القاعدة في شبه القارة الهندية تدعو إلى اصطفاف البنغال خلف ”الجهاد العالمي“
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من 5 إلى 11 أغسطس 2024. إلى العناوين:
- في الذكرى الثالثة لسيطرة طالبان على أفغانستان، هل تحظى الحركة بقبول عالمي؟
- ممثل القاعدة في الشام عوداً على بدء … اعتقالات ودعوات للصبر
ضيف الأسبوع، الدكتور محمد صفر، أستاذ مقارنة الأديان. مدير مركز دراسات السلام واللاعنف في أتلانتا بأمريكا؛ ومدير مركز دراسات الأقليات المسلمة في كل من جنوب إفريقيا وتركيا؛ له مؤلفات منها كتاب طالبان الأفغانية والمحاكم الصومالية: تجربتا حكم إسلاميتين؛ صدر في 2020 عن دار طوروس للنشر.
بعد 3 سنوات من حكم طالبان.. مؤشرات الاقتصاد الأفغاني في تراجع مستمر
في 15 أغسطس 2021، استحكمت طالبان في كابول وسيطرت على الحكم في أفغانستان في مخالفة صريحة لاتفاق الدوحة الذي اشترط تأسيس حكومة توافقية تضم جميع الأطياف الأفغانية. لم يكترث طالبان لذلك ولا العالم. أول إجراء لهم كان نبذ علم الجمهورية واستبداله براية طالبان.
في العام الثالث لسيطرة طالبان على الحكم، ما الذي تغير في أفغانستان؟ لا يزال طالبان يتقاسمون الحكم – فلا تشارك ولا شمولية. لا يزال طالبان يسعون إلى اعتراف دولي ومقعد أفغانستان في الأمم المتحدة. لكن هل فعلوا ما يكفي ليكونوا جزءاً من هذا العالم مع تعاظم المؤشرات على علاقة وثيقة مع تنظيم القاعدة؟ مالياً، الغموض يحيط بمؤشرات الاقتصاد الأفغاني مع تعاظم خطر الركود على الأقل حتى 2025. مجتمعياً، 36٪ من الأفغان يعانون من نقص حاد في الغذاء؛ و14٪ عاطلون عن العمل؛ فيما لا تزال البنات محرومات من التعليم بعد الابتدائي.
الجهاديون متحمسون لثورة البنغال
احتفى أنصار القاعدة باحتجاجات بنغلاديش التي أفضت إلى إقالة حكومة شيخ حسينة بعد أن استحكمت في كرسي القيادة ١٥ عاماً.
الاحتجاجات التي انطلقت في يونيو الماضي قادتها حركة طلابية كان على هرمها مجموعة من الشباب من أبرزهم ناهض إسلام مؤسس حركة ”طلاب ضد التمييز“. الهدف كان بدايةً إسقاط نظام كوتا يعطي ٣٠٪ من الوظائف لأقرباء العسكر الموالين لحسينة.
بالرغم من أن المحكمة العليا في دكا قلصت النسبة إلى ٥٪، إلا أن العنف الذي مارسته حكومة حسينة وموالوها والذي أودى بحياة أكثر من ٢٠٠ شخص جلهم طلاب كان أقسى من أن يُنسى. فتحولت المطالب من إسقاط الكوتا إلى إسقاط حسينة.
فرّت حسينة من البلد وأعلن عن حكومة انتقالية يقودها الاقتصادي والمصرفي البنغالي محمد يونس الحائز على جائزة نوبل عن عمله في تحسين حياة الفقراء في بلده. ناهض إسلام وناشط آخر عُينا في حكومة يونس التي يُفترض أن تستمر حتى نهاية العام عندما تُعلن انتخابات تشريعية جديدة.
الجهاديون وخاصة من أنصار القاعدة اعتبروا انتصار الحركة الطلابية في بنغلاديش مقدمة لانتصار الجماعة الإسلامية هناك مستدلين بذلك على صور رُفع فيها علم يشبه علم طالبان. الصورة الأكثر انتشاراً بين الجهاديين كانت لزعيم الجماعة شفيق الرحمن باكياً في مقر جماعته. المناصرون قالوا إن ثورات مشابهة بدأت كما بدأت ثورة البنغال وانتهت بحكم الإسلام السياسي.
القاعدة في شبه القارة الهندية أصدرت بياناً باسم أمير الجماعة أستاذ أسامة محمود يدعو فيه البنغال إلى الاصطفاف وراء ”جهاد عالمي“ ضد ”الصهيونية والهندوسية …وأئمة الكفر“ حتى ”تحرير الأقصى.“
البيان جاء في شكل رسالة تحذر من أن تنتهي ثورة بنغلاديش إلى ما انتهت إليه ثورات الربيع العربي وحتى باكستان. ولذلك يوصي أستاذ أسامة محمود أن تكون بنغلاديش ”قلعة للإسلام الحقيقي“ باتخاذ الشريعة أساساً للحكم.
ممثل القاعدة في الشام .. حراس الدين
تنظيم حراس الدين، ممثل القاعدة في الشام الغائب، يعود مؤقتاً إلى إدلب. هذا الأسبوع، صدر منشوران عن التنظيم، فيما ترددت أنباء عن اعتقال هيئة تحرير الشام مجموعة من مقاتلي الحراس.
في 7 أغسطس، نشرت مؤسسة رسالة مجاهد الإعلامية، إصداراً بعنوان ”رسالة في مقتل اسماعيل هنية“ لأبي عبدالرحمن المكي عضو مجلس شورى الحراس. المكي كان اختفى تقريباً بعد أن أفرجت الهيئة عنه في أبريل 2022 بعد اعتقال دام عامين تقريباً ضمن انقضاض الهيئة على التنظيم في صيف 2020.
يقول المكي إن ما كتبه جاء تلبية لطلب يحسم موضع تعزية هنية، رئيس المكتب السياسي في حماس المُغتال في طهران في 31 يوليو الماضي. ويلفت هنا استخدام المكي لفظ ”مقتل“ بدلاً من ”استشهاد.“
ما يقوله المكي لا يختلف عما قاله منظرون آخرون، مثل المقدسي، علقوا في معضلة تأييد الفلسطينيين مقابل التعامل مع تصدر حماس المشهد وما فيها من مغالطات لمنهجهم وفتاواهم. يقول المكي إن منهج حماس ”ضال ومنحرف“ لكن ذلك لا يجب أن يلقي ظلاله على تأييد ”المعركة مع اليهود“ حيث أن حماس لا تحتكر تلك المعركة.
ثم ينتقل المكي إلى سؤال تكفير حماس باعتبارها أتت ”ناقضاً متفقاً عليه“ وإن لا زالت ”تدعي الإسلام.“ لسبب ما، لا يحسم المكي هذا السؤال. يقول كلاماً يخضع للتأويل. فيقول: ”فيُكفر (الرجل أو الجماعة) إن انتفت الموانع وتوفرت الشروط؟“ فهل ينطبق هذا على حماس؟ المكي يترك الجواب لتأويل القارئ.
الإصدار الثاني لحراس الدين كتبه شرعي التنظيم سامي العريدي بعنوان ”كفالة الله للمجاهدين وأهليهم“ وصدر عن مؤسسة شام الرباط الذراع الإعلامية للتنظيم. اختصار الكتيب المؤلف من ٢٨ صفحة هو الدعوة إلى الصبر على الابتلاء.
ومع نشر إصدارات حراس الدين، تواترت أنباء في إدلب أن الهيئة تلاحق القيادي في التنظيم وعضو مجلس شوراه أبي حمزة الدرعاوي. الدرعاوي اعتُقل إبان انقضاض الهيئة على الحراس وتحديداً في أكتوبر 2020 وأطلق سراحه في يوليو 2022.
مصطفى حامد وإعلاء شأن سيف العدل
لفت في إحدى مجموعات أنصار القاعدة على التلغرام سؤال عن مصطفى حامد أبو الوليد المصري، حمي سيف العدل الأمير ”الفعلي“ لتنظيم القاعدة ساكن طهران.
مصطفى حامد كان من أوائل العرب الأفغان؛ لكنه لم ينضمّ إلى القاعدة قط. كان من أوائل العرب الذين بايعوا الملا عمر ”أميراً للمؤمنين“ في 1997. بعد هجمات سبتمبر، عبر الحدود إلى إيران مع أعضاء من حزب النهضة الطاجيكى. بعد ثورة 2011 في مصر، غادر طهران إلى القاهرة حتى العام 2016 عندما عاد ليقيم في طهران. .
السائل من أنصار القاعدة تساءل عن دعم حامد لإيران وعن نشر مجلة الصمود التابعة لطالبان مقالاته وهو المعروف بنقده اللاذع لأسامة بن لادن. يرد آخر: ”غض الطرف، لا يعنينا نشرهم له. لو لم ينشروا له لم سمع عنه الكثير.“
بعيداً عن تاريخ مصطفى حامد في التأليف والنشر، اللافت هو أن أهم ما نشره مصطفى حامد لحساب تنظيم القاعدة كان لصاحب الاسم المستعار عابر سبيل الذي أقرّت قيادة القاعدة أخيراً أنه اسم آخر لسيف العدل.
ظهر هذا الاسم أولاً في موقع مافا السياسي في أواخر 2010 ضمن عنوان ”رسالة القاعدة إلى موقع مافا السياسى بقلم / عابر سبيل أھم شخصيات الصف الميدانى الأول فى تنظيم القاعدة.“ كما أن مصطفى حامد سبق مؤسسة السحاب في نشر سلسلة ”قراءة حرة“ التي يتفاخر بها أنصار القاعدة والتي جاءت أيضاً تحت اسم عابر سبيل.
المهم هو أن ما كتبه مصطفى حامد عن سيف العدل تصريحاً وما نشره له تلميحاً أظهر الرجل بمظهر القائد الاستراتيجي المفكر في مقابل تقزيم بن لادن وقدرته على حل مسائل بسيطة مثل حفر بئر كما جاء في أحد المقالات.
جانب آخر مهم في هذا التساؤل من أنصار القاعدة هو أن تأثر مصطفى حامد بإيران انتقل بشكل أو بآخر إلى سيف العدل. ما كتبه سيف العدل في نسخة ”قراءة حرة“ التي نشرتها السحاب في سبتمبر 2023؛ وما كتبه أخيراً في سلسلة ”هذه غزة“ يُظهر هذا الأثر بما لا يدع مجالاً للشك. وقد نبهنا إلى هذه المقاربات في حلقات سابقة من هذا البرنامج.
مواجهة مؤجلة … سيف العدل وحمزة الغامدي
من نافلة القول أن القاعدة لم تعلن سيف العدل أميراً لأنها لم تحسم بعد مصير الدكتور أيمن الظواهري حياً أم ميتاً. ولهذا ما يتم تداوله في هذا البرنامج على الأقل هو أمران. أولاً، أن سيف العدل هو الزعيم ”الفعلي“ للتنظيم بمعنى أنه من يدير شؤون الجماعة حتى وإن لم يُنصب رسمياً أميراً. ثانياً، لا تزال التكهنات تدور حول الشخص الذي قد يكون الزعيم التالي للتنظيم خلفاً للظواهري.
وهنا تُتداول ثلاثة أسماء، أولها سيف العدل بحكم رسائل وقعها في العام 2010 قياديون بناء على طلب الظواهري تُظهر تسلسل القيادة في حال الغياب؛ فإن غاب الظواهري يتسلم الراية أبو محمد المصري؛ فإن غاب تولاها سيف العدل.
المشكلة في هذه البيعات هو اشتراط أن يكون الأمير مقيماً في أحد فروع القاعدة، وهو ما قد لن يتحقق في حال سيف العدل الذي يُعتقد أنه يقيم في طهران.
وعليه، تردد اسم ثانٍ هو عبدالرحمن المغربي بالنظر إلى حظوظه عند زعيم التنظيم الأول أسامة بن لادن. فمؤسس القاعدة لم يكن يرى في سيف العدل قائداً بل جندياً وفياً وحسب.
الاسم الثالث هو حمزة الغامدي وذلك بحسب ما نقله عن عارفين أيمن دين، الذي كان من تنظيم القاعدة قبل أن تجنده الاستخبارات البريطانية. كذلك، بحسب كيفين جاكسون، الذي كان أول باحث تناول سيرة الغامدي، فإن الرجل فيه من الصفات ما يؤهله لتحدي سيف العدل.
هذا الأسبوع أضاف أنصار القاعدة اسماً رابعاً هو خبيب السوداني القيادي في تنظيم قاعدة اليمن.