لطالما كان التغيب عن المدرسة باعث للسعادة في نفوس الطلاب، وكان يوم العطلة يوم الفرحة الذي ينتظره جميع الطلاب بفارغ الصبر، ولكن ليس هذا حال أطفال سوريا الذين هجروا من مدارسهم بعد أن أصبحت خاوية على عروشها، او إن شئت فقل خاوية على أنقاضها بعد ان قصفت بالطائرات، ورميت بالمدفعية.
أطفال سوريا كانو أكثر المتضررين من الوضع الراهن في ظل الحصار والرعب الذي تعيشه معظم المدن السورية، وبالرغم من المحاولات المتواضعة من المنظمات الانسانية الا ان أوضاع الأطفال في سوريا تشهد تدهورا مستمرا، في ظل حاجة مادية ملحة يجد الأطفال انفسهم في مقتحم سوق العمل مجبرين.
أصبحت صورة مألوفة أن تجد طفلا بعمر الزهور يبيع البنزين، واخر يبيع الدخان، ومنهم عامل بناء، او عامل في ورشة لإصلاح السيارات، وتجد اخرين يذهبون لصيد الأسماك وبيعها، منهم من يغامر بعبور الحواجز الأمنية الى المناطق غير المحاصرة لجلب بعض المواد الغذائية والأدوية.
أحد هؤلاء الأطفال أحمد من بلدة مزيريب في درعا ويعمل في البناء بأجرة يومية، يقول أحمد: “بعدما استشهد والدي كان لا بد لي من العمل في سبيل المساعدة في مصاريف البيت فأنا أعتبر نفسي “رجل البيت”، العمل متعب جدا، نعمل من الصباح الباكر حتى العصر، والأجرة لا تكاد تكفي، ولكنها أزمة ورح تمر وبدي أرجع على مدرستي وصفي”.
الطفل محمد حاله ليس أفضل بكثير من حال الطفل أحمد، فهو أحد الاطفال الذين يعملون في بيع البنزين إذ يجلس على حافة الطريق بالقرب من منزله، محمد لم يعد قادرا على الذهاب الى المدرسة بسبب استهدافها بالقصف من قبل قوات النظام ولا يستطيع البقاء في المنزل بسبب وجود اقربائه النازحين من مناطق الاشتباكات فمنزله مكتظ بالاطفال والنساء لذلك فضل الخروج لبيع البنزين ليستطيع تأمين بعض المال وملء وقته بدلا عن البقاء جالسا في المنزل.
أما عبد الله “اسم مستعار” ابن الثالثة عشر قال لنا إن والده استشهد، وهو الان يعمل مع اخوته في صيد السمك، إذ يقومون بصيد “ما تيسر” وبيعه للأهالي، مضيفا أنها ليست تجارة مربحة أو مصدر دخل رئيس، ولكنها مجرد وسيلة لسد الرمق وتوفير لقمة عيش لهم.
وفق تقرير صندوق الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” فإن الأطفال في كل مكان في سوريا يفقدون طفولتهم وأحلامھم وفرصھم في المستقبل، إذ يحرمون من حقوقھم. ويضيف التقرير إن ھناك ملايين الأطفال داخل سوريا وخارجها يشھدون ماضيھم ومستقبلھم يختفيان وسط الركام والدمار، إذ إنه وفقا للاحصائيات هناك 1.84 مليون طفل متضرر في سوريا، وهناك أكثر من نصف مليون طفل لاجئ في دول الجوار.