بنش، 3 فبراير، (عمر حاج قدور-أخبار الآن)–

(( أخاف أن يكون حلم واستيقظ منه )) لم يكن أحمد يدرك أنه سيرى النور مجدداً. هكذا بدأ حديثه لأخبار الآن والفرحة تغمر وجهه بعد أن تم الإفراج عنه من سجن حلب المركزي إثر إعتقاله لمدة عامين من جامعة دمشق.أحمد طالب ماجيستير الهندسة المعلوماتية في جامعة دمشق والأستاذ في الجامعة يتحدث لمراسلنا في سوريا “عمر حاج قدور”عن إعتقاله وطريقة تعذيبه في أقبية المخابرات التابعة للنظام السوري وكيف تمت معاملته منذ لحظة إعتقاله وحتى يوم الإفراج عنه.

قصة إعتقال وتعذيب إستمرت عامين

الإعتقــال

يقول أحمد : بعد تخرجي من كلية الهندسة المعلوماتية في جامعة دمشق تم تعيني أستاذاً في الجامعة وأنا أدرس الماجستير.وبعد بدء الثورة السورية بدأ بعض الطلاب في التظاهر داخل الجامعة وفي أحد الأيام كنا نصلي صلاة الغائب على أرواح الشهداء وبعدها تم إلقاء القبض عليي وعلى خمسة من زملائي خلال خروجنا من الجامعة وكان ذلك في 2012/05/07.

قصة إعتقال وتعذيب إستمرت عامين

تم إقتيادنا إلى فرع المخابرات الجوية وفي الطريق كنا نتعرض للضرب والإهانة من العناصر.وصلت إلى الفرع وأنا أكاد أفقد الوعي من شدة الضرب.أخذوني الى فرع التحقيق في المزة وهو تابع لإدارة المخابرات الجوية.وبقيت هناك في فرع التحقيق قرابة الشهر كنا في كل يوم نتعرض للضرب والتعذيب.حيث كانت هناك أساليب متعددة (دواليب ـ الشبح أعلى الغرف لعدة ساعات – التعذيب بالكهرباء – الضرب المبرح والعشوائي ).و كنت أفقد الوعي في كثير من الأحيان من شدة التعذيب.

الإتهامات

وخلال التعذيب كانوا يطالبونني بالإعتراف بكل التهم التي وجهت إلي ومن شدة التعذيب الذي تعرضت له قررت أن أقر بكل التهم رغم كونها غير صحيحة ولكن لم يكن لدي خيار آخر لإيقاف التعذيب.فأقريت بكل التهم التي وجهت إلي وكان منها (إقامة حواجز في الشوارع – الهجوم على حواجز الجيش – التواصل مع الأقنية المغرضة – إنشاء تنسيقيات ).وبعد إعترافي بكل هذه التهم الغير صحيحة تم نقلي إلى الفرقة الرابعة .

الفرقة الرابعة و التجويع

كنت قد أقريت بكل التهم الموجهة لي لأنهي التعذيب لكنني إكتشفت أنها كانت كذبة فقط لأقر بالتهم.فبعد وصولي إلى الفرقة الرابعة كان بإنتظارنا المزيد من التعذيب أساليب أكثر كان منها التجويع. وبعد شهر تمت إحالتي إلى القضاء العسكري في دمشق ومن ثم للقضاء العسكري في حلب.وبعدها وصلت لسجن حلب المركزي.وأيضاً لم نسلم من التعذيب هناك وكان أشد ما تعرضت له هو الجوع.حيث بات جسدي غير قادر على التحمل وكنا أحياناً لا نرى الطعام إلا كل ثلاثة أو أربعة أيام.وفي رمضان 2012 لم نرى الطعام لمدة أسبوع كامل، وبعد ذلك قدموا لنا مادة الطحين فقط فقمنا بإحراق ملابسنا وبعض الأغطية لصنع الخبز.

وخلال هذه الفترة توفي العديد من السجناء نتيجة الجوع والمرض.حيث كان عد السجناء الذين قضوا جراء هذا التعذيب حتى تاريخ 2014/01/01 هو 535 سجين تم دفنهم في باحة السجن الشرقية.ومن شدة الجوع الذي تعرضنا له قمنا بالسيطرة على السجن وإعتقال عميد السجين “ناظم” من السويداء.وسيطرنا على بعض الأسلحة الخفيفة.و كانت كل مطالبنا هي توفير الطعام والدواء فقط، لكن عميد تابع للجيش أعطى أوامر بإطلاق النار علينا وقتل الجميع حتى العميد “ناظم” والذي قمنا بأسره.وبالفعل بدأ الرصاص ينهمر علينا وقتل ١٦ سجين وقتل أيضاً العميد ناظم مدير السجن.

كان السجن يضم حوالي ٢٥٠٠ سجين من بينهم ٥٠ طالباً أغلبهم من جامعة حلب وبينهم سجين فلسيطني إضافة إلى ١٠٠ إمرأة وكان هناك ٤٠٠ عنصر من الأمن يطوقون السجن من بينهم عناصر من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، عرفنا ذلك من خلال الشعارات الطائفية التي كانوا يرددونها ليلاً.لم يكن لدي أي أمل بالخروج وكنت أنتظر مصير مجهول.

سماء الحرية

لا أنسى ما حييت ذلك اليوم 2014/01/15 عندما أبلغني أحد الحراس أنه تم إخلاء سبيلي لم أصدق حتى أصبحت خارج السجن و رأيت السماء بعد سنتين من الإعتقال.كنت أنظر للسماء، أرى العصافير والضوء وكأنني في حلم ولا أريد أن أستيقظ منه.والحمد لله أنه كان حقيقة وليس حلم.

تم نقلي بإحدى السيارات التابعة للهلال الأحمر لأحد الحواجز التابعة للجيش السوري الحر عرفوا بقصتي وكان هناك إشتباكات فلم أستطع التحرك فوراً لمدينتي بنش فقضيت ليلة طويلة عند الحاجز لم أستطع النوم خلالها أنتظر بفارغ الصبر أن أصل لمنزلي وأعرف ماذا حدث بعائلتي والدتي وأخوتي ومنزلنا.

في الصباح تحركت لمدينتي كانت الصدمة بحجم الدمار والخراب الذي حل بالمدن والبلدات في الطريق بدأت أشعر بالخوف والقلق على عائلتي بعد حجم الدمار الذي شاهدته في الطريق.ولدى وصولي إلى منزلي لم أصدق أن والدتي بخير وأخوتي جميعهم والحمد لله بخير وبالرغم من أن منزلنا أصابه جزء من التدمير إلا أن عائلتي لا تزال تعيش فيه.وبعد أن إطمأننت على والدتي وأخوتي.بدأت أقوم بتوصيل رسائل سجناء أبلغوني أن أطمأن ذويهم وأعطيهم رسائل وأتمنى من الله أن يكتب لهم الحياة ثانيه والإفراج عنهم قريباً.وختم أحمد بالقول حلمي الأن فقط أن أرى جميع الثوار متحدين ضد القوات التابعة للنظام وضد الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وتحرير السجناء والمعتقلين من أقبية الإعتقال لأنهم يعيشون ظروفاً جداً قاسية.