دبي، الإمارات العربية المتحدة، 15 مارس 2014 آسية عبد الرحمن ، أخبار الآن –
لم تكن تصريحات وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق في مؤتمر وزراء الداخلية العرب في المغرب والتي قالها فيها إن سبب الأزمات الأمنية في المنطقة العربية هي اليد الإيرانية سوى حديثا ديبلوماسيا إلى أبعد الحدود لو قورن بالدور الحقيقي الذي تلعبه إيران في أرض الواقع.
المنشوق وزير داخلية في حكومة لم تر النور لمدة تسعة أشهر لأن اليد الإيرانية المسلحة بالقوة الضاربة ترفض أن يتولى الداخلية من لا ترضاه، وظلت حقيبة الداخلية آخر حقيبة تعيق التوافق حتى ساعات قليلة قبل الحسم، لأن حزب الله اللبناني يعترض على كل الاسماء المقدمة، ويرى أنها تهدد سلاح المقاومة.
إيران التي تعبث بالأمن اللبناني على جميع الأصعدة، ففي مدخل الضاحية الجنوبية يتربع مقر المستشارية الثقافية ومقر قناة العالم اللتان تحاولان زرع ثقافة الكراهية في مجتمع آمن منذ آلاف السنوات بالتعددية المذهبية، وجرب سنوات الجمر الأحمر في الثمانينيات.
وفي الضاحية الجنوبية وما جاورها والمناطق الجنوبية يدير ذلك الحزب الكتوم دولة أكبر من الدولة، يخوض الحروب ويصنع الأسلحة ويغامر بنشر قواته وسحبها، ويقرر متى يبدأ الحرب، ولكنه يعجز دائما عن تحديد متى تنتهي.
في حرب تموز التي اكسبت حزب الله أكبر شعبية حصل عليها في تاريخه، كانت القرار والسلاح والتمويل يأتي من هناك من قبة آية الله، وكانت البيوت المهدمة والمدارس المحطمة والأطفال المشردون يأتون من كل لبنان، لم تكن الصواريخ الإسرائيلية تميز بين موال لحزب الله ولا معارض له، وحين بدأت إعادة البناء كان المال الإيراني الاكثر غيابا، لأن من تعود الهدم يصعب عليه البناء.
اليوم تصر إيران على جر لبنان – كل لبنان- إلى مأزق آخر، يخوض حزب الله بأمر من ملالي إيران حربه غير المقدسة في سوريا، عشرات الآلآف من ميليشياته تسعف النظام المنهار في دمشق، كلما ضاقت عليه ضائقة البغض الشعبي، انتزعوا له القصير، ودمروا بسلاحهم قرى بكاملها في ريف دمشق، ويخوضون اليوم نيابة عنه محركة الحسم في يبرود.
وليت اليد الإيرانية اقتصرت على ذلك، إنها تعمق الشرخ الطائفي في سوريا بايدي لبنان، جلبت إلى لبنان عداوات ما كان لها أن تصله لولا مصائب حزب الله، بات التفجير بالسيارات المفخخة واستهداف الجيش والتوتر في شوارع طرابلس كلها مشاهد أسبوعية في نشرات الأخبار.
ثم يأتي السفير الإيراني إلى السراي الحكومي محتجا على تصريحات المشنوق، وبأي وجه يحتج إن كان يرى حقا أن الدولة الللبنانية دولة ذات سيادية وليست جمعية أخوية يديرها حزب الله.
صحيح أن حزب يملك قوة السلاح، وربما سلاحه أقوى من سلاح الجيش اللبناني، ولكن الفرق بينهما أن سلاح حزب الله بلا ضمير٫ يستخدم متى ما طلب منه ذلك، واصدق وصف له ما ذكره رئيس الوزراء الاسبق فؤاد السنيورة أنه بات يشبه ميلشيات المرتزقة التي تقاتل تحت الطلب.
في حين يبقى الجيش اللبناني على ضعفه وقلة سلاحه جيشا جمهوريا يتدخل وقت الأزمات وعلى الأقل يرفع الأنقاض عن المدنييين الذين تهدم بيوتهم بسيارات حزب الله المفخخة أو بالسيارات التي ترد عليها، ويبقى الضحية هو الشعب، والجاني هو إيران.