باب الهوى، ريف إدلب، سوريا، 3 ديسمبر، (خاص أخبار الآن)

 
وصف الطبيب أبو القعقاع الذي يعمل في أحد الطواقم الطبية في الغوطة الشّرقية الطريق مابين دمشق وتركيا بـ “طريق الموت” الذي استغرقت رحلته أكثر من 10 أيام مابين السير على الأقدام وركوب السيارة وافتراش الصحراء، واجتياز الألغام.

رحلة الدكتور مع طاقم طبي وإعلامي وعدد من أفراد الجيش الحر، تخللتها كثير من المخاطر حتى الوصول في النهاية إلى تركيا.

عن هذه الرحلة يقول د.” ع،س” لـ “أخبار الآن”: ” في ليلة ذات ظلام دامس وحالك كانت أولى خطواتنا في حقل ألغام كبير وطويل حيث اصطفينا برتل طويل وأخذنا نترقب مكان دوس الدليل الخاص بالرحلة والذي كان في أول الصف ونسير على نهجه تماما ومضينا بالسير قرابة الساعة من الزمن وإذ بنا نسمع صوت انفجار أدى إلى استشهاد أحد أخوتنا كان يمشي ورائنا وبنفس الرتل وعلى نفس خط السير بعد أن داس على أحد الألغام وأصيب 5 أخرين”.

ويتابع الدكتور، قائلاً: “جاءنا إيعاز بالجلوس جاثيا ريثما يتم نقل الجثة وتسليمها لمجموعات أخرى مرابطة في الخلف باتجاه الغوطة لكي يتم دفنها بالغوطة، بعدها جاء ايعاز معاكس بمتابعة السير بعد أن ازداد خوفنا وزاد الرعب في قلوبنا لأنه يمكن لأي منا أن يكون مكان أخينا الذي فقدناه”.

ويضيف، “بتنهد”: “استمر المسير لساعات، وساعات، ونحن في أراضي الجيش الأسدي وعناصره تحيط بنا من كل جانب، إلى أن اقتربنا من نهاية حقل الألغام، حيث جاءنا إيعاز تحذير، وانتباه مما قد نراه أمامنا من جثث لإخوان لنا، سبقونا على هذا الطريق وبتحذير شديد بعدم الاقتراب، أو اللمس، ولو مررنا بمحاذاتهم وأن لا تودي بنا العاطفة الى هلاكنا، حتى وصلنا الى الجثث المنتشرة على طرفي الدرب الترابي الملغم، كان من بينهم أخوان نعرفهم ونحبهم وكان لهم فضل كبير بعمل دؤوب استمر عامان ما بين نقل الجرحى الى الأردن وجلب للأدوية من الخارج وإيصال للسلاح الى الداخل بالتعاون مع ألوية كبيرة ومعروفة ولها وزنها بالغوطة الشرقية”.

يتحدث الدكتور لـ”أخبار الآن” عن أنهم مروا بينهم، ولم يقتربوا من جثثهم بسبب زرع الألغام تحتهم حيث “تركناهم وتابعنا سيرنا لكي لا نصطف بجانبهم” – الكلام للدكتور-.

“المجاري” تنتظرنا بعد سيرنا بـ “هرولة”

يقول الدكتور بعد اجتيازنا للألغام، هرولنا بسرعة إلى نهر من المياه الملوثة أو ما يطلق عليها بالـ “مجاري” حيث استحممنا بالمياة الوسخة، واستغرقت رحلتنا فيها لساعات حتى وصلنا إلى مصب نهر “بردى” نحن منهكين وجوعى بعد سيرنا لتلك الساعات في البحيرة “الوسخة”. 

الانبطاح في الصحراء الوسيلة الوحيدة للاختباء من طيران الأسد صورة للطبيب مع العقيد عبد الجبار العكيدي

يتابع الدكتور سرده لقصة الطريق قائلاً: ” بدأ النهار الذي أجبرنا على الاختباء طوال النهار في ظل شجيرات كانت موجودة، بدون طعام ولا شراب، ولا حتى حراك، وذلك بسبب غارات الطيران الحربي، التي بدأت منذ بزوغ فجر ذلك اليوم، واستمر التعب والجوع والضجر والنعاس حتى جاءت الليلة التالية واستأنفنا المسير، وأخذنا حقائبنا وتابعنا سيرنا مغادرين البحيرة باتجاه قلب الصحراء، وبعد مضي نحو 5 ساعات سيراً على الأقدام، بدأت الطائرات المروحية بالحوم بالقرب منا وجاءنا إيعاز مفاجئ ومخيف بالانبطاح وبإخفاء كل ما يلمع أو يعكس ضوءً لأنه في حال تم كشفنا لا يُنقذ منا أحد لأن الصحراء كانت كالكف لا مخبأ ولا منجى ولا ملجأ ولا حجر ولا كدر ولا حتى شجيرة يمكننا الاختباء والتخفي بها”.

ويضيف: “كنّا في قمة “الأكشن” آنذاك الى أن ذهبت الحوامة وجاءنا إيعاز بالسير هرولة وبسرعة لنصل الى مكان ليس ببعيد فيه بعض الحجارة كبيرة الحجم يمكننا التخفي ورئها وهكذا سيراً وهرولةً مع زيادةٍ في الجوع والعطش والتعب بعد مضي يومين من دون طعام ولا شراب ولا مأوى للاستراحة إلى أن وصلنا الى مكان يمكننا التواصل فيه مع أخوان لنا مجاهدين اقتربوا لاستقبالنا بسياراتهم وبالقرب أيضاً من مخافرٍ للدولة الأسدية”.

ويتابع الدكتور: “أخذ معنا التواصل معهم حتى استطعنا اللقاء بهم بعد ضياعٍ فيما بيننا قرابة الأربع ساعات الى أن وصلنا وأخيراً الى السيارات، أصبحنا فوق بعضنا بالقرب من صنبور خزان السيارة أما بالنسبة لفريقنا فسقط من سقط على الأرض بسبب العطش ومن كان لديه قدرة على التحمل زاد عناءه بحمل حقائبه وحقائب غيره وحملنا بعضنا البعض حتى شربنا قليلاً من الماء وعادت إلينا الروح من جديد”.

وبحسب “الدكتور” فإن رحلة البحث، عن سيارة تأخذهم وتقلّهم الى صحراء أكبر متجهين بها الى مدينة في المنطقة الشرقية من سورية ، حيث يقول :”من رجل لرجلٍ استطعنا الاتفاق مع سيارات لنقلنا ومساءا، فجاءت السيارات المتوجهة الى المدينة وهم من المهربين برتل كبير وبأسلحة نوعية أخذونا معهم وغصنا في وسط الصحراء، وبسباق عنيف بين السيارات، وغبار شديد أتعبنا وغيّر أشكالنا وألواننا استطعنا بعد سير دام سبعة عشر ساعة لا نرى فيه، على مد بصرنا الا صحراء خالية خاوية على عروشها استطعنا الوصول وبفضل من الله وصلنا”.

ووفقاً للـ “دكتور” فإن الرحلة من تلك المدينة إلى معبر باب الهوى الحدودي استغرقت الكثير من الوقت، حتى الوصول إلى تلك النقطة الهدف بالنسبة لنا”.

تنويه: تقصدنا عدم ذكر الأمكنة لكي لا يتم التعرف على الطريق، الذي يعتبر الوحيد للوصول إلى دمشق المحاصرة.