أخبار الآن |اللاذقية – سوريا – (أيمن محمد)

ثقافة البوط العسكري التي عايشها السوريون على مدار أربعة عقود منذ استيلاء آل الأسد على السلطة، وعلى مدار أربع سنوات منذ اندلاع الثورة، تلخص العقلية التي يفكر فيها رجالات ومثقفي نظام الأسد، وفقاً لنشطاء.

فتيات يضعن “البوط” على رؤوسهن، نصب تذكارية لحذاء أهان السوريين بدءاً من درعا في حوران مروراُ بقرية البيضا في بانياس، إلى عدد من المدن السورية، لتأتي العبارة المشهورة للسوري محمد أحمد عبد الوهاب بعد أن أطلقها أمام إحدى الكاميرات “أنا إنسان ماني حيوان، وهالعالم كلها مثلي”.

رمزية هذا الحذاء في نفوس مؤيدي النظام، يضع المواطن السوري الحقيقي، ذو الثقافة المتجذرة في عمق التاريخ، أمام تساؤلات: لماذا البسطار العسكري وليست القبعة أو الرتب أو أي رمز لجيش النظام؟ وما الرسالة التي يود النظام توجيهها للمعارضة من جهة، وما الفكرة التي زرعها في عقول مؤيديه؟ وهل وصل الأمر بهم لتقديس حذاء؟

يقول الكاتب أحمد عسيلي، في مقال له: “الأمر بكل بساطة أن المقصود من وراء ذلك الرمز ليس الجندي وإعلاء قيمته. بل المقصود هو الشعب كله والحط من قيمة هذا الشعب في نظر نفسه”.

فيما تتهكم الناشطة ماريا الشامي، بالقول: “عنزتين عن كل قتيل، وبسطار فني عن كل ألف قتيل، ليس مستغرباً على من حكم سورية بالحديد والنار على مدى عقود أن تكون طريقة تفكيره بهذا الشكل المخزي، والذي يعبر عن ثقافتهم”.

وقدر نشطاء عدد قتلى جنود وضباط النظام في جبلة وريفها فقط أكثر من 1400 قتيل منذ انطلاقة الثورة، في سبيل بقاء الأسد على سدة الحكم.

الفنان التشكيلي محمد الجادر، يقول لأخبار الآن: “هم يمجدون البسطار العسكري، ونحن نمجد من قدموا أرواحهم لنيل حريتنا وكرامتنا من خلال لوحات فنية، وأمسيات موسيقية وشعرية، فالفرق شاسع بين العبيد الذين يقدسون ديكتاتور قتل مئات الآلاف، وشرد الملايين من السوريين، وبين الأحرار الذين يقدسون وطناً يحتضن كل السوريين الشرفاء”.

ويؤكد الجادر، أخ الشهيد أبو فرات أنه بصدد إقامة معرض فني يهديه لكل شهداء الثورة السورية، كي تصل رسالة فنية للعالم أن الثورة السورية ثورة حرية وكرامة، ثورة بناء وطن سرقه النظام على كافة المستويات الفنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، يقول الجادر: “الفنان الحر سوف يعبر عن أحاسيسه العفوية بدون أي حاجز قد يعرقل عمله وسوف يتجلى ذلك انشاء الله بالمعرض الذي سوف يقام إكراما للشهداء وأسر الشهداء اللذين ساهموا بتحرير الأرض والعرض من النظام الطاغي وأعدكم عما قريب بهذا المعرض”.

ويضيف: “في السابق كان النظام يصنع تماثيل للديكتاتور الراحل حافظ والآن تدنى المستوى ليصل بهم إلى الحذاء وهم أدنى منه، وأغلب الفنانين الذين يمجدون النظام هم فنانو السلاطين، غايتهم إرضاء السلطان والفن منهم براء”.

ويردف الفنان التشكيلي محمد الجادر: “الفنان الحر بالدرجة الأولى يجب أن يكون حراً لا ينتمي إلى أي إيديولوجية كي يخرج فنه بشكل صادق وعفوي لأن المشاعر الحقيقية لكي تظهر يجب أن تكون حرة وإلا فهي غير صادقة، وإن ترسيخ ثقافة البوط بالفن من قبل النظام هو دليل على الدكتاتورية التي امتاز بها على مدى العقود الماضية حيث ان حكمه استمر بهذا الاسلوب القذر ومع الاسف من يعتبرون نفسهم فنانين يكرسون هذة الفكرة من خلال تبنيهم لها حتى ان احدى (الرسامات) بالامس تقول سورية تعني بشار ..تخيل انها اختصرت سورية وحضارتها التي امتدت لآلاف السنين بهذا المعتوه”.

وينهي بالقول: “في الفترة الماضية كنت أقف أمام المستطيل الأبيض وأتأمله للبدء بعمل فني، أشعر بوجود حواجز أو معوقات أمامي تبعد عني بعض الافكار التي قد تطرح مسائل عدة منها (الحرية، المساوة، العدالة، الفساد، المحسوبية …إلخ) تحد من إبداعي والسبب أنها تتعارض مع النهج الذي يسلكه النظام”.