القاعدة في اليمن ”تسلم (الحوثي) الجمل بما حمل“
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من 12 إلى 18 أغسطس 2024، أنا نهاد الجريري، إلى العناوين:
- القاعدة في اليمن ”تحمي“ الحوثي
- أنصار القاعدة عبثاً يحاولون تبرير استهداف التنظيم القوات اليمنية الجنوبية دون الحوثيين المدعومين إيرانياً
- أنصار القاعدة ”يُسقطون“ مشايخ بسبب حماس
- وعن ” طالبان وتضييع فرص التصالح والبقاء“ نعيد اليوم مقابلة من الحلقة ١٨٥ مع السياسي الأفغاني المخضرم الدكتور ذبيح الله مجددي رئيس الجبهة الوطنية الأفغانية للتحرير والمجلس الأفغاني للإصلاح والإرشاد (أراك).
القاعدة في اليمن ”تسلم (الحوثي) الجمل بما حمل“
في هجوم القاعدة الانتحاري الكبير ضد القوات اليمنية السنية في أبين، لفت في مجموعات الأنصار منشورات تمجد الحدث مع محاولة مقنعة لتفسير استهداف القاعدة القوات الجنوبية دون الحوثيين المدعومين إيرانياً.
يقول أحدهم إن القاعدة ستتفرغ للحوثي بعد الانتهاء من الجنوب؛ فيما يعرض آخر مقتطفاً من لقاء الزعيم السابق للتنظيم خالد باطرفي المنشور في نوفمبر 2021 اعترف فيه بأن التنظيم ”حيّد“ أطرافاً في ”الصراع“ في اليمن. فهل كان يقصد الحوثيين؟ لا شك. الأهم حقيقة هو إحصائية تفاخر بها مناصر آخر تضم هجمات التنظيم ضد القوات اليمنية السنية منذ مطلع العام 2023. صحيح ما تفاخر به هذا المناصر – الأرقام مهولة.
مثلاً في عشرين شهراً – الفترة من سبتمبر 2022إلى مايو 2024-، شن التنظيم 126 هجمة ضد القوات اليمنية السنية. هجمات نوعية استخدمت في بعضها المسيرات. والرقم يتعاظم إذا ضمينا إحصائية الثلاثة أشهر الأخيرة.
هذا ما يتفاخر به المناصر. لكن ماذا لو التفت المناصر إلى عشرين شهراً أخرى – الفترة من يناير 2020 إلى أغسطس 2022؟ لوجد أن هجمات التنظيم ضد الحوثيين في تلك الأشهر كاملة لم تتجاوز 50 هجمة، أي بانخفاض مقداره 60٪ عن الهجمات ضد اليمنيين السنة.
الظاهر من هذه الأرقام هو التالي. أولاً، عطّل تنظيم القاعدة القتال – الجهاد – ضد الحوثيين في الربع الأخير من العام 2022. آخر هجمة ضد الحوثيين كانت في 6 يوليو 2022. في سبتمبر ذلك العام، بدأ التنظيم حملة ضد القوات اليمنية. ثانياً، واضح من الأرقام أن تنظيم القاعدة في قتالة القوات اليمنية كان مدعوماً بالسلاح والعتاد أكثر بكثير مما كان الحال في فترة قتاله الحوثي؛ بالرغم من أن باطرفي في لقاء نوفمبر 2021 الذي أشار إليه الأنصار برر ”تراجع“ عمليات التنظيم بعسر الحال. كيف تستقيم هذه الأرقام على الأرض مع قاله ويقوله قادة القاعدة وأنصارها؟ هل أصاب التنظيم مالاً وعتاداً يمكنه من شنّ هذا العدد الهائل من الهجمات ضد القوات اليمنية؟ ولماذا لم يتوفر هذا المال والعتاد عندما كان المستهدف هو الحوثي؟
وكيف يستقيم هذا الكلام مع أحداث البيضاء في الفترة من سبتمبر 2021 إلى يناير 2022 عندما دفعت ألوية العمالقة الجنوبية زحف الحوثيين على المحافظة التي إن سقطت في يد الحوثيين فرّقت شرقه عن غربه وشماله عن جنوبه؟ ولنتذكر أن تنظيم القاعدة كان سبباً في خضوع قيفة – البيضاء للحوثي في أغسطس 2020. مما كتبه اليمنيون في ذلك الوقت: ”القاعدة فالحين بستهداف (باستهداف) القوات الجنوبية فقط، وامام شراذم الحوثة تسلمون الجمل بما حمل.“
طالبان الثانية 2.0
في الذكرى الثالثة لسيطرة طالبان على أفغانستان لفترة حكم ثانية، ينشغل بعض أنصار القاعدة بسؤال العلاقة بين الطرفين – هل بايع تنظيم القاعدة طالبان؟ وهو سؤال مهم لاعتبارات عقدية وتنظيمية داخل القاعدة تحديداً.
يجيب مناصر في إحدى المجموعات على التلغرام أن ثمة بيعة لكنها ”بيعة جهاد وليست بيعة تولي؛“ من دون أن يوضح الفرق بين الاثنتين.
أثيرت مسألة البيعة عندما وقع طالبان اتفاق الدوحة في 2020. الاتفاق ينص على أن تقطع الجماعة علاقتها مع القاعدة فلا تقدم لهم عوناً ولا تأوي منهم أحداً. وعليه، كنا نسأل إن كان قبول طالبان تلك البنود يعني بالضرورة رد بيعة القاعدة.
في كل ما قيل وقتئذ، لم يلجأ المتحمسون لطالبان – منظرين وأنصاراً- إلى التمييز بين أنواع البيعات خروجاً من هذا المأزق الفقهي خاصة عندما نفى مسؤولو طالبان وجود بيعة؛ وذلك في أكثر من لقاء مع أخبار الآن ومع هذا البرنامج في العام 2021 قبل وبعد 15 أغسطس. وقتئذ لم نسمع بتخريجات بيعة الجهاد أو القتال أو بيعة النساء، إلخ، إلخ.
لكن الثابت بالصوت والصورة هو أن أسامة بن لادن، مؤسس القاعدة، بايع الملا عمر بيعة ”عظمى“؛ بل دعا ”المسلمين“ داخل ”الإمارة“ وخارجها إلى مبايعة زعيم طالبان أميراً للمؤمنين. ومن بعد بن لادن، وعلى النهج ذاته، عقد أيمن الظواهري الإمارة للملا أختر منصور الذي خلف الملا عمر في 15 وذلك في رسالة صوتية بعنوان ”مسيرة الوفاء.“ في يونيو ٢٠١٦، بايع الظواهري هبة الله أخودندزادة خلفاً للملا منصور وذلك في كلمة صوتية بعنوان ”على العهد نمضي.“
ولنتذكر أنه في مقدمات هجمات سبتمبر في 2001، ثار خلاف بين كبار القاعدة لأن أسامة بن لادن ثبّت الهجمات دون إذن صريح من ”أمير المؤمنين“ الملا عمر. كل هذه شواهد على ”عظم“ البيعة التي ربطت الطرفين.
حماس تسبب ”قطيعة“ في أوساط القاعدة
مع استمرار الحرب في قطاع غزة، لا ينتهي الجدل في أوساط القاعدة حول حكم تأييد حماس. نضيئ على جوانب هذا الجدل لأنه يقع في صلب عقيدة التنظيم خاصة ما يتعلق بتحالف حماس مع إيران. منظرو القاعدة يسكتون، إلى حد كبير، عن هذا السلوك كلما دارت حرب في القطاع؛ وهذا في حد ذاته معضلة – معضلة تعامل الجهاديين مع القضية الفلسطينية التي ما انفكوا ينذرون لها الغالي والنفيس. وعليه، إذا كانت حماس هي من تتصدر هذه القضية، ماذا يعني هذا بالنسبة لمنهج هؤلاء الجهاديين؟
وهكذا، إن اختار المنظرون أن يتحدثوا في الأمر وجدوا مخارج من قبيل ”فقه الضرورة“ الذي صار في حال حماس وإيران قاعدة لا ضرورة. لكن المفارقة هي أنه إن تحدثوا وجدوا رفضاً من مريديهم إلى حد القطيعة.
هذا الأسبوع، يتساءل أنصار القاعدة عن الشيخ أبي محمد المقدسي، الذي لا يزال أهم من ينظر للسلفية الجهادية. لا يُعجب بعضَ الأنصار ما نُقل أخيراً عن الشيخ – وهو حقيقة كلام مكرر من سنوات سابقة؛ بل إن بعضهم تطاول على الرجل رغم منزلته المتقدمة في الجهادية السلفية.
اليوم، يشككون في صدق النقل بعد أن أوقف حساباته على التلغرام وإكس. يكتب أحدهم أن المقدسي على الأرجح لم يكتب شيئاً عن طوفان الأقصى! وهذا غير دقيق. فإن شكك أنصار القاعدة فيما نُسب للمقدسي في حسابات موالية، فماذا يقولون عمّا كتبه الرجل في العدد الرابع من مجلة المحجة الصادر في نوفمبر 2023 تحت عنوان ”غزة العزة و طوفان الأقصى؛ دروس وعبر.“ وفي المطلق، إن قوّل أحدهم المقدسي ما لم يقله، فعلى الشيخ أو تلامذته ومريديه أن يصححوا الخطأ!
شخصية ”جهادية“ أخرى أحدثت جدلاً بين أنصار القاعدة هذا الأسبوع هو طارق عبدالحليم. عبدالحليم قريب من المقدسي، على الأقل هذه الأيام. فيجتمع الرجلان على أن حماس ”ورطت“ أهل غزة في هذه الحرب الدائرة منذ 7 أكتوبر. يختلف الرجلان قليلاً في حدة النقد. عبدالحليم ينتقد بوضوح أكثر ودبلوماسية أقل. وعليه، لا يعجب أنصار القاعدة ما يقول عبدالحليم. وكما فعلوا مع المقدسي، فعلوا مع عبدالحليم. فلم يعتدوا به ولم يقيموا له وزناً. اللافت أن أمير القاعدة نفسه أيمن الظواهري تحدث إلى عبدالحليم ضمن مجموعة من ”المشايخ“ في مايو 2014 في مرحلة حرجة وفاصلة في تاريخ التنظيم عندما وُلد مسخان: داعش وهتش.
داعش .. الوجهة – إفريقيا
كيف انتقل ثقل داعش من الشرق التقليدي إلى إفريقيا؟ عندما شنت أمريكا هجمات على أهداف متميزة في داعش الصومال في مايو الماضي، علا شأن القيادي هناك عبدالقادر مؤمن زعيم مكتب الكرار في إفريقيا وربما الخليفة الخامس أبي حفص الهاشمي. تردُد اسم مؤمن على هذا النحو كشف عن أن ثقل التنظيم انتقل من الشرق التقليدي إلى إفريقيا الأمر الذي يظهر ”براغماتية غير مسبوقة“ في التنظيم. الباحثان آوستين دوكتور وجينا ليون كتبا عن هذا التحول في مجلة مكافحة الإرهاب الصادرة عن كلية ويست بوينت العسكرية. يقولان إن هذا التحول له دلالات تتعلق بأولويات هجمات التنظيم وتموضعه الاستراتيجي.
وهذا الأمر يقودنا مرة أخرى إلى داعش خراسان التي برزت في العامين الماضيين فاعلاً قوياً في تنفيذ هجمات داعش الخارجية. لكن اللافت أن هذا الحضور الخارجي يأتي مع تقلص غير مسبوق في قدرات التنظيم في جغرافيته التقليدية – أفغانستان. الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، آرون زيلين، استعرض إحصائية الهجمات التي تبناها التنظيم في الفترة من ١٥ أغسطس 2018 إلى 15 أغسطس 2024؛ ووجد انخفاض الهجمات في العام الأخير بنسبة ٩٠٪ عما كانت عليه في العام ٢٠١٨ / ٢٠١٩.
في الأثناء، في شمال سوريا، وتحديداً في عفرين التي تسيطر عليها المعارضة المدعومة تركياً، ألقت الاستخبارات التركية القبض على داعشي يقود خلية مهمة في دير الزور هو هاني يقوب العزاوي المعروف بأبي يعقوب. الإعلام الكردي قال إن العزاوي مسؤول عن اغتيالات مهمة في المنطقة.
الهيئة و ”حرس الشرف“
في إدلب، أقامت هيئة تحرير الشام حفلاً لتخريج فوج جديد من ضباط كلية الشرطة. في الحفل أمران لافتان. الأول أن أقيمت في الحفل مراسم استقبال واستعراض ”حرس الشرف“ تماماً كما نراها في الدول الكاملة. أنصار الهيئة وصفوا الحفل ”بالمهنية المبهرة.“ أما المعارضون فوضعوا صورة استقبال مسؤولي الهيئة قُبالة صورة استقبال مسؤولي النظام السوري وكأن الواحدة انعكاس للأخرى.
الأمر الثاني اللافت هو غياب زعيم الهيئة أبي محمد الجولاني عن الحفل. الجولاني ظهر بعد يومين في 17 أغسطس في زيارة للكلية فيما وصفها الباحث آرون زيلين بأنها المرة الأولى التي يظهر فيها الرجل علناً منذ شهرين. حساب المعارض أبو هادي على التلغرام ذكّر بشائعات مرض الجولاني التي راجت في يونيو الماضي ولاحظ أن الجولاني كان متعباً في زيارته إلى الكلية.
أحلام طالبان الباكستانية بمقعد ”السيادة“
نقل تلفزيون آمو الأفغاني أن طالبان قد تعود إلى الوساطة بين دولية باكستان وجماعة تحريكي طالبان باكستان TTP في حال طلب منها الطرفان ذلك.
المتحدث باسم حكومة طالبان، ذبيح الله مجاهد، قال إن طالبان ”لن تتدخل في شؤون باكستان؛“ مشيراً إلى أن الوساطة التي قامت بها الجماعة بين الطرفين قبل 18 شهراً كانت بطلب من إسلام أباد.
منذ تولى طالبان الحكم في أفغانستان في أغسطس 2021، تسعى (تي تي بي) إلى التفاوض مع حكومة إسلام أباد على ما قد يفضي إلى شكل من الحكم يشبه حكام كابول الجدد.
مسألة أخرى مهمة في هذا الملف هو أن باكستان وغيرها من الدول المعنية لا تزال تقول إن طالبان تقدم عوناً معتبراً لـ (تي تي بي) وهو أمر يقلق كابول.