بعد كلمة حسن نصرالله.. هل خدع حزب الله حماس؟
- أمين عام حزب الله سابقاً: إيران تلعب دوراً بائساً معادياً لطموحات المسلمين
- خيبة أمل في أوساط الجهاديين من خطاب نصرالله؛ ومسؤولو حماس في طهران يرحبون
- عين على شمال سوريا، كيان موالي لهيئة تحرير الشام داخل الجيش الوطني السوري المعارض
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٣٠ أكتوبر إلى ٥ نوفمبر ٢٠٢٣، هذا الأسبوع نسترجع حديثاً من: حسن أبو هنية، صاحب كتاب ”الجهادية العربية واندماج الأبعاد“ عن دور إيران في المنطقة، وسنثيا فرحات، صاحبة كتاب ” الجهاز السري: صناعة الموت في الإخوان المسلمين.“
غزة … اليوم x
يأتي نوفمبر ولا يزال أهل غزة يهربون من الموت إلى موت. في فسحة نادرة من الوقت، يضيؤون شموعاً لذكرى سريعاً ما تُدفن تحت الزمان.
في عالم الجهادية، تستثمر الجماعات الجهادية في دم المدنيين في غزة؛ فهم الحق وهم الأعلون؛ ”ذاب الثلج وبان المرج“ حسن نصرالله لحماس: نصلي لأجلكم. اسماعيل هنية يُقدَس في حضرة خامنئي. لكن الأصوات المناهضة لإيران ودورها المخرب في المنطقة تتدافع من عمق الداخل. إلى التفاصيل.
حزب الله vs حزب الله
في خطبة يوم الجمعة ٣ نوفمبر ٢٠٢٣، قال الأمين العام السابق لحزب الله، صبحي الطفيلي، إن إيران تلعب دوراً بائساً مريباً ومعادياً لطموح المسلمين.
الطفيلي من المراجع الشيعية في لبنان. كان أول أمين عام للحزب بعد تأسيسه في ١٩٨٩. غادر المنصب في ١٩٩١ بعد انتخابات داخلية فاز فيها عباس الموسوي. وكان من أعلن تنصيب حسن نصرالله أميناً عاماً بعد اغتيال إسرائيل الموسوي في ١٩٩٢. ومع القيادة الجديدة، بدأت الخلافات بين الحزب والطفيلي. ومن ذلك أن الحزب لم يرض عن ”ثورة الجياع“ التي أطلقها الطفيلي في لبنان في ١٩٩٧. فقرر الحزب فصله العام التالي، واشتهر الطفيلي بانتقاده دور إيران في المنطقة.
في خطبة الجمعة، جدد الطفيلي التذكير بدور إيران المشبوه في المنطقة وكيف أن ”دماء العالم الإسلامي تنزف في كل مكان“ بسبب أفعال إيران؛ مشدداً على أن كلامه قائم على تجربة مع النظام الإيراني وليس كلاماً مرسلاً.
كلام الطفيلي جاء قبل كلمة حسن نصرالله، في الجمعة نفسها؛ وهي الكلمة التي خيبت آمال حتى أعتى مؤيدي ”محور إيران؛“ ومنهم الصحفي الفلسطيني البارز عبدالباري عطوان. في قناته على يوتيوب قال عطوان دامعاً إنه كان يتوقع أكثر!
بالرغم من هذا، جاء موقف حماس نفسِها مؤيداً! وفي التفاصيل مسائل مهمة حول علاقة حماس الداخل والخارج. وهي تفاصيل تتعلق في نهاية الأمر بفتاوى الجهاديين المرقعين بالتمييز بين جناحي حماس العسكري السياسي .
في قناة الميادين الموالية لإيران، قال أسامة حمدان، القيادي في حماس إن الحركة ”تُقدّر“ ما جاء في كلام نصرالله كاشفاً عن أن رئيس المكتب السياسي للجماعة، إسماعيل هنية، زار طهران في ”الأيام الماضية“ والتقى مع الزعيم الإيراني علي خامنئي.
وفي صحيفة القدس العربي، كُشف عن ”تفاهم“ بين حماس وحزب الله حول الكلمة قبل بثها وعن تواصل بين الحزب وزعيم حماس في غزة يحيى السنوار بحيث تم الاتفاق على ”ترك مساحة مناورة أوسع“ أمام الحزب في الأيام والأسابيع المقبلة“ وتجاهل ”مساحة العتب“ التي أبداها السنوار.
الجهاديون … لا مشروع ولا أفق
في الصفحات المناصرة للجهاديين خاصة من القاعدة، وبالرغم من تكشف الدور الإيراني في حرب غزة في الأسبوعين الأولين على الأقل، يبدو أن البعض كان حقيقة يتوقع المزيد.
فمثلاً، قبل كلمة نصرالله بيوم، نقرأ في حساب اليقين، أن من مصلحة إيران ”التدخل (في الحرب) خاصة في ظل … انشغال (أمريكا) واستنزاف مواردها في أوكرانيا.“
لكن بعد الكلمة، علّق اليقين باختصار ”ترقب، ثم كأن لم يكن.“
حساب الزبير أبو معاذ الفلسطيني، وهو جهادي موالٍ للقاعدة يعيش في غزة، معلّقاً على الكلمة، قال: ”فهذه هي قضية فلسطين بالنسبة لهم؛ مجردُّ جسرٍ يَعبرون عليه لسفكِ مزيدٍ من دمائنا.“
قبل ذلك بيومين كرر الحساب رؤيته للموقف الإيراني على أنه خدعة. قال: ”لقد خدعت إيرانُ وحزبُها حركةَ حماس، وأدخلوها المعركةَ وحدَها بعد اتفاقٍ بالقتال المشترك من جبهتين؛ الجنوب والشمال.“
الصحفي الغزّي أحمد قنيطة الذي فقد زوجته وأولاده في هذه الحرب، علّق: ”خراريف فاضية.“ في الدارجة الفلسطينية ” خراريف“ تعني ”كلاماً فارغاً.“
أما في هيئة تحرير الشام، فكان الرد على الكلمة ضمن هذا الإطار أيضاً. معارضو الهيئة مثل أبي يحيى الشامي، وكان قاضياً في الهيئة قبل أن ينشق عنهم، رأى في كلام نصرالله عن ”شرعية وأخلاقية“ الحرب في غزة ”اعترافاً ضمنياً منه بأن معركة (الحزب) ضد أهل السنة في لبنان وسوريا والعراق واليمن لاشرعية ولاأخلاقية.“
حساب عبدالرحمن الإدريسي الموالي للهيئة قال ”محور المقاولة والمماتعة، كشفه السوريون واليوم تنتهي آخر أوراقه في غزة.“
القاعدة وإيران
وبالعودة إلى ردود أنصار القاعدة تحديداً على السلوك الإيراني، يبدو أن على هؤلاء أن يأخذوا بالاعتبار أمرين. الأول أن إمامهم وزعيمهم الفعلي سيف العدل يعيش في طهران حراً طليقاً. والثاني هو أن سلوك التنظيم في اليمن تحديداً يخدم الحوثيين أبناء إيران قلباً وقالباً.
إعلام القاعدة … ”خراريف“
في إعلام القاعدة الرسمي، نشرت مؤسسة السحاب مطويات تتعلق بالحرب على غزة؛ لا تتجاوز الإنشاء ولا تحمل قيمة سوى أنها دليل على اجتهاد التنظيم في أن يكون حاضراً مستثمراً في الدم الفلسطيني. وهذا واضح في مقال ”يا علماء الإسلام الحقوا بالقافلة“ لكاتب باسم عاصم المغربي يُمجّد عبدالله عزام ورعيل القاعدة الأوائل.
المطوية الثانية كانت بعنوان ”لا للتهجير – بعض الأفكار من خارج الصندوق“ لـ محسن الرومي؛ و الثالثة بعنوان ”هذه غزة التي أقضت مضاجع الغرب“ لـ سالم الشريف. وهاتان، كما كلمة نصرالله، فيهما سرد من قبيل ”الحكي في المحكي؛“ أو ”نصائح“ وإرشادات لا تتجاوز الحبر على الورق.
الإعلام الرديف هو الآخر جيّر ”بذل“ مدنيّ غزة لمنهج الجهاديين بطريقة تثير السخرية أحياناً. تعليقاً على تصريحات مسؤولين غربيين يحذرون من ”جماعات متطرفة“ تنفذ هجمات ضد الأمريكيين، قال حساب اليقين: ”أحسبه يعلق على إصدار الملاحم الأخير الذي دعا فيه … خالد باطرفي لاستهداف الأمريكان في كل مكان.“ والحقيقة أن معظم البيانات الصادرة في هذه الفترة عن القاعدة وحتى داعش قالت الكلام ذاته؛ فلم يأتِ باطرفي بجديد.
اليقين في منشورات أخرى يُسقط هجمات التنظيم في مواقع أخرى من العالم على ما يحدث في غزة. فيعتبر أن الهجمات في إفريقيا هي ”ضد النصارى أحلاف اليهود“ وأن هجمات التنظيم في اليمن هي أيضاً ”دعم للمسلمين في فلسطين.“
حساب عزم مجاهد القاعدي شطح أبعد من ذلك؛ يقول: ”طوفان الأقصى في فلسطين المحتلة أذهل الجميع، فكيف بإعصار الشريعة … إذا هب في كل مكان!“
ومثلهم هيئة تحرير الشام. أحمد زيدان الموالي للهيئة اعتبر أن ”غزة وإدلب وأفغانستان أرخبيل يقتلع الاحتلال والاستبداد من المنطقة.“
داعش … غيبوبة
ومثلهم داعش، افتتاحية العدد ٤١٥ من صحيفة النبأ الأسبوعية الصادرة عن ديوان الإعلام المركزي في التنظيم جاءت تحت عنوان ”المسلمون ومنطق القوة.“ بكلمات كثيرة يتهجم التنظيم على مفاهيم السلمية والتعايش ويصفها بالانبطاح. ويقول إن الحل يكمن في امتلاك ”الحديد.“ وهنا يعتبرون أن منهجهم هم هو الصحيح. يقولون: ”وهذا ما فعله المجاهدون .. في هذا الزمان.“
المشكلة أن أنصار داعش لا يزالون يرون تنظيمهم قوياً رغم اندحاره في معقله في العراق والشام، ورغم أن نشاطه في مواقع أخرى في إفريقيا لا يتعدى كونه عصابات من قطاع الطرق تسيطر على مجتمعات فقيرة بائسة نسيها الزمان.
وهنا كان لافتاً بحث قام به الباحث جويل وينغ @JoelWing2 الذي يرصد الهجمات في العراق. لاحظ أن داعش لم يعلن عن هجمات في العراق خلال شهر أكتوبر. قال ”داعش أوقف نشاطه في العراق في الوقت الحالي.“
وتابع: ”هذا لم يحدث منذ ٢٠٠٣ ولكنه تكرر هذا العام أربع مرات، يبدو أن بقايا داعش معنيون اليوم بالبقاء وحسب؛ خائفين من شن هجمات لأنهم لا يستطيعون تحمل الخسائر.“
عين على إدلب
في أخبار هيئة تحرير الشام، أُعلن في يوم ٥ نوفمبر عن ”القوة الموحدة“ التابعة للجيش الوطني السوري الذي يتبع المعارضة السورية.
اللافت أن هذا التشكيل يتألف من فصائل موالية لهيئة تحرير الشام وتعتبر ذراعاً تنفذ من خلاله الهيئة مشاريع التوسع في شمال سوريا. هذه الفصائل هي: فرقة المعتصم، الجبهة الشامية، تجمع الشهباء.
حسابات موالية للهيئة أعلت من شأن هذا التشكيل بل ووازته بما عندهم. حساب إدلب بوست الموالي كتب: ”القوة الموحدة في ريف حلب؛ الفتح المبين في إدلب وريفها. المحرر مُقبل على فَرج كبير.“
أما معارضو الهيئة مثل حساب ”أبو هادي،“ فاعتبروا أن هذا التشكيل خطير و”نواة مشروع بديل للجيش الوطني.“