان في 2001.
في تاريخ 29 أكتوبر، كتب حامد تحت عنوان ”غزة : الموت على الطريقة الشيعية“ منتقداً منتقدي سلوك إيران تجاه غزة المتمثل في عدم المشاركة الفعلية والاكتفاء بتصريحات شاجبة كغيرها من دول المنطقة السنية.
ومن زاوية التشيع، يعتبر حامد أن إيران – بشيعتها – غير مسؤولة عن حماس التي أطلقت أحداث ٧ أكتوبر؛ بل إن المسؤولية تقع على عاتق السنة. مستهزئاً يقول: ”إذا لم تتركوا أهل غزة يعيشون كما يعيش باقى أهل السنة فعلى الأقل اتركوهم يستشهدون كما استشهد الحسين“ رضي الله عنه.
الرد على هذه المواربة نجده مرة أخرى في حساب الدكتور علي فريد، مع ملاحظة أن الدكتور فريد لم يكن يرد على مصطفى حامد تحديداً وإنما على آخرين مثلِه يتساءلون: لماذا نتحدث عن إيران الشيعية ولا نتحدث عن العرب السنة؟
في تاريخ 24 أكتوبر، كتب فريد: ”لا يا عزيزي .. ليسوا سواء … حين يتساءل العقلاءُ عن سبب غياب إيران … (وحزب الله) عن نصرة غزة عسكرياً؛ فلا تسألهم أنتَ عن سبب غياب الأنظمة العربية!“ وهنا، يبدأ فريد بتأسيس وتوضيح موقفه من الأنظمة العربية بالاستهجان والرفض والذم.
ثم ينتقل للحديث عن إيران. فيقول: ”أما إيران الخمينية؛ فقد أَسَّسَت سَرديَّتَها الدعائية كلَّها على ما أسمته مجاهدةَ الشيطان الأكبر، ونصرة المستضعفين، ومقاومة الاستكبار العالمي.. كما أنشأت فيلقاً من القتلة والمجرمين أسمته (فيلق القدس) قَاتَلَ في كل مكانٍ من بلاد المسلمين عدا القدس! وهذه السردية الدعائية الكاذبة هي التي (سحرتكم) حتى لا تسمعوا أرقام الشهداء الذين قتلتهم إيرانُ وميلشايتُها؛ والتي بلغت أكثر من مليوني مسلم في الشام والعراق واليمن، بالإضافة إلى تهجير أكثر من خمسةَ عشر مليون مسلم، وتغيير التركيبة السكانية في بلاد المسلمين لصالح (الشيعة).“
أما في البعد الفلسطيني تحديداً، يقول فريد: ”بسبب هذه الدعاية الرافضية الكاذبة خسرت فصائل المقاومة في فلسطين كثيراً من عمقها العربي والإسلامي الشعبي حين ارتمت في أحضان إيران طلباً للدعم الذي لم تنل منه رُبعَ ما نال الحوثي في اليمن؛ لا لشيء إلا لأن الحوثي ابن إيران عقدياً، بينما فصائل المقاومة الفلسطينية بالنسبة لإيران ليسوا أكثر من (أغيار) تستخدمهم فقط لتجميل وجهها القبيح!“
محور المتاجرة
في المجموعات المناصرة للجهاديين، نقرأ الشيئ ذاته. الحساب الداعشي الساخر ”جمهورية أم حازم“ على التليغرام، وبعد بدء الاجتياح الإسرائيلي البري لغزة، كتب: ”وبهذا يكون الدور الايراني قد تم على أفضل وجه .. ويبقى شيء واحد هل صحت حماس على الخدعة الايرانية التي خدعتهم بها طوال هذه السنين؟# اصحوا“
حساب اليقين وهو من الحسابات القاعدية الوازنة هذه الأيام، كتب أكثر من مرة عن ”حزب إيران“ ضمن ما وصفه بـ ”محور المتاجرة.“ يقول: ”يبدو أن حزب إيران لديه مقاربة مرعبة لإسرائيل، وهي أنه مقابل كل 1000 قتيل فلسطيني يقتله اليهود، سيهاجم … بضراوة ١٠ كيمرات مراقبة، و ٣ أعمدة.“
حساب أنباء جاسم المقرب من الجهاديين علّق على منشورات ”اليقين“ تحديداً وقال: ”إن شاء الله بشرة خير وإعلام قاعدة اليمن اخيراً فهم الموضوع؛“ في إشارة إلى سلوك تنظيم قاعدة اليمن الذي يسلط سلاحه وإعلامه على سنة اليمن وحلفائهم في الخليج متجنباً الحوثيين ذراع إيران في المنطقة. وهنا نأتي إلى ما قاله زعيم التنظيم خالد بطرفي.
باطرفي والجهاد العالمي
يوم الأحد 29 أكتوبر، أصدر تنظيم القاعدة في اليمن مرئياً جديداً لزعيم التنظيم خالد باطرفي بعنوان: ”تساؤلات وردود حول عملية طوفان الأقصى وتداعياتها.“ تالياً، أهم ما جاء في هذا الإصدار الذي امتد ساعة.
باطرفي أكد ما جاء سابقاً في بيانات القاعدة المركزية وأفرعها واعتبر أن عملية ”طوفان الأقصى“ سوف تكون ”ملهمة لهذا الجيل والأجيال المقبلة.“
وهكذا، حاول باطرفي جاهداً أن يستغل هذه العملية ليبرهن على صدق منهج القاعدة؛ فذكّر ”بالجبهة العالمية“ التي أسسها أسامة بن لادن ”لمحاربة اليهود والأمريكان والغرب الكافر؛“ حتى وصل إلى تشبيه ”طوفان الأقصى“ بهجمات سبتمبر. يقول: ”لا أحد ينتقد أنكم أدخلتم الأمة في حرب غير متكافئة؛“ وكأنه يعتبر حرب غزة حلقة في سلسلة بدأتها القاعدة باعتبارها الوصية على إقامة خلافة إسلامية في الكون. باطرفي كرر التحريض على استهداف اليهود والأمريكيين ومن والاهم في أي مكان وكل مكان.
نسمع كلام باطرفي ونستحضر الخلافات العقدية الصارخة بين القاعدة وحماس – باعتبار حماس هي من بدأت طوفان الأقصى. أولاً، أسامة بن لادن بشّر بجهاد عالمي عابر للحدود والأوطان؛ أما قتال حماس فمحصور في جغرافيا محددة. وثانياً، القاعدة لا ترى في حماس نموذجاً يُحتذى. بالنسبة لهم، حكومة حماس ”لا تحكم بالشرع.“ فكيف يستقيم هذا الخلاف مع تهليل باطرفي؟
مسألة جدلية أخرى جاءت في كلام باطرفي تتعلق بالرابط بين إيران وهذه الحرب. يرفض باطرفي أن تكون لإيران علاقة بما يحدث في غزة. بل زاد أن إيران ”لا يهمها الفلسطيني ولا تهمها الجماعات الإسلامية ولا حال المسلمين خاصة أهل السنة .. لا يهمهم إلا أنفسهم.“ وقال إن إيران عندما قالت إنها ستجيّش أتباعها في لبنان والعراق واليمن وسوريا إنما جاء دفاعاً عنها هي إن استهدفتها إسرائيل وليس دفاعاً عن الفلسطينيين.
أضاف باطرفي لاحقاً فقرة صوتية مقروءة قال فيها عن حزب الله في لبنان إن أداءهم ”لا يرقى لمستوى الحدث في فلسطين … وليس بحجم مقاومة وممانعة يدّعونها منذ عقود … ولا يُقارن بدعم الأسد في سوريا ضد الشعب السوري.“
تعليقاً على كلام باطرفي، رأت الدكتورة إليزابيث كندال، الخبيرة في شؤون القاعدة في اليمن، أن باطرفي ”حاول جاهداً“ أن ينفي علاقة إيران بعملية طوفان الأقصى.
الصحفية المتخصصة هدى الصالح اعتبرت كلام باطرفي المناهض لإيران محاولة ”لتبييض سمعة وصورة تنظيم القاعدة من علاقاته بالحرس الثوري الإيراني وروابط سيف العدل وغيره من القيادات به.“
ونسأل: أي وزن يحمله كلام باطرفي وهو يُسخّر القاعدة في اليمن لقتال السنة هناك متجنباً الحوثيين أعوان إيران؟ أي وزن يحمله كلام باطرفي وسيفُ العدل، إمامه والزعيمُ الفعلي للقاعدة الأم، يعيش في طهران حراً طليقاً منذ عقدين من الزمان؟ كل هذه التناقضات تفضح عيوب منهج القاعدة والجهاديين إجمالاً. كلمتهم لا تستند إلى أصل ثابت وفرعها يميل حيث تميل الريح في السماء.
القاعدة واستحقاق الشام
في حدث نادر منذ انحسار تنظيم حراس الدين، ممثل القاعدة في الشام، نشر التنظيم كلمة صوتية للقيادي سامي العريدي بعنوان ”فرصة عظيمة.“
كلام العريدي زاد على ما جاء في بيانات القاعدة السابقة وكرر ما بشّر به أسامة بن لادن؛ فدعا أنصار التنظيم إلى استهداف الأمريكيين واليهود في كل مكان وأي مكان ومن دون ”استشارة“ أحد طلباً لفتوى أو إذن ولي أمر. وهذا بالضبط ما فعله أسامة بن لادن في هجمات سبتمبر التي جاءت مخالفة لولي الأمر وقتئذ الملا عمر زعيم طالبان.
العريدي تعهد أيضاً بأن ”المجاهدين“ سيتحركون ”فلا ينامون على ضيم.“ ونسأل، أين هو تنظيم حراس الدين اليوم من هجمات النظام السوري وحلفائه الإيرانيين والروس في عقر دارهم – الشام؟
في الأسبوع الماضي واصل النظام قصفه إدلب وتحديداً منطقة جسر الشغور التي كانت معقلاً للتنظيم.
التضليل الإعلامي
لا يزال الفضاء الإفتراضي في حرب غزة مزدحماً بالصور والفيديوهات الزائفة والمضللة.
بالرغم من كشف زيف مئات الصور والفيديوهات، لا يزال بعض أنصار الجهاديين يشككون بقدرة الذكاء الاصطناعي على إنتاج هذا التضليل الذي تتناقله آلاف وأحياناً ملايين الحسابات.
المعنيون بالتحقق لفتوا هذا الأسبوع إلى ظاهرة استخدام صور يعزونها إلى ”ممثلي أزمات“ – وهم أشخاص يدّعون أنهم جرحى أو قتلى من أجل الاستهلاك الإعلامي.
الحسابات المتحققة كشفت زيف هذه الصور. ويمكن الرجوع إلى هذه الحسابات في موقع مسبار و BBC Verify.