دمشق، سوريا، 9 ديسمبر، (جابر المر، أخبار الآن)

لم يكن في بال أعضاء فرقة سما السورية للرقص الحديث أن يفوزوا بلقب مواهب العرب (Arabs Got Talent) في نسخته الأخيرة، وقد ذهبوا للبرنامج مترددين، لما صنعته الأحداث في سوريا بهم من تشريد، فجعلت كل من أعضاء الفرقة يعيش نزوحه في بلد.


الاحتراف والموهبة

فرقة سما هي من الفرق القليلة للرقص المعاصر في سوريا، والتي قدمت عروضها دون أن يكترث بها القائمون على الفن السوري بسبب استقلالية الفرقة وعدم تنسيقها مع المتنفذين في مجال الفنون بشكل عام. فقد عانى كثير من المبدعين في ميدان الفن من عقبات بسبب خروجهم عن الخط المألوف لمافيا الفن السوري في ظل حكم البعث. ولذلك فإن الفرقة، رغم احترافها، لم تجد أي من المجالات مفتوحة أمامها عدا الخروج من سوريا، والمشاركة كفرقة هواة ناشئة في البرنامج العربي، بعد أن قدمت على الخشبات السورية عروضا حظيت باهتمام المختصين دون دعم ملموس منهم، بوصفها فرقة احترافية جديدة من نوعها، تعمل على الرقص المعاصر غير المألوف لكثيرين.

فرقة سما والثورة

لم يكن في برنامج فرقة سما ذاك التوجه المناصر للثورة بشكل واضح، لكن الرقص التعبيري يحتاج بالضرورة إلى الحرية، لذلك فقد قدموا خلال مشاركتهم كثيرا من اللوحات كان أهمها لوحة (هنا دمشق) كتحية لمدينة غابت وتغيرت معالمها. وكانت الفنانة المعارضة كندة علوش قد أعلنت في وقت سابق دعمها لمشاركة الفرقة في المسابقة لأنها توضح وجه سوريا الحقيقي والحر الطامح إلى التغيير، لكن وبسبب تفرق أماكن سكن الفرقة واضطرار بعضهم للعودة إلى سوريا، حاولت الفرقة تحييد مزاجها السياسي، وفازت باللقب دون أن ترفع أي علم أو شعار سياسي محافظة بذلك على الفن الذي جاء أعضاؤها لتقديمه وليتجنب العائدون منهم على سوريا ضريبة عدائه للنظام في حال أعلنه.

الفن والديمقراطية

لا يستقيم الإبداع مع الديكتاتورية لأن الفن عموما والرقص المعاصر خصوصا يهدف إلى تخيل حياة أكثر راحة وحرية ورخاء، وهذا ما تقف الديكتاتوريات بوجهه محاولة تحطيمه فتمنع أن يعرض إلا ما يثبت حكمها ويثبت أنها الأفضل، ويعتبر نظام الحكم في سوريا أحد أهم أعداء الفن، على عكس ما يروج عنه من دعمه للدراما والمسارح، فإن أردت أن تقدم عملا فنيا في سوريا ستضطر إلى أخذ موافقات جميع فروع الأمن الموجودة فيها، لأنك طالما تستطيع تخيل حياة افضل عبر فنك، فأنت عدو للنظام الذي يصادر من الحياة أجمل معانيها.

انتزاع فرقة سما السورية اللقب يثبت أن السوريين رغم الدمار قادرون على العبور إلى أسمى مراحل الفن وهم في أكثر أحوالهم سوءا، ليضعونا أمام سؤال كبير عن الذي كانوا سيفعلونه لو كانت ظروفهم أجمل؟