أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (محمد زهور – ترجمات)
“أردت فقط أن أموت”… بهذه الكلمات اختارت صحيفة “الغارديان” البريطانية، عنواناً لتقرير مطول تحدث عن تعذيب أحد المتظاهرين العراقيين بوحشية، وضلوع إيران في عمليات التعذيب في العراق.
وتروي الصحيفة استناداً إلى مصادر لها داخل العراق، قصة حيدر الطبيب العسكري السابق في بغداد، وتعرضه للتعذيب حتى وصوله إلى مرحلة تمنى الموت فيها للخلاص من ذلك التعذيب.
وأثناء مشاركة حيدر بالتظاهرات المنددة بالفساد وبالتدخل الإيراني في البلاد، قرر أن يملئ حقيبته بالأدوية لإسعاف الجرحى، غداة القمع الرهيب الذي تعرض له المتظاهرون منذ اندلاع الاحتجاجات في العراق في أوائل شهر أكتوبر الماضي.
وفي أواخر شهر ديسمبر، وبعد أن أصبح حيدر مشرفاً في أحد خيام الاعتصام على الفريق الطبي، قرر أن يعود إلى منزله لتفقد أمه وزوجته الحامل، ليتعرض عقبها إلى عملية اختطاف من أمام باب منزله.
تروي “الغارديان” تفاصيل عملية الاختطاف وكيف تم اقتياد حيدر إلى غرفة فارغة، تحت تهديد السلاح وهو معصوب العينين، لتكون بداية عملية تعذيب استمرت نحو 14 يوماً، ذاق فيها الطبيب العراقي “ويلات” جعلته يتمنى الموت.
عملية التعذيب تلك، تضمنت الصعق الكهربائي والاغتصاب والضرب والإغراق في مياه مثلجة، والجلد، والتحطيم النفسي، وصولاً إلى التهديد بقتل عائلة حيدر، إن لم يفصح عن معلومات عن المتظاهرين ومن يدعمهم.
يقول حيدر كما تروي الغارديان: “تمنيت الموت بحق، لم استطع أن اخبرهم عن تمويل التظاهرات، لأن الجميع يمولها، الرجال والنساء والعجائز… لقد وصلت في آخر مراحل اعتقالي إلى حافة الجنون”.
بعد 14 يوماً، وبسيناريو يشبه أفلام قطاع الطرق والعصابات المنظمة، يطلق سراح حيدر في أحد مكابات النفايات، وعلى عينيه عصبة حتى لايرى من اختطفه، يقول: “بعد تأكدي من ذهاب الخاطفين، ركضت بكامل قوتي قبل أن انهار على أبواب أحد المساكن… بكيت بشدة… سألني القاطنون في ذلك المنزل عن رغبتي بالذهاب إلى الشرطة لأخبرهم بما حدث، أجبتهم: أرجوكم لا أريد”.
حملة موازية
يكشف تقرير “الغارديان” استناداً إلى مصادر عدة، كيف لجأت الحكومة العراقية عقب اندلاع التظاهرت في البلاد، إلى شن حملة موازية لإنهاء تلك التظاهرات وإسكات الناشطين والصحفيين عبر عمليات الخطف والترهيب والاغتيالات.
ونقلت الصحيفة البرطانية عن مسؤول عراقي في لجنة حقوق الإنسان العراقية، شريطة عدم الكشف عن هويته، قوله: “منذ اليوم الأول، اختارت الحكومة طرق عنيفة للتعامل مع المتظاهرين.. كانت تمارس العنف على موجات. في البداية، قتلت بشكل جماعي، حيث تم تصفية 157 شخص خلال الأيام الثلاثة الأولى وحدها. ومع بداية تشرين الثاني/نوفمبر، بدأنا بتلقي تقارير عن عمليات الاختطاف، ليس فقط في بغداد بل في العمارة والناصرية. تلقى الناشطون والصحفيون والأكاديميون وأي شخص يدعم المظاهرات، سواء من الناحية اللوجستية أو حتى أخلاقياً، تلقوا جميعهم تهديدات بالقتل”.
غرفة عمليات تحت إشراف طهران
يروي مسؤول رفيع المستوى في الحشد الشعبي، والذي يعتبر أحد أذرع إيران في العراق، كيف ساهمت إيران بقمع العراقيين بالتنسيق مع الحكومة العراقية، ويقول وفق ماروته صحيفة الغارديان: “في الأسبوع الأخير من أيلول/ سبتمبر الماضي، بدأنا بتلقي تقارير استخباراتية تفيد بالتحضير لمظاهرات حاشدة يتبعها انقلاب عسكري… شكلنا غرفة للعميات ترأسها عادل عبدالمهدي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكان حوله قادة الجيش والشرطة وقادة الحشد وكذلك الإيرانيون. كل هذه الأطراف رأت المظاهرات جزء من مؤامرة كبيرة، واتخذوا قراراً بقمعها بالعنف”.
وأضاف: “قررت بعض الفصائل في الحشد الشعبي، استهداف النشطاء المرتبطين بالمؤسسات الإعلامية”.
تجسس وكاميرات تصوير
المسؤول في لجنة حقوق الانسان العراقية قال لصحيفة الغارديان: “توجد قوات الأمن بالقرب من الميدان، يراقبون أي شخص يدخل ويخرج، وهناك شبكة من الكاميرات عالية الدقة تربط بغداد، وعليه فإن الحكومة تستطيع أن تتعرف على الأشخاص الذين تدعي أنهم يقومون بأعمال القتل وإثارة القلائل بين الشعب وقوات الأمن”.
ضابط في المخابرات العراقية كشف لصحيفة الغارديان أنه تلقى أوامر من وزارة الداخلية العراقية بالمشاركة في التظاهرات بهدف التجسس على المتظاهرين.
وقال ضابط المخابرات: “إدارة المراقبة السرية بالوزارة كلها متواجدة في الميدان، ولديهم خيم هناك، ويراقبون كل شخص يدخل ويخرج”.
وأضاف: “لدينا كاميرات ويمكننا مراقبة الساحات وجميع المداخل، ونعرف من يدخل ويغادر. نستفيد من المتظاهرين الشباب وقلة خبرتهم، ونتحدث معهم للحصول على أسمائهم ونتابعهم لمحاولة الوصول إلى قادتهم”.
ويؤكد التقرير أن عمليات القمع التي انتهجتها الحكومة العراقية تحت إشراف إيران، لم تكن عشوائية، بدأت بالنشطاء البارزين، ثم الأكادميين والصحفيين، وصولاً إلى الأطباء والممرضين، كل ذلك بهدف إرهاب المتظاهرين، وهو ما يفسر رفض معظم المختطفين الذين افرج عنهم بشكل قاطع التحدث عن خاطفيهم وما تعرضوا له، مكتفين بالتواري عن الأنظار أو الفرار خارج العراق ان استطعوا إلى ذلك سبيلا.
أقرأ أيضا: