مصطفى حامد: طوفان الأقصى ”طُعم“ لاصطياد إيران

  • مصطفى حامد داعياً لإنهاء حرب غزة: طوفان الأقصى ”طُعم“ لإصطياد إيران
  • هل يؤثر قتلُ السنوار في مآسي الغزيين؟ ماذا قال زعيم حماس عن ”الأخ“ قاسم سليماني
  • ”تنظيم القاعدة وإشكالية التأويل“ … هل تحذو قاعدة الصومال حذو اليمن في التعاون مع الحوثي؟

هذا الأسبوع، وبالنظر إلى المجاز المتواصلة في جباليا وبيت لاهيا، نستعيد شهادة طبيب في المستشفى الميداني الأردني في شمال قطاع غزة: النقيب الدكتور صالح لافي السردي، أخصائي جراحة العظام والمفاصل في الخدمات الطبية الملكية الأردنية.

تناقلت صحافة عالمية وإسرائيلية الأسبوع الماضي خبراً يقول إن ”مستشار القاعدة يدعو إلى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في غزة.“ الخبر منقول على ما يبدو عن SITE Intelligence المتخصص في إعلام الإرهاب والتطرف، والمستشار المشار إليه هو مصطفى حامد أبو الوليد المصري، صهر سيف العدل الزعيم الفعلي للقاعدة. وكلاهما يقيم في طهران.

هذا الخبر استدعى رداً من حساب أبي الوليد على إكس، نافياً ما ذهبت إليه تلك القنوات معتبراً النقل ”تضليلاً. فنفى أولاً أن يكون منتسباً إلى القاعدة في أي وقت من الأوقات. بالفعل، لم يكن مصطفى حامد يوماً من القاعدة. كان دائماً أقرب إلى طالبان تنظيمياً وسياسياً. من ناحية أخرى، بيّن حامد أن دعوة ”إطلاق السراح“ المنسوبة إليه تعلقت ”بإعدام الأسرى.“ فما الذي قاله مصطفى حامد بالضبط؟

في تاريخ ١٨ أكتوبر، كتب أبو الوليد في موقع مافا السياسي الإيراني تحت عنوان ”عاش يَحيى السنوار،“ داعياً إلى ”إغلاق“ ملف ”المختطفين“ الإسرائيليين – كما قال – في غزة من دون أن يصرّح بلفظ ”إطلاق السراح.“ فدعا أولاً إلى ”إعادة جثث“ هؤلاء إلى أهاليهم في إسرائيل وثانياً إلى إغلاق هذا الملف ”فلا يُفتح مرة أخرى“ باعتبار أن ”عواقبه“ باتت معلومة.  قال: ” أغلقوا ملف ‘المختطفين‘ اليهود حتى لا يبقي غيرُ مِلف فلسطين والمسجد الأقصى.“ مرد هذا إلى أن ” قضية فلسطين (اختفت) ولم يعد أحد يذكر منها شيئاً إلا من خلال قضية المختطفين.“ حتى إن ”طوفان الأقصى“ تحول إلى ”طوفان المختطفين اليهود.“ وهكذا يختم حامد بوجوب ” عدم الإحتفاظ بأسرى إلا من له فائدة سياسية أو أمنية خاصة.“

المرصد ٢٦٧ | مصطفى حامد داعياً لإنهاء حرب غزة: طوفان الأقصى ”طُعم“ لإصطياد إيران

الحقيقة أن موقف حامد هذا ليس جديداً؛ فطالما كان ضد مفاوضات تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس. فكان يرى أن ”طوفان الأقصى“ بدأ كي يستمر وصولاً إلى الأقصى؛ إلا أن مفاوضات التبادل تلك قلّصت سقف التوقعات والأهداف.

ففي اليوم التالي لهجوم ٧ أكتوبر، كتب حامد منتشياً أن طوفان الأقصى“ يجب أن يتحول إلى ”طوفان المقدسات جميعاً،“ من الأقصى إلى مكة والمدينة؛ متأملاً في أن يحتل حزبُ الله شمال إسرائيل وأن يسيطر الحوثيون على البحر الأحمر؛ وأن يُقضى على إسرائيل حتى بضرب مفاعل ديمونة.

لكن بعد شهرين، بدا حامد غاضباً من سلوك حماس التي بدأت تبادل أسرى مع إسرائيل تحت غطاء عربي قطري مصري. تحت عنوان ”وسقط المسجد الأقصى من حسابات ‘طوفان الأقصى‘” كتب حامد أن ” من أخطر ما يجري الآن من تحركات حول القضية الفلسطينية هي أن تتحول إلى قضية إنسانية واقتصادية بعيدة عن أي محتوى ديني أو سياسي.“ فاعتبر أن حماس باتت أقرب إلى المحور العربي من الإيراني؛ بل جرّت ”محور المقاومة“ إلى ”مسار فرعي بعيداً عن الهدف الرئيس من الحرب وهو حماية المسجد الأقصى وتحرير فلسطين.“

هذا الإحباط لدى حامد تنامى مع إطالة أمد الحرب واتساعها حتى تحول إلى النقيض. في مقال بتاريخ ٧ أغسطس ٢٠٢٤، بعنوان ”حرب العواطف الجياشة: استدراج خطر،“ يعتبر حامد أن طوفان الأقصى لن يأتي بخير على إيران تحديداً. يستنتج هنا ”أنه لم يكن هناك تخطيط لأي طوفان ولا لحرب مع إسرائيل … فلم تكن حماس أو أي منظمة جاهزة لحرب غزة ولم يكن ذلك ممكنا أو معقولاً ولم يكن هناك أي تجهيز لمثل تلك الحرب حتى في الحدود الدنيا.“ كلام حامد هذا مختلف تماماً عن دعوته بداية الحرب إلى استثمار الزخم الحاصل من أجل تحرير الأقصى وما أبعد من الأقصى.

يصل المقال ذروته عندما يقول حامد إن طوفان الأقصى هو في واقع الأمر فخ سيوقع بإيران. يقول: ”فربما لم يكن أحد يدري أنه  (طوفان الأقصى) قد استخدم فى تلك الحرب لإصطياد السمكة الإيرانية الكبيرة.“

وهكذا، يدافع حامد عن قرار إيران ”الاكتفاء“ بإسناد أهل غزة وعدم الانجرار وراء ”الطعم“ الإسرائيلي الأمريكي – يقصد ”حروب الثأر“ لاغتيال قيادات حماس وحزب الله وإيران نفسها. في الخلاصة، يرى حامد أنه تجب إعادة رسم ”خريطة جديدة للصراع … (فذلك) أولى من الدخول في حرب استُدرِجنا اليها منذ اندلاع عملية الأقصى التي كانت مجرد طعم لإصطياد سمكة المقاومة الكبيرة.“

المرصد ٢٦٧ | مصطفى حامد داعياً لإنهاء حرب غزة: طوفان الأقصى ”طُعم“ لإصطياد إيران
الجهاديون والسنوار

إذاً، يوم الأربعاء ١٦ أكتوبر ٢٠٢٤، قتلت إسرائيل يحيى السنوار، رئيسَ المكتب السياسي لحركة حماس بعد أن ظل عاماً هدفها الأول باعتباره مهندس هجوم ٧ أكتوبر في ٢٠٢٣.

الجماعات الجهادية وأنصارها كان لهم موقفان من الحدث: رسمي وفردي. أما الأفراد، فانشغلوا، كما هي العادة، بخطأ أو صواب وصف السنوار بالشهيد. حساب مراقب على إكس، الذي يبدو أنه يعود إلى أبي محمد المقدسي، أو على الأقل ينشر عنه، علّق: ”لازال المقدسي متمسكاً بقوله القديم … مَن قاتل وقُتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو شهيد … ومن قاتل وقُتل لتحكيم القوانين_الوضعية وتطبيق الديمقراطية فهو فطيس.“

المقدسي يعتبر أن حماس لا تقاتل لأجل تحكيم الشريعة وإنما لإقامة وطن ضمن حدود فلسطين الجغرافية. وفي مكان آخر، يقول حساب مراقب: ”نخالف السنوار، ولكننا ننصفه ولا ننتقده إلا بما أظهره. هل سمعته يوماً يصرح بمحبة إيران أو حزب اللات أو نصراللات أوبشار؟ … وكونه يناصر قوماً أو يستنصر بهم فلا يلزم أنه يحبهم.“

غير واضح ماذا يعني مراقب بلفظ ”محبة“ وكيف يُفرّق بين المحبة وأن ينتصر المرء لقوم أو يستنصر بهم. لكن ما خفي على مراقب ربما هو أن السنوار صرّح بعلاقة ”دافئة“ مع إيران وحزب الله ”والأخ قاسم سليماني.“ جاء هذا في مقابلة أجراها تلفزيون الميادين الموالي لإيران في لبنان في أيار ٢٠١٨.

على الطرف الآخر من المقدسي، نجد حساب ”القول الحسن ٢“ على التلغرام الذي ينشر لأبي قتادة الفلسطيني، ولا ندري إن كان ينشر باسمه. هذا الحساب دعا للسنوار واصفاً قتله ”بالشهادة.“

الداعية طارق عبدالحليم المعارض لحماس وطوفان الأقصى جملة وتفصيلاً، كتب: ”الرجل بين يدي ربه يحاسبه بما يستحق … المهم الآن، هو كيف يمكن أن يؤثر هذا على وقف العذاب المستمر للأبرياء في غزة.“

رسمياً، نشرت أفرع القاعدة بيانات ”تعزية“ بالسنوار. افتتح البيانات فرع القاعدة في شبه القارة الهندية الذي وصف القتل بالاستشهاد ووصف السنوار ”بقائد المجاهدين الشجاع.“ كما أجزل البيان مدح حماس، وهذا تفصيل مهم بالنظر إلى تمييز بعض الجهاديين بين حماس الحركة وحماس كتائب القسام كمخرج من معضلة الأثر الإيراني.

ولهذا نجد أن تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، فرع اليمن، في بيان التعزية المنشور في ٢٠ أكتوبر، لم يذكر حماس قط واكتفى بذكر كتائب القسام وكما بيان القاعدة ”بر صغير،“ وصف بيان اليمن السنوار ”بالقائد المجاهد،“ والقتل بالاستشهاد.

طالبان كذلك عزوا بالسنوار رئاسة الوزراء في الجماعة أصدرت بياناً بلغات عدة  في تاريخ ١٨ أكتوبر بعنوان ”استشهاد القائد يحيى السنوار رئيس حركة حماس.“

من هيئة تحرير الشام في إدلب، كتب عبد الرحيم عطون رئيس المجلس الأعلى للإفتاء، ومظهر الويس مسؤول الإدارة العامة للتوجيه الشرعي معزيين بالسنوار واصفيَن إياه بالشهيد.

تكاد تكون هذه المواقف متجانسة رغم خلافات لم يبذل أصحابها جهداً في تبيانها – ونقصد مشروعية الوصف بالشهادة وجدوى فعل السنوار. لكن يلفت من بينها ما كتبه حساب عبدالرحمن الإدريسي الموالي لهيئة تحرير الشام، عندما استذكر الجدل المحتدِم الذي دار حول اغتيال أمين عام حزبِ الله حسن نصرالله. سُئل الإدريسي ”لماذا تُظهرون حزنكم على السنوار؟“ وكان ”إخوة في حماس“ ساءهم فرح أهل الشام باغتيال نصرالله حتى إن بعضهم اتهمهم ”بالتصهين.“

الحوثي وقاعدة الصومال

الكلام عن السنوار ضمن سلسلة من الجدليات التي تتنامى في أوساط الجهاديين والإسلاميين منذ انطلاق ٧ أكتوبر، يبدو مناسباً لاستعراض ما كتبه الحساب الجهادي ”أنباء جاسم“ على إكس ”عن تنظيم القاعدة وإشكالية التأويل.“

الحساب يعلق على تقارير أخيرة عن ”تعاون“ بين الحوثيين وجماعة شباب الصومالية الموالية للقاعدة. يقول أنباء إنه ”لا يستغرب“ هكذا تعاون ”لأن قيادات في التنظيم يبررون هذه التصرفات … خصوصاً في ظل غياب أمير عام للتنظيم مؤهل شرعياً وتجاهل إجماع المشايخ في هذه الثوابت.“

يلفت الحساب إلى أنه لا يرفض ”بالضرورة“ مثل هذه التحالفات خاصة في وجود ”تأصيل شرعي“ لها. لكن المشكلة عنده تكمن في ”تناقض“ فعل القيادة مع الخطاب الموجه للقواعد.

المرصد ٢٦٧ | مصطفى حامد داعياً لإنهاء حرب غزة: طوفان الأقصى ”طُعم“ لإصطياد إيران
القاعدة فرع الشام

أعلنت السلطات التركية أنها في صدد اعتقال أفراد من القاعدة فرع الشام بتهمة تنفيذ هجمات ضد القوات التركية المنتشرة في محيط إدلب بسوريا.

أجهزة الأمن التركية قالت إنها لاحقت عنصراً ”مهماً“ في تنظيم القاعدة بسوريا اسمه احمد بيكارة حتى تمكنت من اعتقاله في بلد إفريقي لم تسمه. التحقيق مع بيكارة أفضى إلى اعتقال آخر كان مختبئاً في أضنة جنوب تركيا.