حلب، سوريا، 18 فبراير 2014، (عقيل حسين، أخبار الآن) –
يسير خليفة في شوارع الأحياء المحررة في حلب بين الأزقة والشواراع والبراميل، ليرصد أحاديث الناس وردود فعلهم هنا وهناك.
بأذنٍ المسرحي وعين الرسام يلتقط هذا الشاب الذي لم يتجاوز العشرين من عمره، والذي انضم إلى الثورة حين كان في السابعة عشرة، يلتقط الكلمات والمشاهد ليعود مع غياب شمس كل يوم ويفرغ ما رصده رسوماتٍ أو نصوصًا تسخر من الأسى بابتسامة.
بخفة ورشاقة ينتقل خليفة بين الخطوط والكلمات مثل ما كان دائما، فليست البراميل أول ما فجر فيه الإبداع الثوري الخاص، بل سبق ذلك بصمات سجلها في أكثر من مناسبة، يفتخر هو شخصياً باثنتين منهما.
الأولى أنه أول من حوّل أنقاض المدينة جراء القصف في حلب إلى لوحات تعبيرية وقعها دائماً بوجه مبتسم وجملة ( بكرا أحلى )، والثانية أنه صاحب اللوحة التي اشتهرت بها مدينة الرقة بعد التحرير، حين كتب على تمثال الأسد ( الوالد ) المحطم في تلك المدينة شعاره بلهجة أهل الرقة ( باجر أحلى ).
يقول خليفة إن سخريته من المأساة التي يتعرض لها من تبقى في حلب تحت رحمة البراميل، نابعة من العجز عن مواجهة هذه المأساة ووضع حد لها.
ويضيف: “أنا لا أملك لهؤلاء الذين بقوا في بيوتهم ينتظرون الموت في أي لحظة مجبرين بسبب فقرهم وانعدام الخيارات أمامهم، إلا أن أكون صوتهم وأعمل على ايصال رسائلهم لكل العالم الذي تخلى عنهم، بدًأ من جيرانهم الذين غادروا وتركوهم عاجزين، وصولاً إلى أبعد رجل يشاهد في هذا العالم ويسمع”.
هي التراجيديا إذن وليست الكوميديا من كتبت نصوص خليفة حول البراميل .. وهي المأساة التي تتجسد بلوحات تضحك من عجزها ربما، لكن ليس استسلاماً بالتأكيد.
فيما يلي بعض من نصوص خليفة التي يتناول فيها القصف على حلب بالبراميل المتفجرة:
برميل 1:
سمع صوت البرميل وهو نازل
ما لحق يركض
نطق الشهادة وحط راسو تحت المخدة
برميل 2:
فتاة تسأل :
ليش الطيارة ما بتقصفنا بالبراميل في الليل ؟!
برميل 3:
لك وين بدنا نروو “نروح” ؟!!!
رحنا ع بيت أخوي بكري، مرتو اتحسست منا
يعني قال الولاد عم تتقاتل مع بعضا
رجعت …. وين بدي اروح يعني ؟
اخوي كرامتي فوق كلشي
بموت ببيتي والولاد تموت قدامي ويطالعونا اشلاء
بس كرامتي ما تنهان
برميل 4:
شوف انا اقلك يلي بيصير لما بينزل (برميل)
تركض على اول بيت (حجري) بيكون العمارة حجرية
وخاصة اذا في (جسر) بهي العمارة
تجلس جلسة (القرفصاء ) تحت جسر العمارة
وتنطق( الشهادة )
ولما ينزل البرميل بعد ما تسمع صوتو
لا (تركض فوراً)
استنا (شوي) لانو في شظايا البرميل
هي لحالها بتوجع لما تلمسها
وهيك تعمل يلي لازم تعملو
وازا متت فخلصان عمرك
(لن يصيبنا الا ما كتبه الله لنا)
برميل 5:
عنصر جيش حر يصرخ للطيارة ويقول: ولك أنت زلمة نزول ع الارض .. مراجلك بالسما يا حريييمه (يا امراة) !
برميل 6:
انزعج من الطيارة
شلح فردة بوطو وضربها
بس ما صابها
برميل 7:
يقول :
صرت اخاف افوت ع التواليت يا زلمة
اول ما بسمع صوت البرميل شلون اشطف شلون البس شلون اتخبا ما بعرف
برميل 8:
لعما ابن الحرام بحي المشهد قاصص البناي بالنص
جايبها ع الليبرا (بمعنى قسمها من المنتصف)
برميل 9:
نزلوا 3 براميل وراء بعض ع طريق الباب..
شرد واحد بالطيارة..
قال: وبعدين ؟.. يعني اش اخرتها معك ؟!
بس قلي اش بدك ؟!
برميل 10:
نزل البرميل ..
يركض يقول لابو سعدو: طلعلي عالبسطة لا حدا يسرقها، نصها دين وكيلك الله
برميل 11:
الله يرحم القذائف
تهد حيط تقطع ايد تموت واحد
لعما اشو هالبرميل .. ضرب جحاش هاد
برميل 12:
– ولك وينو اليوم ما ضرب السكن الشبابي ؟!
– سكوت ليسمعك ويتذكرنا !
برميل 13:
عند المغرب الطيار يروح بجهة السفيرة
يقول: الزلمة خلص دوامو والناس تودعو
برميل 14:
صار بكل حارة واحد وظيفتو (الراصد)
هاد مهمتو يراقب الطيارة
بس شلفت ع الحارة يخبر الناس
الدوام ع شكل ورديات
يعني كل ولد 2 ساعة حتى يأذن المغرب
برميل 15:
الراصد بالحارة يلي ورا الجامع هو مصو ابن القصاب (اسمو الحقيقي محمد) وكيلك الله بيقول نزل بالمساكن بيطلع انو نزل بالمساكن .. يقول نزل بالجزماتي يطلع بالجزماتي !
صار خبير الحارة
برميل 16:
شوف بس عوج وتغير صوت الطيارة بيكون شلف البرميل
برميل 17:
بيني وبينك تعودنا
يعني منعرف وين ينزل من صوتو
برميل 18:
نزل البرميل وهو عم ياكل .. قال :
شوف اش عامل صاحب البيت
إلاّ مو آكل حق حدا أو ظالم حدا .. الله ما بيعذب حدا هيك !
برميل 19:
– ولك مات ابو احمد
– نفسو يلي كان عم ياكل ؟
– أي والله .. خلصوا مياتو شو يطلع بيدنا
– الله يرحمو
برميل 20:
طلع اكوس (افضل) مضاد للطيران هو التكبير
لما يشلفو، انت ظل كبر .. ما بينفجر ومجربة
الا ازا خلصانو مياتو يلي بدو يموت !
برميل 21:
الله يرحم ايام الميغ والسوخوي كان صوتها متل اللحن
برميل 22:
ختيار يقول وهو عم يراقب الطيارة:
يا ابن الحرام ما تعبت ؟!!
قرفتلي ضهري من ورا ما عم اطلع عليك
برميل 23:
شباب والله اعلم البراميل من اشراط الساعة
برميل 24:
عجوز تقول للطيار: ولك ما عندك اهل ولك ماعندك ولاد ولك اعتبر هاد بيتك شو بدك تعمل الله يصطفل فيك بس
برميل 25
نزل برميل ما انفجر
قال واحد من الحارة: شو هالحظ ؟.. صار عندي بالبيت 4 ما انفجروا .. يالله، بلكي منعمل شي شغلة منون !