دمشق، سوريا، 25 أكتوبر، (سيف الدين محمد، أخبار الآن)
مع تزايد الفوضى الإجتماعية المنظمة التي خلقها النظام في دمشق، تغيرت معظم العادات الاجتماعية المتعلقة بالفرح والحزن.
الموت بطرق متعددة .. قهراً
تبرز في مقدمة تلك الأحوال المتغيرة طقوس الموت والدفن المليئة بإجلال وإكرام الميت وتلاوة آيات من القرآن الكريم وما يلحقها من طقوس متعارف عليها من فتح مجالس العزاء وطباعة النعوات وغيرها من الطقوس الجليلة.
تغير الحال تماما منذ منتصف 2013 ، فالموت والقتل المنظم الذي يعتمده النظام بحق المدنيين ترافق مع حال من السخرية والتهكم وعدم احترام مشاعر الأهالي حتى وقت شعائر الدفن.
قهر الأموات .. والأحياء
يحتار أهالي الموتى ويحسبون لمكان الدفن وتكاليفه، فقد باتت جثث الموتى حملا ثقيلا على ذويهم.
السيد “م.م” انتظر يومين حتى استطاع تأمين قبر لشقيقه، لكن الأمر تطلب إجراءات فيها من الروتين والقهر الكثير. يقول: “بعد البحث عن مقابر اكتشفنا أنها كلها بعيدة ومكلفة وحين وجدنا مقبرة جديدة لكنها بعيدة”.
وعن الإجراءات الأمنية يروي شقيقه “ب. م”: “شفنا مكتب دفن للموتى وطلب منا ورقة من الفرع 215 أمن عسكري وهناك بقينا ساعة وكأننا في تحقيق رغم أن ورقة الوفاة معنا”.
عناصر الأمن العسكري .. وقاحة وسخرية واستهتار
لا تكتمل فصول السقوط الأخلاقي عند النظام إلى هذا الحد، فعناصر الأمن العسكري في المنطقة لا يسمحون بدخول المقبرة لأكثر من أربعة أفراد من عائلة المتوفى وقت الدفن.
بقهر يروي “ع. ف” عن معاناته حين دفن شقيقته: “بعد مراجعة فرع الأمن العسكري توجهنا للدفن في مقبرة قريبة من منطقة كفرسوسة، واجهنا قوات من الأمن صغار بالسن يحطون من قدر الميت وبحال الحزن الذي نحن فيه، أحد العناصر أصرّ على الكشف عن وجهها في الكفن .. قال خايف نكون مهربين سلاح”.
عن أي حياة تتحدثون ؟!
المدرسة “ح.ط” عانت الأمرّين وقت وفاة والدها عشية عيد الأضحى، وقد لاقت مثل كثيرين استغلال أصحاب المقابر وأفراد الأمن لها. وتذكر أن سعر القبر في منطقة كقدسيا والهامة يبلغ بين 400 ألف و600 ألف ليرة سورية. مما جعلها تبحث عن مكان أرخص فوجدت أيضا المقبرة القريبة من كفرسوسة.
تقول: “ما واجهنا أثناء الدفن يفوق الموت أكثر من مرة، هل من المعقول أن يتم التحرش بذوي الأموات من النساء وكأننا ذاهبون إلى حفلة حين يقومون بالغناء فجأة .. إننا نموت أكثر من مرة”.