اليوم العالمي للعمل الإنساني مناسبة يتم الاحتفال بها سنوياً في 19 أغسطس
من سوريا وإفريقيا جنوب الصحراء إلى غزة، أصبحت سلامة العاملين في المجال الإنساني مصدر قلق رئيسيًا للمنظمات غير الحكومية التي لا تزال أولويتها توفير المساعدات الإنسانية، نظرًا للمخاطر المتزايدة التي يواجهونها في مناطق الصراعات.
منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تحصد الحرب بين إسرائيل وحماس أرواحًا في صفوف المدنيين كما العاملين الإنسانيين.
في قطاع غزة، قُتل أطباء عاملون مع منظمة “أطباء بلا حدود”، وقُتل طبيب طوارئ من منظمة “أطباء العالم” مع عائلته في مبنى تم قصفه وقُتل كذلك مساعدون طبيون من الهلال الأحمر في سيارات إسعاف.
وباتت المخاطر الميدانية “تتجاوز القدرة على الفهم”، حسبما ورد العام الماضي في تقرير صدر عن منظمات “أطباء العالم” و”العمل ضد الجوع” و”هانديكاب إنترناشونال”.
في العام 2022، قُتل أو أُصيب أو اختُطف 444 عاملًا في المجال الإنساني في العالم، بحسب قاعدة بيانات أمن عمال المساعدة البريطانية “إيد وركر سيكيوريتي” Aid Worker Security.
وتقول المسؤولة عن الحملات الإنسانية في منظمة “أطباء العالم” ليا غوتييه إنه تم اجتياز “خط أحمر” خلال الحرب في سوريا التي خلّفت منذ العام 2011 ما لا يقلّ عن 500 ألف قتيل.
وتعتبر أن القانون الإنساني الدولي الذي يعود للعام 1949 والذي يهدف إلى حماية المدنيين، قد تم انتهاكه خلال الحرب في سوريا واستمر انتهاكه في الصراعات التي تلت ذلك.
ففي هذه الحروب الحديثة “غير المتكافئة”، العنف “عشوائي” حسبما يرى المدرّب في طب الحرب لدى منظمة Mehad غير الحكومية رافاييل بيتي.
المجاعة كسلاح حرب
ويقول بيتي لوكالة فرانس برس “خلال حرب 1914-1918، 80% من القتلى كانوا جنودًا والباقي من السكان.. أمّا اليوم، فقد انعكس هذا الرقم تمامًا.. أصبح 80% من القتلى مدنيون و20% جنود”.
ويضيف “من الآن فصاعدًا، عندما تقدمون المساعدة في مناطق يسيطر عليها متمردون أو نظام ما، يمكننا أن نعتبر أنكم تقفون إلى جانب الخصم”. ويتابع “في سوريا، أصبحت المستشفيات أيضًا أهدافًا.. وتم اعتقال العاملين في مجال الرعاية الصحية وتعذيبهم وقتلهم”. ووصل عدد العاملين الطبيين المقتولين إلى نحو ألف مذاك الحين وفق قوله.
من جهتها، تقول كبيرة مسؤولي الإغاثة الإنسانية في منظمة كير إنترناشونال ديبمالا ماهلا “في بعض المناطق مثل غزة أو إثيوبيا، تُستخدم المجاعة كسلاح حرب ومن غير المرحّب به أن تحاول منظمات غير حكومية مساعدة أشخاص يعانون من الجوع”.
وتوضح ليا غوتييه أن تعقيد العلاقات الدبلوماسية أو الجشع يمكن أن يسبب عنفًا أيضًا.. ففي منطقة الساحل مثلًا، يتعرض العاملون في المجال الإنساني لهجمات بهدف الاستحواذ على أموالهم أو أدويتهم أو يتم اختطافهم للحصول على فدية.
من هنا تأتي أهمية “مكوّنات الفِرَق”، بحسب مدير البحوث في مركز البحث في العمل الإنساني والمعرفة لدى “أطباء بلا حدود” مايكل نومان.
ويوضح نومان أن “أطباء بلا حدود” توظف في منطقة الساحل أشخاصًا محليين لأنه “من الصعب أن تعملوا هناك إذا كنتم فرنسيين أو بيضًا”.
لسنا شهداء
ويرى نومان أن تفاقم انعدام الأمن بين العاملين في المجال الإنساني منذ نهاية الحرب الباردة يعود إلى “تعرضهم المتزايد للمخاطر” على الأرض.
ويشير إلى أن مجال المساعدة الإنسانية تطور كثيرًا وبات يقترب أكثر من أعمال العنف.
ويقول “في الماضي، كان نطاق عمل أطباء بلا حدود يشمل أكثر مخيمات اللاجئين ومناطق الأطراف (…) لكننا لسنا شهداء”.
إذًا كيف تعمل المنظمات الإنسانية على حماية طواقمها؟
يشير نومان إلى أهمية أن يجعل العاملون الإنسانيون من أنفسهم “أكثر فائدة أحياء بدلًا من أموات” في نظر المجموعات المسلّحة من خلال الموافقة مثلًا على تقديم الرعاية للمقاتلين فيها.
ويدعو كذلك إلى إجراء تحليل معمّق لمناطق النزاعات والتواصل الشفاف، موضحًا “إذا تمّ إرسالكم غدًا إلى سوريا أو اليمن أو غزة، يجب أن تكونوا على دراية بالمخاطر التي تتعرضون لها”.
تعد خطط الإخلاء والسيارات العاملة وأدوات الاتصال الفعالة جميعها وسائل ضرورية للعاملين في المجال الإنساني لحماية أنفسهم.
وتشير ديبمالا ماهلا التي عملت في جنوب السودان والعراق وأوغندا، إلى إنشاء مباني للمنظمات الإنسانية باتت مجهّزة بـ “غرف آمنة” جدرانها عالية ومدرّعة في بعض الأحيان.
وتضيف “للحروب قواعد، لكن للأسف لم تعد قاعدة عدم استهداف السكان المدنيين والمنشآت المدينة محترمة”.
وتقول ليا غوتييه من منظمة أطباء العالم، “تكافح (المنظمات الإنسانية) من أجل إقناع المانحين بأن تكاليف السلامة ضرورية مثل التكاليف الأخرى”.
ما هي تحديات العمل الإدارية مع المنظمات القائمة على المجتمع؟
بحسب موقع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تنشأ مجموعة من التحديات عندما تحاول منظمات إنسانية كبيرة ومنظمات مجتمعية صغيرة تعزيز الجهود التعاونية بين بعضها البعض. توجد دراسة حالة مثيرة للاهتمام للتمعن أكثر في مثل هذه التحديات القريبة جداً منا، أي عمل المفوضية مع المنظمات القائمة على المجتمع.
في إطار التعاون مع المنظمات القائمة على المجتمع، ستحتاج العملية إلى الدخول في عملية اتفاقية شراكة؛ وداخل المفوضية، من المرجح في الغالب أن تكون هذه الاتفاقيات في إطار اتفاقية شراكة “صغيرة” مع سقف محدد للتمويل.
لا أحد يحب البيروقراطية: كما وصفها المسؤول المالي في شبكة تمكين المجتمع في مجال التكنولوجيا والعديد من الزملاء الآخرين في منظمات مجتمعية مختلفة، فإن العمليات البيروقراطية في المفوضية لا تفضي إلى مساعٍ منتجة ومتمحورة بالكامل حول الشراكة. وتحديداً، تشعر المنظمات القائمة على المجتمع بما فيها شبكة تمكين المجتمع في مجال التكنولوجيا أن المفوضية تقدم القليل من الإيضاحات التمهيدية والمتابعة للاستمارات وإجراءات الإبلاغ المتضمنة في اتفاقية الشراكة. بالإضافة إلى ذلك، يساورهم غالباً انطباع بأنَّ آليات المراقبة التابعة للمفوضية تنظر بشكلٍ بحت إلى المنتج النهائي لاتفاقية الشراكة بدلاً من المسعى نفسه؛ آلية تثبيط لنجاح الشراكة.. وهم يجادلون بأن آلية المراقبة تلك غالباً ما تكون نتيجةً مباشرة للقيود البيروقراطية.
الافتقار إلى هياكل مالية مأمونة ومستدامة: بالنسبة للكثير من المنظمات الدولية بما فيها المفوضية، قد تكون الإجراءات المحاسبية والهياكل التنظيمية للمنظمات المجتمعية مشكلة عند تقييمها وفقاً لمعايير المفوضية، يمكن أن ينتج ذلك عن كَون تلك الإجراءات والهياكل في1 المراحل الأولى من منظمة ناشئة، أو نتيجةً لمعايير طريقة عمل الإجراءات المحاسبية والهياكل التنظيمية أحياناً كثيرة في المجتمع. مثال على ذلك كيف يتم الشراء غالباً نقداً، وحتى بالائتمان، وربما يفتقر ذلك إلى إجراءات موحدة. هذا النقص في الإجراءات الموحدة يؤدي في كثير من الأحيان إلى قرطاسية مفقودة، وأدلة غير كاملة على النفقات، والافتقار إلى معيار في التوثيق.
موارد بشرية دون موارد: في أكثر الأحيان، تواجه المنظمات القائمة على المجتمع صعوبة في إدارة الموارد البشرية. يتكون التحدي من عدة طبقات تتكدس لتصبح عائقاً واحداً مقلقاً. غالباً ما يدور صراع في الحصول على الموظفين المؤهلين من خلال عمليات توظيف شفافة ونزيهة، فضلاً عن مشاكل في التدقيق، وتطبيق التقييمات، وزيادة التنوع في الفِرَق، وتنفيذ تتبع الموظفين وبذل الجهد والوقت في تتبع الإجراءات.
إثقال كاهل المنظمات القائمة على المجتمع: هنالك قلق كبير يكمن في الطريقة التي تختار بها المفوضية والشركاء و/أو المانحون تمويل المنظمات القائمة على المجتمع. أي، متى وجدت المنظمات الدولية إحدى المنظمات القائمة على المجتمع التي تعتبرها قادرة وموثوقة، فإنها تتشارك كلها مع تلك المنظمة المجتمعية الوحيدة. يكمن القلق في “إغراق” المنظمة المجتمعية باتفاقيات شراكة مختلفة في وقت واحدة من منظمات مختلفة. يولِّد ذلك مسؤولية أكبر بكثير مما يمكن أن تتولاه عموماً المنظمة المجتمعية، بما في ذلك قدر كبير من التمويل، إضافة إلى طن من متطلبات التقارير، وقدر كبير من شروط الاتفاقيات الواجب اتباعها. تُعتبر هذه الأموال والمتطلبات والشروط مسؤولية، كما أن الخطر الكامن لسوء السلوك، الذي لا يقتصر على المنظمات القائمة على المجتمع بل ينطبق على أي منظمة تتلقى تمويلاً، موجود.
البيانات، والبيانات، ثم البيانات: في الشراكة مع المنظمات القائمة على المجتمع، هنالك مخاطر عالية لحماية البيانات. في الغالب، لا يكون للمنظمات القائمة على المجتمع مكتب فعلي، ويميل موظفوها إلى التجول مع الوثائق، مما يزيد من احتمال وضع الوثائق في غير موضعها، أو فقدانها بالكامل، أو جعلها عرضة للسرقة. وغالباً ما لا تتوافق إجراءات تخزين البيانات مع الحد الأدنى من معايير حماية البيانات الخاصة بالمنظمات الدولية.
الهيكل التنظيمي الصعب: تفتقر المنظمات القائمة على المجتمع غالباً إلى الهيكل التنظيمي الذي يمكِّن من تحويل الشيكات ورصيد الحسابات بطريقة منظمة وجديرة بالثقة؛ بعض المنظمات يديرها فرد وبالتالي يكون لديها شخص واحد للتوقيع يملك كل السلطة والصلاحيات.