غصم، درعا، 23 يناير، (مهنّد الحوراني، أخبار الآن)
تواصل قوات النظام ارتكابها جرائم حرب ومجازر بحق الإنسانية في مناطق وبلدات بصرى الشام ومعربة وغيرها من بلدات ريف درعا الشرقي من خلال القصف المكثف بالطيران الحربي والمدفعية الثقيلة، نزح على إثرها كثيرٌ من سكان تلك المنطقة الى بلدة غصم في الريف الشرقي لحوران بعد إغلاق شبه كامل للحدود الاردنية في وجه النازحين وكثرة الشروط المطلوبة منهم لقبول لجوئهم أهمها أن يكون لدى اللاجئين اوراق شخصية تثبت هوياتهم، الامر الذي يكون اشبه بالمستحيل مع ظروف الأهالي الذين هربوا من بيوتهم بما عليهم من ملابس.
وجد النازحون في قرية غصم وجهةً من الوجهات القليلة الامنة من براثن النظام وقذائفه المتاحة أمامهم حيث تحمّل أبناء بلدة غصم الصغيرة عبء استقبال الاف اللاجئين طيلة أشهر الثورة وتحملوا في معظم الاحيان تكاليف المساعدات لضيوفهم مع قلة الدعم الواجب توافره من قبل المنظمات والهيئات الإغاثية الدولية والأهلية خصوصاً للقاطنين في غير اماكن تجمع النازحين في الجوامع والكنائس.
كانت المساعدات تعتمد بشكل اساسي على اهل الخير في البلدة وكذلك اهالي المنطقة المغتربين، فلم يحصل هؤلاء النازحين الذي يسكنون بيوتاً قديمة (خرابات) هجرها أهلها منذ عشرات السنين، خاصة أنّ هذه المساكن غير معروفة من قبل هيئات الإغاثة التي لم تحصِ أعداد العائلات القاطنة فيها فلم يصل ما يتم تقديمه من مساعدات.
التقيت بأمّ محمد المرأة المسنة التي لجأت وعائلتها إلى البلدة بعد مسلسل قاسٍ من النزوح والتشرّد انتهى بهم في غصم، شكت أم محمد احوالها وقالت إنّها لم تحصل منذ قدومها إلى البلدة قبل ثمانية أشهر على أيّ معونات من قبل المسؤولين عن توزيعها متذرعين بحجة أنها لا تحمل ارواقاً ثبوتية لها ولعائلتها تخولها الحصول على مساعدات سيّما المساعدات التي تصل عن طريق اليونيسف والهلال الاحمر.
ام محمد البالغة من العمر سبعين عاما تحمل على عاتقها مسؤولية ابنتها الأرملة وحفيدها المعوق ايضا وتعيش معهم ظروفاً انسانية صعبة، إذ إنهم يسكنون في غرفةٍ واحدة ( من الخرابات ) قاموا بتنظيفها وترميمها قدر استطاعتهم، تزدحم فيها اواني الطبخ ووسائد وفرش النوم ومدفأة الحطب التي يحصلون على حطبها مرة ويفشلون في ذلك مرات كثيرة، كما أنّ هذه المساكن لا تقيهم مياه الأمطار التي تخترق السقف المهترئ فتملأ عتبة البيت.
ليست أم محمد وحدها من يعاني فحالها يشبه حال عشرات العائلات النازحة إلى غصم، فهل سيبقى الإنسان رهن أوراقه الثبوتية في نظر المنّظمات التي تدعي الإنسانية؟ سؤال ينتظر الإجابة من قبل هيئات ومنظمات الإغاثة العاملة في درعا وريفها.