هل تنجح هيئة تحرير الشام في ”تسويق“ مفهوم ”الكيان السني“ في إدلب؟
- من هم قادة داعش القتلى في الأنبار في أغسطس الماضي؟
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من 9 إلى 15 سبتمبر 2024ث. إلى العناوين:
وفي الذكرى الثانية لوفاة مهسا أميني في طهران، ماذا تغير في إيران؟ نستعيد مقابلات من: آمنة هاني، الناشطة الأحوازية، وميثاق عبدالله، رئيس حركة رواد النهضة لتحرير الأحواز.
حمزة بن لادن
نقلت صحيفة The Mirror البريطانية أن حمزة بن أسامة بن لادن حيّ يُرزق، بل ويحضّر لإحياء شبكة القاعدة بتنفيذ هجمات في العالم. لم توضح الصحيفة مصدر المعلومات واكتفت بالإشارة إلى أنه ”تحليل“ أعده خبراء استخبارات غربيون.
أهم ما جاء في هذا التقرير هو أن حمزة بن لادن نجا من المحاولة الأمريكية لقتله في 2019؛ وأنه يعيش في أفغانستان وتحديداً في جلال أباد شرقاً؛ وأنه تلقى دعماً من القيادي المتنفذ في طالبان سراج الدين حقاني الذي يجتمع به وآخرين من طالبان بشكل دوري.
التقرير قال أيضاً إن حمزة ليس وحيداً. أخوه عبدالله يسانده في بناء 10معسكرات تدريب في أفغانستان تضم عدداً غير محدد من المقاتلين والانتحاريين المُعدَّين للتسلل إلى دول العالم وضرب أهداف غربية.
ماذا يعني هذا الكلام؟ كيف استقبل أنصار القاعدة هذا الخبر؟ في إحدى المجموعات المناصرة على التلغرام نُشر الخبر نقلاً عن وكالة شهادة التابعة لجماعة شباب، ممثل القاعدة في الصومال. مناصر شكك في صحة الخبر على أساس أنه قديم؛ فردّ آخر ”الله يسامحه كنا فرحنا.“ ومن هنا سأل مناصر عن معنى أن يكون حمزة حياً أو ميتاً. قال:”إذا كان حمزةُ حيّاً منذ 2019، فلماذا يختبيء؟ حصلت أحداث عظام بعد ما انتشر خبر مقتله وقتل كثير من قادات الجهاد. فلو كان حي كان بيخرج يغطي الفراغ الموجود هذه الأيام.“
الرد على هذا التعليق جاء في شكلين. الأول أن حمزة ليس قيادياً أصلاً حتى تثير حياته أو وفاته نقاشاً ولو كان محدوداً في صفحة على التلغرام، والثاني هو أن قادة القاعدة لا يظهرون إجمالاً وحمزة ليس استثناء.
كلا الردين غير شافيين. فالمهم ليس نجاة أو وفاة حمزة، وإنما ماذا فعلت قيادة القاعدة حيال موته إن مات وماذا فعل هو حيال التنظيم إن عاش.
وعليه، فإن إثبات الحياة أو الوفاة رهن بقيادة القاعدة. هل نجا الدكتور أيمن الظواهري من الهيلفاير الأمريكي في كابول؟ هل نجا أبو محمد المصري من القنص في طهران؟ لا أحد يعلم يقيناً إلا إذا تحدثت القيادة العامة.
حتى كبار قادة القاعدة المحليين مثل خبيب السوداني في اليمن لا يعلم يقيناً عندما نعى حمزة وأبا محمد في كتابه شذرات! لكن ما لا تستطيع القيادة تجنبه هو أن صمتها يحتمل مخالفة منهجية في صلب عقيدة التنظيم وهي الإمارة والبيعة. فمن الأمير؟ وما حكم البيعات التي تُشرعن هذه الإمارة وما يصدر عن منتسبيها ومناصريها قولاً أو فعلاً؟ وهذا بالضبط ما سأله حساب في إحدى مجموعات الأنصار. سأل: ما حكم الجهاد في التنظيم بدون بيعة؟
نرجح أن هذا السؤال اليتيم الذي لم يتنطع له المشاركون بالنقد أو التوجيه أو حتى الحذف، يعود إلى تفاسير ما انفك بعض المناصرين يقدمونها نقلاً عن اجتهادات هنا وهناك بخصوص بيعة القاعدة لطالبان في ظل اتفاق الدوحة. فهل البيعة ”العظمى“ التي عقدها أسامة بن لادن وبعده الظواهري لأمراء طالبان لا تزال سارية؟ وما معنى أن يردها طالبان؟ في المقابل، ثمة بيعة أخرى بين مقاتلي القاعدة وأنصارها وأمرائهم المحليين وأميرهم الأكبر زعيم التنظيم. وسط غموض مصير هذا الزعيم، ما مشروعية تلك البيعة؟ ولنتذكر هنا أن القاعدة وأنصارها يأخذون على داعش بيعتهم لمجهول الاسم والرسم؛ فماذا يقولون في بيعتهم لأمير مجهول المصير؟
القاعدة وكتم الحقيقة
هل تحتمل هذه المسائل كل هذا الغموض والأخذ والرد؟ على الأرجح لا. ونستعير الجواب من حساب أنباء جاسم الذي يقول إنه ابن القاعدة وإنما يسعى إلى الإصلاح في التنظيم. في غير مرة دعا الحساب إلى الحوار داخل القاعدة ووضع النقاط على الحروف بلا خوف أو وجل ببساطة لوجود سيناريوهات تنقذ القيادة من أي حرج في أي مسألة.
في منشور على منصة إكس بتاريخ ٥ سبتمبر، تحدث أنباء جاسم عن الجدل الدائر منذ أسابيع مع بعض أنصار القاعدة حول ”هدنة“ غير معلنة في اليمن مع الحوثي المدعوم إيرانياً بالنظر إلى توقف الهجمات ضدهم منذ سبتمبر 2022، مقابل تعاظمها ضد القوات اليمنية السنية؛ وبالنظر إلى الأثر الإيراني في سيف العدل، أمير القاعدة الفعلي. يقول أنباء جاسم ”لو القيادة ترى أن من الضرورة التعاون أو التنسيق مع الحوثي أو المحور ضد إسرائيل خلال هذه المرحلة فلا عيب في طرح ذلك لأن من حق الجميع أن يكون على دراية.“
هجمات سبتمبر 2024
في الذكرى الثالثة والعشرين لهجمات سبتمبر، ما انفك أنصار القاعدة من المتحمسين لحماس يساوون بين ١١ سبتمبر و ٧ أكتوبر كمخرج آخر من المأزق الفقهي المتعلق بعلاقة حماس الإيرانية.
هذه المقاربة جاءت في شكلين. الأول أن استغل أنصار القاعدة الحدث لينتقدوا نفراً يؤيدون سبتمبر ويعارضون حماس التي بدأت ٧ أكتوبر. يقولون: ”يلزم منك أن تؤيد العمليتين أو ترفضهما معاً … من التحامل الذميم والتعصب المقيت والتناقض المفضوح أن تطلق لسانك على المجاهدين في #غزة بحجة التهور والتسرع.. وأنت نفسك أيدت عملية ضرب الأبراج.“ من ناحية أخرى، إعلام القاعدة الرسمي يستغل الحدث ليحقق مكسباً مع تأييد شعبوي واضح لـ ٧ أكتوبر من خارج قطاع غزة والضفة الغربية.
خبيب السوداني، القيادي في تنظيم قاعدة اليمن، قال في منشور بعنوان ”وقفات بين غزوتين“ إن هجمات نيويورك في 2001 وهجمات غزة في 2023كانت ”تستحق“ الأرواح التي زُهقت فيها والنتائج التي أتت بها.
لكن يلفت في كلامه إشارة متكررة في أدبيات القاعدة إلى موقف الملا عمر، زعيم طالبان في ذلك الوقت، من تسليم أسامة بن لادن. ونود هنا أن نذكر أن الملا عمر كان واثقاً من أن بن لادن غير مسؤول عن الهجمات ولهذا لم يسلمه لأمريكا من دون دليل. في المقابل، بن لادن ظلّ ينكر مسؤوليته عن الهجمات حتى العام 2004.
في هذا البرنامج استعرضنا أدلة على ذلك من مصادر موثوقة ومنها عرّابو القاعدة أنفسهم. اليوم، نضيف ما ذكرته الصحفية والباحثة الهولندية بيتي دام Bette Dam في كتابها ”البحث عن العدو – الملا عمر – الطالباني المجهول؛“ الصادر في 2021؛ إذ تنقل الكلام ذاته عن أعوان الملا عمر في ذلك الوقت مثل وكيل أحمد متوكل، وزير خارجية طالبان، وعبدالسلام ضعيف السفير الأفغاني في باكستان.
تنقل “دام” أن أفغانستان كانت من أوائل البلدان التي استنكرت الهجمات وعزت الضحايا. لكن الملا عمر لم يكن يدرك ”خطر“ بن لادن. فكان يقول إن أصرّت أمريكا على ضرب أفغانستان بلا دليل، فإن احتمال ذلك لن يتعدى 10٪. في الأيام الأولى للهجمات، ظلّ الملا عمر يمارس حياته بشكل طبيعي بلا قلق ما أقلق أعوانه. ما حصل لاحقاً هو خليط من العناد وسوء التقدير عند الأمريكيين والملا عمر على حد سواء.
”الكيان السني“ في إدلب
أثارت تصريحات للإعلامي أحمد زيدان، الموالي لهيئة تحرير الشام في إدلب، جدلاً في أوساط المعارضة السورية.
في ندوة ”مسألة الهوية والانتماء في سوريا،“ على هامش معرض الكتاب في إدلب، دعا زيدان إلى تقبل مفهوم ”الكيان السني“ الذي ظهر هناك. منطق زيدان هو أن السنة ”مسحوقون“ غير قادرين على تحقيق أي طموح من أي نوع. وبالتالي، فإن ما كان يأمل به ”الثائر أو المجاهد“ في سوريا منذ 2011 لم يعد متاحاً اليوم إلا في إدلب. ومن هنا تأتي أهمية هذا ”الكيان السني“ ”من أجل الحفاظ ”مرحلياً“ على ”الجغرافيا“ التي خرجت عن سيطرة النظام السوري منذ سنوات ”حتى يفتح الله … دمشق وغيرها.“
وهكذا يرى زيدان أن السنة في سوريا هم ”القوة الثورية الرئيسية إن لم تكن الوحيدة (التي تتعرض) لإبادة حقيقية، في ظل تواطؤ أقليات وصمت أخرى.“ ما مشكلة معارضي هيئة تحرير الشام مع هذا الكلام؟ فهم أيضاً لا يقيمون وزناً للسوريين من طوائف أخرى؟ المفارقة أن مشكلتهم هي أنهم يرون كلام زيدان ”تقزيماً“ أو ”تحجيماً“ للحراك المستعر منذ ٢٠١١. أبو يحيى الشامي، الشرعي المنشق عن الهيئة، يرى في دعوة زيدان توفقاً عند إدلب وشمال حلب ”فلا يكون بعدها تحرير لما احتله العدو،“ يقصد النظام السوري؛ وبالتالي على أهل إدلب الرضوخ لسلطة الجولاني في المنطقة كحكم واقع. بسام صهيوني، الذي كان من كبار موظفي الهيئة قبل أن يتركهم، علّق ”انتهت الثورة وقسمت الكعكة على يد الجولاني وزيدان.“ أبو مالك التلي القيادي السابق في الهيئة اعتبر أن ”إطلاق“ المفهوم ”دغدغة للعواطف على حساب ضياع المبادئ.“
الأنبار .. مقبرة داعش
أعلنت القيادة المركزية الأمريكية سينتكوم قتل ”قادة في تنظيم داعش“ في غارة مشتركة مع القوات العراقية في الأنبار غرباً.
الغارة في 29 أغسطس أسفرت عن قتل 14 عنصراً من داعش من بينهم أربعة بارزون هم: أحمد حامد حسين عبد الجليل العيثاوي وهو مسؤول العمليات في كل العراق، وأبو همام مسؤول العمليات في غرب العراق، وأبو علي التونسي مسؤول التطوير التقني، وشاكر عبد أحمد العيساوي المسؤول العسكري في غرب العراق. يبرز من بين هؤلاء أبو علي التونسي المتخصص في صنع المتفجرات والأحزمة الناسفة والأسلحة الكيماوية. في نوفمبر 2022، رصد برنامج مكافآت من أجل العدالة التابع للخارجية الأمريكية مكافأة خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه.
وكان حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي فتح ملف الأنبار هذا الأسبوع. فنشر صوراً قال إنها لأبي مسلم العيثاوي أو أبي حفص الذي كان نائباً لوالي العراق الحالي وأمير مكتب الرافدين أبي عبدالقادر؛ وأخرى لأبي همام أو ”أبي ملك الفراجي“ وكان والياً على الأنبار.
وعلّق الحساب أن ما حدث في منطقة الحزيمي شرق وادي الغدف في أغسطس الماضي كان نتيجة ”اختراقات أمنية واستخباراتية“ طالت التنظيم في العراق، معتبراً أن إنزال أغسطس يأتي استمراراً لحملة مداهمات واعتقالات وإنزالات في الأنبار خلال السنوات الأخيرة. في المقابل، يأخذ الحساب على قادة التنظيم هناك أنهم لم يعالجوا هذا ”الفشل الأمني“ إلا باتخاذ إجراء ”منع استعمال الهواتف.“ في موقع آخر، تحدث الحساب عن ”الأقراص“ أو شرائح تحديد الموقع GPS التي باتت في السنوات الأخيرة باتت ”أخبث الوسائل التي يستعملها أنصار التنظيم المخترقين من قبل مخابرات الروافض لتحديد مواقع المضافات ومواقع سيارات التنظيم و أماكن تكديس براميل الأسلحة والأكل في ولايات الأنبار … (ما تسبب) في فقدان الثقة بين عناصر التنظيم ومناصريهم في القرى(و) … شلل شامل في بعض القواطع لعدم القدرة على العمل أو حتى جلب الطعام في بعض الأحيان.“
داعش وذهب الصومال
نقل موقع غارو أونلاين Garow Online الصومالي أن ثمة أدلة على أن تنظيم داعش الصومال بات قادراً على تصدير كميات محدودة من الذهب المُعدّن محلياً بحيث حقق مكاسب خلال العامين الماضيين وصلت إلى ستة ملايين دولار. الموقع علّق أنه بالرغم من محدودية الصادرات إلا أن ذلك يدل على قدرة التنظيم على التعافي وإدارة نشاطات اقتصادية تدر دخلاً على الشبكة العالمية للتنظيم لتمويل هجمات في إفريقيا وخارجها.
داعش غرب إفريقيا … لا حصانة لحياة
أعلن داعش غرب إفريقيا المسؤولية عن مذبحة في يوبي شمال شرق نيجيريا راح ضحيتها 120 شخصاً على الأقل. داعش قال إن القتلى ”محاربون“ لكن آخرين قالوا إنهم مدنيون. الباحث بافيل ويتشيك لاحظ أن دعاية داعش غرب إفريقيا باتت أكثر عنفاً من ذي قبل باستعراض المجازر في حق المدنيين وهدم منازل القرويين و تنفيذ الإعدامات الميدانية.
حراس المسرى
في الحلقة الماضية، قلنا إن أنصار القاعدة يبحثون منذ أغسطس الماضي عن جماعات جهادية سلفية مقاتلة في غزة في محاولة للتغلب على إشكالية ”تأييد“ حماس الموالية لإيران والتي تتصدر مشهد المواجهة مع إسرائيل. فبرزت جماعتان: جيش الأمة السلفي في بيت المقدس وجماعة سرايا حراس المسرى. أحدهم قال إن الاثنتين واحدة. على كل حال، ما نُشر عن الاثنتين في ذلك الوقت كان يعود إلى عامين تقريباً. في أسبوع احتفاء أنصار القاعدة بهجمات سبتمبر، نشر حساب حراس المسرى أنهم نفذوا هجمة على مستوطنات إسرائيلية شمال قطاع غزة وذلك يوم السبت ١٤ سبتمبر.