دمشق، سوريا، 15 مارس، (سيف الدين محمد، أخبار الآن) –
منذ صرخة الشباب في الخامس عشر من آذار 2011 ضد فساد المؤسسات الرسمية، متمثلة وقتها بالاحتجاج على تجاوزات الشرطة، وحتى آذار 2014، تغيرت الأحوال في العاصمة دمشق، وفق خطة منهجية واضحة في السيطرة على أهم معقل للنظام السياسي الحالي.
هنا دمشق ..
تخبرنا أحوال دمشق على مرّ التاريخ بأن المدينة ذات غالبية مسلمة رغم وجود أحياء لأبناء الديانة المسيحية اليهودية معروفة وبعض الأحياء للطائفة الشيعية، ناهيك عن بعض الأعراق والقوميات، كالأكراد والشركس والمهاجرين الفلسطينيين من نابلس والقدس الذين قدموا منذ القرن قبل الماضي وأسسوا حي الصالحية الشهير. لتكون دمشق مدينة مثال لثقافة التعايش.
وبات من الواضح أن العاصمة تتعرض لتغيرات وتحولات بدت ملحوظة وبشكل خاص فيما يتعلق بتركيبتها السكانية، والطائفية كذلك، أي بمدى القرب أو البعد من النظام وفق معايير الولاء لنظام الأسد. فقد تم عزل المدينة عن محيطها من الريف بالدرجة الأولى وعن الضواحي الملاصقة لها تاليا، وقسّم قلب المدينة إلى مناطق أمنية سميت بالمربعات مع وجود تكثيف كبير لعناصر الجيش والأمن والشبيحة.
هوية جديدة ..
منذ شهرين تم العمل بقرار منع تأجير العائلات من المناطق الريفية والأحياء القريبة من وسط العاصمة، وذلك عن طريق رفض إعطاء موافقة أمنية تسمح له بذلك، وهو ما لا ينطبق على العائلات أو الأفراد القادمين من المدن الموالية للنظام وبشكل خاص أهالي مدينة اللاذقية وجبلة وحمص، وقد رافق ذلك عدم التجديد للمستأجرين في وقت سابق.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فمعظم المناطق التي تعد ضمن المربع الأمني تزخر بعناصر الجيش في أسفل البنايات بوجود حرس دائم بحيث تصبح حواجز ثابتة تضم عناصر من الجيش والأمن والشبيحة.
يقول المهندس “ف.غ” من سكان حي أبي رمانة: “هذه الإجراءات تضيق سبل الحياة اليومية الطبيعية وهو ما دفع البعض إلى إغلاق بيوتهم والهجرة خارج سورية، ويفكر كثير من السكان بذلك”.
وبعد أن بنى أبناء الطائفة العلوية العاملين في أجهزة الأمن والإعلام والجيش والمطار تجمعات سكنية حول دمشق في الثمانينات، يعودون اليوم للاستيلاء على بعض البيوت التي أغلقها أصحابها قبل سفرهم، وهي البيوت التي تقع في في الأحياء الراقية المعروفة تاريخيا في دمشق كحي المالكي وأبي رمانة والروضة، حيث يقع بيت بشار الأسد.
دمشق عاصمة للأمويين !!
سعى النظام منذ الأيام الأولى لاندلاع الثورة عزل دمشق عن محيطها من الريف ومن رياح الثورة القادمة من مدينة درعا القريبة. وبعد مرور ثلاث سنوات على اندلاع واحدة من أهم ثورات التاريخ المعاصر، يتساءل الدمشقيون عما تبقى من أول عاصمة للحضارة الإسلامية الأموية.
يقول الدكتور “ع.س” في جامعة دمشق أن: “هنالك جهد واضح على تغيير معالم المدينة على المستوى السكاني، بحيث يغيب أهالي دمشق الأصليين مقابل وجود أبناء الريف في المدن الموالية أو الموالين لنظام الأسد، والإعلاء من شأن المزارات الخاصة بالطائفة الشيعية والعلوية بحيث تتغير الهوية الثقافية الدينية التاريخية لدمشق”.