بلدة سيدي بوزيد، تونس، 28 يوليو (محمد عمر، أخبار الآن) – قال شهود إن الشرطة التونسية اطلقت الغاز المسيل للدموع في ساعة متأخرة من مساء يوم السبت لتفريق احتجاجات عنيفة في بلدة سيدي بوزيد بجنوب تونس مهدِ الثورة التونسية.. وتحولت السبت جنازة النائب المعارض بالمجلس التاسيسي والقيادي في الجبهة الشعبية محمد البراهمي الذي اغتيل الخميس بالرصاص، الى تظاهرة ضد حركة النهضة الحاكمة /التي تتهمها عائلة البراهمي باغتياله/. وطالب المتظاهرون بحل المجلس التاسيسي المكلف صياغةَ دستور جديد لتونس ودعوا الى إسقاط الحكومة.
ودُفن البراهمي في “مربع الشهداء” بمقبرة الجلاز بالعاصمة تونس في ختام جنازة وطنية (رسمية) اشرف عليها الجيش وشارك فيها الالاف.
ونفت جماعة أنصار الشريعة السلفية الموالية للقاعدة السبت ضلوعها في قتل البراهمي، واكدت في بيان ان “لا علاقة لها بهذا الاغتيال السياسي الذي ينصب في إطار محاولات معروفة هدفها الزج بالبلاد في فوضى لا يستفيد منها إلا المتورطون من أزلام النظام السابق (نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي) وأذيال الصهاينة والصليبيين في البلاد وما المثال المصري عنا ببعيد”.
والجمعة اعلن لطفي بن جدو وزير الداخلية (مستقل) ان سلفيا “تكفيريا” يدعى بوبكر الحكيم (30 عاما) قتل محمد البراهمي ب 14 عيارا ناريا من السلاح نفسه الذي قتل به المعارض شكري بلعيد في شباط/فبراير الفائت.
وقال ان بعض المشتبه بهم في اغتيال شكري بلعيد “ثبت انهم نشطوا في تنظيم انصار الشريعة” السلفي الجهادي.
وقد ووري بجوار قبر المعارض اليساري البارز شكري بلعيد الذي قتل بالرصاص في السادس من شباط/فبراير الماضي في عملية اغتيال مماثلة لم يعتقل منفذوها بعد.
وكلف الرئيس التونسي المنصف المرزوقي الجنرال محمد البراهمي رئيس اركان جيش البر “بتنظيم جنازة وطنية (رسمية) للشهيد محمد البراهمي والإشراف على الترتيبات المتعلقة بها وتمثيله في مراسم الدفن” بحسب بيان اصدرته الرئاسة الجمعة.
ولم يشارك في الجنازة اي مسؤول حكومي بعدما حذرت عائلة البراهمي اعضاء الحكومة وأحزاب “الترويكا” التي تؤلفها من الحضور.
وحضر الجنازة حسين العباسي الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) والعديد من القادة في احزاب علمانية معارضة.
ووضع جثمان البراهمي داخل صندوق لف بالعلم التونسي، على سيارة عسكرية استقلتها أرملة القتيل وابنه وابنته الذين رفعوا علم تونس ورسموا بأيديهم إشارة النصر.
وانطلق موكب الجنازة من منزل البراهمي في حي الغزالة وسط العاصمة وسلك طريقا طولها حوالى عشرة كيلومترات.
وطوال هذه المسافة لم يتوقف المشيعون عن ترداد الشعارات المعادية لحركة النهضة ولرئيسها راشد الغنوشي مثل “يا غنوشي يا سفاح… يا قتال الارواح” و”يسقط جلاد الشعب… يسقط حزب الاخوان” و”الشعب يريد اسقاط النظام” و”اليوم..اليوم..النهضة تسقط اليوم” و”حكومة نهضوية..عصابة ارهابية” .
وطالبوا بحل المجلس التاسيسي المكلف صياغة دستور جديد لتونس مرددين “اليوم..اليوم..يحل التاسيسي اليوم” ودعوا الى “العصيان..العصيان.. حتى يسقط الطغيان”.
وإثر انتهاء الجنازة وزعت مناشير تضمنت دعوة للتوجه الى المجلس التاسيسي للمطالبة بحله وبحل الحكومة التي يراسها علي العريض القيادي في حركة النهضة وتشكيل حكومة “انقاذ وطني”.
وأمام المجلس التاسيسي، استعملت الشرطة بشكل مكثف قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق تظاهرتين، واحدة موالية لحركة النهضة التي ترفض حل المجلس وأخرى معارضة لها.
واطلقت الشرطة قنابل الغاز بعدما تراشق متظاهرو الجانبين بالحجارة.
وبعد تفرقهم، عاود المتظاهرون المطالبون بحل المجلس التاسيسي التجمع امام مقر المجلس ففرقتهم الشرطة بقنابل الغاز.
واعتدت الشرطة بالضرب على النائب منجي الرحوي بعدما حاول التدخل لانقاذ متظاهر احتجزه اعوان امن واعتدوا عليه ب”شكل وحشي” بحسب الرحوي.
وكانت وزارة الداخلية دعت التونسيين السبت الى “الالتزام بالسلمية” خلال التظاهرات والاحتجاجات التي تشهدها منذ يومين مناطق عدة بالبلاد اثر اغتيال البراهمي.
وقالت الوزارة في بيان “تبعا للظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد عقب اغتيال الشهيد محمد البراهمي ، تدعو وزارة الداخلية كل من يريد التظاهر والاحتجاج إلى احترام القانون والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يخل بالأمن العام والالتزام بالسلمية وعدم المساس بالمقرات السيادية والممتلكات العامة والخاصة”.
واكدت الوزارة “أنها ستحمي حق التظاهر السلمي لكل مواطنيها في إطار القانون”.
وليل الجمعة-السبت قتل في مركز ولاية قفصة (جنوب غرب) محمد مفتي المنتمي الى “الجبهة الشعبية” (يسار) خلال تظاهرة ضد حركة النهضة الاسلامية الحاكمة التي تتهمها المعارضة العلمانية باغتيال البراهمي في حين تنفي الحركة ذلك.
وقال اقارب محمد المفتي انه قتل جراء اصابته في راسه بقنبلة مسيلة للدموع أطلقتها الشرطة خلال تفريق المتظاهرين في حين اعلنت الشرطة انه اصيب بحجر.