منشقون عن داعش: أموال التنظيم ”مافيا باسم الدين“

أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من  22 إلى 28 يوليو 2024. وأبرز عناوينها:

  • سيف العدل يشيد ضمناً بالحوثي، واضطراب في إعلام قاعدة اليمن حول الموقف من إيران
  • منشقون عن داعش: أموال التنظيم ”مافيا باسم الدين“

ضيف الأسبوع، السيد فائز أكرم أبو زيدان من مسلمي سنجار وأوائل من شكلوا شبكات تحرير الإيزيديات.

عقد على مأساة سنجار

في 3 أغسطس من كل عام، نستذكر مأساة الإيزيديين في سنجارأو شنغال شمال غرب العراق بعد أن سيطر داعش على مساحات واسعة على طرفي الحدود العراقية السورية.

ما حدث في هذا المكان من العام 2014 كان لا يُصدق حتى بمقياس داعش.  لم يكتف داعش بالقتل والتهجير، بل خطف أكثر من ستة آلاف امرأة وطفلة وطفل من الإيزيديين وأرسلهم إلى ”أسواق النخاسة“ كما الجاهلية الأولى.

المرصد 255| بعد 10 أعوام على مأساة سنجار.. كيف تشكلت شبكات تحرير المختطفات الإيزيديات؟ 

أذكر أن الأخبار تناقلت الحدث لكن لعدة أيام لم تُنقل أي صورة تؤكد الخطف فظل الأمر محل تشكيك إلى حد ما. فكيف يُعقل أن يستعبد بشرٌ بشراً؟! لكن سريعاً ما أصدر التنظيم مجلة دابق وكان فيها التأكيد.

وسريعاً ما نُقلت صور بشعة من ”أسواق“ أقامها الدواعش في أماكن عامة وحتى افتراضياً على الإنترنت يبيعون البشر ويشتروهم وأحياناً يمنحوهم عطايا. قبل أن يختم ذلك العام الأليم، تشكلت شبكات لتحرير الإيزيديات.

بعد مرور عشرة أعوام، لا تزال 2800 امرأة وطفل/ طفلة في عداد المفقودين. ونحن نستذكر تلك الأحداث الأليمة، نحب في هذا البرنامج أن نضيئ على دور المسلمين السنة في تحرير الإيزيديات. إذ يقدم داعش نفسه ”مدافعاً“ عن السنة، ما انفك أصحاب السليقة السليمة يتحدون اعوجاج منطق هذا التنظيم وبشاعة فعله.

لكن المجتمع الإيزيدي أصيب بخيبة أمل مطلع العام عندما أغلقت الأمم المتحدة بعثة يونيتاد المعنية بكشف جرائم داعش في العراق ومنها الجرائم ضد الإيزيديين. هذه البعثة كانت بدأت تحقيقات تساهم في تقديم الدواعش إلى العدالة والانتصار للضحايا.

سيف العدل وأسماؤه المستعارة

في منتصف يوليو، نشرت السحاب، الذراع الإعلامية للقيادة العامة لتنظيم القاعدة، عدداً جديداً من سلسلة ”هذه غزة“ التي يكتبها سيف العدل تحت الاسم المستعار سالم الشريف منذ أكتوبر 2023.

النسخة الجديدة هي الجزء الرابع من عنوان ”هذه غزة .. حرب وجود .. لا حرب حدود“ الذي بدأ في مايو 2024، لكن اللافت هنا هو أن السحاب وقعّت العدد بكل الأسماء المستعارة التي يتخذها القائد ”الفعلي“ للقاعدة محمد صلاح الدين عبد الحليم زيدان وهي ”سيف العدل – حازم المدني – عابر سبيل – سالم الشريف – مهند سالم – أبو خالد الصنعاني.“ ماذا يقول سيف العدل في هذا الإصدار الجديد؟ كالعادة، يقدم سيف العدل ”قراءة“ للحدث الفلسطيني بعد الحرب في غزة تشبه ما قدمه في إصدارات سابقة من هذه السلسلة وحتى في سلسلة ”قراءة حرة في كتاب 33 استراتيجية للحرب.“

يقول: ”من الخطأ أن نقرأ الأحداث من زاوية عسكرية فقط، لا بد أن ننظر لكل حدث من جميع زواياه الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.“

وفي هذا يقدم خارطة طريق على هيئة ”إرشادات على طريق التغيير.“ سلسلة ”هذه غزة“ بدأت بعد اندلاع الحرب في القطاع. في هذه السلسلة، تجنب سيف العدل التصريح بلفظ حماس أو إيران على حد سواء.

المرصد 255| بعد 10 أعوام على مأساة سنجار.. كيف تشكلت شبكات تحرير المختطفات الإيزيديات؟ 

لكنه في الجزء الخامس الصادر في فبراير 2024، انتقد حماس بشكل عابر في ملاحظة وضعها في الهامش. كذلك الحال في هذا الإصدارالأخير يكتب ما يشي بانتقاد حماس، فيقول:”بسبب ضعف المعلومات عن الصراع السياسي بين بني إسرائيل طالت الحرب بخلاف ما كان متوقعًا، وبسبب قلة المعلومات عن تدني تأثير التحركات الشعبية لليهود لم يعد الأسرى ورقة رابحة، وبعد 200 يوم من الحرب لم يعد هناك معنى لعقد صفقة تبادل.“

وبالمنطق نفسه، وكما في عدد سابق آخر، يكتب تلميحاً ما يشيد بهجمات الحوثيين ادعاءً نصرة غزة. فيتحدث عن السيطرة على ”مضائق التجارة …(و) إغلاق المضائق البحرية.“وفي تفصيل لافت، يتحدث سيف العدل في عجالة عن ”القصف النووي.“ وهذا يذكرنا بما قاله حموه مصطفى حامد أبو الوليد المصري عندما دعا حماس إلى ضرب مفاعل ديمونة في مقال كتبه في يناير 2024.

لكن سيف العدل هنا يكتفي بالسؤال عن القدرة على امتلاك سلاح نووي ”والجرأة“ في استخدامه. تعليقاً على هذا العدد، تقول مينا اللامي المتخصصة في إعلام الجهادية في BBC Monitoring إن هذا العدد، كما الإصدارات السابقة التي كتبها سيف العدل ”تظهر تركيزه على الاستراتيجية والتكتيك بدلاً من الفقه والوعظ  بعكس ما كان عليه سلفه الظواهري.“

قاعدة اليمن ومعضلة إيران/ سيف العدل

نشر تنظيم القاعدة في اليمن بياناً في تاريخ 27 يوليو حول قصف إسرائيل مواقع حوثية في اليمن. البيان من ثلاث صفحات فيه ثلاث ملاحظات رئيسة. الأولى، يعتبر أن القصف إنما تذرّع بضرب جماعة الحوثي وأنه واقعاً استهدف ”مقدرات المسلمين وممتلكاتهم … ضمن مسلسل جرائم.“ الثانية، استدراكاً لما قد يُفهم أنه تعاطف مع الحوثي، يتشدد البيان في تأكيد ”العَداء“ بين القاعدة وجماعة الحوثي التي وصفها ”ذراع إيران الرافضية في اليمن.“

ما جاء لاحقاً في هذا البيان يتسق مع ما بتنا نراه أخيراً في إعلام قاعدة اليمن الرسمي والرديف: انتقاداً حاداً لإيران والحوثيين، يختلف عمّا نراه في إعلام القيادة العامة وعميدها سيف العدل ساكن طهران.

لكن بالرغم من أن البيان يصف المسلمين الشيعة بعبارات قاسية، إلا أنه لا يحرض على هذه الطائفة؛ بل ينتقل سريعاً وبلا تقديم إلى استذكار جهود التنظيم ”في جزيرة العرب“ في مقارعة أمريكا! الملاحظة الأخيرة جاءت في الصفحة الثالثة عندما يعود البيان ليذكر إيران واصفاً إياها بحليفة أمريكا ”ضد أهل السنة“ في المنطقة وكأنه يريد أن يقول إن القاعدة بمقارعتها أمريكا هي حقيقة تقاتل إيران باعتبار الحلف بين إيران والقاعدة.

وبالمنطق الملتوي نفسه، يعود البيان إلى الضربة الإسرائيلية في اليمن في توصيف مختلف عمّا جاء في الصفحة الأولى. في الأولى اعتبر البيان الضربة استهدافاً للمسلمين. لكن هنا في الثالثة، اعتبرها ”زيادة (في) رصيد الشيعة .. حتى تنخدع بهم الشعوب المسلمة.“ وليس هذا فحسب، بل إن ”تصدر“ الحوثي أو الشيعة ”مشهد الدفاع عن المسلمين“ فيه ”مؤامرة“ على ”الحركات الجهادية.“ الخبيرة في شؤون اليمن، الدكتورة إليزابيث كندال، رأت أن القاعدة في هذا البيان بذلت جهداً كبيراً في محاولة النأي بنفسها عن إيران والحوثيين. هذا الكلام يأتي في الوقت الذي لم يسجل فيه التنظيم أي هجمة ضد الحوثيين منذ ثلاثة أعوام تقريباً وتحديداً منذ سبتمبر 2022، فيما لا يكاد يمر يوم أو اثنان دون تسجيل هجمة ضد القوات اليمنية في الجنوب.

المرصد 255| بعد 10 أعوام على مأساة سنجار.. كيف تشكلت شبكات تحرير المختطفات الإيزيديات؟ 

منظرو الجهادية ومعضلة القاعدة/ إيران

هذا الاختلاف والخلاف في التصريح بتوصيف إيران وفعلها في المنطقة والعلاقة الشائكة مع القاعدة لا يقتصر على ما نراه في إعلام التنظيم الرسمي والرديف، وإنما فيما يُنقل عن مشايخ الجهادية، على نحو ما رأينا في منشورات أبي محمد المقدسي.

هذا الأسبوع، لفت ما قاله هاني السباعي، المتحمس هو الآخر للقاعدة، عندما تساءل ساخراً في خطبة الجمعة من محل سكنه في لندن في 26 يوليو، ”من قتل أهل السنة في اليمن، فهل سينصر السنة في غزة؟“

ميزانية داعش – ”مافيا باسم الدين“

في هذه الوقفة مع حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي المتخصص في كشف خبايا داعش، أدرج الحساب منشورين عن الاقتصاد في داعش. الإدراج الأول بعنوان ”الإقتصاد، الإرث المخزي،“ يختصر سياسة التنظيم المالية التي تهالكت مع تهالك التنظيم في سوريا والعراق وفقدان السيطرة على آبار النفط هناك. وعليه، لجأت قيادة التنظيم إلى ”مسار مخزي لإنعاش بيت المال يعتمد على سلب وتشليح وسرقة أموال المسلمين بإسم الدين وتحت يافطة الزكاة والكلفة السلطانية.“ ومن هنا جاء تأسيس المكاتب الاقتصادية في ”الولايات“ بحسب استراتيجية وضعها أبو سارة العراقي الذي كان مسؤول الإدارة العامة للولايات – الجهة الأعلى في التنظيم.

في المنشور الثاني، كتب الحساب عن ”مكتب الإقتصاد في ولاية الصومال.“ ويأتي هذا الإدراج ملائماً ونحن نبحث هذه الأيام في شخص عبدالقادر مؤمن مدير مكتب الكرار المسؤول عن الصومال ومحيطها والذي قيل إنه قد يكون خليفة داعش المزعوم الخامس. أهمية الصومال في تنظيم داعش تأتي على الأرجح من المبالغ الطائلة التي تحصلها هذه الولاية بطرق مختلفة إذ بلغ ريع مكتب الاقتصاد ما بين 250 ألف و 450 ألف دولار شهرياً في وقت من الأوقات. هذا الرقم انخفض في الأشهر الأخيرة بسبب ”إفلاس“ التجار والمزارعين. يشرح الحساب أن هذا المكتب يحصل الأموال ”بالسلب والسرقة باسم الدين،“ ويفرض المكوس ”بحد السيف؛“ وعليه ”من لا ينصاع لأوامر التنظيم أو يرفض أو يتماطل في الدفع يتسلط عليه جلاوزة الأمن بالتهديد والوعيد وقفل للشركات أو اغلاق للمحلات أو اتلاف للمنتوجات الزراعية أو حتى قتل للمواشي وتخريب للمزارع.“

هيئة تحرير الشام في مواجهة الحراك الشعبي

في إدلب ومحيطها، تستمر التظاهرات الشعبية ضد هيئة تحرير الشام وأميرها أبي محمد الجولاني. المتظاهرون يعتبرون الهيئة مخالفة للشرع بالانقضاض على المعارضين واعتقالهم وتعذيبهم. الهيئة تعتبر المتظاهرين مخربين لما تقول إنه مشروعها السني. ضمن هذا المفهوم، تستغل الهيئة كل فرصة لتقارب نموذجها مع نماذج ”جهادية“ ولكن محلية تراها ناجحة مثل نظام طالبان. الإعلامي أحمد زيدان الموالي للهيئة علّق هذا الأسبوع على كلام نُسب إلى مدير المخابرات الأفغانية الطالبانية يقول فيه إن ”النظام الداخلي للجهاز (يتبع) للشريعة الإسلامية.“ يرد معارضو الهيئة،  كما جاء في حساب أبي يحيى الشامي، ويقول: ”فالآن ندعوه وندعو الجولاني أن ينزلوا تحت محاكمة شرعية لجهاز الظلم العام، ولتكن محاكمة علنية.“