حلب، سوريا، 26 ديسمبر 2013، (ساري يوسف، خاص أخبار الآن) –

كشفت مصادر مطلعة من داخل تنظيم “داعش” عن الأسباب الحقيقية لإعدام قائد إحدى المجموعات العسكرية في الجيش الحر المعروف باسم “حسن جزرة”.

وعلمت “أخبار الآن” من مصادر خاصة من داخل التنظيم، كانت شاهدة على مجريات القضية أن إعدام قائد تجمّع جبهة الشباب السوري “حسن الجزرة” وستة من عناصره بينهم شقيقه، كان مخططاً له مسبقاً وجرى تحت ضغط كبير من قبل قيادات في التنظيم، سعت منذ أشهر من أجل الانتقام لمقتل القيادي في تنظيم القاعدة “أبو عمر الشرعي” ومعاونيه الذين قضوا في اشتباكات بحي الصاخور منتصف آذار الماضي.

وقتل “أبو عمر” أحد قادة جبهة النصرة في حلب، والذي كان يشغل مهمة قائد الشرطة في الهيئة الشرعية بحلب، في اشتباكات بحي الصاخور مع عدد من المجموعات المسلحة ومن بينها كتيبة “حسن جزرة”، خلال محاولة القبض على متهمين بارتكاب تجاوزات من عناصر هذه الكتائب.

ونعت جبهة النصرة في ذلك الوقت القائد “أبو عمر” دون أن تقوم بأي فعل انتقامي، مكتفية بالانسحاب من الهيئة الشرعية بسبب ما قالت إنه ” قصور منها في التعامل مع العناصر المسيئة “.

لكن هذه القضية ظلت تتفاعل داخل الحركة وكانت أحد الأسباب التي سرعت من إعلان أبو بكر البغدادي ضم سوريا إلى دولة العراق الإسلامية تحت مسمى “دولة الإسلام في العراق والشام”، “داعش”، وكانت من ثم عاملاً مهماً في اختيار الغالبية العظمى من المقاتلين العرب والأجانب في الجبهة ( المهاجرين ) الالتحاق بداعش.

ولم يكن سراً امتعاض فئة كبيرة من عناصر جبهة النصرة وبعض قياديها قبل إعلان الدولة من ( الحلم المبالغ فيه ) من قبل قيادة التنظيم في التعامل مع المعتدين على الجبهة، حيث سبق ذلك حادثة مقتل تسعة من عناصر الجبهة في منطقة البصيرة في ريف دير الزور على يد مسلحين من العشائر، ألقي القبض عليهم، وتنازلت قيادة التنظيم وقتها عن القصاص منهم وقررت منحهم العفو.

وأعتبر طيف واسع من عناصر الجبهة وقتها، وخاصة ( المهاجرين ) منهم أن قيادتهم تستهين بدم العناصر بذريعة تأليف القلوب والاستمرار بسياسة التقرب من المجتمع لتحقيق هدف ( التغلغل الناعم ) الذي كان خياراً استراتيجياً للتنظيم منذ دخوله إلى سوريا.

وبعد إعلان البغدادي عن دولته ورفض قائد جبهة النصرة مبايعته والاستمرار في العمل بشكل منفصل، صرح العديد من القادة والعناصر الذين التحقوا بالتنظيم الجديد أنهم لا يمكنهم الاستمرار مع جماعة تستهين بدماء قادتها، واصفين “أبو عمر” بأنه واحد من أبرز قيادات القاعدة، ومستهجنين بألفاظ قاسية ترك قتلته دون عقاب.

المصادر التي كشفت تفاصيل اعتقال الجزرة وإعدامه، بدت وكأنها تسرب لنا المعلومات أكثر مما تكشف أسراراً، حيث لم يجد عدد من العناصر وبعض القادة في “داعش” حرجاً من الحديث عن هذه القضية والتأكيد على صحة المعلومات التي حصلنا عليها، وإن كان بشكل موارب !.

وبالعودة إلى التفاصيل، فقد أكدت المصادر أن زملاء  “أبو عمر” وأحد أقاربه المنضوين في جبهة النصرة، والذين بايعوا لاحقاً “داعش” قد تلقوا وعوداً مبرمة من القيادات – بمن فيهم أبو بكر البغدادي – بالانتقام لمقتل زميلهم منذ اللحظة الأولى لإعلان الدولة في حزيران الماضي.

وقالت هذه المصادر إن مجموعة يقودها هؤلاء العناصر تفرغت لتتبع تحركات عدد من قادة الجيش الحر في حي الصاخور، وفي مقدمتهم قائد تجمّع جبهة الشباب السوري “حسن الجزرة”، وتسجيل المعلومات حول تحركاتهم، بما في ذلك زرع الجواسيس والمخبرين ضمن عناصرهم.

ورغم أن المراقبة والمحاولة استمرت لأشهر، إلا أنه وحسب المعلومات المسربة، فقد فشلت داعش في تجنيد أي من عناصر جزرة المقربين منه لصالحها .. كما علم المذكور من قبل هؤلاء الأفراد الذين جرت محاولات تجنيدهم بهذا الأمر، وهو ما كانت تنفيه قيادات الدولة حين كان جزرة يستفسر عنها.

ويقول بعض من سرب لنا هذه المعلومات “إن هذا الفشل تم تعويضه بنشر عيون كثيرة داخل حي الصاخور، كانت تقدم المعلومات لداعش عن تجاوزات كتائب الجيش الحر في الحي، وخاصة كتيبة جزرة، دون أن يتمكن هؤلاء من الإحاطة بتحركات الأخير وأماكن تواجده الرئيسة خارج الجبهة”.

 لكن المصادر تنفي أن يكون ذلك هو السبب الذي أخر عملية القبض على حسن جزرة ومعاونيه .. وتضيف: ” إن الدولة كانت قادرة دائماً على القبض عليه أو اغتياله، لكنها فضلت تأجيل العملية لأطول وقت ممكن، بحيث لا تبدو أنها انتقامية.

كما أن الجميع أراد أن تكون عملية شاملة ومتماسكة، تشمل اعتقاله وأكبر عدد من قادة كتائب حي الصاخور، ومن ثم محاكمتهم، والقصاص منهم بشكل علني ورادع “.

وبعد القبض على جزرة وعدد من قادة فصيله قبل شهر من إعدامهم قبل اسبوعين، أحيل الجميع إلى مقر محكمة الدولة في مدينة الأتارب بريف حلب الغربي، حيث نفذ بهم حكم الإعدام رمياً بالرصاص أمام المحكمة.

وقالت المصادر إن خلافات جرت بين قضاة المحكمة الذين رفضوا ضغوط طيف واسع من التنظيم كانت تطالب بالحكم على المتهمين بالإعدام قصاصاً لقتل “أبو عمر” ومعاونيه، حيث رأى عدد من القادة والقضاة أن إصدار الحكم مشفوعاً بهذه القضية سيؤكد للجميع أن المحاكمة كانت انتقامية ولن تخدم صورة “داعش” وما تروجه من محاربة المفسدين والضرب على يدهم.

وأمام إصرار البعض من القيادات على أن يكون الحكم بشكل واضح لصالح قضية اغتيال زميلهم “أبو عمر”، فقد جرى التوافق على أن يصدر الحكم متضمناً الإشارة إلى هذه القضية، حيث جاء في حيثيات القرار الذي تلاه أحد العناصر علناً في ساحة المحكمة قبل تنفيذ الإعدام بحق جزرة ومعاونيه، أن أحد الأسباب الموجبة لهذا الحكم هو ( تعدي هذه المجموعة على المجاهدين بمن فيهم المهاجرين ).

وفيما إذا كانت “داعش” تخطط للانتقام أيضاً من قتلة العناصر التسعة في ريف دير الزور الربيع الماضي، قال أحد قادة داعش في حلب ممن سربوا لنا هذه التفاصيل ” إن الأمر مختلف في القضيتين، حيث سبق وأن أعلنت ( قيادة الشرعية لنا ) العفو عن القتلة، بينما لم يحدث أي تعاط مع قضية “أبو عمر الشرعي” ومعاونيه، وبالتالي بقي القصاص لدمائهم قائماً حتى هذا الوقت ” حسب قوله.