تونس ، غضب ، 15 ديسمبر 2013 ، وكالات –
يُتوقع ان تشهد ولاية سيدي بوزيد وسط غرب تونس مهد “الربيع العربي” الثلاثاء يوم “غضب” في الذكرى الثالثة لاندلاع “الثورة” التونسية وذلك للاحتجاج على تردي ظروف المعيشة وتفاقم البطالة والفقر التي كانت من الاسباب الرئيسية وراء اندلاع الثورة .
وبدأت الثورة التونسية في سيدي بوزيد في 17 كانون الاول/ديسمبر 2010 عندما أضرم البائع المتجول محمد البوعزيزي (26 عاما) النار في نفسه أمام مقر الولاية احتجاجا على مصادرة الشرطة البلدية عربة الخضار والفاكهة التي كان يعيش منها.
وتوفي البوعزيزي في الرابع من كانون الثاني/يناير 2011 في المستشفى متأثرا بحروقه البليغة. وقد أججت وفاته احتجاجات شعبية عارمة انتهت يوم 14 كانون الثاني/يناير 2011 بهروب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الى السعودية.
ودفعت ولاية سيدي بوزيد أول “شهيدين” خلال الثورة عندما قمعت قوات الامن بالرصاص يوم 24 كانون الاول/ديسمبر 2010 تظاهرة في معتمدية منزل بوزيان التابعة للولاية.
وقال يوسف الجليلي الناطق الرسمي باسم لجنة 17 كانون الاول/ديسمبر 2010 التي تأسست يوم أحرق البوعزيزي نفسه، لوكالة فرانس برس ان الثلاثاء القادم “سيكون يوم غضب في سيدي بوزيد احتجاجا على سياسة الحكومة (التي تقودها حركة النهضة الاسلامية) لانها لم تف بوعودها وخانت مبادئ الثورة”.
وأضاف “من المتوقع تنظيم مسيرة (تظاهرة) سلمية كبيرة (الثلاثاء) تجمع كل القوى الديموقراطية” بالتنسيق مع منظمات أهلية ومع المكتب الجهوي للاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية).
ورفض المتحدث تنظيم أي شكل من من أشكال الاحتفال “الفلكلورية” في الذكرى الثالثة لاندلاع الثورة التي يُنتظر أن يتم خلالها أيضا إحياء ذكرى المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي الذين اغتيلا العام الحالي على يد جماعة سلفية “تكفيرية” وفق ما اعلنت وزارة الداخلية.
وأدخل اغتيال بلعيد والبراهمي تونس في أزمة سياسية حادة أدت إلى مزيد تدهور الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
ورفض المنظمون بشكل قاطع حضور رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي ورئيس المجلس التأسيسي (البرلمان) مصطفى بن جعفر أو رئيس الحكومة علي العريض إلى سيدي بوزيد للمشاركة في احياء الذكرى الثالثة لاندلاع الثورة.
وكان متظاهرون طردوا في 17 كانون الاول/ديسمبر 2012 المرزوقي وبن جعفر من سيدي بوزيد ورشقوهما بالحجارة.
وقال لزهر قمودي الكاتب العام للمكتب الجهوي لاتحاد الشغل في سيدي بوزيد “نرفض رفضا قاطعا حضور الرؤساء الثلاثة (..) لأن كل ما فعلوه هو تفقير منطقتنا. ليس لهم أي مصداقية”.
في المقابل من المنتظر تنظيم احتفالات “رسمية” في الذكرى الثالثة لاندلاع الثورة بسيدي بوزيد. وقال محمد الجلالي رئيس الهيئة المديرة لمهرجان 17 كانون الاول/ديسمبر 2010 بسيدي بوزيد إن الدورة الثالثة للمهرجان لن تكون “احتفالية” بسبب “الوضعية الحرجة التي تمر بها البلاد”.
ويعول الجلالي على حضور مسؤولين رسميين كبار إلى سيدي بوزيد بحسب برنامج المهرجان الذي أطلع عليه وكالة فرانس برس. ويعيش سكان ولاية سيدي بوزيد التي يقطنها حوالي 418 ألف شخص (وفق آخر الاحصائيات الرسمية) حالة من الاحباط والسخط بسبب البطالة والفقر وارتفاع الاسعار.
وتبلغ النسبة الرسمية للبطالة في الولاية 24،4 % وهي الاعلى في تونس. ويمثل خريجو الجامعات ومؤسسات التعليم العالي نسبة 57،1 % من إجمالي العاطلين.
وقال منجي الشعيبي العضو في لجنة 17 كانون الاول/ديسمبر 2010 “مضت ثلاث سنوات (منذ اندلاع الثورة) ولم يتغير شيء ولا يزال الوضع الاقتصادي والاجتماعي صعبا في هذه المنطقة الغارقة في البؤس”.
واضاف ان “الشيء الوحيد الذي تغير في سيدي بوزيد هو بناء جدران عالية حول مقرات مؤسسات الدولة”. وشهدت ولاية سيدي بوزيد خلال العامين الاخيرين احتجاجات على تردي ظروف المعيشة.
وتحولت بعض هذه الاحتجاجات الى اعمال عنف تم خلالها الاشتباك مع الشرطة وحرق مقر حركة النهضة الاسلامية الحاكمة، ومحاصرة مقر الولاية.
وقالت حسنية منصري (58 عاما) وهي بائعة ثياب متجولة في سيدي بوزيد بنبرة غلب عليها الاسى “حياتنا تسير من سيء إلى أسوأ وأصبحنا أفقر من قبل وأبناؤنا ما زالوا عاطلين” عن العمل.
وأضافت “الشيء الوحيد الذي أهدته الحكومة لولاية سيدي بوزيد هو هذا” مشيرة بإصبعها الى النصب التذكاري لعربة خضار محمد البوعزيزي. وتعج مقاهي سيدي بوزيد بالعاطلين عن العمل الذين يحلم كثير منهم بالهجرة الى اوروبا بعدما فقدوا الامل في تحسن أوضاعهم في تونس.
وقال صفوان العمري (24 عاما) “كنت عاطلا (قبل الثورة) وما زلت عاطلا وسأبقى عاطلا”. واعتبر ان الحل “السحري” بالنسبة له هو “التعرف عبر الانترنت على امرأة أجنبية (أوروبية) والزواج منها حتى لو كانت في الثمانين”.
وأضاف “من حسن حظي أني وجدت امرأة عمرها 36 عاما” آملا الزواج منها في أقرب وقت ليسافر معها الى أوروبا. وتفاقمت المشكلات الاجتماعية والاقتصادية في تونس بسبب الازمة السياسية الحادة التي اندلعت إثر اغتيال النائب المعارض بالبرلمان محمد البراهمي يوم 25 تموز/يوليو الماضي.
ومؤخرا شهدت عدة ولايات تونسية إضرابات عامة احتجاجا على تردي ظروف المعيشة وغلاء الاسعار وارتفاع معدلات الفقر والبطالة. وحذر حسين العباسي الامين العام للمركزية النقابية القوية التي ترعى مفاوضات بين المعارضة والحكومة لاخراج البلاد من الازمة السياسية من أن فشل هذه المفاوضات سيجعل تونس “مفتوحة على كل المخاطر”.