أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (أمين الدزيري)
تختلف ردود أفعال البشر عند حدوث الكوارث ، منهم من يتصرف بعقلانية وأغلبهم يتملكه الخوف والرعب ليقوم بأفعال منافية للعقل والمنطق .
الثقافة والبيئة والمستوى التعليمي وخاصة غياب جهة تستطيع السيطرة على حالة الخوف الجماعية والتي ان غابت تحل محلها الخرافة والجهل .
صور وفيديوهات طريفة رافقت ضهور كورونا والتي تبدو مضحكة في ظاهرها ولكنها تخفي تاريخا طويلا من الخرافات والغرائب التي رافقت الأوبئة في تاريخ البشر . نستعرضها معا في حلقة جديدة من كبسولة الزمن.
https://www.youtube.com/watch?v=4TFEBllWLYc
أساطير رافقت الطاعون الأنطوني
نبدأ جولة الخرافات التي صاحبت الأوبئة بطاعون ضرب البشر سنة 165ميلادية ، وسمي بالأنطوني نسبة إلى السلالة الأنطونية التي حكمت الإمبراطورية الرومانية حينها، تسبب الطاعون في وفاة 2000 شخص يوميًّا.. ودمار الجيش الروماني بالكامل والذي قُدِّرعدد ضحاياه بـ5 ملايين شخص.
انتشار المرض بدأ عند قيام الجنرال الروماني لوسيوس فيروس، بحصار مدينة “سُلوقية” في العراق، فأُصيب جيشه بالوباء، وانسحب، آخذًا معه العدوى إلى باقي أنحاء الإمبراطورية .
العقاب الإلاهي
في تلك الفترة تداول الناس ثلاثة أساطير لعب فيها الجانب العقائدي دورا هاما..
أولاها أن الطاعون عقابًا الاهيا لأن الرومان وعدوا سابقًا الآلهة بعدم نهب المدينة إلا أنهم أخلفوا الوعد فحق عليهم عذاب الآلهة.
أما الرواية الثانية فافترضت أن جنديًّا رومانيًّا فتح النعش الذهبي في معبد الإله “أبوللو” في بابل؛ ما سمح للطاعون بالفرار،
في الرواية الثالثة اعتقد الرومان الوثنيون أن أعداءهم المسيحيين قد أثاروا غضب الآلهة فبعثت فيهم العذاب
لم يكن الطاعون حينها سوى مرض الجدري والذي يسبب تشوهات كبيرة على أجسام المصابين ووجوههم فاعتقدوا أنهم ملعونين فقاموا بحرقهم وحتى دفنهم أحياء وهو ما وثقته حفريات أثرية لمقابر رومانية قديمة .
أساطير رافقت الطاعون الأسود
ضرب الطاعون الأسود أوروبا عامي 1347 و 1353 وبسبب الأعداد الهائلة لضحاياه وخاصة تسميته بالأسود بدأت الشائعات تنتقل عن طريق التجار لمختلف أرجاء العالم الذين رووا قصصا مرعبة حول أعداد الموتى التي لا تحصى والجثث المتناثرة في الشوارع فبدأ الناس بالفرار من بؤر انتشار المرض بسبب جهلهم بحقيقته ..
المرض كان ينتشر بسبب البراغيث التي تعيش في القوارض والتي نقلها الفارون في ثيابهم وأغراضهم نحو المناطق المجاورة.
إبادات جماعية
الرعب وعدم فهم أسباب المرض دفع الأوروبيون خلال العصور الوسطى لالقاء اللوم على كل شخص غريب عن ثقافتهم .
فلجأوا لحرقهم وقتل كل من تحوم حوله الشكوك بممارسة السحر والهرطقة فاندلعت بذلك أعمال عنف في عديد المدن انتهت بإحراق آلاف الأقليات وأصحاب الديانات المختلفة .
جلد الذات للتخلص من الذنوب
البعض الآخر اتجه لتسليط أقسى العقوبات على أنفسهم في محاولة منهم لوقف ما اعتقدوا بأنه عقاب إلهي مسلط عليهم بسبب تفاقم خطاياهم. قانتشرت خلال سنوات الوباء مجموعات تعتمد طقوس غريبة تجوب مختلف أرجاء أوروبا كإيطاليا وألمانيا وشرق أوروبا لجأوا فيها لجلد أنفسهم أملا منهم في التكفير عن خطاياهم ووقف انتشار الطاعون الأسود في هذه البلدان
وصف هؤلاء بالأتقياء والمنقذين وتنقلوا من مدينة لأخرى مقيمين فيها احتفالات جلد الذات مستعملين فيها سياطا تكونت من ثلاثة حبال مصنوعة من الجلد فيما زاد البعض الاخر من حدتها بتثبيت عدد من المسامير عليها لزيادة معاناتهم وتسهيل إراقة دمائهم التي “تبرّك بها الحاضرون”، بحسب اعتقاداتهم.
تدخلت الكنيسة في أكتوبر سنة 1349 لوقف ما اعتبره البابا كليمونت السادس هرطقة وتقديم لآمال كاذبة.
بين الحقيقة والخيال
انتشار الدجل والخرافة في أوروبا في العصور الوسطى أدى للقضاء على ثلث سكانها في 6 سنوات فقط، لينتهي انتشار الوباء فقط عندما أدرك البشر حينها أن لا سبيل للشفاء الا باتباع أساليب علمية بحتة بعيدة عن الخرافة كعزل المرضى واعطائهم الرعاية الصحة الللازمة ومعالجة أصل الداء .
للمزيد: