هدنة غزة تدخل حيز التنفيذ

أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٩ إلى ١٩ يناير ٢٠٢٥. إلى العناوين:

  • انقسام الجهاديين حول صفقة غزة  بين اعتبارها نصراً وهزيمة
  • في سوريا ”الجديدة“ ترقب على جبهة قسد، وانتقاد ”إعادة تدوير“ أذرع نظام الأسد
  • ما محل داعش من ”الإعراب“ في سوريا الجديدة؟ قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي تقدم قراءة ”موضوعية“

وضيفة الأسبوع، الإعلامية لاسورية، الأستاذة براء صليبي. منتجة ومدربة بودكاست. نسمعها في هوا كانون، ديفيميل. وشرف.

وقف الموت

موقف الجماعات الجهادية والإسلامية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة لا يختلف عن موقفهم من الحرب نفسها فمن تغنى بحماس في هذه الحرب، اعتبر الاتفاق ”نصراً“ ومن رأى أن الجماعة جلبت دماراً على غزة، اعتبر الاتفاق هزيمة. في المطلق، الجميع يتفق على أن الصفقة أنقذت أرواحاً كان ستُزهَق عبثاً.

أما من اعتبرها هزيمة مثل المنظر طارق عبدالحليم، فهو على موقفه المعارض لحماس. يستغرب من الذين يعتبرون أن حماس انتصرت في هذه الحرب. ويتساءل بما معناه: إذا كان هذا انتصار، فكيف تبدو الهزيمة؟!في موقع آخر يتساءل عن فرح البعض بخروج الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، ويسأل كم كلف خروجهم ”من أرواح وديار“ وكيف ”تتعادل كفتي الميزان.“

طيف ثانٍ يرى في الاتفاق نصراً، ودليلاً على أن ”إسرائيل لا تستطيع حسم معضلة القضية الفلسطينية مهما فعلت.“ وبالتالي فإن غزة ”خرجت من حسابات الصهاينة السياسية والعسكرية تماماً،“ فلن تفكر إسرائيل بإعادة الكرّة.

أحمد زيدان، الإعلامي المقرب من هيئة تحرير الشام التي تحكم سوريا اليوم. قال: ”اليوم فرحتنا في الشام الطهور كفرح أهلنا في  #غزة الحبيبة… اليوم ننام بأمن وطمأنينة، مع توقف آلة التوحش الصهيونية على أهلنا في الشام الجنوبية …الملتقى في القدس.“

طيف ثالث اجتهد في تفنيد شواهد الهزيمة. أبو محمود الفلسطيني، الموالي للهيئة، في منشور طويل أظهر تأييده لحماس واعتبر الاتفاق نصراً منقوصاً. لكنه كتب جملة تختزل شواهد الهزيمة. يقول: ”عودوا واقرؤوا جيداً خطاب محمد الضيف في صبيحة عملية ٧ أكتوبر … لتروا سقف العملية وأهدافها: إنها حرب التحرير الكبرى للأقصى وفلسطين … ثم انظروا إلى الواقع اليوم، دمار كامل لغزة وخروجها عن الحد الأدني من متطلبات الحياة.“

أنصار داعش موقفهم معلوم. فهم يعارضون حماس وحربها في غزة ولا يرون في اتفاق وقف إطلاق النار نصراً. يُضاف إلى هذا أنهم يقارنون بين ما حدث في غزة وما حدث في الموصل عندما أُخرجوا منها. وجه المقارنة بحسبهم هو أن من وجه اللوم للتنظيم على الدمار الذي خلفه  قصف التحالف في المدن السورية والعراقية لم يوجه اللوم لحماس على الدمار الذي لحق بغزة.

المرصد ٢٧٩| انقسام الجهاديين حول صفقة غزة بين اعتبارها نصراً وهزيمة
سوريا الجديدة … الحوار الوطني

انتهت المهلة للتفاوض بين قسد والإدارة المؤقتة دون التوصل إلى حلّ. الجميع: ردع العدوان (بقيادة هيئة تحرير الشام)، وفجر الحرية (بقيادة الجيش الوطني المدعوم من تركيا) وعشائر المنطقة الشرقية، وأكراد قسد اتجهوا جميعاً إلى العسكرة.

في الأثناء، ومع قرب استحقاق الحوار الوطني في سوريا ”الجديدة“ الذي من المفترض أن ينهي الفترة الانتقالية ويضع أسس الحكم هناك، يزداد التخوف من أن الإدارة الجديدة لن تنجز هذا الملف كما يجب.

الشواهد على ذلك تتركز في معايير اللقاءات والتعيينات التي يقوم عليها أحمد الشرع ”قائد“ الإدارة الجديدة.

فمثلاً، ترددت أنباء عن أن العقيد رياض الأسعد، مؤسس الجيش السوري الحر، الذي كان نواة المقاومة ضد نظام الأسد في ٢٠١١، طلب لقاء مع الشرع ولكنه لم يُلبَّ بعد. الأسعد التقى وزير الدفاع مرهف أبو قصرة. معارضو الشرع التقليديون أخذوا عليه أن يلتقي ”يوتيوبرز“ ولمّا يلتقي الأسعد.

أما في مسألة التعيينات، فلا يزال سوريون يتحفظون على وضع شخوص في مواقع قيادية على أسس غير الكفاءة. هذا الأسبوع تعاظمت المسألة في ما يراه سوريون إعادة تموضع لشخصيات كانت ذراعاً للنظام السابق خاصة في الاقتصاد والقضاء.

أحمد المنصور

من معالم الإدارة الجديدة في سوريا أن رسمت خطاً أحمر للأفراد والجماعات ”الإشكالية.“ فتصدت لجماعات من فلول النظام في الساحل، وخلية داعشية في دمشق؛ ومشروع وليد لأحمد المنصور المصري الذي انتهت قصته كما بدأت: بسرعة.

أحمد المنصور عمل في الجناح العسكري لهيئة تحرير الشام تحت إمرة وزير الدفاع الحالي، مرهف أبو قصرة. في ١١ يناير، أعلن عن تشكيل ”حركة ثوار ٢٥ يناير“ وتعهد بإسقاط النظام المصري. بحسب بيان الجماعة، استدعى الأمن المنصور ” لمقابلة“ مع أبو قصرة؛ إلا أنه اعتُقِل دون السماح له بالاتصال مع الخارج.

بالمطلق، معارضو هيئة تحرير الشام، اعتبروا الإجراء مكملاً للتكالب على أصحاب ”الدعوة“ – كما حدث بحسبهم في اعتقال أبي سفيان الجبلاوي صاحب ملتقى دعوي في جبلة. كما اعتبروه مجحفاً بحق ”المهاجرين“ الذين قاتلوا مع السوريين.

لكن كان ثمة ردود لافتة. أبو يحيى الشامي، الذي يعارض الهيئة، لفت في حسابه على التلغرام إلى أن ”الوضع في الشام غير مستقر … والتحديات كبيرة جداً،“ وعليه، على ”المجاهدين“ أن يفكروا ملياً قبل أي خطوة إلى أن ”يستقر“ الحال. ويتفق مع هذا الكلام طارق عبدالحليم، الداعية المصري من كندا، الذي ورغم تأييده ”أي تحرك“ ضد النظام المصري، يرى أن أحمد المنصور ”ظاهرة نفسية إلكترونية، محلها شبكات التواصل،“ ذلك أن لا جذور لها في الأرض المصرية.

المرصد ٢٧٩| انقسام الجهاديين حول صفقة غزة بين اعتبارها نصراً وهزيمة
عبء الاقتصاد

في اليوم التالي لسقوط النظام في دمشق، بدأ أهل الشام يستشعرون ثقل العبء الاقتصادي وهناً على وهن بعد تردد أنباء عن رفع الرسوم الجمركية ”في كل سوريا.“ فمثلاً، وبحسب ما تناقلته حسابات سوريين على التلغرام، ارتفع الجمرك على البسكويت من ٥٠ إلى ٣٠٠ دولار. في إدلب، أغلقت محالّ أبوابها وظهرت تجمعات احتجاجية في معبر الهوى وأمام المولات الكبرى.

داعش في سوريا الجديدة

”ما محل تنظيم الدولة من الإعراب في سورية الجديدة؟“حساب قناة فضح عباد البغددي والهاشمي يقدم ”قراءة موضوعية“ في هذا السؤال.

يقول الحساب إن القيادة العليا للتنظيم الموجودة خارج الشام لم تعد قادرة على تقديم خطة أو استراتيجية للتعامل مع الواقع الجديد في ”ولاية الشام“ بسبب تمكن العملاء والجواسيس من اختراق هذه الولاية بدليل قتل أرفع القياديين في هذه الجغرافيا. وعليه فإن ”أي تكتيك استراتيجي أوعسكري بخصوص الشام سيكون عبثا أمنياً ومضيعة للوقت عند غياب الثقة في الأمراء والمسؤولين.“

أما عن قيادة ولاية الشام، فيقول الحساب إنها ”منقسمة“ على ذاتها فلا تتفق على ”مسار واضح“ للعمليات، ناهيك عن القصف المتواصل من جانب التحالف بما لم يترك لهم هامشاً للحركة.

ما الخيارات إذاً؟

يقول الحساب إن استراتيجية داعش اليوم ضد هيئة تحرير الشام ستكون مختلفة عنها ضد نظام الأسد. وعليه، سيعيد داعش ترتيب أولوياته بحيث يأتي استهداف رموز الهيئة في المركز الأول حفظاً لماء الوجه أمام الأنصار المذهولين مما حدث حتى الآن؛ واستهداف الأقليات تالياً من أجل”خلق زوبعة إعلامية .. وتأجيج الرأي العام ضد الشرع وحكومته.“