تونس، تونس ، 10 يناير، وكالات، أخبار الآن-
أدى مهدي جمعة اليمين الدستورية لتولي رئاسة حكومة تصريف الاعمال للإشراف على البلاد حتى اجراء انتخابات جديدةووعد رئيس الوزراء الجديد بتشكيل حكومة مستقلة من التكنوقراط في أقرب وقت ممكن .
وقال جمعة إنه سيبذل كل ما في وسعه لمواجهة التحديات والتغلب على العقبات واستعادة الاستقرار والأمن في تونسوكانت الحكومة الائتلافية التي يقودها الاسلاميون في تونس قد وافقت على استقالة سلفه علي العريض لصالح تشكيل حكومة تكنوقراطية في مواجهة الأزمة السياسية والاقتصادية التي تهز البلد الواقع في شمال أفريقيا .
وحتى يوم الأربعاء الماضي، ظلت أعمال العنف والشغب تمسك بتلابيب المدن في مختلف أنحاء تونس حيث هوجمت مراكز الشرطة والمباني الحكومية بسبب فرض ضرائب جديدة على مركبات الزراعة والنقل وتراجع العريض الذي كانت ولايته توشك على الانقضاء بسرعة عن الضرائب التي قال وزير المالية إنها ضرورية لسد الفجوات الواسعة في ميزانية البلاد وهو يلقي بظلال من الشك على مستقبل جهود الحكومة لكبح جماح الإنفاق وزيادة الإيرادات .
وقال ريكاردو فابياني المحلل المختص بشؤون شمال أفريقيا في مجموعة أوراسيا الاحتجاجات التي شهدناها في الآونة الأخيرة تظهر جيدا المشاكل التي ستواجه الحكومة الحالية ونوعية العقبات التي ستمنع تنفيذ إصلاح حقيقي وأطاحت انتفاضة شعبية دعت لمزيد من الحريات وفرص العمل بالطاغية زين العابدين بن علي منذ ثلاث سنوات، مما أثار حركات مماثلة في أنحاء المنطقة العربية .
لكن بعض اضطراب تونس في اعقاب الانتفاضة فر السياح، وأغلقت المصانع بسبب الإضرابات، وتبخرت الاستثمارات وارتفع معدل التضخم، وتدهورت معيشة معظم السكان وخفضت وكالات التصنيف الدولية التصنيف الائتماني للبلاد إلى مستوى متدهور للغاية يجعل الاقتراض من الأسواق الدولية أكثر صعوبة وبعد أن انكمش الاقتصاد بنسبة اثنين في المئة عام 2٠11، عاد النمو الى 27 في المئة عام 2٠13، لكنه أقل بكثير من المستوى اللازم لخلق فرص العمل ويصل معدل البطالة الى نحو 17 في المئة ويرتفع إلى 24 في المئة في المدن الفقيرة مثل قصرين وفشلت الحكومات الانتقالية في تونس، بما في ذلك حكومة الإسلاميين التي تركت الحكم لتوها، في تحفيز الاقتصاد وصندوق النقد الدولي وغيره من الهيئات الدولية يدعو في الوقت نفسه لخفض الانفاق على الاعانات والرواتب وهو ما لن يحظى بشعبية بشكل عميقوقال فابياني المشكلة هي أن الإصلاحات التي تحتاجها تونس الآن مقدر عليها ان تكون غير شعبية بالمرة ما نتوقعه هو أن مستوى عدم الاستقرار سيستمر في المستقبل المنظورووصل عجز الميزانية في تونس بالفعل إلى نسبة باهظة بلغت ثمانية في المئة من الناتج المحلي الإجمالي .
وبلغ العجز التجاري أيضا ثمانية في المئة بسبب انخفاض عائدات السياحة وإنتاج الفوسفات فضلا عن الأزمة الاقتصادية في أوروبا، أكبر شريك تجاري لتونس وانخفض الدينار التونسي أيضا بشكل حاد مقابل الدولار واليورووقد تستعيد حكومة التكنوقراط التي سيشكلها جمعة والتصويت الوشيك للمجلس التأسيسي على الدستور بعض ثقة المستثمرين وإن لم يكن بالضرورة ثقة الشعب فمن المحتمل أيضا أن يتم الافراج عن 174 مليار دولار ضمن قرض من صندوق النقد الدولي تشتد الحاجة إليه وتم الاتفاق على الصفقة في العام الماضي لكن لم يدفع منها الا 15٠ مليون دولار حتى الآنوقال الخبير المالي عز الدين سعيدان أتوقع أنه اعتبارا من اليوم، مع حكومة محايدة جديدة.
ووضع أكثر هدوءا وأكثر ملاءمة للانتقال الديمقراطي، سيبدأ صندوق النقد الدولي فتح الطريق للمدفوعات واشار إلى أنه قد تم حجب 5٠٠ مليون دولار من القروض منذ سبتمبر الى حين اجراء إصلاحاتوقال سعيدان إن هناك العديد من الأمور التي يمكن أن تنجزها الحكومة رغم احتمال انها قد لا تكمل العام في السلطة ولن يكون بوسعها اجراء تغييرات طويلة الأجل ومن أوائل الامور التي ستسعى اليها الحكومة الجديدة استعادة الأمن حتى يستطيع الاقتصاد التونسي أن ينمو مرة أخرى،
وهي مهمة مضنية في ظل الاضطرابات الاجتماعية للمواطنين الساخطين وهجمات المتطرفين الذين لهم صلة بتنظيم القاعدةثم على الحكومة الجديدة أن تستعيد المصادر التقليدية من الدخل مثل السياحة ومناجم الفوسفات في مدينة قفصة بجنوب البلاد التي تم خفض الانتاج فيها بسبب اضرابات العمال المتكررة وبطء ايقاع الإنتاجوحققت السياحة انتعاشا تدريجيا، حيث بلغ عدد الوافدين في عام 2٠13 نحو 626 مليون زائر بزيادة 53 في المئة عن عام 2٠12 لكن العدد لا يزال أقل من 69 مليون في عام 2٠1٠ قبل الثورة والإيرادات أقل أيضا من نسبة ثمانية في المئة عن عام 2٠1٠، عندما كان يمكث السياح لوقت أطول وينفقون اموالا أكثروقال سعيدان حل هذا الوضع سوف يساعد في استعادة سلطة الدولة، وإعادة تحريك النمو الاقتصادي وإعادة ملء خزائن البلاد وتخفيف أعباء الديون الخارجيةوسوف يتعين الانتظار إلى حين انتخاب حكومة جديدة في عام 2٠14 كي تجري إصلاحات طويلة الأجل لخفض العجز في الميزانية