أخبار الآن | روسيا (صحف)
“بوتين بات أضعف بكثير مما سبق”… بهذه العبارة لخص المحلل السياسي نيكولاي بتروف، حال الرئيس الروسي بالتزامن مع توسع تفشي جائحة كورونا في البلاد.
ونقلت شبكة الـ”بي بي سي” البريطانية عن بتروف، الأستاذ في معهد “تشاتام هاوس” قوله: إنه “حتى ولو تمت الموافقة على الدستور عبر الاستفتاء، فإن هذا لن يغير حقيقة أن بوتين الآن أضعف بكثير من السابق”.
وشهد هذا الربيع تصويتا عاما على تعديل الدستور حتى يتمكن بوتين من الحكم لولايتين جديدتين.
وأوضح المحلل السياسي أن “بوتين يواجه لأول مرة في حياته السياسية مشكلة لا تخضع لسيطرته بشكل مطلق وأضرت بكل خططه”.
وبعدما كانت نسبة التأييد الشعبي التي يحظى بها تصل إلى 59% ، تراجعت إلى أدنى مستوى لها.
واضطر بوتين (67 عاما) ضمن إجراءات العزل الذاتي التي اتخذها، إلى إدارة أنشطته بواسطة تقنية مؤتمرات الفيديو، كما أن ضيقه وحتى ملله خلال المكالمات المطولة أصبح باديا للعيان.
وتمثلت أولى دلائل نفاد صبر بوتين من حالة الإحباط التي أخضعه لها فيروس كورونا، في إرسال يوم الاثنين الماضي، ملايين العمال إلى المصانع ومواقع البناء في مختلف أنحاء روسيا، معلنا أن ستة أسابيع من الإغلاق التام قد انتهت.
كما منح بوتين كذلك للقادة الإقليميين صلاحيات البت في الوقت المناسب والكيفية التي يتم بها رفع ما تبقى من القيود، على الرغم من أن معدلات الإصابة لا تزال مرتفعة جداً ولا سيما في العاصمة موسكو.
لكن بحلول يوم الخميس، قال بوتين لحكومته إن الحياة “أخذت تستأنف وتيرتها العادية، والمعهودة”؛ و حثها على إعادة التركيز على الأولويات لمرحلة ما بعد فيروس كورونا.
واعتبر بتروف أن بوتين يحرص على استكمال خططه في التصويت على التعديلات الدستورية التي لا تزال تحظى بتغطية واسعة في التلفزيون الرسمي.
كورونا بالمرصد
على الرغم من أن بوتين يسعى جاهدا إلى انهاء الإغلاق التام في روسيا، إلا أن ذلك الإجراء يبدو أنه ينطوي على كثير من المخاطر خاصة أن معدلات تفشي الوباء مازالت مرتفعة للغاية في البلاد.
وفي اليوم الذي أعلن فيه بوتين إنهاء الإغلاق العام بشكل رسمي، سجلت روسيا أكبر ارتفاع في حالات الإصابة بفيروس كورونا، لتقترب موسكو من التصنيفات المرتفعة جدا على مستوى العالم في تسجيل الإصابات بالجائحة.
وسجلت الإحصاءات الرسمية نسبة الوفيات جراء الفيروس بأقل من 1%، كما أبلغت موسكو عن 2212 وفاة جراء الوباء.
وأثارت نسبة الوفيات المنخفضة في روسيا علامات استفهام، خاصة أن المسؤولين في ذلك البلد باتوا يركزون على تلك النسبة بالمقارنة مع حجم الإصابات في البلاد.
ووفق الشبكة البريطانية فإن “الأرقام المتعلقة بالمعدل الإجمالي للوفيات في موسكو في أبريل/نيسان تشير بشدة إلى ارتفاع عدد الوفيات بنحو ثلاث أضعاف مقارنة بالأرقام الرسمية الناجمة عن كوفيد-19، والتي تم حسابها على خلفية متوسط الوفيات المسجل خلال السنوات الخمس الماضية”.
وتعتبر الوفيات الزائدة مقياسا جيدا لقياس حالات الوفاة الناجمة عن كوفيد-19، لأنها تشمل الأشخاص الذين خضعوا للفحوصات وأولئك الذين يموتون خارج المستشفيات”.
شبح البطالة
منذ بدء تفشي جائحة كورونا، تضاعفت المعدلات الرسمية للبطالة في روسيا، فيما كشفت شركة استطلاع الرأي “ليفادا” هذا الشهر أن كل شخص من بين أربعة فقد عمله أو يواجه خطر فقدان العمل جراء كورونا. وعانى ثلث المستطلعة آراؤهم من انخفاض رواتبهم أو تقليص ساعات عملهم.
ما سبق يؤكد تزايد الضغوط المرتبطة بتخفيف القيود وخاصة أن المساعدات التي تقدمها الدولة الروسية إلى العاملين الذين يعانون من الإغلاق العام محدودة.
وضمن هذا السياق كتبت المحللة السياسية، ليليا شيفتسوفا، في مدونة لإذاعة “إيكهو موسكو”، أن “القادة الروس يعرفون أن سياسة -لا عمل لا نقود- ستدفع الناس إلى الانهيار، وإلى الانفجار، ولهذا توصلوا إلى أن الوباء سيظل تحت السيطرة طالما لم يصل إلى الذروة”.
إلا أن سؤالين يتبادران إلى الذهن من خلال متابعة الملف الروسي، هل يمكن الوثوق بقرارات بوتين في ظل تزايد تفشي الوباء في البلاد؟ وهل يمكن القول بأن الرئيس الروسي سيضحي بالغالي والنفيس حتى يتمكن من تحقيق طموحاته وأجندته السياسية التي رسمها لهذا العام رغم عرقلة كورونا لها؟… سندع أجوبة تلك التساؤلات للأيام القادمة فربما تحمل في طياتها أنباء غير سعيدة بالنسبة لراسم سياسة الكرملين.
أقرأ أيضا: