دبي، 27 أغسطس 2013، محمد عمر، أخبار الآن – ذهب وليد المعلم وزير خارجية النظام السوري إلى أبعد مما اعتادوه من نفي مسؤوليتهم عن مجزرة الغوطة عندما قال متحديا المجتمع الدولي إن أحدا لن يستطيع الحصول على دليل يثبت استخدامهم الكيماوي هناك.
توجهنا بالسؤال إلى اللواء المتقاعد فايز الدويري الذي كان له باع في إحدى وحدات السلاح الكيماوي في الجيش الأردني.
الدويري بين لنا بالاستدلال العلمي الرياضي كيف أن نظام الأسد هو المسؤول عن مجزرة الغوطة. الدويري أشار كذلك إلى أن القصف المتواصل الذي تعرضت له الغوطة بعد مجزرة الأربعاء سيساعد من دون شك على طمس الشواهد على جريمة النظام؛ لكن ليس كل الشواهد.
تفاصيل أكثر في الحوار الذي أجراه معه محمد عمر من أخبار الآن.
تنفيذ الهجوم يحتاج إلى منظومة متكاملة لا تتوفر إلا لدى النظام السوري
من تابع الفيديوهات التي انتشرت يستطيع أن يحدد الجهة التي قامت بهذا العمل. ثمة ثلاثة احتمالات. وحتى لا نقفز مباشرة إلى الإجابة؛ أبدأ من الاحتمال الثالث وهو أن تكون جهة ثالثة قامت بهذا العم لخدمة لأجندة النظام السوري. استبعد هذاالاحتمال كليا لأنه لا يوجد عاقل يرتكب هذه المجازر من أجل مصلحة نظام آخر. الاحتمال الثاني هو أن تقوم بهذا العمل قوات المعارضة المسلحة؛ وأقول حتى لو أن المعارضة حصلت على العوامل الكيماوية فلن تستطيع أن تستخدمها في هذا المستوى المتقن الذي تميز ببعدي التزامن الوقتي والانتشار المكاني. وهذا أمر يحتاج إلى منظومة متكاملة قادرة على تنفيذ هذا العمل.
حتى لو امتلكت المعارضة سلاحا كيماويا …
وبالتالي فإن المعارضة المسلحة لا تمتلك صواريخ سكود ولا الصواريخ القادرة على حمل الرؤوس الكيماوية لأن ميكانيكية العمل الداخلية داخل الصاروخ وداخل القذيفة (الكيماوية) تختلف عن الصواريخ والقذائف العادية. إذا يبقى الاحتمال الثالث وهو أن من قام بهذا العمل هو النظام. ولهذا مؤشرات. فقد كانت قوات المعارضة قد أحكمت سيطرتها على الغوطة وكانت على وشك شن عملية على أحياء دمشق القديمة وبالتالي قرب بدء معركة دمشق الحاسمة. النظام استبق الأمر.
كما أن هناك مؤشرات عملياتية لا بد من التوقف عندها وهي أن الأسلحة الكيماوية لا تُستخدم كغاية بحد ذاتها ولكنها وسيلة لتحقيق الغاية في معظم الحروبالتي استخدمت فيها العوامل الكيماوية وهي تمكين القوات المهاجمة من احتلال الاهداف دون وقوع خسائر وإطالة المعاناة. وبالتالي تحدثت في اليوم الأول وقلت إنه إذا شن النظام هجمات عسكرية واسعة النطاق على المناطق المتضررة فهي مؤشر عملياتي على أن النظام هو من قام بها.
مكان انطلاق الصواريخ الكيماوية
ثم إن الاستخبارات الإسرائيلية والجيش الحر واستخبارات الدول الأخرى حددت أماكن انطلاق هذه الصواريخ فمنها على سبيل المثال صاروخان انطلقا من الجسر الذي يقع على الطريق الدولية بين دمشق وحمص؛ وبقية الصواريخ انطلقت من منطقة القلمون – الفرقة الرابعة وجسر بغداد؛ وكل هذا يشير إلى تحديد الجهة التي أطلقتها.

القصف الذي أعقب الهجوم الكيماوي سيساعد على إخفاء آثار الكيماوي
الضربات المتكررة التي قام بها النظام تساعد على إخفاء الجرم والأدلة. لكن علينا أن نتذكر أن غاز السارين الذي استخدم له مدة بقاء في الظروف العادية والطبيعية لا تتجاوز النصف ساعة. ومن ثم تختفي آثاره. فالقنابل التي تحمل هذا العامل تعمل على مبدأين: الأول الفيوز الاصطدامي والثاني الفيوز التوقيتي. في حال الفيوز التوقيتي، تنتشر الغازات ويكون أثرها قليلا؛ أما الاصطدامي فعلينا أن نعلم أن الصواريخ والقذائف التي تحمل مواد كيماوية بموجب هذه الطريقة تكون نسبتها 2:1 بالنسبة للمتفجرات. كمية العوامل الكيماوية التي تُفقد أثناء الانفجار تشكل 25%؛ كمية ما يبقى في نقطة الانفجار يشكل 15%؛ وكمية ما يتطاير تشكل 65%. التطاير يكون على شكل بخار وسحابة من العامل الكيماوي أو الرذاذ البسيط بقطر 5 ميكروملم. وبالتالي فإن هذه المواد تتطاير وآثارها تذهب بعد وقت. وكما قلت في الظروف العادية تبقى لنصف ساعة؛ وفي المناطق المنخفضة والمغلقة تبقى من 24-48 ساعة وفي الغابات والمناطق عالية الرطوبة تظل عدة أيام.
لن يستطيع النظام طمس آثار الجريمة
أعتقد أن النظام توقع أن آثار العامل الكيماوي انتهت. ولكنه كان مخطئا لأن هذه الآثار يمكن الحصول عليها بعدة طرق. نعم يمكن أن تتطاير لكن العامل موجود في جثامين القتلى وشعرهم وشعر المصابين وأنسجتهم الداخلية خاصة الكبد والطحال. وبالتالي تستطيع هذه اللجان أن تصل إلى الحقائق وقد ذكر بأن أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون أن فرق التحقيق لديها القدرة على الوصول مهما حاول النظام طمس معالم الجريمة. كما يمكن من خلال خبراء متميزين الوصول إلى إثباتات تتعلق بهوية العامل الكيماوي والجهة المسؤولة عنه وذلك من خلال خبراء المتفجرات الذين يستطيعون الحصول على شظايا صواريخ وقذائف وتحديد نوع الصواريخ والقذائف التي استخدمت.