ريف دمشق، سوريا، 30 ديسمبر، (محمّد صلاح الدين، أخبار الآن) –
في الشتاء الماضي عندما التقيته أولّ مرّة أحسّست أنّ محمد الأشمر الناطق باسم ” شباب نبض العاصمة ” يختلف عن كثيرٍ من النشطاء والزملاء الإعلاميين بطريقة تعاطيه مع الناس والأخبار، فكان مثالاً يحتذى في النشاط والحيوية، تصبغ قلبه نفحات الطيبة ويلوّن التواضع ملامحه البريئة.
حدّثني في لقاءنا الأول عن حاله مع الثورة التي خرج في بداياتها متظاهراً ومنظما للمظاهرات ومن ثم ناشطا قبل أن يحمل على عاتقه عبء الظهور على وسائل الإعلام بمداخلات تلفزيونية اشبه ما تكون بالعمليّات السريّة في ظلِّ ما تعيشه العاصمة دمشق من تشديد أمني يضيّق على المواطن حتّى في منزله عدا عن مراقبة الاتصالات الهاتفية التي كانت السبيل الوحيد المتوفّر حينها.
عمل محمّد الأشمر الذي اعتدنا مناداته بــ “أبي بلال” فترة ليست قصيرة في دمشق بالرغم من المخاطر الأمنيّة كلها التي أحاطت بحياته والتي قد تصل لأهله إذا ما كُشف أمره. قال محمّد إنّه قرّر الإقامة في غوطة دمشق الشرقيّة باعتبارها محرّرة وأكثر أمناً من مدينة دمشق التي تحتلّها عصابات من الميليشيا الشيعيّة وقوّات النّظام التي حوّلت دمشق إلى محميّة تتبع لآل الأسد ومن حالفهم.
عرفت محمّد عن قرب وعاشرته وكان ممن يحفظون الود و يؤدون الأمانة، تعاونا في كثير من الأعمال فكان خير رفيق وخير معين،. آخر ما دار بيني وبين محمّد الشهيد نقاشٌ يبحث عن حلول إعلامية وأخرى على الأرض تضغط على نظام الأسد وتخفف عن أهالي الغوطة وجنوب دمشق ما يعانونه من حصار وتجويع.
فلم يخرج من معاناة الناس فكان أقربهم إليهم .. يشاركهم همومهم وآهاتهم وينقلها إلى العالم عبر القنوات والصحف .. وثّق بكاميرته أهمّ أحداث الثورة وكان دوماً في الصفوف الأولى فوافته المنيّة خلال تغطيته المعارك الدائرة في مدينة عدرا .. لروحه الرحمة ولنا ولأهله الصبر والسلوان.