دمشق، سوريا، 1 فبراير، (آية الحسن، أخبار الآن) –
بعد أن اختبر سكان المناطق المحاصرة في دمشق وريفها الموت جوعاً، ومع ازدياد عدد الوفيات وإصرار النظام السوري على الاستمرار بمنهجية الحصار التي يعتمدها، بعد أن يعجز عن دخول منطقة ما يفرض عليها تجويعًا قسريًا حتى تستسلم فهناك أشكال أخرى من الجوع يعيشها الشعب السوري كله.
ماذا يحدث خارج منطقة الجوع؟
لا يختلف الموضوع كثيراً بين منطقة وأخرى فحال السوريين أصبح متشابها، فإذا لم يمت شخص ما جوعاً سيموت من الجفاف ونقص التغذية وأمراض المعدة والأمعاء وربما من الفيروسات القاتلة لأن كل ما يتناوله الناس يقتصر على الأغذية المعلبة والمخزنة والأطعمة التي تحتوي على قيمة غذائية واحدة فقط النشويات والسكريات، حيث أصبحت البطاطا والأرز والمعكرونة تشكل الغذاء الوحيد والدائم للعائلة السورية اليوم. أما اللحوم والبروتينات والكالسيوم والمعادن فهي مفقودة تماماً من قائمة الأطعمة السورية بسبب غلاء الأسعار الذي لم يعد مقبولاً، والفقر الجديد الذي بدأ يشكل الكتلة الكبيرة والأغلبية العظمى من الشعب السوري. ومعظم الأُسر التي كان دخلها يعتبر متوسطاً يكفيها بقدر معين أصبحت الآن معدومة تماماً، فكل عائلة سورية لديها أب أو أخ شهيد أو معتقل أو خسر عمله، فالمعيل الفعلي للعائلة مفقود، بالإضافة لمشكلة أسعار الخضروات والمواد الغذائية. حيث أن عائلة الموظف العادي اليوم في سورية لا تستطيع أن تأكل طعام جيد على مدار الشهر، وبذلك يعتبر أقل متضرر من الحرب اليوم لا يستطيع أن يشتري كفايته اليومية من الغذاء. ولم ننتهي هنا فقط بل أن الخضار في حال توفرها تكون تالفة ومتعفنة من التخزين. وأحياناً تتصدر هذه الأصناف السيئة واجهات المحلات والبسطات وتباع بأسعار أرخص قليلاً من الأصناف الجيدة، إضافةً إلى أن الأطعمة المعلبة أكثر عرضةً للتلف وبالتالي تسبب التسمم.
سياسة التجويع البطيئة والمستمرة
تأمين الطعام والسعي وراء القوت اليومي هو ما يشغل المواطن السوري اليوم، فما بالك إذا كان هذا الطعام غير صحي وفاقد كل القيم الغذائية ولا يُقيت المعدة.
ربما فُرض على المواطن السوري أن يجوع أن كان محاصراً أم لم يكن، وإذا لم يُمارس عليه التجويع القسري، يُمارس عليه عنف من نوع أخر وهو الحرمان من غذاء صحي ومتكامل.
سورية اليوم .. “أريد أن أكل”
غابت أيام الأكلات الفاخرة وأشهى الأطباق وأفضلها، حتى أن صفات الكرم والجود والعطاء تحددت لا من تغيير طبيعة البشر وسوء سلوكهم، بل من تغير الظروف وسوء المعيشة وازدياد أعداد الفقراء وتفاقم حجم المشردين والمعدمين في سورية اليوم. فالتدمير شمل كافة جوانب الحياة وطغى على كل تفاصيل السوريين ويومياتهم بدايةً من تدمير بيوتهم ومساكنهم وانتهاءً بتدمير الإنسانية فيهم مروراً بتحطيم آمال الفرد بمستقبل أفضل.
ربما يجب أن يُدرج بند جديد في بنود حقوق الإنسان وهو “حقي أن أكل”. فأيّ وطن سيبنى من الجوع والحرمان، وأيّة سورية مجيدة ومعافة في ظل بقاء نظام الأسد في السلطة؟