أخبار الآن | طرابلس – لبنان (رويترز)
بعد أن أعياه السير في شوارع موحلة والنوم تحت سقف من الصاج لا يكاد يقي من حرارة الشمس صيفا ولا من تسريب المطر والبرد شتاء، في حي التنك (الصفيح) بمدينة طرابلس في شمال لبنان، لم يعد اللبناني نادر محيو (28 عاما) يجد أمامه سبيلا سوى الدعاء بأن ييسر الله له ولأطفاله الانتقال لمكان أفضل.
ومحيو واحد من مئات يسكنون حي الفقراء ويتأثرون بشكل مباشر بالظروف الاقتصادية القاسية التي تسحق لبنان، والتي أدت إلى موجة كبيرة من الاحتجاجات.
ويسعى لبنان، الذي يعاني من أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين 1975 و 1990، لتشكيل حكومة جديدة منذ استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري في 29 أكتوبر تشرين الأول استجابة للاحتجاجات ضد النخبة الحاكمة التي ينظر المحتجون لها باعتبارها فاسدة وغير مؤهلة.
وخلال الاحتجاجات التي تجتاح لبنان، يحتشد المتظاهرون ليلا في طرابلس، فيما يشبه مهرجانا للموسيقى الإلكترونية، إذ أصحبت هذه التجمعات طقسا لنحو نصف مليون شخص من سكان المدينة، وعادة ما يحتشد المحتجون في ساحة النور الرئيسية بها.
ويقول سكان طرابلس إن قدرتهم على جذب حشود كبيرة متحمسة تشجع المحتجين الآخرين في أنحاء لبنان على الحفاظ على قوة الدفع للاحتجاجات.
ويقول نادر محيو “باتمنى كل يوم وبكرة، وبأقول يارب الله يطلِعني من ها الحال. من شان ها الأطفال ما من شاني لي، لأن هدول الأطفال عم بيمرضوا، عم بيمغصوا، رطوبة، برد، كل شي، ما فيه شيء لتحسين الوضع لهم”.
ويخشى سائق النقل العام من أنه قد يُضطر ذات يوم لطلاق زوجته وتشريد أطفاله الثلاثة الذين يكافح من أجل توفير حياة كريمة لهم.
وقال محيو “احتمال يعني ايش صار حادشر، حأطلق (زوجتي)، ما اني قادر أعيش بنت الناس عندي بالبيت، ما اني قادر أعيش ها الأطفال، يعني بالعربي بيروحوا بيتشردوا؟”.
ويقدر دخل محيو بنحو 15 ألف ليرة لبنانية (نحو 10 دولارات) في اليوم، وهو مبلغ ضئيل للغاية بحيث لا يمكنه من ابنتيه إلى المدرسة. وحول سبب بناء منزله المؤقت على أرض مملوكة للدولة يقول إنه ليس لديه مكان آخر.
ويذكر تقرير للبنك الدولي صدر في 2017أن شمال لبنان، بما فيه مدينة طرابلس من بين “أكثر المناطق ضعفا في البلاد”. ويقدر التقرير معدل الفقر في المنطقة بما يصل إلى 36 في المئة، أي أعلى من المعدل على المستوى الوطني الذي يقدر بنحو 27 في المئة.
وقال نادر محيو “إن شاء الله يارب، الله يغير ها الحكام، معلم، ويجيبوا لنا عالم تقدرنا وتحترم المواطنين اللبنانية بها البلد، ما بدنا أكتر، بدنا نقدر نعيش بكرامة ما أكتر. . بدنا ناكل ونشرب ونعيش ونعّيش ها الأطفال”.
ويعتبر الحي الفقير من أفقر الأحياء في لبنان باستثناء مخيمات اللاجئين الفلسطينيين والسوريين.
ومثل محيو يقول رجل آخر من سكان حي التنك يدعى سامي خالد العوف (43 عاما)، إنه قلق بشأن مستقبل أطفاله.
ويوضح العوف أنه يعيش منذ ست سنوات تحت سطح من الصفيح تتسرب منه مياه المطر. وبأجر أسبوعي قدره 100 ألف ليرة لبنانية (نحو 66 دولارا)، لا يستطيع العوف تغطية نفقات أطفاله الثلاثة، لا سيما وبينهم طفل يحتاج علاجا طبيا.
وقال العوف “أتمنى انه تتغير ها الدولة كلياتها، ويتغير كل شي بقلبها. يحطوا لنا ناس نضاف، تقدر تحس بالمواطن، إذا مرض ابنه إذا فات ع المستشفى محدش يوقفه ع الباب، يكحشه (يطرده) ما يطلب منه مصاري قبل ما يفوته يموت ع الباب”.
وأضاف “الطبابة (العلاج الطبي) والمعيشة، وها الشغلات، هدا أكتر شي بيخنقك. انه تيجي تلاقي ابنك بده يطلب طلب وتقوله ما في عندي منه، أو ما فيني أجيب لك إياه. الواد ما بيعرف، ولدي بيعرف إنه شاف شغلة استحلاها بده إياها. الأب بيظل حارقة قلبه”.
مصدر الصورة: رويترز
أقرأ أيضا:
في أول موقف رسمي.. اليابان تنتقد فرار كارلوس غصن وتعتبر أنه “جريمة”