سوريا، 17 نوفمبر، مالك أبو خير، أخبار الآن –
“في حمص لم يبقى مكان للسكن، فأغلب المنازل دمرت وأصبحت ركام، هاجرت العائلات إلى إي مكان يمكن أن يقدم لها الأمان الذي فقدته، منهم من توجه الى تركيا أو لبنان وسكن الخيم او منازل على أطراف المدن في سبيل البقاء على قيد الحياة،
وقسم آخر اختار البقاء في الداخل السوري وكانت عائلتي منهم لكوننا لن نقبل أن نخرج شبراً واحد من سوريا مهما حدث” يقول محمد من حي باب عمرو والذي نزح مؤخراً مع عائلته الى دمشق بعد أن دمر منزله بالكامل حيث يكمل: ” لم ارغب في الخروج من سوريا والعيش في مخيمات، فتوجهت الى دمشق وسكنت في إحدى المناطق التي تقع تحت سيطرة النظام،لأجد في اليوم التالي مجموعة من الشبان المسلحين التابعين للجان الشعبية في تلك المنطقة تطلب مني الحضور الى مقرهم، حيث تم التحقيق معي مطولاً وعن اسباب نزوحي وعن نشاطي في الثورة وامكانية ان يكون سبب نزوحي الى دمشق هو من تمويه لنشاط الجيش الحر، ولم ينتهي هذا التحقيق الا بعد ان قمت بدفع مبلغ وقدره 30 ألف ليرة سورية كنوع من حسن النية تجاههم، وطبعاً في كل فترة كانت نفس هذه اللجان تأتي لاخذ مبالغ صغيرة تحت حجج مختلفة الأمر الذي اضطرني الى الانتقال فيما بعد الى إحدى المناطق المحررة في ريف دمشق وتحمل الحياة مرة أخرى تحت قذائف وصواريخ النظام كحل أفضل من العيش تحت الابتزاز”.
بعض العائلات لم تجد مكاناً تسكن به، فلجأت الى المدارس او اضطرت للعيش سوياً في شقق سكنية في سبيل تخفيف عبء المصاريف اليومية عليهم وخصوصاً مع الارتفاع الشاهق بالاسعار وعدم توفر فرص عمل كافيه نتيجة الحرب الدائرة.
ابو مازن من مدينة درعا وصل الى دمشق وسكن في بداية الأمر مع عائلته في مدينة جرمانا بريف دمشق في إحدى المدارس حيث يقول: “خرجت من درعا ولم يكن معي سوى مصاريف الوصول إلى دمشق فقط، ووصلنا الى إحدى مدارس مدينة جرمانا بالتعاون مع عدد من الناشطين حيث اعتمدنا في البداية على ما يقدمه هؤلاء الناشطين من وجبات طعام حيث كان الوضع في البداية مأساوياً وخاصة بعد تعرض احدى اطفالي للاصابة بمرض تطلب الكثير من العلاج حتى شفي منه، الى أن استطعت البدء بالعمل في احدى ورشات العمل واستطعت تامين ايجار المنزل والانتقال مع عائلتي والسكن والعودة الى دورة الحياة الطبيعية من جديد، لكنني لا زلت حتى اليوم اعتمد على الحصول على مساعدات مالية حتى اليوم”.
ام منير هي ايضاً من مدينة درعا وصلت الى دمشق مع اربعة من ابنائها لم يبقى من منهم سوى واحد فقط حيث تقول: “بعد وصولنا بعشرة ايام الى مدينة التضامن بريف دمشق واستأجرنا احد المنازل قامت عناصر الامن باعتقال اولادي الثلاثة بعد خلاف حصل بينهم وبين احد عناصر اللجان الشعبية في المنطقة ولم اعرف مصيرهم حتى اليوم، ولولا وجود ابني الرابع خارج المنزل لكان هو الآخر تم اعتقاله، وخوفاً عليه من الاعتقال قمت بالانتقال الى مكان أخر ومن ثم تهريب ابني الرابع الى خارج سوريا وحالياً اقطن مع من تبقى من بنات إناث نعتمد على ما يقدمه لنا الناشطون من وجبات طعام وتأمين لإيجار المنزل وبانتظار خروج أبنائي الثلاثة”.
بعض العائلات النازحة في الداخل السوري لا يقل وضعها مأساويةً عن اللاجئين في الخارج، حيث الفقر والبطالة وعدم توفر معونات غذائية كافية وأحياناً انتشار أمراض بين الأطفال هو أهم المعوقات التي تواجههم، وبنفس الوقت باتت فرص بقائهم ضمن مناطق النظام محفوفة بالمخاطر نتيجة حالات الاعتقال العشوائي التي تمارسها قوى الأمن بحق الجميع ذكورا وإناثا وبمجرد أي تقرير امني من اي مخبر قد يكون حاول ابتزازهم بكافة الوسائل المتاحة لديه.