حلب، سوريا، 20 فبراير 2014، (رامي سويد، خاص لأخبار الآن) –
تمكن ثوار سوريا إبان انطلاق المواجهات بينهم وبين تنظيم “داعش” في الفترة الأخيرة من كشف كثير من الأساليب الاستخباراتية التي كان يتبعها التنظيم للتجسس عليهم وجمع المعلومات عنهم واختراق صفوفهم.
تمكن التنظيم من زرع أفراد تابعين له في صفوف بعض ألوية وكتائب الثوار في محافظة حلب، بالإضافة إلى تمكنه من شراء ذمم بعض ضعاف النفوس من منتسبين إلى الكتائب من خلال عرض مبالغ مالية كبيرة بالعملة الأجنبية “الدولار أو اليورو” على هؤلاء الأفراد في مقابل تقديمهم معلومات عن خطط الثوار وتحركاتهم لحظة بلحظة.
لم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد تحدث سكان قرية الزيادية التابعة لبلدة أخترين في ريف حلب الشمالي عن مشاهدتهم رجلاً عجوز يزيد عمره عن ستين عاما على ظهر دبابة تابعة لتنظيم “داعش” أثناء قصفها بلدة أخترين من قريتهم، هذا الرجل كان يعمل بائعا لحلوى “غزل البنات” من خلال تجواله بدراجة نارية قديمة ذات ثلاث عجلات في البلدات والقرى التي طرد الثوار تنظيم داعش منها في بداية العام الحالي.
الملفت للنظر أن هذا المسِّن كانت تبدو عليه علامات البساطة الشديدة بل إن سكان البلدات والقرى التي كان يزورها كانوا يتصدقون عليه ويعطونه بعض الطعام واللباس ليطعم العائلات التي أدعى أنه يعيلها، إذ إنه كان قد أخبر السكان بأنه من منطقة السفيرة في ريف حلب الشرقي وهو يعيل عائلات من أحفاده الذين توفي أبائهم في المعارك مع قوات النظام.
حظي هذا الشيخ بعطف السكان مستغلا طيبتهم وحسن نياتهم, ما مكنه من جمع المعلومات حول العائلات التي ينتسب أبناؤها إلى صفوف الثوار، فعرف بيوتها كافة وأستطاع أن يحصي إلى حد بعيد عدد الثوار في كل قرية أو بلدة زارها.
“أبو أحمد” كما كان يعرف عن نفسه كان يستخدم أسلوب التركيز على قرية بعينها لفترة من الزمن، إذ كان يزورها يوميًا صباحا وعصرا، فيراقب بعين خفية تحركات الثوار وأعدادهم وكيفية تنظيم حواجزهم ونوبات الحراسة في مقراتهم.
يذكر معاذ وهو صاحب متجر في قرية تركمان بارح المجاورة لبلدة أخترين أن “أبو أحمد” زار القرية مرارًا أسبوعًا كاملاً، كان يقضي أوقاتا طويلة فيها، وربما يجول في القرية في الزيارة الواحدة ثلاث أو أربع مرات، وبالرغم من ذلك لم يشك أحد في أمره، على العكس تماما إذ كان السكان يظهرون التعاطف معه ويحاولون جبر خاطره بعبارات التحية والدعاء وبما تجود به أنفسهم من أموال. القرية مليئة بمقرات لكتائب تابعة لألوية التوحيد والسلاجقة ومحمد الفاتح الأمر الذي دفع أبو أحمد للتمركز فيها لفترة طويلة نسبيا – بحسب رأي معاذ – بالمقارنة مع فترة بقائه في القرى المجاورة التي يخلو معظمها من أي مقر لكتائب الثوار.
بعد مشاهدة “أبو أحمد” على ظهر تلك الدبابة في قرية الزيادية ازدادت وتيرة النزوح من قرية “تركمان بارح” وبلدة “أخترين” اللتيّن مازالتا تحت سيطرة الثوار الذين صدوا عشرات محاولات الاقتحام وتمكنوا من تكبيد تنظيم داعش خسائر فادحة إبانها، لكن إشاعات انتشرت مفادها أن “داعش” يملك معلومات كاملة عن جميع العائلات التي ينتسب أبناؤها إلى صفوف الثوار وأن التنظيم سيقوم بالانتقام من هذه العائلات، الأمر الذي دفع مقاتلي الثوار إلى إخراج عائلاتهم من مناطق الاشتباك خوفا من انتقام التنظيم منها إذا تمكن من السيطرة على المناطق التي يدافعون عنها.